عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 03-05-2025, 05:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب ادب التعامل الحيوانات والدواب
شرح سنن أبي داود [306]
الحلقة (338)





شرح سنن أبي داود [306]

هنا مسائل وأحكام وآداب متفرقة لها علاقة بالجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، ومن هذه المسائل: استخدام الرايات وألوانها المرغوبة، والاعتناء بالضعفاء لأنهم سبب الرزق والنصر، واستخدام الشعار في الحرب ليعرف الصديق من العدو، والاهتمام بالنبل والسيوف في أماكن التجمعات حتى لا تؤذي المسلمين بنصالها وحدّها، ونحو ذلك من المسائل والآداب.

ما جاء في السيف يحلى


شرح حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله فضة)


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في السيف يحلى. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا جرير بن حازم حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: (كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في السيف يحلى، يعني: هل يحلى أو لا يحلى؟ وهو أن توضع فيه زينة كأن يكون فيه فضة أو ذهب، والسيف لا يحلى بالذهب، ولكن تحليته بالفضة تجوز إذا كانت التحلية يسيرة. وأورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه قال: (كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة) والقبيعة: هي التي بجوار مقبض السيف، ولعله الشيء الذي يفصل بين الحد وبين المقبض، بحيث يكون فيه شيء نافع يميز ويفصل بين المقبض وبين حد السيف، فهذه المنطقة يقال لها قبيعة، فيكون هذا المقدار من السيف محلى بالفضة، فدل ذلك على جواز مثل ذلك، وأن التحلية بالفضة لا بأس بها بحيث تكون يسيرة.

تراجم رجال إسناد حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله فضة)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا جرير بن حازم ]. جرير بن حازم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي مر ذكره. [ عن أنس بن مالك ]. رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من الأسانيد العالية عند أبي داود التي يكون فيها بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص. ورواية جرير بن حازم عن قتادة يقول الحافظ في التقريب: ثقة، في حديثه عن قتادة ضعف. لكن الأسانيد التي ستأتي بعده يقوي بعضها بعضاً.

شرح حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله فضة) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن قال: (كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة) قال قتادة، وما علمت أحداً تابعه على ذلك ]. أورد أبو داود هذا الإسناد وهو مرسل لأنه من رواية سعيد بن أبي الحسن أخي الحسن البصري وأسند ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعي إذا أسند إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يقال له: حديث مرسل، وهو من قبيل المنقطع، لكن هذه الرواية والرواية السابقة يشهد بعضها لبعض، يعني: الحديث الأول متصل وفيه كلام، وهذا منقطع وهو صحيح، فبعضها يشهد لبعض.

تراجم رجال إسناد حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله فضة) من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى عن معاذ بن هشام ]. معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: حدثني أبي ]. هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن ]. قتادة مر ذكره، و سعيد بن أبي الحسن أخو الحسن البصري واسمه: الحسن بن أبي الحسن ، وهذا سعيد بن أبي الحسن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال قتادة : وما علمت أحداً تابعه على ذلك ]. يحتمل أن يكون هذا من قول قتادة ويكون المراد به سعيد بن أبي الحسن ، ولكن قيل: إن المقصود أن الذي قال هذا هو أبو داود نفسه، أي: قال أبو داود في رواية قتادة : وما علمت أن أحداً تابعه أي: تابع جرير بن حازم في الرواية عن قتادة. قالوا: لأن هذه العبارة ما كان يستعملها المتقدمون وإنما يستعملها المتأخرون. لكن بعض أهل العلم قال: يحتمل أن يكون هذا القول قول قتادة ، ومرجع الضمير في قوله: (تابعه) أي: تابع سعيد بن أبي الحسن ، لكن الأقرب: أن هذا من قول أبي داود، وأن الصيغة فيها اختصار، وأنه قال أبو داود في رواية قتادة: وما علمت أحداً تابعه، فيكون الضمير رجعاً إلى جرير بن حازم في روايته عن قتادة . وفيما يتعلق برواية جرير عن قتادة فيها شيء. قال النسائي : هذا حديث منكر والصواب قتادة عن سعيد . وقال الترمذي : حديث حسن غريب، وهكذا روي عن همام عن قتادة عن أنس ، وقد روى بعضهم عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن . وأما قول النسائي : والصواب عن قتادة عن سعيد فإنه صوب المرسل، أي: أن ذاك متصل وهذا مرسل وهو صوب المرسل. والأحاديث كلها يضم بعضها إلى بعض، والألباني قال: إن الحديث صحيح لغيره، يعني: أن هذه الروايات بعضها يشهد لبعض، فلا تنافي بينها من حيث النتيجة والغاية.

