عرض مشاركة واحدة
  #386  
قديم 24-06-2025, 08:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد السادس
الحلقة (386)
صـ 327 إلى صـ 336






رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ: خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَلَمْ يَتَّسِعْ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ لِذَلِكَ مَعَ تَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ، بَلْ صَلَّوْا عَلَيْهِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءَ، وَدُفِنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ.
وَأَيْضًا فَالْقِتَالُ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْإِمَامَةِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالنَّهْرَوَانِ لَمْ يُقَاتِلُوا عَلَى نَصْبِ إِمَامٍ غَيْرِ عَلِيٍّ، وَلَا كَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ: أَنَا [1] الْإِمَامُ دُونَ عَلِيٍّ، وَلَا قَالَ ذَلِكَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ.
فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ قَاتَلَ عَلِيًّا قَبْلَ الْحَكَمَيْنِ [2] نَصَبَ إِمَامًا يُقَاتِلُ عَلَى طَاعَتِهِ، فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقِتَالِ عَلَى قَاعِدَةٍ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِمَامَةِ الْمُنَازَعِ فِيهَا، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُقَاتِلِينَ يُقَاتِلُ طَعْنًا فِي خِلَافَةِ [3] الثَّلَاثَةِ، وَلَا ادِّعَاءً لِلنَّصِّ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَا طَعْنًا فِي جَوَازِ خِلَافَةِ عَلِيٍّ.
فَالْأَمْرُ الَّذِي تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِ الْإِمَامَةِ، كَنِزَاعِ الرَّافِضَةِ وَالْخَوَارِجِ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُقَاتِلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَصْلًا، وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إِنَّ الْإِمَامَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُوَ عَلِيٌّ، وَلَا قَالَ: إِنَّ الثَّلَاثَةَ كَانَتْ إِمَامَتُهُمْ بَاطِلَةٌ، وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَكُلَّ مَنْ وَالَاهُمَا كَافِرٌ.
فَدَعْوَى الْمُدَّعِي أَنَّ أَوَّلَ سَيْفٍ سُلَّ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ كَانَ مَسْلُولًا عَلَى قَوَاعِدِ الْإِمَامَةِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا النَّاسُ، دَعْوَى كَاذِبَةٌ ظَاهِرَةُ الْكَذِبِ، يُعْرَفُ كَذِبُهَا بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ، مَعَ الْعِلْمِ بِمَا وَقَعَ.
(1)
ب: إِنَّهُ.

(2)
ب: الْمُحَكِّمَيْنِ.

(3)
ب: إِمَامَةِ.






وَإِنَّمَا كَانَ الْقِتَالُ قِتَالُ [1] فِتْنَةٍ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَعِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ هُوَ [2] مِنْ بَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْعَذْلِ [3] وَالْبَغْيِ، وَهُوَ الْقِتَالُ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ لِطَاعَةِ غَيْرِ [4] الْإِمَامِ لَا عَلَى قَاعِدَةٍ دِينِيَّةٍ.
وَلَوْ أَنَّ عُثْمَانَ نَازَعَهُ مُنَازِعُونَ فِي الْإِمَامَةِ وَقَاتَلَهُمْ، لَكَانَ قِتَالُهُمْ مِنْ جِنْسِ قِتَالِ عَلِيٍّ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُولَئِكَ نِزَاعٌ فِي الْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّةِ.
وَلَكِنَّ أَوَّلَ سَيْفٍ سُلَّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّةِ سَيْفُ الْخَوَارِجِ، وَقِتَالُهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْقِتَالِ، وَهُمُ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا أَقْوَالًا خَالَفُوا فِيهَا الصَّحَابَةَ وَقَاتَلُوا عَلَيْهَا، وَهُمُ الَّذِينَ تَوَاتَرَتِ النُّصُوصُ بِذِكْرِهِمْ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ»" [5] .
وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا عَلَى إِمَامَةِ مَنْ قَاتَلَهُ، وَلَا قَاتَلَهُ أَحَدٌ عَلَى إِمَامَتِهِ نَفْسِهِ، وَلَا ادَّعَى أَحَدٌ قَطُّ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ: لَا عَائِشَةَ، وَلَا طَلْحَةَ، وَلَا الزُّبَيْرَ، وَلَا مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ، وَلَا الْخَوَارِجَ، بَلْ كُلُّ الْأُمَّةِ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِفَضْلِ عَلِيٍّ وَسَابِقَتِهِ بَعْدَ قَتْلِ
(1)
قِتَالُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .

(2)
ن، ب: وَعِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَهُوَ.

