عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28-05-2025, 12:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: قصَّة موسى في القرآن الكريم

16-قصَّة موسى في القرآن الكريم


بقلم : مجـْـد مكَّي



حوار فرعون قبل الإتيان بالمعجزة
-16-
فكَّر فرعون في مضمون الرسالة وتدبَّره ملياً، وعلم أنها تعني ذهاب إلهيَّته، وضياع حكمه وسلطانه الذي بذل في سبيله الجهد الجهيد... وهي تعني أيضا تجريده من مصدر الخدمة الرخيص للدولة، وهم بنو إسرائيل مع موسى...
وتثور ثائرته على هذه الدعوة، ويبدأ الهجوم على موسى هجوماً يدل على خبث الطغاة، ومعرفتهم لأبعاد الدعوة... ولكنَّ الكبرياء والهوى هو الذي صرفهم عن الاتباع...فبدأ بالطعن في أهليَّة موسى وأخلاقه، ثم طعن في مضمون رسالته ، وحاول استدراجه إلى معارك جانبيَّة، واتهمه بالجنون ، وهدده بالسجن. وكل ذلك وقع قبل إتيان موسى بالمعجزة .

1 ـ الطعن في أهليَّته وأخلاقه:
قال تعالى حكاية عن فرعون: [قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ(18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الكَافِرِينَ(19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ(20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ المُرْسَلِينَ(21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ(22)]. {الشعراء}

قال فرعون لموسى: ألم نُرَبِّك ضمْن أسرتنا الملكيَّة كأحد أولادنا، منذ كنت وليداً حتى صرت رجلاً مكتملاً، أو لم تُقِمْ في رعايتنا سنين من عُمرك؟ أو لم ترتكب جريمة قتل المصريِّ انتصاراً لرجلٍ من قومك الإسرائيليين، وأنتَ من الجاحدينَ لنعمتي وحقِّ تربيتي؟! وفررت هارباً؟!، فكيف بمن لا يعرف الجميل لأهله ويقتل الناس أن يكون رسولاً أو صاحب رسالة.

قال موسى عليه السلام رداً على اتهام فرعون له بقتل القبطي:
أولاً: وَكَزْتُ القبْطي حينئذ، وأنا من الجاهلين بأنَّ ذلك يؤدِّي إلى قتله، لأنَّ فعل الوكزة كان على وَجْه التأديب لا على وجه القتل.
فَهَرَبتُ منكم إلى «مَدْيَن» حين خِفْت أن تقتلوني بما فعلت من غير عَمْد، فأنا أعلم أنكم لا تحقون حقاً، ولا تقيمون عدلاً، وإلا فما بالكم ثارت ثائرتكم لقتلي فرداً واحد وكان قتله خطأ، وأنتم قد قتلتم المئات، بل كدتم أن تبيدوا شعباً كاملاً ذبحاً واستعباداً، ومع ذلك لم تتحرَّك فيكم عاطفة، ولم يتحرَّك فيكم عاقل أو شفيع يشفع لهم ويطالب بمعاقبة الجناة.

ثانياً: إن صاحب الأمر والمحاسب هو الله تعالى، ولست أنت يا فرعون، وقد استغفرته، ودعوته فاستجاب لي، وقبل توبتي، فَوَهَب لي ربي العلم والفهم، وجعلني نبياً من المرسلين. فإرسال الرسل أمر خاص بالله تعالى، يهبه لمن يشاء من عباده، وقد وهبني ذلك وجعلني من المرسلين، فالرسالة ليست مسألة اكتسابيَّة، ولكنها هبة من الله سبحانه يجعلها فيمن يشاء من عباده.
ورداً على تربيتهم له صغيراً، وعلى استغرابهم على أن يكون رسولا ًوهو الذي عاش بينهم حتى بلغ أشدَّه قال: [وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ(22)]
أي: وتلك التربية في بيتك نعمةٌ تفضَّلت بها عليَّ، أنْ اتَّخذتَ بني إسرائيل لك عبيداً، فجعلتَ تقتل الأبناء من المواليد، وتسْتحيي البنات فلا تقتلهنَّ لتُسخِّرهُنَّ في الخدمة متى صِرْن نساءً قادرات على الخدمة، ولولا رغبة أهلك في أن أنفعهم أو أن يتَّخذوني ولداً لهم لذبحتموني مع سائر مَنْ ذبحتم من مواليد بني إسرائيل، أفهذه تصلح لأن تكون نعمةً تمُنُّها عليَّ؟!.

فتربيتي عندك في الصغر لا تطعن في رسالتي، وليس هذا كفراناً لنعمتك عليَّ، فأنت ما أحسنت تربيتي بقدر ما أسأت إلى بني إسرائيل، أحسنت إلى رجل واحد، واستعبدت أمة كاملة.

دُهش فرعون لفصاحة موسى عليه السلام، وحُسن بيانه، وقوَّة حجَّته في الردِّ على شبهاته، وأحسَّ أنه لن ينتصر على موسى... وبهذا تهاوى السلاح الأول الذي شهره فرعون في وجه موسى وهو سلاح تشويه السمعة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.62%)]