
14-03-2025, 11:11 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,550
الدولة :
|
|
رد: المجموع شرح المهذب للنووي(كتاب الصيام)يوميا فى رمضان

المجموع شرح المهذب
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي
(المتوفى: 676هـ) فقه شافعى
كتاب الصيام
338الى 344
(14)
* قال المصنف رحمه الله
* وإن طلع الفجر وهو مجامع فاستدام مع العلم بالفجر وجبت عليه الكفارة لانه منع صوم يوم من رمضان بجماع من غير عذر فوجبت عليه الكفارة كما لو وطئ في أثناء النهار وان جامع وعنده أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو أن الشمس قد غربت ولم تكن غربت لم تجب عليه الكفارة لانه جامع وهو يعتقد انه يحل له ذلك وكفارة الصوم عقوبة تجب مع المأثم فلا تجب مع اعتقاد الاباحة كالحد وإن أكل ناسيا فظن أنه أفطر بذلك ثم جامع عامدا فالمنصوص في الصيام انه لا تجب الكفارة لانه وطئ وهو يعتقد انه غير صائم فأشبه إذا وطئ وعنده انه ليل ثم بان انه نهار وقال شيخنا القاضى أبو الطيب الطبري رحمه الله يحتمل عندي انه تجب عليه الكفارة لان الذى ظنه لا يبيح الوطئ بخلاف مالو جامع وظن أن الشمس غربت لان الذى ظن هناك يببح له الوطئ فان أفطر بالجماع وهو مريض أو مسافر لم تجب الكفارة لانه يحل له الفطر فلا تجب الكفارة مع اباحة الفطر وان أصبح المقيم صائما ثم سافر وجامع وجبت عليه الكفارة لان السفر لا يبيح له الفطر في هذا اليوم فكان وجوده كعدمه وإن أصبح الصحيح صائما ثم مرض وجامع لم تجب الكفارة لان المريض يباح له الفطر في هذا اليوم وإن جامع ثم سافر لم تسقط عنه الكفارة لان السفر لا يبيح له الفطر في يومه فلا يسقط عنه ما وجب فيه من الكفارة وإن جامع ثم مرض أو جن ففيه قولان (احدهما) لا تسقط عنه الكفارة لانه معني طرأ بعد وجوب الكفارة فلا يسقط الكفارة كالسفر
(والثانى) انه تسقط لان اليوم يرتبط بعضه ببعض فإذا خرج آخره عن ان يكون الصوم فيه مستحقا خرج أوله عن ان يكون صوما أو يكون الصوم فيه مستحقا فيكون جماعه في يوم فطر أو في يوم صوم غير مستحق فلا تجب به الكفارة
* {الشرح} في الفصل مسائل (إحداها) إذا طلع الفجر وهو مجامع فاستدام مع العلم بالفجر بطل صومه بلا خلاف كما سبق في موضعه وفي وجوب الكفارة طريقان (الصحيح) المنصوص وجوبها وبه قطع المصنف والجمهور وحكى جماعات من الخراسانيين في وجوبها قولين (المنصوص) وجوبها لما ذكره المصنف
(والثاني) لا تجب وهو مخرج مما سنذكره إن شاء الله تعالى لأنه لم يفسد بهذا الجماع صوما لأنه لم يدخل فيه قال البندنيجي وإنما وجبت الكفارة هنا على المذهب لأنه منع انعقاد الصوم لا لإفساده فإنه لم يدخل فيه قال ومن قال انعقد صومه ثم فسد فهذا غير معروف مذهبا للشافعي رحمه الله قال القاضي حسين وإمام الحرمين والبغوي وغيرهم من الخراسانيين نص الشافعي هنا على وجوب الكفارة