شرح حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله من فضة) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار حدثني يحيى بن كثير أبو غسان العنبري عن عثمان بن سعد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت.. فذكر مثله. قال أبو داود : أقواها حديث سعيد بن أبي الحسن والباقية ضعاف ]. أبو داود قوى مثل الذي قوى النسائي ، وهي الطريق الوسطى التي هي مرسلة، ولكن هذه الضعاف هي بمعنى المرسلة، وكلها تتعلق بقبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان من فضة فيكون بعضها شاهداً لبعض، ويقوي بعضها بعضاً.

تراجم رجال إسناد حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله من فضة) من طريق ثالثة


قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ]. محمد بن بشار هو الملقب بندار البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني يحيى بن كثير أبو غسان العنبري ]. يحيى بن كثير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عثمان بن سعد ]. عثمان بن سعد ، وهو ضعيف، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه قد مر ذكره. وهذا سند رباعي.
ما جاء في النبل يدخل به المسجد


شرح حديث الأمر بإمساك نصال النبل في المسجد


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في النبل يدخل به المسجد. حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه أمر رجلاً كان يتصدق بالنبل في المسجد ألا يمر بها إلا وهو آخذ بنصولها) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في النبل يدخل به المسجد. والمقصود من الترجمة جواز مثل ذلك بالنسبة للمساجد، وأنه سواء كان في المسجد أو في الأماكن التي يجتمع فيها الناس يحذر من أن يجرح أحداً أو يكون عرضة لأن يحصل لأحد إيذاء به، فيمسك بنصال النبال بحيث يؤمن من ضررها. وقد أورد أبو داود حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمر رجلاً كان يتصدق بالنبل في المسجد ألا يمر بها إلا وهو آخذ بنصولها).

تراجم رجال إسناد حديث الأمر بإمساك نصال النبل في المسجد


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير ]. أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر رضي الله عنه، وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد أيضاً من الرباعيات عند أبي داود .

شرح حديث الأمر بإمساك نصال النبل من طريق ثانية وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها، أو قال: فليقبض كفه، أو قال: فليقبض بكفه أن تصيب أحداً من المسلمين) ]. أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري ، وهو بمعنى الحديث الأول إلا أن فيه زيادة الأسواق مع المساجد. قوله: [ (إذا مر أحدكم في مسجدنا) ]. ليس المقصود مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة، وإنما المقصود مساجد المؤمنين التي فيها الاجتماع، فمسجدنا أو سوقنا يعني: الأماكن التي فيها اجتماع الناس، فيمسك بنصالها لئلا تصيب أحداً من الناس عن طريق الخطأ. قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو أسامة ]. وهو: حماد بن أسامة البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بريد ]. بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وهو ثقة يخطئ قليلاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بردة ]. أبو بردة هو جده؛ لأنه بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وهو يروي عن جده أبي بردة ، وهو أبو بردة بن أبي موسى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي موسى ]. وهو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا الحديث فيه رواية حفيد عن جد وابن عن أب، رواية حفيد عن جد وهو بريد يروي عن جده أبي بردة ، و أبو بردة يروي عن أبيه أبي موسى .
جواز إدخال السلاح المسجد

