عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 15-07-2025, 12:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (578)
صــ 86 إلى صــ 95





فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما روي عن الصعب بن جَثَّامة أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رِجْلَ حمارِ وحش يقطر دمًا، فردّه فقال: إنا حُرُم (1) = وفيما روي عن عائشة: أن وَشِيقة ظبي أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فردّها (2) وما أشبه ذلك من الأخبار؟
قيل: إنه ليس في واحد من هذه الأخبار التي جاءت بهذا المعنى، بيانُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّ من ذلك ما ردّ وقد ذبحه الذابح إذ ذبحه، وهو حلال لحلال، ثم أهداه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام، فرده وقال: "إنه لا يحل لنا لأنا حرم" ، وإنما ذكر فيه أنه أُهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم صيد فردّه. وقد يجوز أن يكون ردُّه ذلك من أجل أنّ ذابحه ذبحه أو صائده صاده من أجله صلى الله عليه وسلم وهو محرم.
وقد بيَّن خبر جابر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: "لحم صيد [البر] للمحرم حلال إلا ما صاد أو صيد له" ، (3) معنى ذلك كله.
فإذ كان كلا الخبرين صحيحًا مخرجهما، فواجبٌ التصديقُ بهما، وتوجيه كلّ واحد منهما إلى الصحيح من وجه، وأن يقال: "ردُّه ما ردّ من ذلك من أجل"
(1)
حديث الصعب بن جثامة، رواه مسلم في صحيحه من طرق 8: 103- 106، والسنن الكبرى للبيهقي 5: 191، 194 واستوفى تخريجه هناك.

(2)
حديث عائشة رواه أحمد في المسند 6: 40. وقد مضى تفسير "الوشيقة" فيما سلف ص: 78 تعليق: 1.

(3)
حديث جابر بن عبد الله خرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 190، فانظر ما قاله فيه، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 333 وقال: أخرجه أحمد والحاكم وصححه. وزدت ما بين القوسين من الخبر، وهو ساقط من المخطوطة والمطبوعة.

أنه كان صِيد من أجله= وإذنه في كل ما أذن في أكله منه، من أجل أنه لم يكن صِيد لمحرم ولا صاده محرم، فيصح معنى الخبرين كليهما.
* * *
واختلفوا في صفة الصيد الذي عنى الله تعالى بالتحريم في قوله: "وحرم عليك صيد البر ما دمتم حرمًا" .
فقال بعضهم: "صيد البر" ، كل ما كان يعيش في البرّ والبحر، وإنما "صيد البحر" ، ما كان يعيش في الماء دون البرّ ويأوي إليه
* ذكر من قال ذلك:
12773 - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي =، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز: "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا" ، قال: ما كان يعيش في البر والبحر فلا تصده، (1) وما كان حياته في الماء فذاك. (2)
12774 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا الحجاج، عن عطاء قال: ما كان يعيش في البر فأصابه المحرم فعليه جزاؤه، نحو السلحفاة والسرطان والضفادع.
12775 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون بن المغيرة، عن عمرو بن أبي قيس، عن الحجاج، عن عطاء قال: كل شيء عاش في البر والبحر فأصابه المحرم، فعليه الكفارة.
12776 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير قال: خرجنا
(1)
في المطبوعة: "لا تصيده" وفي المخطوطة: "ولا تصده" وهذا صواب قراءتها.

(2)
الأثر: 12773- في المخطوطة: "هل كان حياته في الماء فذاك" ولا أدري ما "وهل" هنا وما في المطبوعة أشبه بالصواب. وهذا الأثر أخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 332/ بمثل ما في المطبوعة، وزاد نسبته لابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.


حجاجًا معنا رجلٌ من أهل السَّواد معه شُصُوص طير ماءٍ، فقال له أبي حين أحرمنا: اعزل هذا عنا. (1)
12777 - وحدثنا به أبو كريب مرة أخرى قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت يزيد بن أبي زياد قال، حدثنا حجاج، عن عطاء: أنه كَرِه للمحرم أن يذبح الدجاج الزِّنجي، لأن له أصلا في البر. (2)
* * *
وقال بعضهم: صيد البر ما كان كونه في البرّ أكثر من كونه في البحر. (3)
* ذكر من قال ذلك:
12778- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، ابن جريج أخبرناه، قال: سألت عطاء عن ابن الماء، أصيد برّ أم بحر؟ وعن أشباهه؟ فقال: حيث يكون أكثر، فهو صيده.
12779 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن عطاء بن أبي رباح قال، أكثر ما يكون حيث يُفْرِخ، فهو منه.
* * *
(1)
الأثر: 12776- "يزيد بن أبي زياد الكوفي" مضى قريبا برقم: 12740، وكان في حفظ يزيد شيء بعد ما كبر.

