
10-05-2025, 01:39 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,415
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الخامس
الحلقة (327)
صـ 255 إلى صـ 264
نسب إلى أنه مخطئ وغرضه فاسد، طلبت نفسه الانتصار لنفسه، وأتاه الشيطان، فكان مبدأ عمله لله، ثم صار له هوى يطلب به أن ينتصر على من آذاه، وربما اعتدى على ذلك المؤذي.
وهكذا يصيب أصحاب المقالات المختلفة، إذا كان كل منهم يعتقد أن الحق معه، وأنه على السنة ; فإن أكثرهم قد صار لهم في ذلك هوى أن ينتصر جاههم أو رياستهم وما نسب إليهم، لا يقصدون أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن يكون الدين كله لله، بل يغضبون على من خالفهم، وإن كان مجتهدا معذورا لا يغضب الله عليه، ويرضون عمن يوافقهم [1] ، وإن كان جاهلا سيئ القصد، ليس له علم ولا حسن قصد، فيفضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله. ويذموا من لم يذمه الله ورسوله. وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم لا على دين الله ورسوله.
وهذا حال الكفار الذين لا يطلبون إلا أهواءهم، ويقولون: هذا صديقنا وهذا عدونا، وبلغة المغل: هذا بال، هذا باغ، لا ينظرون إلى موالاة الله ورسوله، ومعاداة الله ورسوله.
ومن هنا تنشأ الفتن بين الناس. قال الله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} [سورة الأنفال: 39] ، فإذا لم يكن الدين كله لله وكانت فتنة.
وأصل الدين أن يكون الحب لله، والبغض لله، والموالاة لله، والمعاداة لله، والعبادة لله، والاستعانة بالله، والخوف من الله، والرجاء
(1) ح، ب: عمن كان يوافقهم ; و: عمن وافقهم.
لله، والإعطاء لله، والمنع لله. وهذا إنما يكون بمتابعة رسول الله، الذي أمره أمر الله، ونهيه نهي الله، ومعاداته معاداة الله، وطاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله.
وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه، فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك، ولا يطلبه، ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله، بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه، ويكون مع ذلك معه شبهة دين: أن الذي يرضى له ويغضب له أنه [1] السنة، وهو الحق، وهو الدين، فإذا قدر أن الذي معه هو الحق المحض دين الإسلام، ولم يكن قصده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، بل قصد الحمية لنفسه وطائفته أو الرياء، ليعظم هو ويثنى عليه، أو فعل ذلك شجاعة وطبعا، أو لغرض من الدنيا لم يكن لله، ولم يكن مجاهدا في سبيل الله. فكيف إذا كان الذي يدعي الحق والسنة هو كنظيره، معه حق وباطل، وسنة وبدعة، ومع خصمه حق وباطل، وسنة وبدعة؟ .
وهذا حال المختلفين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، وكفر بعضهم بعضا، وفسق بعضهم بعضا. ولهذا قال تعالى فيهم: {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة - وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [سورة البينة: 4 - 5] .
وقال تعالى: {كان الناس أمة واحدة} [سورة البقرة: 213] ، يعني:
(1) ح، ب، و، ر، أ: هو.
فاختلفوا، كما في سورة يونس، وكذلك في قراءة بعض الصحابة. وهذا على قراءة الجمهور من الصحابة والتابعين: أنهم كانوا على دين الإسلام. وفي تفسير ابن عطية عن ابن عباس: أنهم كانوا على الكفر [1] . وهذا ليس بشيء. وتفسير ابن عطية عن ابن عباس ليس بثابت عن ابن عباس، بل قد ثبت عنه أنه قال: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام.
وقد قال في سورة يونس: {وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا} [سورة يونس: 19] فذمهم على الاختلاف بعد أن كانوا على دين واحد، فعلم أنه كان حقا.
والاختلاف في كتاب الله على وجهين: أحدهما: أن يكون كله مذموما، كقوله: {وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد} [سورة البقرة: 176] .
والثاني: أن يكون بعضهم على الحق وبعضهم على الباطل، كقوله: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}
(1) انظر "تفسير ابن كثير" (ط. الشعب) للآية 1/364 - 365 وفيه: ". . عن قتادة في قوله (كان الناس أمة واحدة) ، قال: كانوا على الهدى جميعا، (فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين) فكان أول نبي بعث نوحا، وهكذا قال مجاهد، كما قال ابن عباس أولا، وقال العوفي، عن ابن عباس: (كان الناس أمة واحدة) يقول: كانوا كفارا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، والقول الأول عن ابن عباس أصح سندا ومعنى، لأن الناس كانوا على ملة آدم - عليه السلام -، حتى عبدوا الأصنام، فبعث الله إليه نوحا - عليه السلام -، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض."
