عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 25-06-2025, 06:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد السابع
الحلقة (440)
صـ 397 إلى صـ 406





ذِكْرِ فَضَائِلِ الثَّلَاثَةِ مَا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْحُجَجِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَدْرُ حُجَّةً فَهُوَ حَجَّةٌ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يَحْتَجُّ بِهِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَهُوَ أَنَّ إِجْمَاعَ الْأُمَّةِ حُجَّةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَالْعِتْرَةُ بَعْضُ الْأُمَّةِ فَيَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ إِجْمَاعُ الْعِتْرَةِ، وَأَفْضَلُ الْأُمَّةِ أَبُو بَكْرٍ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَيَأْتِي.
وَإِنْ كَانَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي إِجْمَاعُهَا حُجَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُ قَوْلِ أَفْضَلِهَا مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْإِمَامَ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الْإِمَامُ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَطَلَ مَا ذَكَرُوهُ فِي إِمَامَةِ عَلِيٍّ، فَنِسْبَةُ أَبِي بَكْرٍ إِلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا كَنِسْبَةِ عَلِيٍّ إِلَى الْعِتْرَةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا عَلَى قَوْلِ هَذَا.
[الحادي عشر الأحاديث التي رواها الجمهور عن وحوب محبته وموالاته]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْحَادِي عَشَرَ: مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ مِنْ وُجُوبِ [2] مَحَبَّتِهِ وَمُوَالَاتِهِ: رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ * أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، فَقَالَ مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ [3] هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأَمَّهُمَا فَهُوَ مَعِي [4] فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [5]" .
(1)
فِي (ك) ص 172 (م) ـ 173 (م)

(2)
م: وَجَوُهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ

(3)
ك: وَقَالَ مَنْ أَحَبَّنِي فَأَحَبَّ

(4)
ك: كَانَ مَعِي

(5)
الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جِدِّهِ فِي كِتَابِ "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" 2/963 - 964 (رَقْمُ 1185) بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ وَقَالَ الْمُحَقِّقُ فِي تَعْلِيقِهِ: "فِي إِسْنَادِهِ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ: لَمْ يُذْكَرْ بِجَرْحٍ وَلَا تَعْدِيلٍ، وَالْبَاقُونَ ثِقَاتٌ. قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ (3: 117) فِي تَرْجَمَةِ عَلِيٍّ:" مَا هُوَ مِنْ شَرْطِ كِتَابِي، لِأَنِّي مَا رَأَيْتُ أَحَدًا لَيَّنَهُ، نَعَمْ وَلَا مَنْ وَثَّقَهُ، وَلَكِنْ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ جِدًّا، مَا صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَا حَسَّنَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ ". وَقَالَ فِي سِيَرِ النُّبَلَاءِ (4: ل [0 - 9] 08) : إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ وَالْمَتْنُ مُنْكَرٌ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (5: 641) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَدْ رَأَيْنَا أَنَّ الذَّهَبِيَّ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ التِّرْمِذِيُّ حَسَّنَهُ. قَالَ أَحْمَد شَاكِر فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُسْنَدِ (2: 25) : وَالتَّحْسِينُ ثَابِتٌ فِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ دُونَ بَعْضٍ. وَذُكِرَ فِي التَّهْذِيبِ (10: 43) أَنَّهُ لَمَّا حَدَّثَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ هَذَا الْحَدِيثَ أَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ بِضَرْبِهِ أَلَفَ ضَرْبَةٍ"






وَرَوَى ابْنُ خَالَوَيْهِ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ * [1] : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِقَصَبَةِ الْيَاقُوتِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ بِيَدِهِ [2] ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: كُونِي فَكَانَتْ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مِنْ بَعْدِي» . وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: حُبُّكَ إِيمَانٌ، وَبُغْضُكَ نِفَاقٌ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُحِبُّكَ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ مُبْغِضُكَ، وَقَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ أَهْلًا لِذَلِكَ، فَأَنْتَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْكَ، وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي» . وَعَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عَلِيٍّ، وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا وَلِيِّي وَأَنَا وَلِيُّهُ، عَادَيْتُ مَنْ عَادَى، وَسَالَمْتُ مَنْ سَالَمَ» . وَرَوَى أَخْطَبُ خَوَارَزْمَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جَاءَنِي جِبْرِيلُ مِنْ
(1)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)

