عرض مشاركة واحدة
  #321  
قديم 09-05-2025, 04:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,386
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الخامس
الحلقة (321)
صـ 195 إلى صـ 204






فقد أخبر أن هذا التذكير والوسواس من الشيطان، وأنه ينسيه حتى لا يدري كم صلى، وأمره بسجدتي السهو، ولم يؤثمه بذلك. والوسواس الخفيف لا يبطل الصلاة باتفاق العلماء. وأما إذا كان هو الأغلب، فقيل: عليه الإعادة، وهو اختيار أبي عبد الله بن حامد. والصحيح الذي عليه الجمهور، وهو المنصوص عن أحمد وغيره، أنه لا إعادة عليه. فإن حديث أبي هريرة عام مطلق في كل وسواس، ولم يأمر [1] بالإعادة، لكن ينقص أجره بقدر ذلك.
قال ابن عباس: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها. وفي السنن عن عمار بن ياسر أنه صلى صلاة فخففها، فقيل له في ذلك، فقال: هل نقصت منها شيئا؟ قالوا: لا. قال: فإني بدرت الوسواس، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "«إن الرجل لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا عشرها، إلا تسعها، إلا ثمنها، حتى قال: إلا نصفها»" [2] .
وهذا الحديث حجة على ابن حامد ; فإن أدنى ما ذكر نصفها، وقد ذكر أنه يكتب له عشرها. وأداء الواجب له مقصودان: أحدهما: براءة الذمة، بحيث يندفع عنه الذم والعقاب المستحق بالترك، فهذا لا تجب معه الإعادة، فإن الإعادة يبقى مقصودها حصول ثواب مجرد، وهو شأن
(1)
ب فقط: ولم يؤمر.

(2)
الحديث عن عمار بن ياسر رضي الله عنه في: سنن أبي داود 1/294 كتاب الصلاة باب ما جاء في نقصان الصلاة، ولفظه: (إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها) وحسن الألباني الحديث في صحيح الجامع الصغير 2/65






التطوعات، لكن حصول الحسنات الماحية للسيئات [1] لا يكون إلا مع القبول الذي عليه الثواب، فبقدر ما يكتب له من الثواب يكفر عنه به [2] من السيئات الماضية، وما لا ثواب فيه لا يكفر وإن برئت به الذمة.
كما في الحديث المأثور: "«رب صائم ليس حظه من صيامه إلا الجوع والعطش [3] ، ورب قائم حظه من قيامه السهر»" [4] يقول: إنه تعب ولم يحصل له منفعة، لكن برئت ذمته [5] ، فسلم من العقاب فكان على حاله لم يزدد بذلك خيرا.
والصوم إنما شرع لتحصيل التقوى، كما قال تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات} [سورة البقرة: 183 - 184] .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم: "«الصيام [6] جنة، فإذا كان أحدكم"
(1)
ن، م، أ: السيئات، و: بالسيئات.

(2)
به: ساقطة من (ن) ، (م) ، وفي (و) : به عنه.

(3)
إلا الجوع والعطش: كذا في (ب) فقط، وفي (و) : حظه من صيامه العطش، وفي سائر النسخ: إلا العطش.

(4)
الحديث: مع اختلاف في اللفظ، عن أبي هريرة رضي الله عنه في: سنن ابن ماجه 1/539 كتاب الصيام، باب ما جاء في الغيبة والرفث للصائم، وجاء الحديث فيه بلفظ (رب صائم ليس له من صيامه. . . إلخ، وهو في: سنن الدارمي 2/301 كتاب الرقاق باب في المحافظة على الصوم، ولفظه: كم من صائم وجاء الحديث في المسند ط. المعارف 17/35 وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح 18/204 وصححه أيضا، وصحح الألباني الحديث بروايتين له في صحيح الجامع الصغير 3/174)

(5)
ح، ب: لكن ذمته برئت وإن برئت ذمته.

(6)
ح، ب: الصوم.






