
10-05-2025, 02:30 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الخامس
الحلقة (349)
صـ 475 إلى صـ 484
فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم معشر [1] المهاجرين رهط وقد دفت دافة [2] من قومكم، [فإذا هم] [3] يريدون أن يختزلونا [4] من أصلنا وأن يحضنونا [5] من الأمر، فلما سكت أردت [6] أن أتكلم، وكنت زورت [7] مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحد، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك [8] . فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر، فكان هو أحلم مني وأوقر. والله، ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها، حتى سكت. فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف [9] هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب
(1) ح، ر، ي، ب: معاشر.
(2) قال ابن حجر: "وقد دفت دافة من قومكم، بالدال المهملة والفاء: أي عدد قليل، وأصله من الدف، وهو السير البطيء في جماعة" .
(3) فإذا هم: في (ب) والبخاري فقط.
(4) قال ابن حجر: "يختزلونا: بخاء معجمة وزاي: أي يقتطعونا عن الأمر وينفردوا به دوننا، وقال أبو زيد: خزلته عن حاجته: عوقته عنها، والمراد هنا بالأصل: ما يستحقونه من الأمر" .
(5) ح، ر، ي: أن يجتثونا، والكلمة غير منقوطة في (ن) ، (م) ، قال ابن حجر: "وأن يحضنونا بحاء مهملة وضاء معجمة، وقع في رواية المستملي: أي يخرجونا، قاله أبو عبيد، وهو كما يقال: حضنه واحتضنه عن الأمر: أخرجه في ناحية عنه واستبد به أو حبسه عنه."
(6) ح، ر، ي، ن: وأردت.
(7) قال ابن حجر: "قد زورت، بزاي ثم راء: أي هيأت وحسنت، وفي رواية مالك: رويت من الروية ضد البديهة" .
(8) قال ابن حجر: على رسلك: بكسر الراء وسكون المهملة ويجوز الفتح أي: على مهلك بفتحتين.
(9) ن، ح، ر، ي: ولن نعرف.
نسبا ودارا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أيهما شئتم. فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا. فلم أكره مما قال غيرها، كان والله، أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم إلا أن تسول لي [1] نفسي عند الموت شيئا لا أجده [2] الآن. فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب [3] ، منا أمير، ومنكم أمير يا معشر قريش، فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر. فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعته [4] الأنصار، ونزونا [5] على سعد بن عبادة، فقال قائل [منهم] [6] : قتلتم سعد بن عبادة. فقلت: قتل الله سعد بن عبادة. قال عمر: وإنا والله
(1) البخاري: إلي، "وفي قراءة: لي" .
(2) ر: إلا أجده.
(3) في هامش (ر) ، (ح) كتب ما يلي: (قاله (ح) : القائل هو) ، الحباب بن منذر، ذكره أحمد (ر: الإمام أحمد) ، في المسند، وفي هامش (ي) : "وذكر الإمام أحمد في مسنده أنه الحباب بن المنذر" ، وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في شرح الحديث: "الجذيل تصغير جذل، بكسر الجيم وسكون الذال، وهو العود الذي ينصب للإبل الجربى لتحتك به، وهو تصغير تعظيم، أي أنا ممن يستشفى برأيه، كما تستشفى الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود، وقيل: أراد أنه شديد البأس صلب المكسر، العذيق: تصغير العذق، بفتح العين وسكون الذال، وهو النخلة، وهو تصغير تعظيم أيضا، المرجب: من الترجيب، وهو أن تعمد النخلة الكريمة ببناء من حجارة أو خشب إذا خيف عليها لطولها وكثرة حملها أن تقع."
(4) ح، ر، ي، ن: ثم بايعه.
(5) قال ابن حجر: "ونزونا: بنون وزاي مفتوحة أي: وثبنا" .
(6) منهم: في (ب) والبخاري فقط.
ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا، فإما بايعناهم [1] على ما لا نرضى [2] ، وإما أن نخالفهم [3] فيكون فساد، فمن بايع رجلا على غير [4] مشورة من المسلمين فلا يتابع [5] هو ولا الذي [6] بايعه تغرة أن يقتلا "[7] قال مالك [8] : وأخبرني ابن شهاب عن عروة بن الزبير: أن الرجلين اللذين لقياهما [9] . عويمر [10] (ط. المعارف 1/327. بن ساعدة ومعن بن عدي - وهما ممن شهد بدرا [11] - قال ابن شهاب: وأخبرني سعيد بن المسيب: أن"
(1) ح، ر: فإما أن نبايعهم، ي: فإما أن نبايعهم بايعناهم.