(3)
ب: الْعَدْلِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(4)
ن: عَيْنِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(5)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/306






عُثْمَانَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ يُمَاثِلُهُ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ، كَمَا كَانَ عُثْمَانُ كَذَلِكَ لَمْ يُنَازِعْ قَطُّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي إِمَامَتِهِ وَخِلَافَتِهِ وَلَا تَخَاصَمَ اثْنَانِ فِي أَنَّ غَيْرَهُ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ، فَضْلًا عَنِ الْقِتَالِ عَلَى ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلُّ مَنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِأَحْوَالِ الْقَوْمِ يَعْلَمُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُخَاصَمَةٌ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ [1] فِي إِمَامَةِ الثَّلَاثَةِ، فَضْلًا عَنْ قِتَالٍ.
وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ: لَمْ يَتَخَاصَمْ طَائِفَتَانِ فِي أَنَّ غَيْرَهُ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ كَارِهًا لِوِلَايَةِ أَحَدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ، فَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ. فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ كَانَ كَارِهًا لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَ لَا يَكُونُ فِيهِمْ مَنْ يَكْرَهُ إِمَامَةَ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ.
لَكِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الطَّوَائِفِ نِزَاعٌ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ بِالْقَوْلِ، فَضْلًا عَنِ السَّيْفِ. كَمَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ نِزَاعٌ فِي مَقَالَاتٍ مَعْرُوفَةٍ بَيْنَهُمْ، فِي الْمَسَائِلِ الْعَمَلِيَّةِ وَالْعَقَائِدِ [2] الْعِلْمِيَّةِ، وَقَدْ تَجْتَمِعُ طَائِفَتَانِ فَيَتَنَازَعُونَ وَيَتَنَاظَرُونَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ.
وَالْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِهِمْ طَائِفَتَانِ يَظْهَرُ بَيْنَهُمُ [3] النِّزَاعُ،
(1)
ب: بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ.

(2)
ن: وَالْعَقَايِلِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(3)
ن، م: بَيْنَهُمَا.






لَا فِي تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ وَصِحَّةِ إِمَامَتِهِ، وَلَا فِي تَقْدِيمِ عُمَرَ وَصِحَّةِ إِمَامَتِهِ، وَلَا فِي تَقْدِيمِ عُثْمَانَ وَصِحَّةِ إِمَامَتِهِ، وَلَا فِي [1] أَنَّ عَلِيًّا مُقَدَّمٌ بَعْدَ هَؤُلَاءِ.
وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَةِ بَعْدَهُمْ [2] مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَلَا تَنَازَعَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ خِلَافَةِ عُثْمَانَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي جَيْشِ عَلِيٍّ أَفْضَلُ مِنْهُ، لَمْ تُفَضِّلْ طَائِفَةٌ مَعْرُوفَةٌ عَلَيْهِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، فَضْلًا أَنْ يُفَضَّلَ عَلَيْهِ مُعَاوِيَةُ.
فَإِنْ قَاتَلُوهُ مَعَ ذَلِكَ لِشُبْهَةٍ عَرَضَتْ لَهُمْ، فَلَمْ يَكُنِ الْقِتَالُ لَهُ لَا عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَلَا أَنَّهُ الْإِمَامُ دُونَهُ، وَلَمْ يَتَسَمَّ قَطُّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرُ بِاسْمِ الْإِمَارَةِ، وَلَا بَايَعَهُمَا أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَعَلِيٌّ بَايَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَكْثَرُهُمْ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. وَلَمْ يُبَايِعْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا طَلَبَ أَحَدٌ مِنْهُمَا ذَلِكَ، وَلَا دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَا أَفْضَلَ وَأَجَلَّ قَدْرًا مِنْ أَنْ يَفْعَلَا مِثْلَ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ مُعَاوِيَةُ لَمْ يُبَايِعْهُ أَحَدٌ لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ عَلَى الْإِمَامَةِ، وَلَا حِينَ كَانَ يُقَاتِلُ عَلِيًّا بَايَعَهُ أَحَدٌ عَلَى الْإِمَامَةِ، وَلَا تَسَمَّى بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا سَمَّاهُ أَحَدٌ بِذَلِكَ، وَلَا ادَّعَى مُعَاوِيَةُ وِلَايَةً قَبْلَ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ [3] .
وَعَلِيٌّ يُسَمِّي نَفْسَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي مُدَّةِ خِلَافَتِهِ، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ
(1)
سَاقِطٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.

(2)
بَعْدَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .

(3)
ب: الْمُحْكَمَيْنِ.





يُسَمُّونَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. لَكِنَّ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ مَعَ مُعَاوِيَةَ مَا كَانُوا يُقِرُّونَ لَهُ بِذَلِكَ، وَلَا دَخَلُوا فِي طَاعَتِهِ، مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَفْضَلَ مِنْهُ وَلَكِنِ ادَّعَوْا مَوَانِعَ تَمْنَعُهُمْ عَنْ طَاعَتِهِ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يُحَارِبُوهُ، وَلَا دَعَوْهُ وَأَصْحَابَهُ إِلَى أَنْ يُبَايِعَ مُعَاوِيَةَ، وَلَا قَالُوا: أَنْتَ، وَإِنْ كُنْتَ أَفْضَلَ مِنْ مُعَاوِيَةَ لَكِنَّ مُعَاوِيَةَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنْكَ فَعَلَيْكَ أَنْ تَتْبَعَهُ، وَإِلَّا قَاتَلْنَاكَ.
كَمَا يَقُولُ كَثِيرٌ مِنْ خِيَارِ الشِّيعَةِ الزَّيْدِيَّةِ: إِنَّ عَلِيًّا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَلَكِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ الدِّينِيَّةُ تَقْتَضِي خِلَافَةَ هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي نُفُوسِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نُفُورٌ عَنْ عَلِيٍّ بِسَبَبِ مَنْ قَتَلَهُ مِنْ أَقَارِبِهِمْ، فَمَا كَانَتِ الْكَلِمَةُ تَتَّفِقُ عَلَى طَاعَتِهِ فَجَازَ تَوْلِيَةُ الْمَفْضُولِ لِأَجْلِ ذَلِكَ.
فَهَذَا الْقَوْلُ يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ خِيَارِ الشِّيعَةِ، وَهُمُ الَّذِينَ ظَنُّوا أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَفْضَلَ، وَعَلِمُوا أَنَّ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حَقٌّ لَا يُمْكِنُ الطَّعْنُ فِيهَا، فَجَمَعُوا بَيْنَ هَذَا وَهَذَا بِهَذَا الْوَجْهِ.
وَهَؤُلَاءِ عُذْرُهُمْ آثَارٌ سَمِعُوهَا، وَأُمُورٌ ظَنُّوهَا، تَقْتَضِي فَضْلَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمْ، كَمَا يَقَعُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَامَّةِ الْمَسَائِلِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا بَيْنَ الْأُمَّةِ، يَكُونُ الصَّوَابُ مَعَ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَلَكِنِ الْآخَرُونَ مَعَهُمْ مَنْقُولَاتٍ ظَنُّوهَا صِدْقًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ خِبْرَةٌ بِأَنَّهَا كَذِبٌ، وَمَعَهُمْ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَأْوِيلَاتٌ ظَنُّوهَا مُرَادَةً وَمِنَ النَّصِّ، وَلَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، وَمَعَهُمْ نَوْعٌ مِنَ الْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ ظَنُّوهُ حَقًّا، وَهُوَ بَاطِلٌ.



فَهَذَا مَجْمُوعُ مَا يُورِثُ الشُّبَهَ فِي ذَلِكَ إِذَا خَلَتِ النُّفُوسُ عَنِ الْهَوَى وَقَلَّ أَنْ يَخْلُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ عَنِ الْهَوَى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 23] .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ جَوَازَ تَوْلِيَةِ الْمَفْضُولِ لِأَسْبَابٍ مَانِعَةٍ مِنْ تَوْلِيَةِ الْفَاضِلِ هُوَ قَوْلٌ ذَهَبَ إِلَيْهِ طَوَائِفُ مِنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ. وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَكُنِ الَّذِينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ الْإِمَامُ وَالْخَلِيفَةُ، وَإِنَّ عَلَى عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ مُبَايَعَتَهُ وَطَاعَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ أَفْضَلَ، لِأَنَّ تَوْلِيَتَهُ أَصْلَحَ.
فَهَذَا لَمْ يَكُونُوا يَقُولُونَهُ، وَلَا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ لِعُمُومِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا بَدَأُوا عَلِيًّا وَأَصْحَابَهُ بِقِتَالٍ أَصْلًا.
وَلِأَنَّ الْخَوَارِجَ بِدَأُوهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ قَتَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ لَمَّا اجْتَازَ بِهِمْ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُحَدِّثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، فَحَدَّثَهُمْ حَدِيثًا فِي تَرْكِ الْفِتَنِ، وَكَانَ قَصْدُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رُجُوعَهُمْ عَنِ الْفِتْنَةِ، فَقَتَلُوهُ، وَبَقِيَ دَمُهُ مِثْلُ الشِّرَاكِ فِي الدِّمَاءِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلِيٌّ يَقُولُ: سَلِّمُوا إِلَيْنَا قَاتِلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ. فَقَالُوا: كُلُّنَا قَتَلَهُ. ثُمَّ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِ النَّاسِ، وَهِيَ الْمَاشِيَةُ الَّتِي أَرْسَلُوهَا تَسْرَحُ مَعَ الرِّعَاءِ. فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ أَنَّهُمُ اسْتَحَلُّوا دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ، ذَكَرَ النُّصُوصَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِفَتِهِمْ وَفِي الْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ، وَرَأَى تِلْكَ الصِّفَةَ مُنْطَبِقَةً عَلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ، وَنَصَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَفَرِحَ بِذَلِكَ، وَسَجَدَ لِلَّهِ شُكْرًا لَمَّا جَاءَهُ خَبَرُ الْمُخَدَّجِ أَنَّهُ مَعَهُمْ، فَإِنَّهُ هُوَ كَانَ الْعَلَامَةَ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى قِتَالِهِمْ فَقِتَالُهُ لِلْخَوَارِجِ كَانَ بِنَصٍّ مِنَ الرَّسُولِ وَبِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ.