والنبل: هي السهام التي كانوا يرمون بها، وقد كانت هي السلاح عندهم. والحديث فيه دليل على جواز إدخال السلاح المسجد، إذا لم يحصل منه مضرة في ذلك.
ما جاء في النهي أن يتعاطى السيف مسلولاً


شرح حديث (نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولاً. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولاً يعني: يعطي شخص الثاني، وذلك لأنه إذا كان مسلولاً لا يؤمن أن يحصل عن طريق الخطأ أن يجرح أحدهما أو يسقط على رجله ما دام أنه مسلول، ولكنه إذا كان مغمداً يؤمن من وراء أن يباشر حده الأجسام، فيتعاطى السيف مغمداً بحيث إنه لو مس بشره لا يؤثر فيه. وقد أورد أبو داود حديث جابر : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً). يعني: وإنما يتعاطى مغمداً؛ وذلك من أجل السلامة من حصول الضرر بسببه.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. وهو ابن سلمة ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الزبير عن جابر ]. أبو الزبير و جابر قد مر ذكرهما. وهذا سند رباعي.
الأسئلة



حكم إلحاق السكين بالسيف في المناولة


السؤال: هل تقاس السكين بالسيف في ألا تناول إلا مغمدة؟



الجواب: السكين كما هو معلوم ليست مغمدة دائماً، ولكنه إذا طلبها منه أحد فيناوله المقبض ولا يناوله حدها، وإنما يمسك المقبض ويناوله، والسكين ليست ثقيلة مثل السيف فأمرها أخف من حيث الثقل، فإذا كان لها غمد فإنه يناسب أن تكون مغمدة، لاسيما إذا كانت من السكاكين التي يعتنى بها لحدتها، وكونها تغمد ويحافظ عليها، أما إذا كانت من السكاكين العادية البسيطة فيمكن للإنسان أن يناول الآخر، ولكنه لا يعطي الحد لصاحبه.

ما جاء في النهي أن يقد السير بين إصبعين


شرح حديث (نهى أن يقد السير بين إصبعين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النهي أن يقد السير بين إصبعين. حدثنا محمد بن بشار حدثنا قريش بن أنس حدثنا أشعث عن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقد السير بين أصبعين) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب النهي أن يقد السير بين إصبعين. والسير: هو القطعة التي تستخرج من الجلد، بحيث إنه يقد من الجلد سيور، فهذا في كيفية القد، أنه لا يكون القد بين إصبعين؛ لأنه قد تنزل السكين التي يقد بها على الأصابع أو على اليد فتجرحها بحدها، وهذا المقصود منه المحافظة على النفس، وعدم التساهل في استعمال السلاح بحيث إنه قد يؤدي إلى أن يجرح الإنسان نفسه، فيكون من جنس ما تقدم من الأحاديث، فإذا قده بين إصبعين فمعناه أنه قد يزل الحد إلى الإصبع، لكن إذا كان معه شخص يمسك ثم يقد فإنه ينتفي المحذور، وإذا كان وحده يمكن أنه يمسك طرفاً ويقد، أما كونه يقد بين إصبعين فإنه قد يعرض نفسه لجرح أصابعه بتلك السكين التي يقد بها. والسير: هو القطعة الدقيقة التي تؤخذ من الجلود، بحيث يكون مثل الحبل يحزم به ويربط به. وهو نفس السير الذي في النعال، كذلك هذه السيور كانت تتخذ فيما مضى في استخراج الماء؛ لأنهم يقدون الجلد حتى يصير سيراً، فيربطون به الغرب، فيكون مكوناً من رشا في أعلاه، وسير في أسفله من الجلد، فكل ذلك سواء كان للنعل أو لاستخراج الماء أو لرباط أربطة أو أي شيء؛ كل هذا يقال له سيور.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى أن يقد السير بين إصبعين)


