عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-06-2025, 07:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}: فوائد وعظات

﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾:

فوائد وعظات

د. محمد أحمد صبري النبتيتي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، أما بعد:
فهذه بعض فوائد وعظات من قول الله: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]:
الأولى: أن العبرة بالتقوى، وما في القلوب وليس بالظاهر والصور، وأن التقوى محلها القلب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ"، وقال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟"، قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقال: "التَّقْوَى هَا هُنَا"، وَأشار إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

الثانية: أن العبرة بمنزلتك عند الله لا بمنزلتك عند الناس؛ قال الله: ﴿ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ وليس عند الناس، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ".

قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: كانَ الشَّأْنُ ألَّا يَفْضُلَ بَعْضُهم بَعْضًا إلَّا بِالكَمالِ النَّفْسانِيِّ، وهو الكَمالُ الَّذِي يَرْضاهُ اللَّهُ لَهم، والَّذِي جَعَلَ التَّقْوى وسِيلَتَهُ؛ ولِذَلِكَ ناطَ التَّفاضُلَ في الكَرَمِ بِـ "عِنْدَ اللَّهِ"؛ إذْ لا اعْتِدادَ بِكَرَمٍ لا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ.

الثالثة: الحسب والنسب والمال والجاه لا تغني عن صاحبها شيئًا؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [المؤمنون: 101]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ".

وقد قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، قَالَ: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ- أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاس بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا".

الرابعة: كلما كنت لله أتقى كنت عنده أكرم؛ فالتقوى درجات، والمنازل عند الله درجات.

الخامسة: أن النبي هو أكرم الخلق عند الله وأعلاهم منزلةً؛ لأنه أتقى الخلق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَوَاللَّهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً"؛ لذا جعل الله له المنزلة العليا في الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: "سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.10 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.75%)]