و "عبد الملك بن سعيد بن جبير الأسدي" روى عن أبيه وعكرمة. وروى عنه يزيد بن أبي زياد. وهو ثقة عزيز الحديث. مترجم في التهذيب وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عبد الملك عن سعيد بن جبير" وهو خطأ محض.
(2)
الأثر: 12777- هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة: "وحدثنا به أبو كريب مرة أخرى" وهذا إشعار بأنه سيروي الحديث السالف عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه ولكن اختلف الأمر جدا. فإذا هو عن "حجاج عن عطاء" وإذا معناه بمعزل عن معنى الحديث الذي قبله، بل هو بمعنى الحديث رقم: 12775 وعن حجاج عن عطاء أيضا ولكن ذلك من رواية "ابن حميد" لا من رواية "أبي كريب" فتبين بذلك أنه ليس يصح أن يكون هذا الأخير قد تأخر عن مكانه. فأخشى أن يكون الناسخ قد اضطرب فاضطرب تصحيح هذا الموضع.

(3)
في المخطوطة: "ما كان أكثر كونه في البر" بزيادة "أكثر" هنا، وهو لا يصح.

القول في تأويل قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) }
قال أبو جعفر: وهذا تقدُّمٌ من الله تعالى ذكره إلى خلقه بالحذر من عقابه على معاصيه.
يقول تعالى ذكره: واخشوا الله، أيها الناس، واحذروه بطاعته فيما أمركم به من فرائضه (1) وفيما نهاكم عنه في هذه الآيات التي أنزلها على نبيكم صلى الله عليه وسلم، من النهي عن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، وعن إصابة صيد البر وقتله في حال إحرامكم وفي غيرها، فإنّ لله مصيرَكم ومرجعَكم، (2) فيعاقبكم بمعصيتكم إياه، ومجازيكم فيثيبكم على طاعتكم له.
* * *
القول في تأويل قوله: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: صيَّر الله الكعبة البيت الحرام قوامًا للناس الذين لا قِوَام لهم من رئيس يحجز قوِّيهم عن ضعيفهم، (3) ومسيئهم عن محسنهم، وظالمهم عن مظلومهم= "والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، فحجز بكل واحد من ذلك بعضهم عن بعض، إذ لم يكن لهم قيامٌ غيره، وجعلها معالم لدينهم، ومصالح أمورهم.
* * *
و "الكعبة" ، سميت فيما قيل "كعبة" لتربيعها.
* * *
(1)
انظر تفسير "اتقى" فيما سلف من فهارس اللغة (وقى) .

(2)
انظر تفسير "الحشر" فيما سلف 4: 228 /229، 6/ 9: 425.

(3)
انظر تفسير "جعل" فيما سلف 3: 18.

* ذكر من قال ذلك:
12780 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: إنما سميت "الكعبة" ، لأنها مربعة.
12781 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيد المؤدب، عن النضر بن عربي، عن عكرمة قال: إنما سميت "الكعبة" ، لتربيعها. (1)
* * *
وقيل "قيامًا للناس" بالياء، وهو من ذوات الواو، لكسرة القاف، وهي "فاء" الفعل، فجعلت "العين" منه بالكسرة "ياء" ، كما قيل في مصدر: "قمت" "قيامًا" و "صمت" "صيامًا" ، فحوّلت "العين" من الفعل: وهي "واو" "ياء" لكسرة فائه. وإنما هو في الأصل: "قمت قوامًا" ، و "صمت صِوَامًا" ، وكذلك قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، فحوّلت، واوها ياء، إذ هي "قوام" . (2)
وقد جاء ذلك من كلامهم مقولا على أصله الذي هو أصله قال الراجز: (3)
قَِوامُ دُنْيَا وَقَوَامُ دِين (4)
فجاء به بالواو على أصله.
* * *
وجعل تعالى ذكره الكعبة والشهرَ الحرام والهديَ والقلائد قوامًا لمن كان يحرِّم ذلك من العرب ويعظّمه، (5) بمنزلة الرئيس الذي يقوم به أمر تُبَّاعه.
(1)
الأثر: 12781- "هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي" "أبو النضر" الإمام الحافظ مضى برقم: 184، 8239.