[سورة البقرة: 253] . لكن إذا أطلق الاختلاف فالجميع مذموم كقوله: {ولا يزالون مختلفين - إلا من رحم ربك ولذلك} خلقهم [سورة هود: 118 - 119] . وقول النبي - صلى الله عليه وسلم: "«إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم»" . [1]
ولهذا فسروا الاختلاف في هذا الموضع بأنه كله مذموم. قال الفراء: في اختلافهم وجهان: أحدهما: كفر بعضهم بكتاب بعض، والثاني: تبديل ما بدلوا. وهو كما قال ; فإن المختلفين كل منهم يكون معه حق وباطل، فيكفر بالحق الذي مع الآخر، ويصدق بالباطل الذي معه، وهو تبديل ما بدل.
فالاختلاف لا بد أن يجمع النوعين. ولهذا ذكر كل من السلف أنواعا [2] من هذا: أحدها: الاختلاف في اليوم الذي يكون فيه الاجتماع، فاليوم الذي أمروا به يوم [3] الجمعة، فعدلت عنه الطائفتان ; فهذه أخذت السبت، وهذه أخذت الأحد.
وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من"
(1) سبق هذا الحديث فيما مضى 4/534
(2) أنواعا: كذا في (ب) فقط، وفي سائر النسخ نوعا.
(3) يوم: زيادة في (أ) ، (ب) .
بعدهم، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له، الناس لنا فيه تبع، اليوم لنا، وغدا لليهود، وبعد غد للنصارى» "[1] ."
وهذا الحديث يطابق قوله تعالى: {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه} [سورة البقرة: 203] .
وفي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا قام من الليل يصلي يقول: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلفوا فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم»" [2]
والحديث الأول يبين أن الله - تعالى - هدى المؤمنين لغير ما كان فيه المختلفون ; فلا كانوا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، وهو مما يبين أن الاختلاف كله مذموم.
والنوع الثاني: القبلة. فمنهم من يصلي إلى المشرق، ومنهم من يصلي إلى المغرب. وكلاهما مذموم لم يشرعه الله.
والثالث: إبراهيم. قالت اليهود كان يهوديا، وقالت النصارى كان
(1) جاء هذا الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفي بعض رواياته هذه الزيادة: "حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما يغسل فيه رأسه وجسده" الحديث وهو في: البخاري 2/2، 6 كتاب الجمعة، باب فرض الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم، 4/177 كتاب الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، مسلم 2/585 - 586 كتاب الجمعة، باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة، المسند ط. المعارف الأرقام 7213، 7308، 7395، 8484، 10537 وجاء الحديث في سنن النسائي أيضا.
(2) سبق هذا الحديث فيما مضى 1/19
نصرانيا. وكلاهما كان من الاختلاف المذموم: {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين} [سورة آل عمران: 67] .
والرابع: عيسى. جعلته اليهود لغية [1] ، وجعلته النصارى إلها.
والخامس: الكتب المنزلة. آمن هؤلاء ببعض، وهؤلاء ببعض.
والسادس: الدين. أخذ هؤلاء بدين، وهؤلاء بدين. ومن هذا الباب قوله تعالى: {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء} [سورة البقرة: 113] . وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أنه قال: اختصمت يهود المدينة ونصارى نجران عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت اليهود: ليست النصارى على شيء، ولا يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، وكفروا بالإنجيل وعيسى. وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء، وكفروا بالتوراة وموسى، فأنزل الله هذه الآية والتي قبلها» [2] .
واختلاف أهل البدع هو من هذا النمط ; فالخارجي يقول: ليس الشيعي على شيء. والشيعي يقول: ليس الخارجي على شيء. والقدري النافي يقول: ليس المثبت على شيء. والقدري الجبري المثبت يقول: ليس النافي على شيء. والوعيدية تقول: ليست المرجئة على شيء. والمرجئة تقول: ليست الوعيدية على شيء.
بل ويوجد شيء من هذا بين أهل المذاهب الأصولية والفروعية
(1) ح: ابن بغية، ر: بغية.
(2) انظر تفسير الآية في تفسير ابن كثير 1/223 - 224؛ زاد المسير 1/133
المنتسبين إلى السنة. فالكلابي يقول: ليس الكرامي على شيء. والكرامي يقول: ليس الكلابي على شيء. والأشعري يقول: ليس السالمي على شيء. والسالمي يقول: ليس الأشعري على شيء.
ويصنف [1] السالمي كأبي علي الأهوازي كتابا في مثالب الأشعري [2] ويصنف [3] الأشعري كابن عساكر كتابا يناقض ذلك من كل وجه، وذكر فيه مثالب السالمية [4] .
وكذلك أهل المذاهب الأربعة وغيرها، لا سيما وكثير منهم قد تلبس ببعض المقالات الأصولية، وخلط هذا بهذا فالحنبلي والشافعي والمالكي يخلط بمذهب مالك والشافعي وأحمد شيئا من أصول الأشعرية والسالمية وغير ذلك. ويضيفه إلى مذهب مالك والشافعي وأحمد. وكذلك الحنفي يخلط بمذاهب أبي حنيفة شيئا من أصول المعتزلة والكرامية والكلابية، ويضيفه إلى مذهب أبي حنيفة.