(2)
ك: الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى





عِنْدَ اللَّهِ [1] بِوَرَقَةٍ خَضْرَاءَ مَكْتُوبٍ فِيهَا بِبَيَاضٍ: إِنِّي قَدِ [2] افْتَرَضْتُ مَحَبَّةَ عَلِيٍّ [3] عَلَى خَلْقِي فَبَلِّغْهُمْ ذَلِكَ عَنِّي» . وَالْأَحَادِيثُ [4] فِي ذَلِكَ لَا تُحْصَى كَثْرَةً مِنْ طُرُقِ الْمُخَالِفِينَ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ [5] ، وَاسْتِحْقَاقِهِ لِلْإِمَامَةِ "."
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِتَصْحِيحِ النَّقْلِ، وَهَيْهَاتَ لَهُ بِذَلِكَ [6] ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: "رَوَاهُ أَحْمَدُ" فَيُقَالُ: أَوَّلًا: أَحْمَدُ لَهُ الْمُسْنَدُ الْمَشْهُورُ، وَلَهُ كِتَابٌ مَشْهُورٌ فِي "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" رَوَى فِيهِ أَحَادِيثَ لَا يَرْوِيهَا فِي الْمُسْنَدِ لِمَا فِيهَا مِنَ الضَّعْفِ ; لِكَوْنِهَا لَا تَصْلُحُ أَنْ تُرْوَى فِي الْمُسْنَدِ ; لِكَوْنِهَا مَرَاسِيلَ أَوْ ضِعَافًا [7] ، بِغَيْرِ الْإِرْسَالِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْكِتَابَ زَادَ فِيهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ زِيَادَاتٍ، ثُمَّ إِنَّ الْقَطِيعِيَّ [8] - الَّذِي رَوَاهُ عَنِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ - زَادَ عَنْ شُيُوخِهِ زِيَادَاتٍ، وَفِيهَا أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.
وَهَذَا الرَّافِضِيُّ وَأَمْثَالُهُ مِنْ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ جُهَّالٌ، فَهُمْ يَنْقُلُونَ مِنْ هَذَا الْمُصَنَّفِ فَيَظُنُّونَ أَنَّ كُلَّ مَا رَوَاهُ الْقَطِيعِيُّ، أَوْ عَبْدُ اللَّهِ قَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ نَفْسُهُ [9] ، وَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ شُيُوخِ أَحْمَدَ، وَشُيُوخِ الْقَطِيعِيِّ، ثُمَّ يَظُنُّونَ أَنَّ أَحْمَدَ
(1)
ك (ص 173 م) : جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

(2)
قَدْ: لَيْسَ فِي (ك)

(3)
ك: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ

(4)
ك: وَالْأَخْبَارُ

(5)
ن، س، ب: فَضِيلَتِهِ

(6)
ب: ذَلِكَ

(7)
م. وَضِعَافًا

(8)
ن، م، س: ثُمَّ زَادَ الْقَطِيعِيُّ

(9)
س، ب: بِنَفْسِهِ





إِذَا رَوَاهُ فَقَدْ رَوَاهُ فِي الْمُسْنَدِ فَقَدْ رَأَيْتُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ يَعْزُونَ إِلَى مُسْنَدِ أَحْمَدَ أَحَادِيثَ مَا سَمِعَهَا أَحْمَدُ [1] قَطُّ، كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْبِطْرِيقِ، وَصَاحِبُ "الطَّرَائِفِ" مِنْهُمْ، وَغَيْرُهُمَا بِسَبَبِ هَذَا الْجَهْلِ مِنْهُمْ، وَهَذَا غَيْرُ مَا يَفْتَرُونَهُ مِنَ الْكَذِبِ، فَإِنَّ الْكَذِبَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.
وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَحْمَدُ رَوَى الْحَدِيثَ فَمُجَرَّدُ (رِوَايَةِ) [2] أَحْمَدَ لَا تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، بَلِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَوَى [3] أَحَادِيثَ كَثِيرَةً لِيُعَرِّفَ وَيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ضَعْفَهَا، وَهَذَا فِي كَلَامِهِ وَأَجْوِبَتِهِ أَظْهَرُ وَأَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى بَسْطٍ، لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ.
مَعَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مِنْ زِيَادَاتِ الْقَطِيعِيِّ [4] "، رَوَاهُ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ [5] ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ [6] ، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي" الْمَوْضُوعَاتِ "، وَبَيَّنَ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ [7] ، وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ خَالَوَيْهِ فَلَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ"
(1)
س: أَحَدٌ

(2)
رِوَايَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س)

(3)
م: يَرْوِي

(4)
الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" 2/963 ـ 694 (رَقْمُ 1185) وَفِيهِ: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَصْرٌ"