و "أبو سعيد المؤدب" هو: "محمد بن مسلم بن أبي الوضاح القضاعي" ثقة مأمون مضى برقم 8239، 12310.
(2)
انظر تفسير "قيام" فيما سلف 7: 568، 569.

(3)
هو حميد الأرقط.

(4)
مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 177.

(5)
في المطبوعة: "يحترم ذلك" وصوابه من المخطوطة وفي المخطوطة: "ويعطيه" وصوابه ما في المطبوعة.

وأما "الكعبة" ، فالحرم كله. وسمّاها الله تعالى "حرامًا" ، لتحريمه إياها أن يصاد صيدها أو يُخْتلى خَلاها، أو يُعْضد شجرها، (1) وقد بينا ذلك بشواهده فيما مضى قبل. (2)
* * *
وقوله: "والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، يقول تعالى ذكره: وجعل الشهر الحرام والهدي والقلائد أيضًا قيامًا للناس، كما جعل الكعبة البيت الحرام لهم قيامًا.
* * *
و "الناس" الذين جعل ذلك لهم قيامًا، مختلفٌ فيهم.
فقال بعضهم: جعل الله ذلك في الجاهلية قيامًا للناس كلهم.
* * *
وقال بعضهم: بل عنى به العربَ خاصة.
* * *
وبمثل الذي قلنا في تأويل "القوام" ، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال: عنى الله تعالى ذكره بقوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، القوام، على نحو ما قلنا.
12782 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا من سمع خُصَيفًا يحدث، عن مجاهد في: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، قال: قوامًا للناس.
12783 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن خصيف، عن سعيد بن جبير: "قيامًا للناس" ، قال: صلاحًا لدينهم.
12784- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا داود، عن ابن جريج، عن مجاهد في: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، قال: حين لا
(1)
"الخلي" : الرطب الرقيق من النبات. و "اختلى الخلي" : جزه وقطعه ونزعه. و "عضد الشجرة" قطعها.

(2)
انظر ما سلف 3: 45- 51.

يرْجون جنة ولا يخافون نارًا، فشدّد الله ذلك بالإسلام.
12785- حدثني هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبير قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، قال: شدةً لدينهم.
12786- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جيير، مثله.
12787 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، قال: قيامها، أن يأمن من توجَّه إليها.
12788 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، يعني قيامًا لدينهم، ومعالم لحجهم.
12789 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، جعل الله هذه الأربعةَ قيامًا للناس، هو قوام أمرهم.
* * *
قال أبو جعفر: وهذه الأقوال وإن أختلفت من قائليها ألفاظُها، (1) فإن معانيها آيلةٌ إلى ما قلنا في ذلك، من أن "القوام" للشيء، هو الذي به صلاحه، كما الملك الأعظم، قوامُ رعيته ومن في سلطانه، (2) لأنه مدبِّر أمرهم، وحاجز ظالمهم عن مظلومهم، والدافع عنهم مكروه من بغاهم وعاداهم. وكذلك كانت الكعبة والشهرُ الحرام والهدي والقلائد، قوامَ أمر العرب الذي كان به صلاحهم
(1)
في المخطوطة والمطبوعة: "من قائلها" بالإفراد وما أثبته أولى بالصحة.

(2)
في المطبوعة: "كالملك" والصواب الجيد ما في المخطوطة.

في الجاهلية، وهي في الإسلام لأهله معالمُ حجهم ومناسكهم، ومتوجَّههم لصلاتهم، وقبلتهم التي باستقبالها يتمُّ فرضُهم.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قالت جماعة أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
12790 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا جامع بن حماد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، حواجز أبقاها الله بين الناس في الجاهلية، (1) فكان الرجل لو جَرَّ كل جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يُتناول ولم يُقرب. وكان الرجل لو لقي قاتلَ أبيه في الشهر الحرام لم يعرض له ولم يقرَبه. وكان الرجل إذا أراد البيت تقلد قلادةً من شعر فأحمته ومنعته من الناس. وكان إذا نفر تقلَّد قلادة من الإذْخِر أو من لِحَاء السمُر، فمنعته من الناس حتى يأتي أهله، (2) حواجزُ أبقاها الله بين الناس في الجاهلية.
12791- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، قال: كان الناس كلهم فيهم ملوكٌ تدفع بعضَهم عن بعض. قال: ولم يكن في العرب ملوكٌ تدفع بعضهم عن بعض، فجعل الله تعالى لهم البيت الحرام قيامًا، يُدْفع بعضُهم عن بعض به، والشهر الحرام كذلك يدفع الله بعضهم عن بعض بالأشهر الحرم، والقلائد. قال: ويلقَى الرجل قاتل أخيه أو ابن عمه فلا يعرض له. وهذا كله قد نُسِخ.
(1)
عندي أن الصواب "ألقاها الله" باللام في هذا الموضع، والذي يليه، ولكن هكذا هي في المخطوطة.

