عرض مشاركة واحدة
  #382  
قديم 24-06-2025, 08:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,503
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد السادس
الحلقة (382)
صـ 285 إلى صـ 294





أَصْلًا. وَمَا أَعْلَمُ فِي هَذَا نِزَاعًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى عَلِيٍّ مِثْلُ ذَلِكَ؟
ثُمَّ يُقَالُ: يَا لَيْتَ شِعْرِي مَتَى عَزَمَ [عَلِيٌّ] عَلَى [1] قَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ؟ وَمَتَى تَمَكَّنَ عَلِيٌّ مِنْ قَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ؟ أَوْ مَتَى تَفَرَّغَ لَهُ حَتَّى يَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ؟
وَعُبَيْدُ اللَّهِ كَانَ مَعَهُ أُلُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَفِيهِمْ خَيْرٌ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِكَثِيرٍ. وَعَلِيٌّ لَمْ يُمْكِنْهُ عَزْلُ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ عَزْلٌ مُجَرَّدٌ. أَفَكَانَ يُمْكِنُهُ قَتْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ؟ !
وَمِنْ حِينِ مَاتَ عُثْمَانُ تَفَرَّقَ النَّاسُ، وَعَبْدُ اللَّهِ [2] بْنُ عُمَرَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ لِحَقَ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا، وَلَمْ يَزَلْ مُعْتَزِلَ الْفِتْنَةِ حَتَّى اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، مَعَ مَحَبَّتِهِ لِعَلِيٍّ، وَرُؤْيَتِهِ لَهُ أَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْخِلَافَةِ، وَتَعْظِيمِهِ لَهُ، وَمُوَالَاتِهِ لَهُ، وَذَمِّهِ لِمَنْ يَطْعَنُ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ كَانَ لَا يَرَى الدُّخُولَ فِي الْقِتَالِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ مُوَافَقَةِ عَلِيٍّ إِلَّا فِي الْقِتَالِ.
وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لِحَقَ مُعَاوِيَةَ [3] بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، كَمَا لَحِقَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ كَانُوا يَمِيلُونَ إِلَى عُثْمَانَ وَيَنْفِرُونَ عَنْ عَلِيٍّ. وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يُعْرَفْ لِعُبَيْدِ اللَّهِ مِنَ الْقِيَامِ فِي الْفِتْنَةِ مَا عُرِفَ لِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَالْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ وَأَمْثَالِهِمَا، فَإِنَّهُ بَعْدَ الْقِتَالِ وَقَعَ الْجَمِيعُ فِي الْفِتْنَةِ. وَأَمَّا قَبْلَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ فَكَانَ أُولَئِكَ مِمَّنْ أَثَارَ الْفِتْنَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
(1)
ن، م: مَتَى عَزَمَ عَلَى

(2)
ن فَقَطْ: وَعُبَيْدُ اللَّهِ، هُوَ خَطَأٌ.

(3)
ح، ب: بِمُعَاوِيَةَ.






وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ دَمَ الْهُرْمُزَانِ الْمُتَّهَمِ بِالنِّفَاقِ، وَالْمُحَارَبَةِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالسَّعْيِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، تُقَامُ فِيهِ الْقِيَامَةُ، وَدَمُ عُثْمَانَ يُجْعَلُ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَهُوَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْجَنَّةِ، الَّذِي هُوَ - وَإِخْوَانُهُ - أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ!
وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ مِنْ أَكَفِّ النَّاسِ عَنِ الدِّمَاءِ، وَأَصْبَرِ النَّاسِ عَلَى مَنْ نَالَ [1] مِنْ عِرْضِهِ، وَعَلَى مَنْ سَعَى فِي دَمِهِ فَحَاصَرُوهُ وَسَعَوْا [2] فِي قَتْلِهِ، وَقَدْ عَرَفَ إِرَادَتَهُمْ لِقَتْلِهِ، وَقَدْ جَاءَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ يَنْصُرُونَهُ وَيُشِيرُونَ عَلَيْهِ بِقِتَالِهِمْ، وَهُوَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْكَفِّ عَنِ الْقِتَالِ، وَيَأْمُرُ مَنْ يُطِيعُهُ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُمْ. وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لِمَمَالِيكِهِ: مَنْ كَفَّ يَدَهُ فَهُوَ حُرٌّ. وَقِيلَ لَهُ: تَذْهَبُ إِلَى مَكَّةَ؟ فَقَالَ: لَا أَكُونُ مِمَّنْ أَلْحَدَ فِي الْحَرَمِ. فَقِيلَ لَهُ: تَذْهَبُ إِلَى الشَّامِ؟ فَقَالَ: لَا أُفَارِقُ دَارَ هِجْرَتِي. فَقِيلَ لَهُ: فَقَاتِلْهُمْ. فَقَالَ: لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ خَلَفَ مُحَمَّدًا فِي أُمَّتِهِ بِالسَّيْفِ.
فَكَانَ صَبْرُ عُثْمَانَ حَتَّى قُتِلَ مِنْ أَعْظَمِ فَضَائِلِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدِّمَاءَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي سُفِكَتْ بِاجْتِهَادِ عَلِيٍّ [وَمَنْ قَاتَلَهُ] [3] لَمْ يُسْفَكْ قَبْلَهَا مِثْلُهَا مِنْ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِذَا كَانَ مَا فَعَلَهُ عَلِيٌّ مِمَّا لَا يُوجِبُ الْقَدْحَ فِي عَلِيٍّ، بَلْ [كَانَ] [4] دَفْعُ الظَّالِمِينَ لِعَلِيٍّ مِنَ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّوَاصِبِ
(1)
ن، م: يَنَالُ.

(2)
ن، م: فَحَاصَرَهُ وَسَعَى.

(3)
وَمَنْ قَاتَلَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(4)
كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .






الْقَادِحِينَ فِي عَلِيٍّ وَاجِبًا، فَلَأَنْ يَجِبَ [1] دَفْعُ الظَّالِمِينَ [الْقَادِحِينَ] [2] فِي عُثْمَانَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، إِذْ كَانَ [3] بُعْدُ عُثْمَانَ عَنِ اسْتِحْلَالِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمَ مِنْ بُعْدِ عَلِيٍّ عَنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ كَثِيرٍ [4] ، وَكَانَ مَنْ قَدَحَ فِي عُثْمَانَ بِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِلُّ إِرَاقَةَ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِتَعْطِيلِ الْحُدُودِ، كَانَ قَدْ طَرَقَ مِنَ الْقَدْحِ فِي عَلِيٍّ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا، وَسَوَّغَ لِمَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا [وَعَادَاهُ وَقَاتَلَهُ] [5] أَنْ يَقُولَ: إِنَّ عَلِيًّا عَطَّلَ الْحُدُودَ الْوَاجِبَةَ عَلَى قَتَلَةِ عُثْمَانَ. وَتَعْطِيلُ تِلْكَ الْحُدُودِ إِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً أَعْظَمُ فَسَادًا مِنْ تَعْطِيلِ حَدٍّ وَجَبَ بِقَتْلِ الْهُرْمُزَانِ.
وَإِذَا كَانَ مِنَ الْوَاجِبِ [6] الدَّفْعُ عَنْ عَلِيٍّ بِأَنَّهُ كَانَ مَعْذُورًا [7] بِاجْتِهَادٍ أَوْ عَجْزٍ، فَلَأَنْ يُدْفَعَ عَنْ عُثْمَانَ بِأَنَّهُ كَانَ مَعْذُورًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: "أَرَادَ عُثْمَانُ تَعْطِيلَ حَدِّ الشُّرْبِ فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، حَتَّى حَدَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ" .
فَهَذَا كَذِبٌ عَلَيْهِمَا، بَلْ عُثْمَانُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ عَلِيًّا بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ،
(1)
ن، م: فَلَا يَجِبُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(2)
الْقَادِحِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(3)
ن، م: إِذَا كَانَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(4)
كَثِيرٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ب) .

(5)
وَعَادَاهُ وَقَاتَلَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(6)
ح، ر: وَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ.

(7)
ن، م: بِأَنَّهُ مَعْذُورٌ.