(2) ت: على ما لا يرضى الله.
(3) البخاري: وإما نخالفهم.
(4) ح، ب: رجلا من غير، رجلا غير.
(5) ح، ي، ن: فلا يبايع.
(6) ح، ب: هو والذي.
(7) جاء هذا الحديث في البخاري في المواضع التي أشرت إليها، وجاءت قطعة من هذا الحديث الطويل عن عبد الله بن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم في مسلم 3/1317 (كتاب الحدود باب رجم الثيب في الزنا) ، سنن أبي داود 4/203 - 204 (كتاب الحدود، باب في الرجم) ، سنن الترمذي 2/422 - 443 (كتاب الحدود، باب ما جاء في تحقيق الرجم) ، سنن ابن ماجه 2/853 (كتاب الحدود باب الرجم) ، الموطأ 2/823 (كتاب الحدود باب ما جاء في الرجم) ، المسند (ط. المعارف) 1/323 - 327 وجاء الحديث في المسند مطولا وقال الشيخ أحمد شاكر في شرحه للحديث: "وكان هذا الحديث في سنة 23 قبيل مقتل عمر" .
(8) وهو مالك بن أنس راوي الحديث وإن لم يورده في الموطأ كاملا بل أورد قطعة مختصرة منه، والزيادة التالية في المسند "ط. المعارف" 1/327
(9) ي: اللذين لقياهما
(10) عويمر كذا في المسند وفي جميع النسخ: عويم
(11) عبارة "وهما ممن شهد بدرا" إيضاح من ابن تيمية: وليست في "المسند" ولا في (م) .
الذي قال: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب: الحباب بن المنذر.
وفي صحيح البخاري [1] عن عائشة - رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات، وأبو بكر بالسنح [2] فقام عمر يقول: والله، ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال [3] : "وقال عمر: والله ما كان يقع في قلبي [4] إلا ذاك - وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر [- رضي الله عنه -] [5] فكشف عن رسول - صلى الله عليه وسلم - [فقبله] [6] فقال [7] : بأبي وأمي [8] ، طبت حيا وميتا، والذي نفسي بيده، لا يذيقك الله الموتتين أبدا، ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك. فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله أبو بكر، وأثنى عليه، وقال [9] : ألا من كان يعبد محمدا [10] فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقال الله تعالى [11] : {إنك ميت وإنهم ميتون} "
(1) ن، م: مسلم، والحديث في البخاري 5/6 - 7 (كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب لو كنت متخذا خليلا) .
(2) في البخاري بعد ذلك: قال إسماعيل: بالعالية، وقال ابن حجر فتح الباري 7/29 "تقدم ضبطه في أول الجنائز وأنه بسكون النون، وضبطه أبو عبيد البكري بضمها، وقال: إنه منازل بني الحارث من الخزرج بالعوالي، وبينه وبين المسجد النبوي ميل" .
(3) في البخاري: قالت.
(4) البخاري: في نفسي.
(5) رضي الله عنه: زيادة في (ن) ، (م) ، (ح) ، (ب) ، (ي) .
(6) فقبله: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) البخاري: قال.
(8) البخاري بأبي أنت وأمي.
(9) ح، ب: فقال.
(10) البخاري: محمدا صلى الله عليه وسلم.
(11) ن: وقال الله، البخاري: وقال.
[سورة الزمر: 30] ، وقال: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين} [سورة آل عمران: 144] قال: فنشج الناس يبكون، واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منا أمير، ومنكم أمير، فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله، ما أردت بذلك إلا أني هيأت كلاما قد أعجبني، خشيت أن لا يبلغه أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس، فقال في كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء، فقال حباب بن المنذر: لا والله، لا نفعل منا أمير، ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا. ولكنا الأمراء، وأنتم الوزراء. هم أوسط العرب دارا، وأعربهم [1] أحسابا، فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح، فقال عمر: بل نبايعك أنت. فأنت سيدنا وخيرنا، وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ عمر بيده فبايعه، وبايعه الناس. فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة [2] . فقال عمر: قتله الله [3] "."
وفي صحيح البخاري عن عائشة في هذه القصة قالت [4] : "ما كان [5] من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها، لقد خوف عمر الناس، وإن فيهم"
(1) ن، م، ب: وأرفعهم.
(2) ر، ح، ي: قتلتم سعدا، ب: قتلتم والله سعدا.
