
25-06-2025, 02:32 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,288
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد السابع
الحلقة (420)
صـ 197 إلى صـ 206
مُعَيَّنًا، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِهَذَا عَلِيٌّ وَحْدَهُ؟
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: مِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ وَالتَّوَاتُرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ قِيَامُ دِينِهِ بِمُجَرَّدِ مُوَافَقَةِ عَلِيٍّ، فَإِنَّ عَلِيًّا كَانَ [1] مِنْ أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ، فَكَانَ الْإِسْلَامُ ضَعِيفًا، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَى مَنْ هَدَاهُ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ، لَمْ يَحْصُلْ بِعَلِيٍّ وَحْدَهُ شَيْءٌ مِنَ التَّأْيِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ [2] إِيمَانُ النَّاسِ وَهِجْرَتُهُمْ وَلَا نُصْرَتُهُمْ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ مُنْتَصِبًا: لَا بِمَكَّةَ وَلَا بِالْمَدِينَةِ لِلدَّعْوَةِ إِلَى الْإِيمَانِ، كَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ مُنْتَصِبًا لِذَلِكَ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ أَحَدٌ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، لَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَلَا مِنَ الْأَنْصَارِ، بَلْ لَا نَعْرِفُ أَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَكِنْ لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْيَمَنِ قَدْ يَكُونُ قَدْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ [3] مَنْ أَسْلَمَ، إِنْ كَانَ وَقَعَ ذَلِكَ وَلَيْسَ أُولَئِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ عَلَى يَدِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا كَانَ يَدْعُو الْمُشْرِكِينَ وَيُنَاظِرُهُمْ، كَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُوهُمْ وَيُنَاظِرُهُمْ، وَلَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَخَافُونَهُ، كَمَا يَخَافُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ.
بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِدِ وَالْمَغَازِي، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ النَّاسُ، أَنَّهُ «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، صَعِدَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى [4] الْجَبَلِ وَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ [أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟] [5] فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(1) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(2) س، ب: وَلَا يَكُونُ.
(3) عَلَى يَدَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) وَفِي (ن) : عَلَى يَدِهِ.
(4) س، ب: إِلَى.
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ.
"لَا تُجِيبُوهُ" . فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُجِيبُوهُ" فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُجِيبُوهُ" . فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُمْ. فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ [1] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ [2] لَأَحْيَاءٌ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ. فَقَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ. فَقَالَ عُمَرُ: لَا سَوَاءٌ، قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ. ثُمَّ أَخَذَ أَبُو سُفْيَانَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
اعْلُ هُبَلْ. . اعْلُ هُبُلْ.
فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ [3] ؟" فَقَالُوا: وَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ" فَقَالَ: إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ [4]" فَقَالُوا: وَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ" فَقَالَ: سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي» [5] .
فَهَذَا جَيْشُ الْمُشْرِكِينَ إِذْ ذَاكَ لَا يَسْأَلُ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَوْ كَانَ الْقَوْمُ خَائِفِينَ مِنْ عَلِيٍّ أَوْ عُثْمَانَ أَوْ طَلْحَةَ أَوِ الزُّبَيْرِ أَوْ نَحْوِهِمْ، أَوْ كَانَ لِلرَّسُولِ تَأْيِيدٌ بِهَؤُلَاءِ، كَتَأْيِيدِهِ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، لَكَانَ يُسْأَلُ عَنْهُمْ كَمَا يُسْأَلُ عَنْ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلسُّؤَالِ [6] قَائِمٌ، وَالْمَانِعُ
(1) م حَمْزَةُ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) م: ذَكَرْتَ.
(3) ب: أَجِيبُوهُ.
(4) ب: أَجِيبُوهُ.
(5) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ 1/523
(6) ن، س: لِلرَّسُولِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
مُنْتَفٍ، وَمَعَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ وَالدَّاعِي وَانْتِفَاءِ الصَّارِفِ [1] يَجِبُ مَعَهُ [2] وُجُودُ الْفِعْلِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ فِي الْإِسْلَامِ أَثَرٌ حَسَنٌ، إِلَّا وَلِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْلُهُ، وَلِبَعْضِهِمْ آثَارٌ أَعْظَمُ مِنْ آثَارِهِ. وَهَذَا مَعْلُومٌ لِمَنْ عَرَفَ السِّيرَةَ الصَّحِيحَةَ الثَّابِتَةَ بِالنَّقْلِ. وَأَمَّا مَنْ يَأْخُذُ بِنَقْلِ الْكَذَّابِينَ وَأَحَادِيثِ الطُّرُقِيَّةِ، فَبَابُ الْكَذِبِ مَفْتُوحٌ، وَهَذَا الْكَذِبُ [3] يَتَعَلَّقُ بِالْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ} [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: 68] .