(2)
"الإذخر" : حشيشة طيبة الرائحة يسقف بها البيوت فوق الخشب ويطحن فيدخل في الطيب. و "اللحاء" قشر الشجر. و "السمر" (بفتح السين وضم الميم) : شجر من الطلح.

12792 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "والقلائد" ، كان ناس يتقلَّدون لحاء الشجر في الجاهلية إذا أرادوا الحجّ، فيعرفون بذلك.
* * *
وقد أتينا على البيان عن ذكر: "الشهر الحرام" = و "الهدي" = و "القلائد" ، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) }
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "ذلك" ، تصييرَه الكعبةَ البيتَ الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد. يقول تعالى ذكره: صيرت لكم، أيها الناس، ذلك قيامًا، كي تعلموا أن من أحدث لكم لمصالح دنياكم ما أحدث، مما به قوامكم، علمًا منه بمنافعكم ومضاركم، أنه كذلك يعلم جميع ما في السموات وما في الأرض مما فيه صلاحُ عاجلكم وآجلكم، ولتعلموا أنه بكل شيء "عليم" ، لا يخفى عليه شيء من أموركم وأعمالكم، وهو محصيها عليكم، حتى يجازي المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيء منكم بإساءته. (2)
* * *
(1)
انظر تفسير "الشهر الحرام" فيما سلف 3: 575- 579/4: 299، 300 وما بعدها/9: 466= وتفسير "الهدي" فيما سلف 4: 24، 25/9: 466/11: 22= وتفسير "القلائد" فيما سلف 9: 467- 470.

(2)
انظر تفسير "عليم" فيما سلف من فهارس اللغة.

القول في تأويل قوله: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: اعلموا، أيها الناس، أن ربكم الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض، ولا يخف عليه شيء من سرائر أعمالكم وعلانيتها، وهو يُحْصيها عليكم لمجازيكم بها، شديد عقابُه من عصاه وتمرَّد عليه، على معصيته إياه= وهو غفور لذنوب من أطاعه وأنابَ إليه، فساترٌ عليه، وتاركٌ فضيحته بها= رحيم به أن يعاقبه على ما سلف من ذنوبه بعد إنابته وتوبته منها. (1)
* * *
القول في تأويل قوله: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) }
قال أبو جعفر: وهذا من الله تعالى ذكره تهديد لعباده ووعيد. يقول تعالى ذكره: ليس على رسولنا الذي أرسلناه إليكم، أيها الناس، بإنذاركم عقابَنا بين يدي عذاب شديد، وإعذارنا إليكم بما فيه قطع حججكم= إلا أن يؤدي إليكم رسالتنا، ثم إلينا الثواب على الطاعة، (2) وعلينا العقاب على المعصية = "والله يعلم ما تبدون وما تكتمون" ، يقول: وغير خفي علينا المطيعُ منكم، القابلُ رسالتنا، العاملُ بما أمرته بالعمل به= من المعاصي الآبي رسالتنا، التارك العمل بما أمرته بالعمل به، (3) لأنا نعلم ما عمله العامل منكم فأظهره بجوارحه ونطق
(1)
انظر تفسير "شديد العقاب" و "غفور" و "رحيم" فيما سلف من فهارس اللغة.

(2)
انظر تفسير "البلاغ" فيما سلف 10: 575.

(3)
في المطبوعة: "من المعاصي التارك العمل" أسقط ما كان في المخطوطة، وكان فيها: "من المعاصي التي، رسالتنا" هكذا كتبت وبين الكلام بياض ورسم "،" بالحمرة. فآثرت قراءتها كما أثبتها.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.60 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]