(5)
م، س، ب: الْجُهَنِيِّ، وَهُوَ خَطَأٌ

(6)
فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ: قَالَ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ. . . . إِلَخْ. وَنَقَلْتُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ قَلِيلَةٍ مَا ذَكَرَهُ مُحَقِّقُ "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ

(7)
ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ عَلَى الْبَرَاءِ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقْمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ، وَقَالَ عَنِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى: "قَالَ الْأَزْدِيُّ: كَانَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَضَعُ الْحَدِيثَ" . وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ: "وَهُوَ الْعَدَوِيُّ الْكَذَّابُ الْوَضَّاعُ وَلَعَلَّهُ سَرَقَهُ مِنَ النَّحْوِيِّ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ابْنُ عِرَاقٍ الْكِنَانِيُّ فِي "تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ" 1/361 وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ





بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ خَطِيبِ [1] خَوَارَزْمَ، فَإِنَّ فِي رِوَايَتِهِ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الْمُخْتَلِفَةِ مَا هُوَ مِنْ أَقْبَحِ الْمَوْضُوعَاتِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ خَالَوَيْهِ كَذِبٌ مَوْضُوعَةٌ [2] عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، يَعْلَمُونَ عِلْمًا ضَرُورِيًّا يَجْزِمُونَ بِهِ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الَّتِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ لَا الصِّحَاحِ، وَلَا الْمَسَانِدِ [3] ، وَلَا السُّنَنِ، وَلَا الْمُعْجَمَاتِ، وَلَا نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ مَنْ تَدَبَّرَ أَلْفَاظَهَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا مُفْتَرَاةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَ قَوْلِهِ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِقَصَبَةِ الْيَاقُوتِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا كُونِي فَكَانَتْ» . فَهَذِهِ مِنْ خُرَافَاتِ الْحَدِيثِ، وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كُنْ، فَكَانَ [4] ، قَاسُوا هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ عَلَى خَلْقِ آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كُنْ فَكَانَ فَصَارَ حَيًّا بِنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ فَأَمَّا هَذَا الْقَصَبُ [5] فَبِنَفْسِ خُلُقِهِ كَمُلَ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ هَذَا حَالٌ يُقَالُ لَهُ فِيهَا: كُنْ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ بِيَدِهِ يَاقُوتَةً، بَلْ قَدْ رُوِيَ فِي عِدَّةِ آثَارٍ: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ بِيَدِهِ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: آدَمَ، وَالْقَلَمَ، وَجَنَّةَ عَدْنٍ،
(1)
ب: أَخْطَبِ

(2)
م: مَوْضُوعٌ

(3)
م: وَلَا الْمَسَانِيدِ

(4)
ن، س، ب: فَيَكُونُ

(5)
م: فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَصَبُ





ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ خَلْقِهِ كُنْ فَكَانَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ.
ثُمَّ أَيُّ عَظِيمٍ فِي إِمْسَاكِ هَذِهِ الْيَاقُوتَةِ حَتَّى يَجْعَلَ عَلَى هَذَا وَعْدًا عَظِيمًا.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ مُبْغِضُكَ» ، فَهَلْ يَقُولُ مُسْلِمٌ: إِنَّ الْخَوَارِجَ يَدْخُلُونَ النَّارَ قَبْلَ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، وَفِرْعَوْنَ، وَأَبِي لَهَبٍ، وَأَمْثَالِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ !
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُحِبُّكَ» ، فَهَلْ يَقُولُ عَاقِلٌ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ، وَالْمُرْسَلِينَ سَبَبُ دُخُولِهِمْ (الْجَنَّةِ) [1] أَوَّلًا هُوَ حُبُّ عَلِيٍّ دُونَ حُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَرُسِلِهِ، وَحُبُّ اللَّهِ وَرُسِلِهِ لَيْسَ هُوَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ، وَهَلْ تُعَلَّقُ السَّعَادَةُ وَالشَّقَاوَةُ بِمُجَرَّدِ حُبِّ عَلِيٍّ دُونَ حُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَّا كَتَعَلُّقِهَا بِحُبِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؟ فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: مَنْ أَحَبَّ عُثْمَانَ وَمُعَاوِيَةَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا دَخَلَ النَّارَ - كَانَ هَذَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الشِّيعَةِ.
[الثاني عشر أحاديث أخرى يستدل بها على إمامة علي رضي الله عنه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : الثَّانِي عَشَرَ: [3] رَوَى أَخْطَبُ [4] خُوَارَزْمَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ [5] أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(1)
الْجَنَّةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب)