صائما فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم» ". وفيها ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره. قيل: يقول [1] في نفسه فلا يرد عليه. وقيل: يقول [2] بلسانه. وقيل: يفرق بين الفرض فيقول [3] بلسانه والنفل يقول في نفسه ; فإن صوم الفرض مشترك، والنفل يخاف عليه من الرياء. والصحيح أنه يقول [4] بلسانه، كما دل عليه الحديث ; فإن القول المطلق لا يكون إلا باللسان، وأما ما [5] في النفس فمقيد، كقوله:" «عما حدثت به أنفسها» "ثم قال:" «ما لم تتكلم أو تعمل به» "فالكلام المطلق إنما هو الكلام المسموع. وإذا قال بلسانه: إني [6] صائم بين عذره في إمساكه عن الرد، وكان أزجر لمن بدأه بالعدوان."
وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»" [7] . بين [8]
(1)
هذا جزء من حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 3/24 - 25 كتاب الصوم، باب فضل الصوم، 9/143 كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: يريدون أن يبدلوا كلام الله، مسلم 2/806 - 807 كتاب الصيام، باب فضل الصيام، سنن أبي داود 2/412 كتاب الصوم، باب الغيبة للصائم، وجاء الحديث مع اختلاف الألفاظ، في باقي كتب السنن الأربعة وسنن الدارمي والموطأ والمسند في مواضع كثيرة.

(2)
ح، ب: يقوله.

(3)
ح، ب، ر: فيقوله.

(4)
ح، ب: يقوله.

(5)
ما: ساقطة من (ن) ، (م) .

(6)
ن، م: أنا.

(7)
الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 3/26 كتاب الصوم باب من لم يدع قول الزور، 8/17 - 18 كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: (واجتنبوا قول الزور) سنن أبي داود 2/412 كتاب الصوم باب الغيبة للصائم، والحديث في سنن الترمذي وابن ماجه والمسند.

(8)
ح، ب، ر، ي: فبين.





-
صلى الله عليه وسلم - أن الله تعالى لم يحرم على الصائم الأكل لحاجته إلى ترك الطعام والشراب، كما يحرم السيد على عبيده بعض ماله، بل المقصود محبة الله تعالى، وهو حصول التقوى، فإذا لم يأت به فقد أتى بما ليس فيه محبة ورضا، فلا يثاب عليه، ولكن لا يعاقب [1] عقوبة التارك.

والحسنات المقبولة تكفر السيئات، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح [2] : "«الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»" [3] ولو كفر الجميع بالخمس [4] لم يحتج إلى الجمعة، لكن التكفير بالحسنات المقبولة. وغالب الناس لا يكتب له من الصلاة إلا بعضها، فيكفر ذلك بقدره، والباقي يحتاج إلى تكفير.
ولهذا جاء من غير وجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "«أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من أعماله الصلاة ; فإن أكملت وإلا قيل: انظروا هل له من تطوع؟ فإن كان له تطوع أكملت به [5] الفريضة، ثم يصنع في سائر الأعمال [6] كذلك»" [7] .
(1)
ب فقط: ولكن لا يعاقب عليه.

(2)
ن، م: في الصحيح.

(3)
الحديث مع اختلاف في الألفاظ، عن أبي هريرة رضي الله عنه في: مسلم 1/209 كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس، سنن الترمذي 1/138 كتاب الصلاة باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس، وقال الترمذي: وفي الباب عن جابر وأنس وحنظلة الأسيدي، حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.

(4)
أ: بالجنس.

(5)
و: كملت به.

(6)
أ: الأفعال، ح، ب: أعماله.

(7)
الحديث مع اختلاف في الألفاظ، عن أبي هريرة رضي الله عنه في: سنن الترمذي 1/258 - 259 كتاب الصلاة، باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، وأوله: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الحديث، وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي هريرة، والحديث في سنن أبي داود 1/317 كتاب الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: كل صلاة لا يتمها صاحبها، سنن النسائي 1/187 - 189 كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، سنن ابن ماجه 1/458 كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد الصلاة، المسند ط. المعارف 15/19 - 26 وقال أحمد شاكر رحمه الله: وإسناده صحيح، وتكلم على الحديث، والحديث في المسند في مواضع أخرى كثيرة.