بالاستدامة ونص فيمن قال لزوجته إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا فوطئها واستدام أنه لا يلزمه مهر بالاستدامة قالوا واختلف أصحابنا فيهما فمنهم من نقل وخرج فجعل في المسألتين قولين (أحدهما) تجب الكفارة والمهر كما لو نزع ثم أولج (والثاني) لا يجب واحد منهما لأن أول الفعل كان مباحا وقال الجمهور وهو الصحيح المسألتان على ما نص عليه فتجب الكفارة دون المهر والفرق أن ابتداء الفعل هنا لم يتعلق به كفارة فوجبت الكفارة باستدامته لئلا يخلوا جماع في نهار رمضان عمدا عن كفارة وأما المهر فلا يجب لان أول الوطئ تعلق به المهر لأن مهر النكاح يقابل جميع الوطئات فلم يجب باستدامته مهر آخر لئلا يؤدي إلى إيجاب مهرين لشخص واحد بوطأة واحدة وهذا لا يجوز وقولنا لشخص واحد احتراز ممن وطئ زوجة أبيه أو ابنه بشبهة فإنه ينفسخ نكاح زوجها ويلزم الواطئ مهران بالوطئة الواحدة مهر للزوجة لأنه استوفى منفعة بضعها بشبهة ومهر للزوج لأنه أفسد عليه نكاحه والله أعلم
* {فرع} لو أحرم بالحج مجامعا ففيه ثلاث أوجه سأوضحها في كتاب الحج إن شاء الله تعالى
(أصحها) لا ينعقد حجه كما لا ينعقد صومه ولا صلاة من أحرم بها مع خروج الحدث
(والثاني)
ينعقد حجه صحيحا فإن نزع في الحال صح حجه ولا شئ عليه وإلا فسد وعليه المضي في فاسده والقضاء والبدنة (والثالث) ينعقد فاسدا وعليه القضاء والمضي فيه سواء مكث أو نزع في الحال ولا تجب الفدية إن نزع في الحال فإن مكث وجبت شاة في الأصح وفي قول بدنة كما في نظائره والفرق بين الحج والصوم أن الصوم يخرج منه بالإفساد فلا يصح دخوله فيه مع وجود المفسد بخلاف الحج وقد سبق في أوائل هذا الباب بيان معنى قولهم يخرج من الصوم بالإفساد ولا يخرج من الحج بالإفساد (المسألة الثانية) لو جامع ظانا أن الفجر لم يطلع أو أن الشمس غربت فبان غلطه فلا كفارة هكذا قطع به المصنف والأصحاب إلا إمام الحرمين فإنه قال من أوجب الكفارة على الناسي بالجماع يقول بمثله هنا لتقصيره في البحث قال الرافعي وقولهم فيمن ظن غروب الشمس لا كفارة تفريع على جواز الفطر بظن ذلك فإن منعناه بالظن فينبغي وجوب الكفارة لأنه جماع محرم صادف الصوم (الثالثة) إذا أكل الصائم ناسيا فظن أنه أفطر بذلك لجهله بالحكم ثم جامع فهل يبطل صومه فيه وجهان مشهوران (أحدهما) وبه قال البندنيجي لا كما لو سلم من الصلاة ناسيا ثم تكلم عامدا فإنه لا تبطل صلاته بالاتفاق لحديث ذي اليدين (وأصحهما) وبه قطع الجمهور تبطل كما لو جامع أو أكل وهو يظن أن الفجر لم يطلع فبان طالعا (فإن قلنا) لا يفطر فلا كفارة (وإن قلنا) يفطر فلا كفارة أيضا هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ونقله المصنف والأصحاب عن
نص الشافعي في كتاب الصيام من الأم وفيه الاحتمال الذي حكاه المصنف عن القاضي أبي الطيب وذكر دليلهما أما إذا أكل ناسيا وعلم أنه لا يفطر به ثم جامع في يومه فيفطر وتجب الكفارة بلا خلاف عندنا وحكى الماوردي عن أبي حنيفة أنه قال عليه القضاء دون الكفارة ولو طلع الفجر وهو مجامع فظن بطلان صومه فمكث فعليه القضاء دون الكفارة لأنه لم يتعمد هتك حرمة الصوم بالجماع ذكره الماوردي وغيره قال صاحب العدة وكذا لو قبل ولم ينزل أو اغتاب إنسانا فاعتقد أنه قد بطل صومه فجامع لزمه القضاء دون الكفارة
* وقال أبو حنيفة إن قبل ثم جامع لزمته الكفارة إلا أن يفتيه فقيه أو يتأول خبرا في ذلك وقال في الذي اغتاب ثم جامع يلزمه الكفارة وإن أفتى أو
تأول خبرا