(3) جاء خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري في عدة أحاديث في: 2/71 \ 72 كتاب الجنائز، باب الدخول على الميت. .)
(4) البخاري 5/7 بعد الحديث السابق مباشرة.
(5) البخاري: فما كانت.
لنفاقا، فردهم الله بذلك، ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى، وعرفهم الحق الذي عليهم "."
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك [1] : أنه سمع خطبة عمر الآخرة [2] حين جلس على المنبر، وذلك الغد من يوم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتشهد وأبو بكر صامت لا يتكلم، قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يدبرنا، يريد بذلك أن يكون آخرهم ; فإن يكن [3] محمد [4] قد مات فإن الله [5] قد جعل بين أظهركم [6] نورا تهتدون به، به هدى الله محمدا [7] ، وإن أبا بكر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثاني اثنين، وإنه [8] أولى المسلمين بأموركم، فقوموا فبايعوه، وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة، وكانت بيعة [9] العامة على المنبر "."
وعنه [10] : "قال: سمعت [11] عمر يقول لأبي بكر يومئذ: اصعد المنبر، فلم يزل به حتى صعد [المنبر] [12] فبايعه الناس عامة" .
(1) البخاري 9/81 (كتاب الأحكام باب الاستخلاف) .
(2) ح، ر، ب، ي: الأخيرة.
(3) البخاري: فإن يك.
(4) م، ح، ر: محمدا.
(5) البخاري: فإن الله تعالى.
(6) ر، ي: قد جعل لكم بين أظهركم.
(7) البخاري: محمدا صلى الله عليه وسلم.
(8) البخاري: فإنه "وفي قراءة، وإنه" .
(9) ب (فقط) : بيعته.
(10) في: البخاري 9/81 (الحديث التالي مباشرة) .
(11) البخاري: قال الزهري عن أنس بن مالك: سمعت.
(12) المنبر: ساقطة من (ن) ، (م) .
وفي طريق [1] أخرى لهذه الخطبة [2] : "أما بعد فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم، وهذا الكتاب الذي [3] هدى الله به رسوله [4] ، فخذوا به تهتدوا، لما هدى الله [5] به رسوله - صلى الله عليه وسلم - [6]" .
[كلام الرافضي على أبي بكر رضي الله عنه عند الاحتضار والرد عليه]
(فصل) [7]
قال الرافضي [8] : "وقال أبو بكر عند موته: ليتني كنت سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل للأنصار في هذا الأمر حق، وهذا يدل على أنه في شك من إمامته ولم تقع صوابا" .
والجواب: أن هذا كذب [9] على أبي بكر - رضي الله عنه -، وهو لم يذكر له إسنادا، ومعلوم أن من احتج في أي مسألة كانت بشيء من النقل، فلا بد أن يذكر إسنادا تقوم به الحجة، فكيف بمن يطعن في السابقين الأولين بمجرد حكاية لا إسناد لها؟
ثم يقال: هذا يقدح فيما تدعونه [10] من النص على علي، فإنه لو كان قد
(1) ن: طريقة.
(2) في: البخاري 9/91 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، أول الكتاب) ، والحديث عن أنس رضي الله عنه أنه سمع عمر.
(3) ح، ب: وهذا كتاب الله الذي.
(4) البخاري: رسولكم.
(5) البخاري: وإنما هدى الله (وفي قراءة أخرى: لما هدى الله. .) .
(6) صلى الله عليه وسلم: ليست في البخاري.
(7) ي: الفصل السابع عشر، وسقطت كلمة فصل من (ح) ، (ر) .
(8) في (ك) ص 133 (م) .
(9) ح: كذاب.
(10) ن، م: يدعوه.
نص على علي لم يكن للأنصار فيه حق، ولم يكن في ذلك شك.
(فصل) [1]
قال الرافضي [2] : "وقال عند احتضاره: ليت أمي لم تلدني! يا ليتني [3] كنت تبنة في لبنة، مع أنهم [قد] [4] نقلوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" «ما من محتضر يحتضر إلا ويرى مقعده من الجنة والنار» [5] "."
والجواب: أن تكلمه بهذا عند الموت غير معروف، بل هو باطل بلا ريب، بل الثابت عنه أنه لما احتضر، وتمثلت عنده عائشة بقول الشاعر:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فكشف عن وجهه، وقال: ليس كذلك، ولكن قولي: {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد} [سورة ق: 19] .
(1) ي: الفصل الثامن عشر، وسقطت كلمة "فصل" من (ن) ، (م) ، (ر) ، (ح) .