وتكميل الفرائض [1] بالتطوع مطلق، فإنه يكون يوم القيامة يوم الجزاء، فإنه إذا ترك بعض الواجبات استحق العقوبة، فإذا كان له من جنسه [2] تطوع سد مسده فلا يعاقب، وإن [3] كان ثوابه ناقصا وله تطوع سد مسده فكمل ثوابه. وهو في الدنيا يؤمر بأن يعيد حيث تمكن إعادة ما فعله [4] ناقصا من الواجبات [5] ، أو يجبره بما ينجبر به، كسجدتي السهو في الصلاة، وكالدم الجابر لما تركه من واجبات الحج، ومثل صدقة الفطر التي فرضت طهرة للصائم من اللغو والرفث. وذلك لأنه إذا أمكنه [6] أن يأتي بالواجب كان ذلك عليه، ولم يكن قد برئ من عهدته، بل هو مطلوب به [7] . كما لو لم يفعله، بخلاف ما إذا تعذر فعله يوم [8] الجزاء ; فإنه لم يبق هناك إلا الحسنات.
ولهذا كان جمهور العلماء على أن من ترك واجبا من واجبات الصلاة
(1)
ن، م: الفرض.

(2)
أ: من حسنة.

(3)
ن: فإن.

(4)
ر، ي: إلا ما فعله.

(5)
ن، م، و، ي، ر: ناقص الواجبات.

(6)
ر، ح، ي: إذا أمكن.

(7)
ن: مطلوب منه به.

(8)
و: ليوم.





عمدا فعليه إعادة الصلاة ما دام يمكن فعلها، وهو إعادتها في الوقت. هذا مذهب مالك والشافعي وأحمد، لكن مالك وأحمد يقولان: قد يجب فيها ما يسقط بالسهو، ويكون سجود السهو عوضا عنه، وسجود السهو واجب عندهما. وأما الشافعي فيقول: كل ما وجب بطلت الصلاة بتركه عمدا أو سهوا. وسجود السهو عنده [1] ليس بواجب ; فإن ما صحت الصلاة مع السهو عنه [2] لم يكن واجبا ولا مبطلا. والأكثرون يوجبون سجود السهو، كمالك وأبي حنيفة وأحمد، ويقولون: قد أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - والأمر يقتضي الإيجاب، ويقولون: الزيادة في الصلاة لو فعلها عمدا بطلت الصلاة بالاتفاق، مثل أن يزيد ركعة خامسة عمدا، أو يسلم عمدا قبل إكمال الصلاة، ثم إذا فعله سهوا سجد للسهو بالسنة والإجماع.
فهذا سجود لما تصح الصلاة مع سهوة دون عمده. وكذلك ما نقصه منها ; فإن السجود يكون للزيادة تارة وللنقص أخرى، كسجود النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ترك التشهد الأول، ولو فعل ذلك أحد عمدا بطلت صلاته عند مالك وأحمد. وأما أبو حنيفة فيوجب (* في الصلاة ما لا تبطل بتركه [3] لا [4] عمدا ولا سهوا، ويقول: هو مسيء بتركه، كالطمأنينة وقراءة الفاتحة.
(1)
ن، م، ر، ح، و، ي: عندهم.

(2)
ن، م: عن السهو عنه، وهو تحريف.

(3)
و: ما لا يبطل تركه.

(4)
لا: ساقطة من (ن) ، (م) .