* دليلنا أنه لم يتعمد إفساد صوم (المسألة الرابعة) إذا أفطر بالجماع وهو مريض أو مسافر فإن قصد بالجماع الترخص فلا كفارة وإلا فوجهان حكاهما الخراسانيون (أصحهما) وبه قطع المصنف وغيره من العراقيين لا كفارة أيضا لما ذكره المصنف (الخامسة) إذا أصبح المقيم صائما ثم سافر وجامع في يومه لزمته الكفارة لما ذكره المصنف هذا هو المذهب وبه قطع المصنف والجمهور وفيه وجه غريب ضعيف قاله المزني وغيره من أصحابنا أنه يجوز له الفطر في هذا اليوم فإذا جامع فلا كفارة عليه وقد سبقت المسألة واضحة في فصل صوم المسافر (السادسة) إذا أصبح الصحيح صائما ثم مرض فجامع فلا كفارة إن قصد الترخص وكذا إن لم يقصده على المذهب وبه قطع المصنف وآخرون وقد سبقت المسألة قريبا (السابعة) لو أفسد المقيم صومه بجماع ثم سافر في يومه لم تسقط الكفارة على المذهب وبه قطع المصنف والجمهور وقيل فيه قولان كطرآن المرض حكاه الدارمي والرافعي ولو أفسد الصحيح صومه بالجماع ثم مرض في يومه فطريقان
(أحدهما)

لا تسقط الكفارة وبه قطع لبغوى (وأصحهما) وبه قطع المصنف والأكثرون فيه قولان (أصحهما) لا تسقط (والثاني) تسقط ودليلهما في الكتاب ولو أفسده بجماع ثم طرأ جنون أو حيض أو موت في يومه فقولان ذكر المصنف دليلهما (أصحهما) السقوط لأن يومه غير صالح للصوم بخلاف المريض وصورة الحيض مفرعة على أن المرأة المفطرة بالجماع يلزمها الكفارة ولو ارتد بعد الجماع في يومه لم تسقط الكفارة بلا خلاف ذكره الدارمي وهو واضح
* هذا تفصيل مذهبنا وممن قال من العلماء لا تسقط الكفارة بطرآن الجنون والمرض والحيض مالك وابن ابى ليلي واحمد واسحق وأبو ثور وداود
* وقال أبو حنيفة والثوري تسقط وأسقطها زفر بالحيض والجنون دون المرض واتفقوا على أنها لا تسقط بالسفر إلا ابن الماجشون المالكي فاسقطها به * قال المصنف رحمه الله تعالي
* ووطئ المرأة في الدبر واللواط كالوطئ في الفرج في جميع ما ذكرناه من افساد الصوم ووجوب
القضاء والكفارة لان الجميع وطئ ولان الجميع في ايجاب الحد فكذلك في إفساد الصوم وايجاب الكفارة (وأما) إتيان البهيمة ففيه وجهان (من) أصحابنا من قال ينبنى ذلك علي وجوب الحد (فان قلنا) يجب فيه الحد أفسد الصوم وأوجب الكفارة كالجماع في الفرج (وإن قلنا) يجب فيه التعزير
لم يفسد الصوم ولم تجب به الكفارة لانه كالوطئ فيما دون الفرج في التعزير فكان مثله في إفساد الصوم وإيجاب الكفارة ومن أصحابنا من قال يفسد الصوم وتجب الكفارة قولا واحدا لانه وطئ يوجب الغسل فجاز أن يتعلق به افساد الصوم وإيجاب الكفارة كوطئ المرأة
* {الشرح} قوله ففيه وجهان كان ينبغي أن يقول طريقان فعبر بالوجهين عن الطريقين مجازا لاشتراكهما في أن كلا منهما حكاية للمذهب وقد سبق بيان مثل هذا المجاز في مقدمة هذا الشرح واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب علي أن وطئ المرأة في الدبر واللواط بصبي أو رجل كوطئ المرأة في القبل في جميع ما سبق من إفساد الصوم ووجوب إمساك بقية النهار ووجوب القضاء والكفارة لما ذكره المصنف وذكر الرافعي وجها شاذا باطلا في الإتيان في الدبر أنه لا كفارة فيه وهذا غلط (وأما) إتيان البهيمة في دبرها أو قبلها ففيه طريقان حكاهما المصنف والأصحاب (أصحهما) القطع بوجوب الكفارة فيه وهذا هو المنصوص في المختصر وغيره وبه قطع البغوي وآخرون
