
27-03-2025, 01:04 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,745
الدولة :
|
|
رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان

المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام
442الى 449
(27)
الترمذي حديث حسن صحيح وعن عمرو بن العاص قال "هذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله"
عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهى عن صيامها قال مالك هي أيام التشريق "رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم (وأما) ما ذكره المصنف عن ابن عمر وعائشة في صوم المتمتع فصحيح رواه البخاري في صحيحه ولفظه عن عائشة وابن عمر قالا" لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدى "وفى للبخاري عنهما قالا" الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة فإن لم يجد هديا ولم يصم صام أيام منى "فالرواية الأولى مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنها بمنزلة قول الصحابي أمرنا بكذا ونهينا عن كذا ورخص لنا في كذا وكل هذا وشبهه مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة قوله قال صلى الله عليه وسلم كذا وقد سبق بيان هذا في مقدمة هذا الشرح ثم في مواضع وأيام التشريق هي الثلاثة التي بعد النحر ويقال لها أيام منى لأن الحجاج يقيمون فيها بمنى واليوم (الأول) منها يقال له يوم القر بفتح القاف لأن الحجاج يقرون فيه بمنى (والثاني) يوم النفر الأول لأنه يجوز النفر فيه لمن تعجل (والثالث) يوم النفر الثاني وسميت أيام التشريق لأن الحجاج يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا أي ينشرونها ويقددونها وايام"
التشريق هم الأيام المعدودات (أما) حكم المسألة ففي صوم أيام التشريق قولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما
(أحدهما)

وهو الجديد لا يصح صومها لا لمتمتع ولا غيره هذا هو الأصح عند الأصحاب (والثاني) وهو القديم يجوز للمتمتع العادم الهدي صومها عن الأيام الثلاثة الواجبة في الحج فعلى هذا هل يجوز لغير المتمتع أن يصومها فيه وجهان مشهوران في طريقة الخراسانيين وذكرهما جماعات من العراقيين منهم القاضي أبو الطيب في المجرد والبندنيجي والمحاملي في كتابيه المجموع والتجريد وآخرون منهم (أصحهما) عند جميع الأصحاب لا يجوز وبه قطع المصنف وكثيرون أو الأكثرون لعموم الأحاديث في منع صومها وإنما رخص للمتمتع
(والثاني)
يجوز قال المحاملي في كتابيه وصاحب العدة هذا القائل بالجواز هو أبو اسحق المروزي قال أصحابنا الذين حكوا هذا الوجه إنما يجوز في هذه الأيام صوم له سبب من قضاء أو نذر أو كفارة أو تطوع له سبب (فأما) تطوع لا سبب له فلا يجوز فيها بلا خلاف كذا نقل اتفاق الأصحاب عليه القاضي أبو الطيب والمحاملي
والسرخسي وصاحب بالعدة وآخرون وأكثر القائلين قالوا هو نظير الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فإنه يصلي فيها مالها سبب دون مالا سبب لها قال السرخسي مبنى الخلاف على أن إباحتها للمتمتع للحاجة أو لكونه سببا وفيه خلاف لأصحابنا من علل بالحاجة خصه بالتمتع فلم يجوزها لغيره

ومن علل بالسبب جوز صومها عن كل صوم له سبب دون مالا سبب له قال السرخسي وعلى هذا الوجه لو نذر صومها بعينها فهو كنذر صوم يوم الشك وسبق بيانه هذا هو المشهور في المذهب أن الوجه القائل بجواز الصوم في أيام التشريق لغير المتمتع مختص بصوم له سبب ولا يصح فيها مالا سبب له بالاتفاق وقال إمام الحرمين اختلف أصحابنا في التفريع على القديم فقال بعضهم لا تقبل هذه غير صوم التمتع لضرورة تختص به وقال آخرون إنها كيوم الشك ثم ذكر متصلا به في يوم الشك أنه إن صامه بلا سبب فهو منهي عنه وفى صحته وجهان قد سبق بيان ذلك (واعلم) أن الأصح عند الأصحاب هو القول الجديد أنها لا يصح فيها صوم أصلا لا للمتمتع ولا لغيره (والارجح) في
الدليل صحتها للمتمتع وجوازها له لأن الحديث في الترخيص له صحيح كما بيناه وهو صريح في ذلك فلا عدول عنه (وأما) قول صاحب الشامل في كتاب الحج إنه حديث ضعيف فباطل مردود لأنه رواه من جهة ضعيفة وضعفه بذلك السبب والحديث صحيح ثابت في صحيح البخاري بإسناده المتصل من غير الطريق الذي ذكره صاحب الشامل وإنما ذكرت كلام صاحب الشامل لئلا يغتر به
* {فرع} في مذاهب العلماء في صوم أيام التشريق
* قد ذكرنا مذهبنا فيها وأن الجديد أنه لا يصح فيها صوم (والقديم) صحته لمتمتع لم يجد الهدي وممن قال به من السلف العلماء بامتناع صومها للمتمتع ولغيره علي بن أبي طالب وأبي حنيفة وداود وابن المنذر وهو أصح الروايتين عن أحمد وحكى ابن المنذر جواز صومها للمتمتع وغيره عن الزبير بن العوام وابن عمر وابن سيرين وقال ابن عمر وعائشة والاوزاعي ومالك واحمد واسحق في رواية عنه يجوز للمتمتع صومها
*
* قال المصنف رحمه الله
* ولا يجوز ان يصوم في رضمان غير رمضان حاضرا كان أو مسافرا فان صام عن غيره لم يصح صومه