كَمَا ثَبَتَ [ذَلِكَ] [1] فِي الصَّحِيحِ [2] ، وَعَلِيٌّ خَفَّفَ عَنْهُ وَجَلَدَهُ [3] أَرْبَعِينَ، وَلَوْ جَلَدَهُ ثَمَانِينَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ عُثْمَانُ.
وَقَوْلُ الرَّافِضِيِّ: "إِنَّ عَلِيًّا قَالَ: لَا يَبْطُلُ حَدُّ اللَّهِ [4] وَأَنَا حَاضِرٌ" فَهُوَ كَذِبٌ. وَإِنْ كَانَ صِدْقًا فَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَدْحِ لِعُثْمَانَ ; فَإِنَّ عُثْمَانَ قَبِلَ قَوْلَ عَلِيٍّ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ، مَعَ قُدْرَةِ عُثْمَانَ عَلَى مَنْعِهِ لَوْ أَرَادَ، فَإِنَّ عُثْمَانَ كَانَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا فَعَلَهُ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلِيٌّ عَلَى مَنْعِهِ. وَإِلَّا
(1)
ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(2)
الْأَثَرُ عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ فِي مُسْلِمٍ 3/1331 - 1332 (كِتَابِ الْحُدُودِ، بَابِ حَدِّ الْخَمْرِ، وَنَصُّهُ قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَأُتِيَ بِالْوَلِيدِ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكُمْ؟ فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ. فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ قُمْ فَاجْلِدْهُ. فَقَالَ عَلِيٌّ: قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ. فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا. فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ. . إِلَخِ الْأَثَرَ، وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/227 - 228 (كِتَابِ الْحُدُودِ، بَابِ الْحَدِّ مِنَ الْخَمْرِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/858 (كِتَابِ الْحُدُودِ، بَابِ حَدِّ السَّكْرَانِ) ، وَقَدْ نَاقَشَ الْأُسْتَاذُ مُحِبُّ الدِّينِ الْخَطِيبُ هَذَا الْخَبَرَ فِي الْعَوَاصِمِ مِنَ الْقَوَاصِمِ ص 94 - 99، 100 وَهُوَ يَرَى: أَنَّ الشُّهُودَ عَلَى الْوَلِيدِ اثْنَانِ مِنَ الْمَوْتُورِينَ الَّذِينَ تَعَدَّدَتْ شَوَاهِدُ غِلِّهِمْ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ: أَمَّا صَلَاةُ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ وَكَلِمَةُ أَزِيدُكُمْ فَهِيَ مِنْ كَلَامِ حُضَيْنٍ وَلَمْ يَكُنْ حُضَيْنٌ مِنَ الشُّهُودِ، وَلَا كَانَ فِي الْكُوفَةِ وَقْتَ الْحَادِثِ الْمَزْعُومِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يُسْنِدْ هَذَا الْعُنْصُرَ مِنْ عَنَاصِرِ الِاتِّهَامِ إِلَى إِنْسَانٍ مَعْرُوفٍ. . . . . إِلَخْ. وَانْظُرْ بَاقِي كَلَامِ الْأُسْتَاذِ الْخَطِيبِ، وَانْظُرْ كَلَامَهُ عَنِ اسْتِبْعَادِهِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسْقٌ بِنَبَأٍ قَدْ نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ. (الْعَوَاصِمِ ص 90 - 93)

(3)
ن، م: خَفَّفَ عَنْهُ جَلْدَهُ.

(4)
ح: لَا تَبْطُلُ حُدُودُ اللَّهِ، ر: لَا تُبْطِلْ حَدَّ اللَّهِ، ب: لَا تُعَطَّلُ حُدُودُ اللَّهِ.