(والثاني)
فيه خلاف مبني على إيجاب الحد به إن أوجبناه وجبت الكفارة وإلا فلا حكاه الدارمي عن أبى علي ابن خيران وأبي اسحق المروزي قال الماوردي هذا الطريق غلط لأن إيجاب الكفارة ليس مرتبطا بالحد ولهذا يجب في وطئ الزوجة الكفارة دون الحد
* وسواء في هذا كله أنزل أم لا إلا أنه إذا قلنا في إتيان البهيمة لا كفارة لا يفسد الصوم أيضا كما قاله المصنف هذا إن لم ينزل فإن أنزل أفسد كما لو قبل فانزل

* {فرع} الوطئ بزنا أو شبهة أو في نكاح فاسد ووطئ أمته وأخته وبنته والكافرة وسائر النساء سواء في إفساد الصوم ووجوب القضاء والكفارة وإمساك بقية النهار وهذا الاخلاف فيه
* {فرع} إذا أفسد صومه بغير الجماع كالأكل والشرب والاستمناء والمباشرات المفضيات إلى الإنزال فلا كفارة لأن النص ورد في الجماع وهذه الأشياء ليست في معناه هذا هو المذهب والمنصوص وبه قطع الجماهير وحكى الرافعي وجها عن أبي خلف الطبري من أصحابنا من تلامذة القفال المروزي أنه تجب الكفارة بكل ما يأثم بالإفطار به وفي وجه حكاه صاحب الحاوي عن ابن أبي هريرة أنه يجب بالأكل والشرب كفارة فوق كفارة المرضع ودون كفارة المجامع وهذان الوجهان
علط وحكى الحناطي بالحاء المهملة والنون عن محمد بن الحكم أنه روى عن الشافعي وجوب الكفارة على من جامع فيما دون الفرج فأنزل وهذا شاذ ضعيف
* {فرع} قد ذكرنا أنه إذا استمنى متعمدا بطل صومه ولا كفارة قال الماوردي فلو حك ذكره لعارض ولم يقصد الاستمناء فأنزل فلا كفارة وفي بطلان الصوم وجهان قلت (أصحهما) لا يبطل كالمضمضة بلا مبالغة
* {فرع} في مذاهب العلماء فيمن وطئ امرأة أو رجلا في الدبر
* ذكرنا أن مذهبنا وجوب القضاء والكفارة وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد وأحمد
* وقال أبو حنيفة عليه القضاء وفى الكفارة روايتان عنه (أشهرهما) عنه لا كفارة لأنه لا يحصل به الإحصان والتحليل فأشبه الوطئ فيما دون الفرج
* واحتج أصحابنا بأنه جماع أثم به لسبب الصوم فوجبت فيه الكفارة كالقتل قال أصحاب أبي حنيفة ولا كفارة في إتيان البهيمة
* {فرع} في مذاهبهم في المباشرة فيما دون الفرج
* قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا كفارة فيها سواء فسد صومه بالإنزال أم لا وبه قال أبو حنيفة وقال داود كل إنزال تجب به الكفارة حتى الاستمناء الا إذا كرر النظر فأنزل فلا قضاء ولا كفارة
* وقال مالك وأبو ثور عليه القضاء والكفارة وحكي هذا عن عطاء والحسن وابن المبارك واسحق وقال أحمد يجب بالوطئ فيما دون الفرج الكفارة وفي القبلة واللمس روايتان
* واحتجوا بأنه أفطر بمعصية فأشبه الجماع في الفرج

* واحتج أصحابنا بأنه لم يجامع في الفرج فأشبه الردة فإنها تبطل الصوم ولا كفارة وما قاله الآخرون ينتقض بالردة
