الموضوع: الصالون الأدبي
عرض مشاركة واحدة
  #34  
قديم 30-03-2025, 04:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الصالون الأدبي

الصالون الأدبي (مع عُقَاب العربية.. الأستاذ محمود محمد شاكر) (34)



كتبه/ ساري مراجع الصنقري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فيَتجدَّدُ اللِّقاءُ مع سيرةٍ حافلةٍ بصفحاتٍ ناصعةٍ، صاحبُها لنا -فِي محرابِ العِلْمِ- إشعاعٌ وإشراق، نَتحلَّقُ حول مُصنَّفاتِه، ونَختلِفُ إلى مجلسِ آثارِه، فنستمتعُ بعُمقِ فِكرِه، وأصالةِ عِلمِه، ورجاحةِ عقلِه.
فيُكْمِلُ العُقابُ حكايتَه مع "تَذَوُّقِ الشِّعْرِ"، فيقول: "وأَظُنُّ -أيُّها العزيزُ- أنَّك مستطيعٌ أن تجدَ الفَرقَ بين هذَين النَّعتَين لِلشِّعْرِ الجاهليِّ ظاهرًا علانيةً، وأنّ أولهما عليه وسمٌ بادٍ يَلُوحُ، يَدُلُّ على أنّه نعتٌ مِن أثرِ "التَّذَوُّقِ المَحضِ والإحساسِ المُجرَّدِ" -كما قلتُ آنفًا-، وأنّ هذا "التَّذَوُّقَ" يومئذٍ كان تَذَوُّقًا ساذَجًا بلا منهجٍ، كالذي هو ناشبٌ في الألسنةِ وأقلامِ الكُتّابِ المُحدثين، وأنّ ثانيهما عليه سمةٌ واضحةٌ تَدُلُّ على أنّه نعتٌ مِن أثرِ "التَّذَوُّقِ" أيضًا، ولكنّه تَذَوُّقٌ له معنًى آخَرُ غير المعنى المألوف، وأنّه "تَذَوُّقٌ" قائمٌ على منهجٍ مَرسُومٍ، له أسلوبٌ آخَرُ في استبطانِ الأحرفِ والكلماتِ والجُملِ والتَّراكيبِ والمعاني، ثُمَّ في استِدراجِها ومُمازحتِها ومُلاطفتِها ومُداورتِها حتَّى تَبُوحَ لنا بدخائلِ مُنشِئِيها ومُخبَّآتِ صُدورِهم، بل حتَّى تَكشِفَ اللِّثامَ عن صُوَرِهم ومَلامحِهم ومَعارفِ وجوهِهم سافِرةً بلا نقابٍ؛ أَظُنُّهُ فَرقًا ظاهرًا بين نعتَين، في زمنَين مُتَباعِدَين، لِكُلِّ زمنٍ منهما طبيعةٌ تُمَيِّزُهُ عن الزَّمَنِ الآخَرِ؛ أليس كذلك؟!
ولِمُجَرَّدِ الحذرِ ممّا يخاف على الحديث إذا هو اختلف سياقُه وتباعدت أطرافُه، فيصبح عندئذٍ مُهدّدًا بأن تخفي أسباب التَّشابك بين معانيه، أو مُتوعّدًا بأن تتهتّك أو تسقط بعض الرَّوابط الجامعة بين أوصالِه فيتفكّك أو ينتشر، أُحِبُّ أن أختصرَ لك مُجملَ حديثي في نظامٍ واحدٍ، مُتداني الأطرافِ محذوف الفُضُول.
فهذه القُوَّةُ المُركَّبةُ الكامنةُ في بناءِ الإنسانِ -والتي سمَّيتُها "القُدرة على البيان"- مُندمجةٌ اندماجًا لا انفصامَ له في حلقةٍ مُفرغةٍ مُكوَّنة منها ومِن العقلِ والنَّفْسِ والقلبِ، ولها في هذه الحلقةِ عَملانِ مُتداخِلانِ لا ينفصلانِ، هما: "الإبانةُ" و"الاستبانةُ"؛ و"الإبانةُ" هي قُدرتُها على إنشاءِ "الكلامِ" وتركيبِه -بليغًا كان أو غيرَ بليغٍ-، و"الاستبانةُ" هي قُدرتُها على تفليةِ "الكلامِ" وجَسِّهِ والتَّدَسُّسِ في طواياه وحين تتلقّاه من خارج -بليغًا كان "الكلامُ" أو غيرَ بليغٍ-، وهذه "الاستبانةُ" بجُملتِها هي التي سمَّيتُها: (التَّذَوُّق)" (انتهى).
ونُواصِلُ الحكايةَ في المَقالِ القادمِ -إن شاء الله-.
وباللهِ التَّوفِيق.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.89%)]