(2)
فِي (ك) ص 173 (م)

(3)
الثَّانِيَ عَشَرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)

(4)
م: خَطِيبٌ

(5)
ك: إِلَى





وَسَلَّمَ: مَنْ نَاصَبَ عَلِيًّا الْخِلَافَةَ فَهُوَ [1] . كَافِرٌ، وَقَدْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ شَكَّ فِي عَلِيٍّ فَهُوَ كَافِرٌ» . وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ [2] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَى عَلِيًّا مُقْبِلًا فَقَالَ: أَنَا وَهَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: «سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ: مَنْ مَاتَ وَهُوَ يُبْغِضُكَ [3] . . مَاتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا» "."
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِتَصْحِيحِ النَّقْلِ، وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّلِ [4] ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَةِ الْمُوَفَّقِ خَطِيبِ خُوَارَزْمَ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَا فِي الَّذِي جَمَعَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْفِرْيَةِ، فَأَمَّا مَنْ تَأَمَّلَ مَا [5] فِي جَمْعِ هَذَا الْخَطِيبِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ.
الثَّانِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْحَدِيثِ يَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كَذِبٌ مُفْتَرَاةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [6]
(1)
ك:. . الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِي فَهُوَ

(2)
ن، س، ب: رَسُولِ اللَّهِ

(3)
ك: لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا عَلِيُّ لَا يُبَالِي مَنْ مَاتَ وَهُوَ مُبْغِضُكَ

(4)
م: التَّوَسُّلِ ; س: الشِّرْكِ

(5)
مَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)

(6)
رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْحَدِيثَ الْأَخِيرَ فِي كِتَابِهِ "الْمَوْضُوعَاتِ" 1/381 بِسَنَدٍ آخَرَ، وَنَصُّهُ فِيهِ: "مَنْ مَاتَ وَفِي قَلْبِهِ بُغْضٌ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلْيَمُتْ يَهُودِيًا أَوْ نَصْرَانِيًا" قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: "هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَالْمُتَّهَمُ بِهِ عَلِيُّ بْنُ قِرْي. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هُوَ وَضَعَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هَذَا كَذَّابٌ خَبِيثٌ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: كَانَ يَكْذِبُ" وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَلَمْ أَجِدْهُ وَلَكِنْ ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ حَدِيثًا مَوْضُوعًا مَنْسُوبًا إِلَى جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ "اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ" 1/328 وَنَصُّهُ: "عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ فَمَنْ أَبَى فَقَدْ كَفَرَ" وَانْظُرْ كَلَامَ السُّيُوطِيِّ عَلَيْهِ.





الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ إِنْ كَانَتْ مِمَّا رَوَاهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَأَيْنَ ذِكْرُهَا بَيْنَهُمْ؟ وَمَنِ الَّذِي نَقَلَهَا عَنْهُمْ؟ وَفِي أَيِّ كِتَابٍ وُجِدَ أَنَّهُمْ رَوَوْهَا؟ وَمَنْ كَانَ خَبِيرًا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمْ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مِمَّا وَلَّدَهَا الْكَذَّابُونَ بَعْدَهُمْ، وَأَنَّهَا مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِيهِمْ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: عِلْمُنَا بِأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ كَانُوا مُسْلِمِينَ يُحِبُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّهُمْ وَيَتَوَلَّاهُمْ، أَعْظَمُ مِنْ عِلْمِنَا بِصِحَّةِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الْإِمَامُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ مَا عَلِمْنَاهُ بِالتَّوَاتُرِ الْمُتَيَقَّنِ بِأَخْبَارٍ هِيَ أَقَلُّ وَأَحْقَرُ مِنْ أَنْ يُقَالَ لَهَا: أَخْبَارُ آحَادٍ لَا يُعْلَمُ لَهَا نَاقِلٌ صَادِقٌ، بَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَكْذُوبَاتِ، وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ (مِنْهَا) شَيْءٌ فِي كُتُبِ [1] الْأَحَادِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ، بَلْ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ يَجْزِمُونَ بِكَذِبِهَا.
(الْوَجْهُ) [2] الْخَامِسُ: أَنَّ الْقُرْآنَ يَشْهَدُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِرِضَا اللَّهِ عَنْهُمْ، وَثَنَائِهِ عَلَيْهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (سُورَةُ التَّوْبَةِ: 100) .
(1)
ن، م، س: لَا يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْ كُتُبِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ

(2)
الْوَجْهُ: زِيَادَةٌ فِي (ب)