* {فرع} قال الغزالي وغيره من أصحابنا الضابط في وجوب الكفارة بالجماع أنها تجب على من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم وفي هذا الضابط قيود (أحدها) الإفساد فمن جامع ناسيا لا يفطر على المذهب كما سبق وقيل في فطره قولان سبق بيانهما (فإن قلنا) لا يفطر فلا كفارة لعدم الإفساد وإلا فوجهان حكاهما إمام الحرمين والغزالي وآخرون (أصحهما) لا كفارة أيضا لعدم الإثم (الثاني) قولنا من رمضان فلا كفارة بإفساد صوم التطوع والنذر والقضاء والكفارة
بالجماع لأن الكفارة إنما هي لحرمة رمضان (الثالث) قولنا بجماع احتراز من الأكل والشرب والاستمناء والمباشرة دون الفرج فلا كفارة فيها كلها على المذهب كما بيناه قريبا (الرابع) قولنا تام احتراز من المرأة إذا جومعت فإنها يحصل فطرها بتغييب بعض الحشفة فلا يحصل الجماع التام إلا وقد أفطرت لدخول داخل فيها فالفطر يحصل بمجرد الدخول وأحكام الجماع لا تثبت إلا بتغييب كل الحشفة فيصدق
عليها أنها أفطرت بالجماع قبل تمامه وقولنا أثم به احتراز ممن جامع بعد الفجر ظانا بقاء الليل فإن صومه يفسد ولا كفارة كما سبق وقولنا بسبب الصوم احتراز من المسافر إذا شرع في الصوم ثم أفطر بالزنا مترخصا فلا كفارة عليه لأنه وإن أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به إلا أنه لم يأثم به بسبب الصوم لأن الإفطار جائز له وانما أثم بالزنا ولو زنا المقيم ناسيا للصوم وقلنا الصوم يفسد بجماع الناسي فلا كفارة أيضا في أصح الوجهين لأنه لم يأثم بسبب الصوم لأنه ناس له قال الرافعي وجماع المرأة إذا قلنا لا شئ عليها ولا يلاقيها الوجوب مستثنى عن الضابط
* {فرع} لو صام الصبي رمضان فأفسده بالجماع وقلنا إن وطأه في الحج يفسده ويوجب البدن ففى وجوب كفارة الوطئ في الصوم وجهان حكاهما المتولي في كتاب الحج وسأوضحهما هناك إن شاء الله تعالى * قال المصنف رحمه الله تعالي
* {ومن وطئ وطئا يوجب الكفارة ولم يقدر علي الكفارة ففيه قولان (احدهما) لا تجب لقوله صلي الله عليه وسلم "استغفر الله تعالي وخذ واطعم اهلك" أو لانه حق مال يجب لله تعالي لا علي وجه البدل فلم يجب مع العجز كزكاة الفطر (والثاني) انها تثبت في الذمة فإذا قدر لزمه قضاؤها وهو الصحيح لانه حق لله تعالى يجب بسبب من جهته فلم يسقط بالعجز كجزاء الصيد}
* {الشرح} هذا الحديث سبق بيانه (وقوله) حق مال احتراز من الصوم في حق المريض فإنه لا يسقط بل يثبت في الذمة (وقوله) لله تعالى احتراز من المتعة (وقوله) لا على وجه البدل احتراز من جزاء الصيد (وقوله) لأنه حق لله تعالى قال القلعي ليس هو احتراز بل لتقريب الفرع من الأصل ويحتمل أنه احتراز من نفقة القريب (وقوله) بسبب من جهته احتراز من زكاة الفطر
* أما أحكام

الفصل فقال أصحابنا الحقوق المالية الواجبة لله تعالي ثلاثة أضرب وقد أشار إليها المصنف (ضرب) يجب لا بسبب مباشرة من العبد كزكاة الفطر فإذا عجز عنه وقت الوجوب لم يثبت في ذمته فلو أيسر بعد ذلك لم يجب (وضرب) يجب بسبب من جهته على جهة البدل كجزاء الصيد وفدية الحلق والطيب واللباس في الحج فإذا عجز عنه وقت وجوبه ثبت في ذمته تغليبا لمعنى الغرامة لأنه إتلاف محض (وضرب) يجب بسببه لا على جهة البدل ككفارة الجماع في نهار رمضان وكفارة اليمين والظهار والقتل قال صاحب العدة ودم التمتع والقران قال البندنيجي والنذر وكفارة قوله أنت حرام ودم التمتع والطيب واللباس ففيها قولان مشهوران (أصحهما) عند المصنف والأصحاب تثبت في الذمة فمتى قدر على أحد الخصال لزمته