وَمَجْمُوعُ الْمَغَازِي الَّتِي كَانَ فِيهَا الْقِتَالُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعُ مَغَازٍ، وَالْمَغَازِي كُلُّهَا بِضْعٌ وَعِشْرُونَ غَزَاةً [4] ، وَأَمَّا السَّرَايَا فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا تَبْلُغُ سَبْعِينَ [5] .
وَمَجْمُوعُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ فِي غَزَوَاتِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْلُغُونَ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَلَمْ يَقْتُلْ [عَلِيٌّ] [6] مِنْهُمْ عُشْرَهُمْ وَلَا نِصْفَ عُشْرِهِمِ، وَأَكْثَرُ السَّرَايَا لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ فِيهَا. وَأَمَّا بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَشْهَدْ شَيْئًا مِنَ الْفُتُوحَاتِ: لَا هُوَ وَلَا عُثْمَانُ وَلَا طَلْحَةُ،
(1) س: الصِّدْقِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، ب: الضِّدِّ.
(2) مَعَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .
(3) م: الْمُكَذِّبُ.
(4) م: غَزِيَّةً.
(5) م: تِسْعِينَ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَانْظُرْ عَنْ عَدَدِ غَزَوَاتِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَرَايَاهُ وَبُعُوثَهُ، زَادَ الْمَعَادِ 1/129 - 130، جَوَامِعَ السِّيرَةِ، ص 16 - 21، صَحِيحَ مُسْلِمٍ 3/1447 - 1448 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيرَةِ، بَابُ عَدَدِ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
(6) عَلِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س)
وَلَا الزُّبَيْرُ، إِلَّا أَنْ يَخْرُجُوا مَعَ عُمَرَ حِينَ خَرَجَ [1] إِلَى الشَّامِ. وَأَمَّا الزُّبَيْرُ فَقَدْ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَسَعْدٌ شَهِدَ فَتْحَ الْقَادِسِيَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ فَتْحَ الشَّامِ.
فَكَيْفَ يَكُونُ تَأْيِيدُ الرَّسُولِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ [2] دُونَ سَائِرِهِمْ وَالْحَالُ هَذِهِ؟ وَأَيْنَ تَأْيِيدُهُ بِالْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ بَايَعُوهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ؟
وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشَرَ، وَيَوْمَ أُحُدٍ نَحْوَ [3] سَبْعِمِائَةٍ، وَيَوْمَ الْخَنْدَقِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَيَوْمَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَهُمُ الَّذِينَ شَهِدُوا فَتْحَ خَيْبَرَ، وَيَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا: تِلْكَ الْعَشَرَةُ [4] ، وَالطُّلَقَاءُ أَلْفَانِ.
وَأَمَّا تَبُوكُ فَلَا يُحْصَى مَنْ شَهِدَهَا، بَلْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ [أَلْفًا] [5] . وَأَمَّا حَجَّةُ الْوَدَاعِ فَلَا يُحْصَى مَنْ شَهِدَهَا مَعَهُ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِهِ [6] أَضْعَافُ [7] مَنْ رَآهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ فِي حَيَاتِهِ بِالْيَمَنِ وَغَيْرِهَا. وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ، بَلْ كُلُّ مَنْ آمَنَ وَجَاهَدَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ دَخَلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى [8] .
(1) س، ب: يَخْرُجُ.
(2) س، ب: مِنَ الصَّحَابَةِ.
(3) نَحْوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(4) ن، س: عَشَرَةٌ.
(5) أَلْفًا: فِي (م) فَقَطْ.
(6) س، ب: عَلَى عَهْدِهَا.
(7) ب: أَصْنَافُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(8) س، ب:. . الْمَعْنَى: وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[فصل البرهان الرابع والعشرون "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" والجواب عليه]
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 64] . مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ [2] . وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لَمْ تَحْصُلْ لِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرَهُ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ" .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: مَنْعُ الصِّحَّةِ.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: هَذَا الْكَلَامُ [3] مِنْ أَعْظَمِ الْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: {حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 64] مَعْنَاهُ: أَنَّ [4] اللَّهُ حَسْبُكَ وَحَسْبُ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُوَ وَحْدَهُ كَافِيكَ وَكَافِي مَنْ مَعَكَ [5] مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَهَذَا كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: حَسْبُكَ وَزَيْدًا دِرْهَمٌ.