عن رمضان لانه لم ينوه ولا يصح عما نوى لان الزمان مستحق لصوم رمضان فلا يصح فيه غيره
* {الشرح} هذه المسألة كما قالها المصنف وقد سبق بيانها مبسوطة في أوائل كتاب الصيام في مسائل النية وذكرنا هناك وجها شاذا أنه يصح فيه صوم التطوع وذكرنا بعده خلاف أبي حنيفة
*
* قال المصنف رحمه الله تعالي
* ويستحب طلب ليلة القدر لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" ويطلب ذلك في ليالى الوتر من العشر الاخير من شهر رمضان لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "التمسوها في العشر الاخير في كل وتر" قال الشافعي رحمه الله والذى يشبه أن يكون ليلة احدى وعشرين وثلاث وعشرين والدليل عليه ماروى أبو سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أريت هذه الليلة ثم أنسيها ورأيتني أسجد في صبيحتها في ماء وطين قال أبو سعيد فانصرف علينا وعلي جبهته وانفه أثر الماء والطين في صبيحة يوم إحدى وعشرين" وروى عبد الله بن انيس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أريت ليلة القدر ثم أنسيتها وأراني أسجد في ماء وطين فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن أثر الماء والطين علي جبهته" قال الشافعي ولا أحب ترك طلبها فيها كلها قال اصحابنا إذا قال لامرأته انت طالق ليلة القدر فان كان في رمضان قبل مضى ليلة من ليالى العشر حكم بالطلاق من الليلة الاخيرة من الشهر وان كان قد مضت ليلة وقع الطلاق في السنة الثانية في مثل تلك الليلة التي قال فيها ذلك والمستحب ان يقول
فيها اللهم انك عفو تجب العفو فاعف عنى لما روى "ان عائشة رضى الله عنها قالت يارسول الله ارأيت ان وافقت ليلة القدر ماذا أقول قال تقولين اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنى"
* {الشرح} حديث أبي هريرة وأبي سعيد الأول وحديثه الثاني رواها كلها البخاري ومسلم وحديث عبد الله بن أنيس رواه مسلم وهو أنيس بضيم الهمزة وحديث عائشة رواه أحمد بن حنبل والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون قال الترمذي هو حديث حسن صحيح وسيأتي فرع
مستقل في ذكر جملة من الأحاديث الصحيحة الواردة في ليلة القدر إن شاء الله تعالى ومعنى قيامها إيمانا أي تصديقا بأنها حق وطاعة واحتسابا أي طلبا لرضى الله تعالى وثوابه لا للرياء ونحوه وسبق في مسألة صوم يوم عرفة بيان الذنوب التي تغفر وبيان الأحاديث الصحيحة في ذلك الواردة فيه (أما) أحكام الفصل ففيه مسائل (إحداها) ليلة القدر ليلة فاضلة قال الله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر) إلى آخر السورة قال أصحابنا وغيرهم وهي أفضل ليالي السنة قالوا وقول الله تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر) معناه خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر قال أصحابنا لو قال لزوجته أنت طالق في أفضل ليالي السنة طلقت ليلة القدر ويكون كمن قال أنت طالق ليلة القدر كما سنوضحه إن شاء الله تعالى (الثانية) ليلة القدر مختصة بهذه الأمة زادها الله شرفا فلم تكن لمن قبلها وسميت ليلة القدر أي ليلة الحكم والفصل هذا هو الصحيح المشهور قال الماوردي وابن الصباغ وآخرون وقيل لعظم قدرها قال أصحابنا كلهم هي التى يفرق فيها كل أمر حكيم هذا هو الصواب وبه قال

جمهور العلماء وقال بعض المفسرين هي ليلة نصف شعبان وهذا خطأ لقوله تعلي (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم) وقال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر) فهذا بيان الآية الأولى ومعناه أنه يكتب للملائكة فيها ما يعمل في تلك السنة ويبين لهم ما يكون فيها من الأرزاق والآجال وغير ذلك مما سيقع في تلك السنة ويأمرهم الله تعالى بفعل ما هو من وظيفتهم وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وتقديره له وهذا الذي ذكرناه أولا من كون ليلة القدر مختصة بهذه الأمة ولم تكن لمن قبلها هو الصحيح المشهور الذي قطع به أصحابنا كلهم وجماهير العلماء وقال صاحب العدة من أصحابنا اختلف الناس هل كانت ليلة القدر للأمم السالفة قال والأصح أنها لم تكن إلا لهذه الأمة ثم استدل بالحديث المشهور في سبب نزول السورة (الثالثة) ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة ويستحب طلبها والاجتهاد في إدراكها وقد سبق في آخر الباب الذي قبل هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان "يجتهد في"
طلبها في العشر الاواخر من رمضان مالا يجتد في غيره "وأنه" كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأخير
أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر "وهذان الحديثان في الصحيحين ومذهب الشافعي وجمهور أصحابنا أنها منحصرة في العشر الأواخر من رمضان مبهمة علينا ولكنها في ليلة معينة في نفس الأمر لا تنتقل عنها ولا تزال في تلك الليلة إلى يوم القيامة وكل ليالي العشر الأواخر محتملة لها لكن ليالي الوتر أرجاها وأرجى الوتر عند الشافعي ليلة الحادي والعشرين ومال الشافعي في موضع إلى ثلاثة وعشرين وقال البندنيجي"

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|