وهذا مما نازعه فيه الأكثرون، وقالوا: من ترك الواجب عمدا فعليه الإعادة الممكنة، لأنه لم يفعل ما أمر به، وهو قادر على فعله، فلا يسقط عنه.
وقد أخرجا [1] في الصحيحين حديث المسيء في صلاته، لما قال له النبي - صلى الله عليه وسلم *) [2] : "«ارجع فصل ; فإنك لم تصل»" وأمره بالصلاة التي فيها طمأنينة [3] ، فدل هذا الحديث الصحيح على أن من ترك الواجب لم يكن ما فعله صلاة، بل يؤمر بالصلاة. والشارع - صلى الله عليه وسلم - [4] لا ينفي الاسم إلا لانتفاء بعض واجباته، فقوله: "«فإنك [5] لم تصل»" لأنه ترك بعض واجباتها ولم تكن صلاته تامة مقامة الإقامة المأمور بها في قوله تعالى: {فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة} [سورة النساء: 103] فقد أمر بإتمامها.
ولهذا لما أمر بإتمام الحج والعمرة بقوله: {وأتموا الحج والعمرة لله}
(1)
ن، م، ر: وقد أخرجاه.

(2)
ما بين النجمتين ساقط من (أ) .

(3)
الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو حديث مطول أوله عبارة: ارجع فصل فإنك لم تصل. في البخاري 8/135 - 136 كتاب الأيمان والنذور، باب إذا حنث ناسيا في الأيمان، مسلم 1/298 كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، سنن الترمذي 1/185 - 187 كتاب الصلاة، باب ما جاء في وصف الصلاة، والحديث فيها عن رفاعة بن رافع وعن أبي هريرة، سنن النسائي 2، 96 كتاب الافتتاح باب فرض التكبيرة الأولى، سنن ابن ماجه 1/336 - 337 كتاب إقامة الصلاة، باب إتمام الصلاة.

(4)
صلى الله عليه وسلم: زيادة في (ح) ، (ب) .

(5)
ر، ح، ب: إنك، ن: لأنك.





[سورة البقرة: 196] ألزم [1] الشارع فيهما فعل جميع الواجبات، فإذا [2] ترك بعضها فلا بد من الجبران. فعلم أنه إن لم يأت [3] بالمأمور به تاما التمام الواجب [4] وإلا فعليه ما يمكن من إعادة أو جبران.
وكذلك أمر الذي رآه يصلي خلف الصف وحده أن يعيد. وقال: "«لا صلاة لفذ خلف الصف»" [5] . وقد صححه أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وابن حزم وغيرهم من علماء الحديث.
فإن قيل: ففي حديث المسيء الذي رواه أهل السنن من حديث
(1)
ألزم: كذا في (ح) ، (ب) ، وفي سائر النسخ: لزم.

(2)
فإذا: كذا في (أ) ، (ب) ، وفي سائر النسخ: وإذا.

(3)
إن: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ي) ، وفي (و) : من لم يأت.

(4)
ح، ب: المأمور به بإتمام الواجب.

(5)
لم أجد الحديث بهذا اللفظ ولكن جاء الحديث عن علي بن شيبان رضي الله عنه في سنن ابن ماجه 1/320 كتاب إقامة الصلاة، باب صلاة الرجل خلف الصف وحده ولفظه: خرجنا حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا خلفه، ثم صلينا وراءه صلاة أخرى، فقضى الصلاة، فرأى رجلا فردا يصلي خلف الصف، قال: فوقف عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف، قال: استقبل صلاتك، لا صلاة للذي خلف الصف، وجاء في التعليق في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. والحديث في المسند ط. الحلبي 4/23 موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان، ص 116 حديث رقم 401، 402 ط. السلفية، وصحح الألباني الحديث في صحيح الجامع الصغير 1/322 وفي إرواء الغليل 2/328 - 329 وتكلم طويلا على صلاة المنفرد خلف الصف 2/323 - 330 وتكلم على حديث وابصة بن معبد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد، وهو في سنن أبي داود والترمذي والمسند.