(والثاني)
لا تثبت وذكر المصنف دليلهما وشبهها بجزاء الصيد أولى من الفطرة لأن الكفارة مؤاخذة على فعله كجزاء الصيد بخلاف الفطرة
* واحتج بعض أصحابنا للقول بسقوطها
بحديث الأعرابي كما أشار إليه المصنف لأنه صلى الله عليه وسلم قال "اطعمه أهلك" ومعلوم أن الكفارة لا تصرف إلى الأهل وقال جمهور أصحابنا والمحققون حديث الأعرابي دليل لثبوتها في الذمة عند العجز عن جميع الخصال لانه لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عجزه عن جميع الخصال ثم ملكه النبي صلى الله عليه وسلم العرق من التمر ثم أمره بأداء الكفارة لقدرته الآن عليها فلو كانت تسقط بالعجز لما أمره بها (وأما) إطعامه أهله فليس هو على سبيل الكفارة وإنما معناه أن هذا الطعام صار ملكا له وعليه كفارة فأمر بإخراجه عنها فلما ذكر حاجته إليه أذن له في أكله لكونه في ملكه لا عن الكفارة وبقيت الكفارة في الذمة وتأخيرها لمثل هذا جائز بلا خلاف (فإن قيل) لو كانت واجبة لبينها له عليه السلام (فالجواب) من وجهين (أحدهما) أنه قد بينها له بقوله صلى الله عليه وسلم تصدق بهذا بعد إعلامه بعجزه ففهم الأعرابي وغيره من هذا أنها باقية عليه (الثاني) أن تأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز وهذا ليس وقت الحاجة فهذا الذي ذكرته من تأويل الحديث ومعناه هو الصواب الذي قاله المحققون والأكثرون وحكى إمام الحرمين والغزالي وغيرهما وجها لبعض الأصحاب أنه يجوز صرف كفارة الجماع خاصة إلى زوجة المكفر وأولاده إذا كانوا فقراء لهذا الحديث ووافق هذا القائل على أن الزكاة وباقي الكفارات لا يجوز
صرفها إلى الزوجة والأولاد الفقراء وقاس الجمهور على الزكاة وباقي الكفارات وأجابوا عن الحديث بما سبق

* {فرع} في مسائل تتعلق بالجماع في صوم رمضان (إحداها) إذا نسي النية وجامع في ذلك اليوم فلا كفارة في ذلك اليوم بلا خلاف لأنه لم يفسد به صوما (الثانية) إذا وطئ الصائم في نهار رمضان وقال جهلت تحريمه فإن كان ممن يخفى عليه لقرب إسلامه ونحوه فلا كفارة وإلا وجبت ولو قال علمت تحريمه وجهلت وجوب الكفارة لزمته الكفارة بلا خلاف ذكره الدارمي وغيره وهو واضح وله نظائر معروفة لأنه مقصر (الثالثة) إذا أفسد الحج بالجماع قال الدارمي ففي الكفارة الأقوال الأربعة السابقة في كفارة الجماع في الصوم
* {فرع} في مذاهب العلماء في كفارة الجماع في صوم رمضان وما يتعلق بها وفيه مسائل
(إحداها) قد ذكرنا أن مذهبنا أن من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم لزمته الكفارة وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود والعلماء كافة إلا ما حكاه العبدري وغيره من أصحابنا عن الشعبي وسعيد بن جبير والنخعي وقتادة أنهم قالوا لا كفارة عليه كما لا كفارة عليه بإفساد الصلاة دليلنا حديث أبي هريرة السابق في قصة الاعرايى ويخالف الصلاة فإنه لا مدخل للمال في جبرانها (الثانية) يجب علي المفكر مع الكفارة قضاء اليوم الذي جامع فيه
* هذا هو المشهور من مذهبنا وفيه

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|