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكَ سَيْفُ مُهَنَّدِ
(1) فِي (ك) ص 160 (م) 161 (م) .
(2) ك: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
(3) ن، س، ب: كَلَامٌ.
(4) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(5) م: مَنِ اتَّبَعَكَ.
وَذَلِكَ أَنَّ "حَسْبَ" مَصْدَرٌ، فَلَمَّا أُضِيفَ لَمْ يَحْسُنِ الْعَطْفُ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِعَادَةِ الْجَارِّ، فَإِنَّ الْعَطْفَ بِدُونِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ قَلِيلٌ، وَإِعَادَةُ الْجَارِّ أَحْسَنُ وَأَفْصَحُ، فَعَطَفَ عَلَى الْمَعْنَى، وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوبِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: "فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكَ" [مَعْنَاهُ: يَكْفِيكَ وَالضَّحَّاكَ] [1] .
وَالْمَصْدَرُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ، لَكِنْ إِذَا أُضِيفَ عَمِلَ فِي غَيْرِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَلِهَذَا إِنْ أُضِيفَ إِلَى الْفَاعِلِ نَصَبَ الْمَفْعُولَ، وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى الْمَفْعُولِ رَفَعَ الْفَاعِلَ، فَتَقُولُ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ، وَهَذَا وَجْهُ الْكَلَامِ. وَتَقُولُ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الثَّوْبِ الْقَصَّارُ.
وَمِنَ النُّحَاةِ مَنْ يَقُولُ: إِعْمَالُهُ مُنَكَّرًا أَحْسَنُ مِنْ إِعْمَالِهِ مُضَافًا ; لِأَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ قَوِيَ شَبَهُهُ بِالْأَسْمَاءِ. وَالصَّوَابُ أَنَّ إِضَافَتَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا وَإِعْمَالَهُ فِي الْآخَرِ أَحْسَنُ مِنْ تَنْكِيرِهِ وَإِعْمَالِهِ فِيهِمَا. فَقَوْلُ الْقَائِلِ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ. أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: دَقُّ الثَّوْبِ الْقَصَّارُ، فَإِنَّ التَّنْكِيرَ أَيْضًا مِنْ خَصَائِصِ الْأَسْمَاءِ، وَالْإِضَافَةُ أَخَفُّ ; لِأَنَّهُ اسْمٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُضَافَ وَلَا يُعْمَلَ، لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَتْ إِضَافَتُهُ إِلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ جَمِيعًا، أُضِيفَ إِلَى أَحَدِهِمَا، وَأُعْمِلَ فِي الْآخَرِ [2] .
وَهَكَذَا فِي الْمَعْطُوفَاتِ: إِنْ أَمْكَنَ إِضَافَتُهَا إِلَيْهَا كُلَّهَا [3] ، كَالْمُضَافِ إِلَى الظَّاهِرِ، فَهُوَ أَحْسَنُ. كَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ"
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) ، وَفِي (ب) بَدَلًا مِنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ "مَصْدَرٌ" .
(2) م: وَعَمِلَ لَهُ فِي الْآخَرِ.
(3) س، ب: إِنْ أُضِيفَ إِلَيْهَا كُلِّهَا.
الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ [وَالدَّمِ] [1] وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ» "[2] ."
وَكَقَوْلِهِمْ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ وَحَبَلِ [3] الْحَبَلَةِ» .
وَإِنْ تَعَذَّرَ لَمْ يَحْسُنْ ذَلِكَ، كَقَوْلِكَ: حَسْبُكَ وَزَيْدًا دِرْهَمٌ، عَطْفًا عَلَى الْمَعْنَى.
وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا قَوْلُهُ: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 96] [4] ، نُصِبَ هَذَا [5] عَلَى مَحَلِّ اللَّيْلِ الْمَجْرُورِ، فَإِنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ كَالْمَصْدَرِ، وَيُضَافُ تَارَةً وَيَعْمَلُ تَارَةً أُخْرَى [6] .
(1) وَالدَّمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 3/84 (كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالْأَصْنَامِ) ، وَأَوَّلُهُ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ" ، الْحَدِيثَ، وَهُوَ فِي: مُسْلِمٍ 3/1207 (كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ، بَابُ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/732 (كِتَابُ التِّجَارَاتِ، بَابُ مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ) الْمُسْنَدِ "ط. الْحَلَبِيِّ" 3/324، 326.