وَقَوْلُهُ: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (سُورَةُ الْحَدِيدِ: 10) .
وَقَوْلُهُ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} الْآيَةَ (سُورَةُ الْفَتْحِ: 29) .
وَقَوْلُهُ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (سُورَةُ الْفَتْحِ: 18) .
وَقَوْلُهُ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} (سُورَةُ الْحَشْرِ: 8) ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ [1] يُرَدَّ مَا عَلِمْنَا دَلَالَةَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ يَقِينًا بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الْمُفْتَرَاةِ الَّتِي رَوَاهَا مَنْ لَا يَخَافُ مَقَامَ رَبِّهِ، وَلَا يَرْجُو لِلَّهِ وَقَارًا.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ تَقْدَحُ فِي عَلِيٍّ وَتُوجِبُ أَنَّهُ كَانَ مُكَذِّبًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَيَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا كُفْرُ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ هُوَ وَغَيْرُهُ.
أَمَّا الَّذِينَ نَاصَبُوهُ الْخِلَافَةَ [2] ، فَإِنَّهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُفْتَرَى كُفَّارٌ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِمُوجَبِ هَذِهِ النُّصُوصِ، بَلْ كَانَ يَجْعَلُهُمْ مُؤْمِنِينَ مُسْلِمِينَ، وَشَرُّ مَنْ قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ هُمُ الْخَوَارِجُ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَحْكُمْ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْكُفَّارِ، بَلْ حَرَّمَ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهَمْ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ قَبْلَ قِتَالِهِمْ: إِنَّ لَكُمْ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَمْنَعَكُمْ مَسَاجِدَنَا، وَلَا حَقَّكُمْ مِنْ فَيَئِنَا، وَلَمَّا قَتَلَهُ ابْنُ
(1)
يَجُوزُ أَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)

(2)
م: نَاصَبُوهُ فِي الْخِلَافَةِ





مُلْجِمٍ [1] قَالَ: إِنْ عِشْتُ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَلَمْ يَجْعَلْهُ مُرْتَدًّا بِقَتْلِهِ [2] .
وَأَمَّا أَهْلُ الْجَمَلِ فَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى (عَنْ) [3] أَنْ يُتَّبَعَ مُدْبِرُهُمْ، وَأَنْ يُجْهَزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَأَنْ يَقْتُلَ أَسِيرُهُمْ، وَأَنْ تُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ، وَأَنْ تُسْبَى ذَرَارِيُّهِمْ، فَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ كَفَّارًا بِهَذِهِ النُّصُوصِ فَعَلِيٌّ أَوَّلُ [4] مَنْ كَذَّبَ بِهَا فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ كَافِرًا.
وَكَذَلِكَ أَهَّلُ صِفِّيْنَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى قَتْلَاهُمْ، وَيَقُولُ: إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا طَهَّرَهُمُ السَّيْفُ، وَلَوْ كَانُوا عِنْدَهُ كُفَّارًا لَمَا صَلَّى عَلَيْهِمْ، وَلَا جَعَلَهُمْ إِخْوَانَهُ، وَلَا جَعَلَ السَّيْفَ طُهْرًا لَهُمْ [5]
وَبِالْجُمْلَةِ نَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ سِيرَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُكَفِّرُ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ، بَلْ وَلَا جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا الْخُلَفَاءُ الثَّلَاثَةُ، وَلَا الْحَسَنُ، وَلَا الْحُسَيْنُ كَفَّرُوا [6] أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ، وَلَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَلَا أَبُو جَعْفَرٍ، فَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ كُفَّارًا، فَأَوَّلُ مَنْ خَالَفَ النُّصُوصَ عَلِيٌّ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَكَانَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا مَا فَعَلَتِ الْخَوَارِجُ فَيَعْتَزِلُوا بِدَارٍ غَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ ن، م: الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ عَجَزُوا عَنِ الْقِتَالِ، وَيَحْكُمُوا [7] عَلَى أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ بِالْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ، كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ، وَكَانَ الْوَاجِبُ
(1)
م: ابْنُ مُلْجِمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ

(2)
أَمَامَ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي هَامِشِ (س) كِتَابُ "الْخَوَارِجُ وَابْنُ مُلْجِمٍ مُسْلِمُونَ"

(3)
عَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)

(4)
ن، س، ب: أَوْلَى

(5)
س، ب: طَهَّرَهُمْ.

(6)
ن، س: كَفَّرَا ; م: كَفَّرَ

(7)
ن، س: وَتَحْكُمُوا





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.01 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.24%)]