وهذا من جنس الرفض والتشيع، لكنه تشيع في تفضيل بعض الطوائف والعلماء، لا تشيع في تفضيل بعض الصحابة.
والواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله
(1) ح، ب: وصنف.
(2) ذكر هذا الكتاب سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ص [0 - 9] 6 ومؤلفه هو أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي المتوفى سنة 446، وذكر سزكين أنه توجد نسخة خطية منه في الظاهرية بدمشق.
(3) ب فقط: وصنف.
(4) وهو كتاب تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي المتوفى سنة 571، وطبع الكتاب بدمشق عام 1347.
وأن محمدا رسول الله أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له وطاعة رسوله، يدور على ذلك، ويتبعه أين وجده، ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة، فلا ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما، إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا لطائفة انتصارا مطلقا عاما، إلا للصحابة - رضي الله عنهم أجمعين. فإن الهدى يدور مع الرسول حيث دار، ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيره حيث داروا ; فإذا أجمعوا لم يجمعوا [1] على خطأ قط، بخلاف أصحاب عالم من العلماء، فإنهم قد يجمعون [2] على خطأ، بل كل قول قالوه ولم يقله غيرهم من الأمة [3] لا يكون إلا خطأ ; فإن الدين الذي بعث الله به رسوله [4] ليس مسلما إلى عالم واحد وأصحابه، ولو كان كذلك لكان ذلك الشخص نظيرا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو شبيه بقول الرافضة في الإمام المعصوم.
ولا بد أن يكون الصحابة والتابعون يعرفون ذلك الحق الذي بعث الله [5] به الرسول، قبل وجود المتبوعين الذين تنسب إليهم المذاهب في الأصول والفروع، ويمتنع أن يكون هؤلاء جاءوا بحق يخالف ما جاء به الرسول، فإن كل ما خالف الرسول فهو باطل، ويمتنع أن يكون أحدهم علم من جهة الرسول ما يخالف الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فإن أولئك لم يجتمعوا على ضلالة، فلابد أن يكون قوله - إن
(1) ح، ب: اجتمعوا لم يجتمعوا، ر: أجمعوا لم يجتمعوا.
(2) ح، ر، و، أ، ب: يجتمعون.
(3) ب فقط: من الأئمة.
(4) ن، م: رسله.
(5) الله: في (ح) ، (ب) فقط
كان حقا - مأخوذا عما جاء به الرسول، موجودا فيمن قبله، وكل قول قيل في دين الإسلام، مخالف لما مضى عليه الصحابة والتابعون، لم يقله أحد منهم بل قالوا خلافه، فإنه قول باطل.
والمقصود هنا أن الله - تعالى - ذكر أن المختلفين جاءتهم البينة، وجاءهم العلم، وإنما اختلفوا بغيا. ولهذا ذمهم الله وعاقبهم ; فإنهم لم يكونوا مجتهدين مخطئين [1] ، بل كانوا قاصدين البغي، عالمين بالحق، [معرضين عن القول وعن العمل به] [2] .
ونظير هذا قوله: {إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم} [سورة آل عمران: 19] قال الزجاج: اختلفوا للبغي لا لقصد البرهان.
وقال - تعالى: {ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} [سورة يونس: 93] .
وقال - تعالى: {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين - وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم - إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون - ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون - إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين - هذا بصائر للناس وهدى ورحمة} [سورة الجاثية: 16 - 20] .
(1) ن: مخلصين.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (و) ، (أ) .
فهذه المواضع من القرآن تبين أن المختلفين ما اختلفوا حتى جاءهم العلم والبينات، فاختلفوا للبغي والظلم، لا لأجل اشتباه الحق بالباطل عليهم. وهذا حال أهل الاختلاف المذموم من أهل الأهواء كلهم ; لا يختلفون إلا من بعد أن يظهر لهم [1] الحق ; ويجيئهم، العلم [2] فيبغي بعضهم على بعض. ثم المختلفون المذمومون كل منهم يبغي على الآخر، فيكذب بما معه من الحق، مع علمه أنه حق، ويصدق بما مع نفسه من الباطل، مع العلم [3] أنه باطل.
وهؤلاء كلهم مذمومون. ولهذا كان أهل الاختلاف المطلق [4] كلهم مذمومين في الكتاب والسنة ; فإنه ما منهم إلا من خالف حقا واتبع باطلا. ولهذا أمر الله الرسل أن تدعو إلى دين واحد، وهو دين الإسلام، ولا يتفرقوا فيه، وهو دين الأولين والآخرين من الرسل وأتباعهم.
قال تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه} [سورة الشورى: 13] .
وقال في الآية الأخرى: {ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم - وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون - فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون} [سورة المؤمنون: 51 - 53]
(1) لهم: زيادة في (ح) ، (ب) .
(2) العلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: مع علمه.
(4) المطلق: ساقطة من (ن) .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|