وَأَمَّا قِتَالُ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ فَقَدْ ذَكَرَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ نَصٌّ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا كَانَ رَأْيًا. وَأَكْثَرُ الصَّحَابَةِ لَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَى هَذَا الْقِتَالِ، بَلْ أَكْثَرُ أَكَابِرِ [1] الصَّحَابَةِ لَمْ يُقَاتِلُوا: لَا مَعَ هَؤُلَاءِ وَلَا مَعَ هَؤُلَاءِ، كَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَأَمْثَالِهِمْ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ، مَعَ أَنَّهُمْ مُعَظِّمُونَ لِعَلِيٍّ، يُحِبُّونَهُ وَيُوَالُونَهُ وَيُقَدِّمُونَهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُ، وَلَا يَرَوْنَ أَنَّ أَحَدًا أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ فِي زَمَنِهِ لَكِنْ لَمْ يُوَافِقُوهُ فِي رَأْيِهِ فِي الْقِتَالِ.
وَكَانَ مَعَهُمْ نُصُوصٌ سَمِعُوهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَدُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ وَالدُّخُولِ فِي الْفِتْنَةِ خَيْرٌ مِنَ الْقِتَالِ، وَفِيهَا مَا يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ، وَالْآثَارُ بِذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ.
وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ، فَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَهُ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ الْمَشْهُورِينَ أَحَدٌ، بَلْ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ بَعْضُ السَّابِقِينَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ مُعَاوِيَةَ أَحَدٌ، وَأَكْثَرُهُمُ اعْتَزَلُوا الْفِتْنَةَ.
وَقِيلَ: كَانَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بَعْضُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِيِنَ، وَإِنَّ قَاتِلَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ هُوَ أَبُو الْغَادِيَةِ [2] ، وَكَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَهُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ.
(1)
أَكَابِرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) .

(2)
ب: أَبُو الْعَادِيَةِ، وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.





وَالْمَقْصُودُ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُقَاتِلْهُ أَحَدٌ عَلَى إِمَامَةِ غَيْرِهِ، وَلَا دَعَاهُ إِلَى أَنْ يَكُونَ تَحْتَ وِلَايَةِ غَيْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا رُفِعَتِ الْمَصَاحِفُ وَدَعُوا إِلَى التَّحْكِيمِ وَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ، وَاتَّفَقَ الْحَكَمَانِ عَلَى عَزْلِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَأَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ شُورَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ: "هَذَا عَزَلَ صَاحِبَهُ، وَأَنَا لَمْ أَعْزِلْ صَاحِبِي" وَمَالَ أَبُو مُوسَى إِلَى تَوْلِيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ لِذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنِ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى عَزْلِ مُعَاوِيَةَ عَنْ كَوْنِهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ هَذَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ عَزَلَهُ عَنْ وِلَايَتِهِ عَلَى الشَّامِ ; فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَنَا وَلَّانِي الْخَلِيفَتَانِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَأَنَا بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِي حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى الْإِمَامِ.
فَاتَّفَقَ الْحَكَمَانِ عَلَى أَنْ يُعْزَلَ عَلِيٌّ عَنْ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُعَاوِيَةُ عَنْ إِمْرَةِ الشَّامِ. وَكَانَ مَقْصُودُ أَحَدِهِمَا إِبْقَاءَ صَاحِبِهِ، وَلَمْ يُظْهِرْ مَا فِي نَفْسِهِ. فَلَمَّا أَظْهَرَ مَا فِي نَفْسِهِ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ وَلَمْ يَقَعْ بَعْدَ هَذَا قِتَالٌ.
فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا الْحَالِ صَارَ يَدَّعِي أَصْحَابُهُ أَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ دُونَ عَلِيٍّ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ عَلِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ قُوتِلَ عَلَى إِمَامَةِ مُعَاوِيَةَ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُقَاتِلْهُ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ إِمَامًا وَهُوَ مُطِيعٌ لَهُ، فَإِنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَسْتَحِقُّونَ الْإِمَامَةَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، وَكَانَ هُوَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَخْرُجَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، بَلْ عُثْمَانُ كَانَ عَلِيٌّ هُوَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ قَبْلَ جُمْهُورِ النَّاسِ.



وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ أَعْلَمُ وَأَعْدَلُ مِنْ أَنْ يَقُولُوا لِعَلِيٍّ: بَايِعْ مُعَاوِيَةَ، بَلْ يَقُولُوا لَهُ [1] : بَايِعْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، وَهُمَا [2] مِنْ أَهْلِ الشُّورَى.
فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَبَقِيَ بَعْدَ مَوْتِ عُثْمَانَ أَرْبَعَةٌ.
فَأَمَّا سَعْدٌ فَاعْتَزَلَ الْفِتْنَةَ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي قِتَالِ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَعَاشَ بَعْدَهُمْ كُلَّهُمْ، وَهُوَ آخِرُ الْعَشَرَةِ مَوْتًا، وَاعْتَزَلَ بِالْعَقِيقِ، وَلَمَّا مَاتَ حُمِلَ عَلَى الْأَعْنَاقِ فَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي إِبِلِهِ فَجَاءَ ابْنُهُ عُمَرُ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ. فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ: أَنَزَلْتَ فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ فِي الْمُلْكِ بَيْنَهُمْ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ، وَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ" [3] .
وَابْنُهُ عُمَرُ هَذَا كَانَ يُحِبُّ الرِّيَاسَةَ، وَلَوْ حَصَلَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْمُومِ، وَلِهَذَا لَمَّا وُلِّيَ وِلَايَةً، وَقِيلَ لَهُ: لَا نُوَلِّيكَ حَتَّى تَتَوَلَّى قِتَالَ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، كَانَ هُوَ أَمِيرَ تِلْكَ السَّرِيَّةِ.
وَأَمَّا سَعْدٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ مُسَدَّدًا فِي زَمَنِهِ،
(1)
ن، م: بَلْ يَقُولُوا إِنَّهُ.

(2)
ب: وَغَيْرُهُمَا.

(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/65، 3/161





وَهُوَ الَّذِي فَتَحَ الْعِرَاقَ، وَكَسَرَ جُنُودَ كِسْرَى، وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ فِتَنٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ عَامَّةٍ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا»" [1] .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - لَمْ يَقْتَتِلُوا قَطُّ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي قَاعِدَةٍ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ أَصْلًا، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي شَيْءٍ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ: لَا فِي الصِّفَاتِ وَلَا [فِي] الْقَدَرِ [2] ، وَلَا مَسَائِلِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَحْكَامِ [3] ، وَلَا مَسَائِلِ الْإِمَامَةِ. لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ بِالِاخْتِصَامِ بِالْأَقْوَالِ، فَضْلًا عَنِ الِاقْتِتَالِ بِالسَّيْفِ، بَلْ كَانُوا مُثْبِتِينَ لِصِفَاتِ اللَّهِ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ، نَافِينَ عَنْهَا تَمْثِيلَهَا بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، مُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، مُثْبِتِينَ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، مُثْبِتِينَ لِحِكْمَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ مُثْبِتِينَ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ وَاسْتِطَاعَتِهِ وَلِفِعْلِهِ مَعَ إِثْبَاتِهِمْ لِلْقَدَرِ.
[ثُمَّ] [4] لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِمْ مَنْ يَحْتَجُّ لِلْمَعَاصِي بِالْقَدَرِ، وَيَجْعَلُ الْقَدَرَ [5] حُجَّةً لِمَنْ عَصَى أَوْ كَفَرَ، وَلَا مَنْ يُكَذِّبُ بِعِلْمِ اللَّهِ وَمَشِيئَتِهِ الشَّامِلَةِ
(1)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ (ص 230)

(2)
ن: وَلَا الْقَدَرِ.

(3)
ب: وَلَا مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ.

(4)
ثُمَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(5)
ب: الْقُدْرَةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]