(3) م: وَجَعْلِ.
(4) ن، س: وَجَاعِلُ اللَّيْلِ. . .، وَفِيهِمَا وَفِي (ب) كَلِمَةُ "ذَلِكَ" بَعْدَ كَلِمَةِ "حُسْبَانًا" وَهِيَ مِنَ الْآيَةِ.
(5) ن، س، ب: نَصَبَ عَلَى هَذَا.
(6) فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ 11/556 - 557 "وَأَمَّا قَوْلُهُ" وَجَاعِلُ اللَّيْلَ سَكَنًا "، فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ اخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ،" وَجَاعِلُ اللَّيْلِ "بِالْأَلِفِ عَلَى لَفْظِ الِاسْمِ، وَرَفَعَهُ عَطْفًا عَلَى" فَالِقُ "وَخَفَضَ" اللَّيْلِ "بِإِضَافَةِ" جَاعِلُ "إِلَيْهِ، وَنَصَبَ" الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ "، عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ اللَّيْلِ لِأَنَّ اللَّيْلَ وَإِنْ كَانَ مَخْفُوضًا فِي اللَّفْظِ، فَإِنَّهُ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ، لِأَنَّهُ مَفْعُولُ" جَاعِلُ "وَحَسُنَ عَطْفُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى" اللَّيْلِ "لَا عَلَى لَفْظِهِ، لِدُخُولِ قَوْلِ:" سَكَنًا "بَيْنَهُ وَبَيْنَ" اللَّيْلِ ". . . .، وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ" وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ "، عَلَى" فَعَلَ "بِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمَاضِي، وَنَصْبِ" اللَّيْلَ "."
وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ الْغَالِطِينَ [1] أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ اللَّهَ وَالْمُؤْمِنِينَ حَسْبُكَ، وَيَكُونُ: {مَنِ اتَّبَعَكَ} [2] رَفْعًا عَطْفًا عَلَى اللَّهِ، وَهَذَا خَطَأٌ قَبِيحٌ مُسْتَلْزِمٌ لِلْكُفْرِ [3] ; فَإِنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ حَسْبُ جَمِيعِ الْخَلْقِ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 173] * أَيِ: اللَّهُ وَحْدَهُ كَافِينَا كُلَّنَا.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ: قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ حِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * [4] [5] .
فَكُلٌّ مِنَ النَّبِيِّينَ قَالَ: حَسْبِي اللَّهُ، فَلَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ غَيْرَهُ فِي كَوْنِهِ حَسْبَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ حَسْبُهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 36] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 59] الْآيَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يَرْضَوْا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَإِلَى أَنْ يَقُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ، وَلَا يَقُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ; لِأَنَّ الْإِيتَاءَ [6] يَكُونُ بِإِذْنِ الرَّسُولِ، كَمَا قَالَ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7]
(1) ن، س، ب: الْعَارِفِينَ وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) ن، م، س: مَنْ مَعَكَ.
(3) م: الْكُفْرِ.
(4) الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: الْبُخَارِيِّ 6/39 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ) ، بَابُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمُ. . . الْآيَةَ، وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ 2/147.
(5) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(6) ن، م، س: الْإِتْيَانَ.
وَأَمَّا الرَّغْبَةُ فَإِلَى اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ - وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [سُورَةُ الشَّرْحِ: 7] .
وَكَذَلِكَ التَّحَسُّبُ الَّذِي هُوَ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ. فَلِهَذَا أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ، وَلَا يَقُولُوا وَرَسُولُهُ. فَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ * حَسْبَ الْمُؤْمِنِ، كَيْفَ يَكُونُ الْمُؤْمِنُونَ مَعَ اللَّهِ حَسْبًا لِرَسُولِهِ؟ !
وَأَيْضًا فَالْمُؤْمِنُونَ مُحْتَاجُونَ إِلَى اللَّهِ، كَحَاجَةِ الرَّسُولِ إِلَى اللَّهِ * [1] ، فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ حَسْبِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعُونَتُهُمْ وَقُوَّتُهُمْ مِنَ الرَّسُولِ وَقُوَّةُ الرَّسُولِ مِنْهُمْ ; فَإِنَّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ الدَّوْرَ، بَلْ قُوَّتُهُمْ مِنَ اللَّهِ، وَقُوَّةُ الرَّسُولِ مِنَ اللَّهِ، [فَاللَّهُ] وَحْدَهُ [2] يَخْلُقُ قُوَّتَهُمْ، وَاللَّهُ وَحْدَهُ يَخْلُقُ قُوَّةَ الرَّسُولِ.