قوله: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا قريش بن أنس ]. محمد بن بشار مر ذكره. وقريش بن أنس صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا أشعث ]. أشعث بن عبد الملك الحمراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن الحسن عن سمرة بن جندب ]. الحسن بن أبي الحسن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و سمرة بن جندب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة ، ورواية الحسن عن سمرة لم يثبت منها إلا حديث العقيقة، وأما غيره ففيه خلاف، فقيل: لا يصح إلا إذا جاءت له شواهد ومتابعات، و الألباني ضعفه؛ لأنه ما جاء إلا من هذه الطريق وليس له شواهد. والذي مر معنا من النهي أن يقد السير، والنهي أن يتعاطى السيف مسلولاً، والنهي إذا مر الإنسان بالنبل وهو غير قابض على نصولها الأصل فيها التحريم، ومعلوم أن سد الذرائع من قواعد الشريعة، وهذا كله من سد الذرائع.

ما جاء في لبس الدروع


شرح حديث (أن رسول الله ظاهر يوم أحد بين درعين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبس الدروع. حدثنا مسدد حدثنا سفيان قال: حسبت أني سمعت يزيد بن خصيفة يذكر عن السائب بن يزيد رضي الله عنه عن رجل قد سماه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحد بين درعين، أو لبس درعين) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في لبس الدروع. والدروع: هي التي تتقى بها السهام، بحيث إذا جاء السهم لا يضرب في الجلد وفي الجسم بل يضرب في الدرع الذي يعتبر وقاية للجسم، فلبس الدروع سائغ، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك لبس المغفر على الرأس ليقيه السهام والسيوف، فالدروع تلبس على الأجسام أو على الصدور من أجل أن تمنع السهام أن تنفذ إلى الأجسام. أورد أبو داود حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد سماه السائب ، والسائب صحابي صغير. قوله: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر...) ]. يعني: لبس اثنين، من المظاهرة والتظاهر: وهو التعاون والتساعد، ومعناه: أن هذا صار مع هذا، فصارا شيئين اثنين، فصار الثاني يقوي الأول، فهو إما أنه ظاهر بمعنى: أنه لبسهما وجعل واحداً مساعداً للثاني وإما أنه لبسهما بحيث جعل أحدهما فوق الثاني.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله ظاهر يوم أحد بين درعين)


قوله: [ حدثنا مسدد عن سفيان ]. سفيان هو: ابن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: حسبت أني سمعت يزيد بن خصيفة ]. وهذا فيه شك في السماع، و يزيد بن خصيفة ، ثقة، أخرج له صحاب الكتب الستة، وهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة فهو منسوب إلى جده. [ عن السائب بن يزيد ]. السائب بن يزيد ، وهو صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل قد سماه ]. وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك؛ لأن الصحابة يروون عن الصحابة.
أهمية التوكل وبذل الأسباب

وفي هذا الحديث اتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم الدروع، ولبسه إياها دليل على أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سيد المتوكلين، وقد لبس الدروع وأخذ بالأسباب، كما أنه لبس المغفر على رأسه عام الفتح، فدخل مكة وعلى رأسه المغفر، فهو عليه الصلاة والسلام سيد المتوكلين، وقد أخذ بالأسباب، فالأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، وإنما الذي ينافي التوكل أن يعتمد الإنسان على الأسباب ويغفل عن مسبب الأسباب، فهذا هو الذي يؤثر. أما إذا أخذ بالأسباب واعتمد على الله، وعلم أن كل شيء بقضاء الله، فإن ذلك لا ينافي التوكل، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى هذا كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، وهنا قوله: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، فيه الإرشاد إلى الأمرين وهما: الأخذ بالأسباب، والتعويل على مسبب الأسباب، فإنه قوله: (احرص على ما ينفعك) أخذ بالأسباب المشروعة، ومع أخذه بالأسباب لا يعتمد على الأسباب ويغفل عن الله، بل عليه أن يسأل الله عز وجل ويستعين به، ويسأله أن يحقق له ما يريد. فإذاً: الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سيد المتوكلين، وقد لبس الدروع ولبس المغفر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.54%)]