فَلَوْ كَانَ [عَلِيٌّ] [1] قَادِرًا عَلَى مَنْعِهِ مِمَّا فَعَلَهُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِمَّا هُوَ عِنْدَهُ مُنْكَرٌ مَعَ قُدْرَتِهِ، كَانَ هَذَا قَدْحًا فِي عَلِيٍّ. فَإِذَا كَانَ عُثْمَانُ أَطَاعَ عَلِيًّا فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ، دَلَّ ذَلِكَ [2] عَلَى دِينِ عُثْمَانَ وَعَدْلِهِ.
وَعُثْمَانُ وَلَّى الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ هَذَا عَلَى الْكُوفَةِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ. فَإِنْ كَانَ حَرَامًا وَعَلِيٌّ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ، وَجَبَ عَلَى عَلِيٍّ مَنْعُهُ، فَإِذَا لَمْ يَمْنَعْهُ دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَ عَلِيٍّ، أَوْ عَلَى عَجْزِ عَلِيٍّ. وَإِذَا عَجَزَ عَنْ مَنْعِهِ عَنِ [3] الْإِمَارَةِ، فَكَيْفَ لَا يَعْجِزُ عَنْ ضَرْبِهِ الْحَدَّ؟ فَعُلِمَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ عَاجِزًا عَنْ حَدِّ الْوَلِيدِ، لَوْلَا أَنَّ عُثْمَانَ أَرَادَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَرَادَهُ عُثْمَانُ دَلَّ عَلَى دِينِهِ.
وَقَائِلُ هَذَا يَدَّعِي أَنَّ الْحُدُودَ مَا زَالَتْ تُبْطَلُ وَعَلِيٌّ حَاضِرٌ، حَتَّى فِي وِلَايَتِهِ يَدَّعُونَ [4] أَنَّهُ كَانَ يَدَعُ الْحُدُودَ خَوْفًا وَتَقِيَّةً. فَإِنْ [5] كَانَ قَالَ هَذَا وَلَمْ يَقُلْهُ إِلَّا لِعِلْمِهِ بِأَنَّ عُثْمَانَ وَحَاشِيَتَهُ يُوَافِقُونَهُ عَلَى إِقَامَةِ الْحُدُودِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ يَتَّقِي مِنْهُمْ لَمَا قَالَ هَذَا. وَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ أَقْدَرَ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ قَائِلَ هَذَا يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ عَاجِزًا لَا يُمْكِنُهُ إِظْهَارُ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ [6] .
(1)
عَلِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(2)
ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ب) .

(3)
ن، م: مِنَ.

(4)
ن، م: وَيَدَّعُونَ.

(5)
ن: فَإِذَا، م: وَإِنْ.

(6)
وَانْظُرِ: الْعَوَاصِمَ مِنَ الْقَوَاصِمِ وَالتَّعْلِيقَاتِ ص 93 - 99






وَدَلِيلُ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ عِنْدَهُمْ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَلَى نُوَّابِ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِمْ.
وَالرَّافِضَةُ تَتَكَلَّمُ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ الَّذِي يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا.
[الرد على قول الرافضي أن عثمان زاد الأذان الثاني يوم الجمعة]
وَأَمَّا قَوْلُهُ: "إِنَّهُ زَادَ الْأَذَانَ الثَّانِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ بِدْعَةٌ، فَصَارَ [1] سُنَّةً إِلَى الْآنِ" .
فَالْجَوَابُ: أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِمَّنْ يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ فِي حَيَاةِ عُثْمَانَ وَبَعْدَ مَقْتَلِهِ. وَلِهَذَا لَمَّا صَارَ خَلِيفَةً لَمْ يَأْمُرْ بِإِزَالَةِ هَذَا الْأَذَانِ، كَمَا أَمَرَ بِمَا أَنْكَرَهُ مِنْ وِلَايَةِ طَائِفَةٍ مِنْ عُمَّالِ عُثْمَانَ، بَلْ أَمَرَ بِعَزْلِ مُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِبْطَالَ هَذِهِ الْبِدْعَةِ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ مِنْ عَزْلِ أُولَئِكَ [وَمُقَاتَلَتِهِمُ الَّتِي عَجَزَ عَنْهَا، فَكَانَ عَلَى إِزَالَةِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ مِنَ الْكُوفَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَعْمَالِهِ أَقْدَرَ مِنْهُ عَلَى إِزَالَةِ أُولَئِكَ، وَلَوْ أَزَالَ ذَلِكَ لَعَلِمَهُ النَّاسُ وَنَقَلُوهُ] [2] .
فَإِنْ قِيلَ: كَانَ النَّاسُ لَا يُوَافِقُونَهُ عَلَى إِزَالَتِهَا.
قِيلَ: فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّاسَ وَافَقُوا عُثْمَانَ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا وَاسْتِحْسَانِهَا، حَتَّى الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَ عَلِيٍّ، كَعَمَّارٍ وَسَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ. وَإِلَّا فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ لَوْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ لَمْ يُخَالِفْهُمْ غَيْرُهُمْ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ كَانَ يُنْكِرُ
(1)
ن، م: أَرَادَ النِّدَاءَ الثَّانِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ بِدْعَةٌ، وَصَارَ.

(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .






هَذَا [1] وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُنْكِرُهُ، كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، وَلَمْ يَكُنْ [2] هَذَا مِمَّا يُعَابُ بِهِ عُثْمَانُ.
وَقَوْلُ الْقَائِلِ: هِيَ بِدْعَةٌ. إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُفْعَلُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ قِتَالُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِدْعَةٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ إِمَامًا قَاتَلَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ قَبْلَ عَلِيٍّ. وَأَيْنَ قِتَالُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنَ الْأَذَانِ؟ !
فَإِنْ قِيلَ: بَلِ الْبِدْعَةُ مَا فُعِلَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ.
قِيلَ لَهُمْ: فَمِنْ أَيْنَ [3] لَكُمْ أَنَّ عُثْمَانَ فَعَلَ هَذَا بِغَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ؟ وَأَنَّ [4] عَلِيًّا قَاتَلَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ؟
[وَأَيْضًا] فَإِنَّ عَلِيَّ [بْنَ أَبِي طَالِبٍ] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - [5] أَحْدَثَ فِي خِلَافَتِهِ الْعِيدَ الثَّانِي بِالْجَامِعِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ الْمَعْرُوفَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى فِي الْمِصْرِ إِلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَا يُصَلَّى يَوْمَ النَّحْرِ وَالْفِطْرِ إِلَّا عِيدٌ وَاحِدٌ. وَالْجُمُعَةُ كَانُوا يُصَلُّونَهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَالْعِيدُ يُصَلُّونَهُ بِالصَّحْرَاءِ. وَكَانَ [6] النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعَرَفَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَفِي الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ.
فَلَمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ قِيلَ لَهُ: إِنَّ بِالْبَلَدِ [7] ضُعَفَاءٌ لَا يَسْتَطِيعُونَ
(1)
ح، ر، ب: مَنْ كَانَ يُنْكِرُهُ.

(2)
م، ن: فَلَمْ يَكُنْ.

(3)
ح، ب: مِنْ أَيْنَ.

(4)
ن، م: فَإِنَّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(5)
ن:. . . شَرْعِيٍّ فَإِنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(6)
ن، م: فَكَانَ.

(7)
ن: إِنَّ فِي الْبَلَدِ.






الْخُرُوجَ إِلَى الْمُصَلَّى، فَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا صَلَّى [1] بِالنَّاسِ بِالْمَسْجِدِ. قِيلَ: إِنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِتَكْبِيرٍ، وَقِيلَ: بَلْ صَلَّى أَرْبَعًا بِلَا تَكْبِيرٍ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عُرِفَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ بِالْبَصْرَةِ، وَلَمْ يُرْوَ عَنْ عَلِيٍّ [2] أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ.
وَمَا فَعَلَهُ عُثْمَانُ مِنَ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ النَّاسُ بَعْدَهُ: أَهْلُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرُهُمْ، كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى مَا سَنَّهُ أَيْضًا عُمَرُ مِنْ جَمْعِ النَّاسِ فِي رَمَضَانَ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا مَا سَنَّهُ عَلِيٌّ مِنْ إِقَامَةِ عِيدَيْنِ [3] فَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ وَفِي الْجُمُعَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. قِيلَ: إِنَّهُ لَا يُشْرَعُ فِي الْمِصْرِ إِلَّا جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ وَعِيدٌ وَاحِدٌ، كَقَوْلِ مَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّهُ السُّنَّةُ. وَقِيلَ: بَلْ يُشْرَعُ تَعَدُّدُ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمِصْرِ دُونَ الْجُمُعَةِ، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. لَكِنَّ قَائِلَ هَذَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا الْإِقَامَةُ وَالْعَدَدُ كَمَا يُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ. وَقَالُوا: إِنَّهَا تُصَلَّى فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ [4] . وَهَذَا خِلَافُ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ. وَقِيلَ: بَلْ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَنْ تُصَلَّى جُمُعَتَانِ فِي الْمِصْرِ، كَمَا صَلَّى عَلِيٌّ عِيدَيْنِ لِلْحَاجَةِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ
(1)
ح، ب: يُصَلِّي.

(2)
ح، ر، ب: وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ.

(3)
ح، ر، ب: إِقَامَةِ الْعِيدَيْنِ.

(4)
ن، ر: فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ.






أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَهَؤُلَاءِ يَحْتَجُّونَ بِفِعْلِ عَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ] [1] لِأَنَّهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ.
وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ جَوَّزَ التَّعْرِيفَ بِالْأَمْصَارِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَعَلَهُ بِالْبَصْرَةِ. وَكَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَائِبَهُ بِالْبَصْرَةِ. فَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَتَّبِعُونَ عَلِيًّا فِيمَا سَنَّهُ، كَمَا يَتَّبِعُونَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِيمَا سَنَّاهُ. وَآخَرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، كَمَالِكٍ وَغَيْرِهِ، لَا يَتَّبِعُونَ عَلِيًّا فِيمَا سَنَّهُ، وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى اتِّبَاعِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِيمَا سَنَّاهُ. فَإِنْ جَازَ الْقَدْحُ فِي عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِيمَا سَنَّاهُ - وَهَذَا حَالُهُ - فَلَأَنْ يُقْدَحَ فِي عَلِيٍّ فِيمَا سَنَّهُ - وَهَذَا حَالُهُ - بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَإِنْ قِيلَ بِأَنَّ مَا فَعَلَهُ عَلِيٌّ سَائِغٌ لَا يُقْدَحُ فِيهِ، لِأَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ يُتَّبَعُ فِيهِ، فَلَأَنْ يَكُونُ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يُذْكَرُ مِمَّا فَعَلَهُ [2] عُمَرُ، مِثْلُ تَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ، الَّتِي هِيَ جِزْيَةٌ فِي الْمَعْنَى، عَلَى نَصَارَى بَنِي تَغْلَبٍ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.
ثُمَّ مِنَ الْعَجَبِ أَنَّ الرَّافِضَةَ تُنْكِرُ شَيْئًا فَعَلَهُ عُثْمَانُ بِمَشْهَدٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ، وَاتَّبَعَهُ [3] الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ عَلَيْهِ فِي أَذَانِ الْجُمُعَةِ، وَهُمْ قَدْ زَادُوا فِي الْأَذَانِ شِعَارًا لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[وَلَا نَقَلَ [4] أَحَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(1)
ن، م: عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(2)
تَذْكُرُ مِمَّا فَعَلَهُ.

(3)
ب: وَتَبِعَهُ.

(4)
ح: وَلَا يُقُلْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.






وَسَلَّمَ]- [1] أَمَرَ بِذَلِكَ فِي الْأَذَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: "حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ" .
وَغَايَةُ مَا يُنْقَلُ إِنْ صَحَّ النَّقْلُ، أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ، كَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَحْيَانًا عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ، كَمَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ بَيْنَ النِّدَاءَيْنِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، وَهَذَا يُسَمَّى نِدَاءُ الْأُمَرَاءِ، [وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ التَّثْوِيبَ] [2] وَرَخَّصَ [3] فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَكَرِهَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَرَوَوْا عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَغَيْرِهِمَا كَرَاهَةَ [4] ذَلِكَ.
وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الْأَذَانَ، الَّذِي كَانَ يُؤَذِّنُهُ بِلَالٌ [5] وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ، وَأَبُو مَحْذُورَةَ [6] بِمَكَّةَ، وَسَعْدِ الْقَرْظِ فِي قُبَاءَ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَذَا الشِّعَارُ الرَّافِضِيُّ. وَلَوْ كَانَ فِيهِ لَنَقَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَمْ يُهْمِلُوهُ، كَمَا نَقَلُوا مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْهُ. فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الَّذِينَ نَقَلُوا الْأَذَانَ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، عُلِمَ [7] أَنَّهَا بِدْعَةٌ بَاطِلَةٌ.
وَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ كَانُوا يُؤَذِّنُونَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهُ تَعَلَّمُوا الْأَذَانَ، وَكَانُوا يُؤَذِّنُونَ فِي أَفْضَلِ الْمَسَاجِدِ: مَسْجِدِ مَكَّةَ، وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَسْجِدِ قُبَاءَ. وَأَذَانُهُمْ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ.
(1)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .

(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)
ح، ب: رَخَّصَ.

(4)
ح، ب: كَرَاهِيَةَ.

(5)
ح، م، ب: يُؤَذِّنُ بِهِ بِلَالٌ.

(6)
ن: وَأَبُو مَجْدُورَةَ.

(7)
ن: عَلِمُوا.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]