رفاعة بن رافع أنه جعل ما تركه [1] من ذلك يؤاخذ بتركه [2] فقط، ويحسب له ما فعل، ولا يكون كمن لم يصل.
قيل: وكذلك نقول [3] : من فعلها وترك بعض واجباتها لم يكن بمنزلة من لم يأت بشيء منها، بل يثاب على ما فعل، ويعاقب على ما ترك، وإنما يؤمر بالإعادة لدفع عقوبة ما ترك، وترك الواجب سبب للعقاب، فإذا [4] كان يعاقب على ترك البعض لزمه أن يفعلها، فإن كان له جبران أو أمكن فعله وحده، وإلا فعله مع غيره، فإنه لا يمكن فعله مفردا.
فإن قيل: فإذا [5] لم يكن فعله مفردا طاعة لم يثب عليه أولا.
قيل: هو أولا فعله ولم يكن يعلم أنه لا يجوز، أو كان ساهيا، كالذي يصلي بلا وضوء، أو يسهو عن القراءة والسجود المفروض، فيثاب على ما فعل، ولا يعاقب بنسيانه وخطئه، لكن يؤمر بالإعادة، لأنه لم يفعل ما أمر به أولا، كالنائم إذا استيقظ في الوقت، فإنه يؤمر بالصلاة لأنها واجبة عليه في وقتها إذا أمكن، وإلا صلاها أي وقت (* استيقظ ; فإنه حينئذ يؤمر بها. وأما إذا أمر بالإعادة، فقد علم أنه لا يجوز فعل ذلك *) [6] مفردا [7] ، فلا يؤمر به مفردا [8] .
(1)
ن، م، ر، ي، و: ما ترك، ح: من ترك.

(2)
أ: بما يتركه، و: بما تركه.

(3)
ن، م، و، أ: يقول.

(4)
ب فقط: فإن.

(5)
ن، م: فإن.

(6)
ما بين النجمتين ساقط من أ.

(7)
ح، ب: منفردا.

(8)
ح، ب: منفردا.





فإن قيل: فلو تعمد أن يفعلها مع ترك الواجبات التي يعلم وجوبها.
قيل: هذا مستحق للعقاب ; فإنه عاص بهذا الفعل، وهذا قد يكون إثمه كإثم التارك. وإن قدر أن هذا قد [1] يثاب، فإنه لا يثاب عليه [2] ثواب من فعله مع غيره كما أمر به، بل أكثر ما يقال: إن له عليه ثوابا بحسبه [3] ، لكن الذي يعرف أنه إذا لم يكن يعرف أن هذا واجب أو منهي عنه فإنه يثاب على ما فعله. قال الله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} [سورة الزلزلة: 7 - 8] .
والقرآن وذكر الله ودعاؤه خير. وإلا فالمسلم لا يصلي إلى غير قبلة، أو بغير وضوء أو ركوع أو سجود، ومن فعل ذلك كان مستحقا للذم والعقاب. ومع هذا فقد يمكن إذا فعل ذلك مع (* اعترافه بأنه مذنب لا على طريق [4] الاستهانة [5] والاستهزاء والاستخفاف، بل على طريق الكسل، أن يثاب على ما فعله، كمن ترك واجبات الحج المجبورة بدم، لكن لا يكون ثوابه كما إذا فعل ذلك مع *) [6] غيره على الوجه المأمور به.
وبهذا يتبين الجواب عن شبهة أهل البدع من الخوارج والمرجئة وغيرهم، ممن يقول: إن الإيمان لا يتبعض ولا يتفاضل ولا ينقص. قالوا: لأنه إذا ذهب منه جزء ذهب كله، لأن الشيء المركب من أجزاء
(1)
قد: ساقطة من (ح) ، (ب) .

(2)
عليه: زيادة في (أ) ، (ب) .

(3)
ن، م، أ، ي: يحسبه.

(4)
طريق: ساقطة من (ن) ، (م) .

(5)
الاستهانة: ساقطة من (ن) .

(6)
: ما بين النجمتين ساقط من (أ)







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.38%)]