فَهَذَا كَقَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ - وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 62 - 63] ، فَإِنَّهُ وَحْدَهُ هُوَ الْمُؤَيِّدُ لِلرَّسُولِ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: نَصْرُهُ الَّذِي يَنْصُرُ بِهِ [3] ، وَالثَّانِي: بِالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَتَى بِهِمْ.
وَهُنَاكَ قَالَ: حَسْبُكَ اللَّهُ، وَلَمْ يَقُلْ: نَصْرُ اللَّهِ. فَنَصْرُ اللَّهِ مِنْهُ، كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ [4] مَخْلُوقَاتِهِ أَيْضًا، فَعَطَفَ مَا مِنْهُ عَلَى مَا مِنْهُ، إِذْ كِلَاهُمَا مِنْهُ. وَأَمَّا هُوَ سُبْحَانَهُ فَلَا يَكُونُ مَعَهُ غَيْرُهُ فِي إِحْدَاثِ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، بَلْ هُوَ وَحْدَهُ الْخَالِقُ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ.
وَإِذَا [5] تَبَيَّنَ هَذَا، فَهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ رَتَّبُوا جَهْلًا عَلَى جَهْلٍ، فَصَارُوا فِي
(1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(2) س: مِنَ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَفِي (م) : مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ وَحْدَهُ.
(3) سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(4) : سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(5) س، ب: فَإِذَا.
ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَظَنُّوا أَنَّ قَوْلَهُ: {حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} مَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَسْبُكَ، ثُمَّ جَعَلُوا الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ هُمْ [1] عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
وَجَهْلُهُمْ [فِي] [2] هَذَا أَظْهَرُ مِنْ جَهْلِهِمْ فِي الْأَوَّلِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ، وَأَمَّا هَذَا فَلَا [3] يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ، فَإِنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ وَحْدَهُ [مِنَ الْخَلْقِ] [4] كَافِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا عَلِيٌّ لَمَا أَقَامَ دِينَهُ. وَهَذَا عَلِيٌّ لَمْ يُغْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَعَهُ أَكْثَرُ جُيُوشِ الْأَرْضِ، بَلْ لَمَّا حَارَبَهُ مُعَاوِيَةُ مَعَ أَهْلِ الشَّامِ، كَانَ مُعَاوِيَةُ مُقَاوِمًا لَهُ أَوْ مُسْتَظْهِرًا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِقُوَّةِ قِتَالٍ أَوْ قُوَّةِ مَكْرٍ وَاحْتِيَالٍ [5] ، فَالْحَرْبُ خُدْعَةٌ:
الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ ... هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ الْمَحَلُّ الثَّانِي
فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِنَفْسٍ مَرَّةً بَلَغَتْ [6] مِنَ الْعَلْيَاءِ كُلَّ مَكَانِ [7] .
فَإِذَا لَمْ يُغْنِ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ وَاتِّبَاعِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأَرْضِ لَهُ، فَكَيْفَ يُغْنِي عَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ أَعْدَاؤُهُ؟ !
وَإِذَا قِيلَ: إِنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا لَمْ يَغْلِبْ مُعَاوِيَةَ وَمَنْ مَعَهُ لِأَنَّ جَيْشَهُ لَا يُطِيعُونَهُ، بَلْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ عَلَيْهِ.
(1) : سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(2) : فِي (ب) فَقَطْ.
(3) ، م: فَمَا.
(4) الْخَلْقِ: زِيَادَةٌ فِي (م) فَقَطْ.
(5) : وَاحْتِيَارٍ، س، ب: وَاخْتِبَارٍ.
(6) ، س، ب: فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِعَبْدٍ مَرَّةً: بَلَغَا.
(7) الْبَيْتَانِ لِلْمُتَنَبِّي فِي مَطْلَعِ قَصِيدَةٍ يَمْدَحُ بِهَا سَيْفَ الدَّوْلَةِ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ سَنَةَ 345 انْظُرْ: شَرْحَ دِيوَانِ الْمُتَنَبِّي 4/307 وَضْعَ الْأُسْتَاذِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبُرْقُوقِيِّ، ط. دَارِ الْكِتَابِ الْعَرَبِيِّ، بَيْرُوتَ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|