(2) في (ك) ص 133 (م) .
(3) ح، ب: ليتني.
(4) قد: ليست في (ك) .
(5) ك: أو النار، ولم أجد حديثا بهذا اللفظ، ولكني وجدت حديثا بمعناه ونصه في البخاري 2/99 \ 100 (كتاب الجنائز، باب الميت يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي) ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة) . وتكرر الحديث في البخاري 4/117 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة) 8/107 (كتاب الرقاق باب سكرات الموت) ، والحديث أيضا في مسلم 4/2199 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه. .)
ولكن نقل عنه أنه قال في صحته: ليت أمي لم تلدني! ونحو هذا قاله خوفا - إن صح النقل عنه. ومثل هذا الكلام منقول عن جماعة أنهم قالوه خوفا وهيبة من أهوال يوم القيامة، حتى قال بعضهم: لو خيرت بين أن أحاسب وأدخل الجنة، وبين أن أصير ترابا، لاخترت أن أصير ترابا. وروى الإمام أحمد عن أبي ذر أنه قال: والله لوددت أني شجرة تعضد، وقد روى أبو نعيم في "حلية الأولياء" [1] قال: حدثنا سليمان بن أحمد [2] ، حدثنا محمد بن علي الصائغ، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو معاوية، حدثنا السري بن يحيى. قال [3] : قال عبد الله بن مسعود: "لو وقفت بين الجنة والنار، فقيل لي: اختر في أيهما تكون، أو تكون رمادا، لاخترت أن أكون رمادا" [4] .
وروى الإمام أحمد بن حنبل [5] : حدثنا يحيى بن سعيد، عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق قال: قال رجل عند عبد الله بن مسعود: ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين، أكون من المقربين أحب إلي. فقال عبد الله بن مسعود: لكن هاهنا رجل ود أنه إذا مات لم يبعث، يعني نفسه.
والكلام في مثل هذا [6] : هل هو مشروع أم لا؟ له موضع آخر. لكن
(1) ح، ر، ب، ي: في الحلية، وهذا الأثر في "حلية الأولياء" 1/133
(2) ح، ر، ي: حدثنا سلمان بن أحمد، والمثبت هو ما في "الحلية" .
(3) في "الحلية" ، بن يحيى عن الحسن قال.
(4) الحلية اختر نخيرك من أيهما تكون أحب إليك أو تكون رمادا لأحببت أن أكون رمادا
(5) بن حنبل: ساقطة من (ح) .
(6) ح، ر، ي: في مثل هذا الكلام.
الكلام الصادر عن خوف العبد من الله يدل على إيمانه بالله، وقد غفر الله لمن خافه حين أمر أهله بتحريقه وتذرية نصفه في البر ونصفه في البحر، مع أنه لم يعمل خيرا قط. وقال: «والله، لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين ; فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه. وقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: من خشيتك يا رب، فغفر له» ، أخرجاه في الصحيحين [1] .
فإذا كان مع شكه في القدرة والمعاد، إذا فعل ذلك غفر له بخوفه من الله، علم أن الخوف من الله من أعظم أسباب المغفرة للأمور الحقيقية، إذا قدر أنها ذنوب.
(فصل) [2]
قال الرافضي [3] : "وقال أبو بكر: ليتني في ظلة بني ساعدة ضربت بيدي على يد [4] أحد الرجلين، فكان [5] هو الأمير، وكنت"
(1) الحديث بألفاظ مقاربة عن أبي هريرة رضي الله عنه في البخاري 9/145 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: يريدون أن يبدلوا كلام الله) مسلم 4/2109 - 2110 (كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله تعالى) ، وجاءت أحاديث فيها نفس الخبر مع اختلاف في الألفاظ عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم في البخاري 4/176 (كتاب الأنبياء الباب الأخير: حدثنا أبو اليمان) عن أبي هريرة وأبي سعيد 8/101 (كتاب الرقاق باب الخوف من الله) ، عن حذيفة وأبي سعيد، مسلم 4/2110، 2111 (كتاب التوبة، باب في سعة رحمة الله) حديث 25، 27 والحديث أيضا في سنن ابن ماجه 2/1421 (كتاب الزهد باب ذكر التوبة) ، المسند (ط. الحلبي) 3/77 - 78، 5/4، 383، 407 - 408
(2) سقطت كلمة "فصل" من (ح) ، (ر) ، وفي (ي) الفصل التاسع عشر.
(3) في (ك) ص 133 (م)
(4) يد ساقطة من (ح) .
(5) ك: وكان.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|