عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 13-03-2025, 11:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات مع القرآن

وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (3)

د. حسام العيسوي سنيد



قال تعالى: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 74].

جاءت هذه الآيةُ في إطار الحديث عن بني إسرائيل، فَهُمْ مِن فرْط بُعدهم عن تعاليم الله، وشِدَّة نأْيهم عنها - أصبحت قلوبُهم قاسيةً كالحجارة، أو أشدَّ قسوة كالحديد[1].

هكذا القلوب بفعل المعاصي: تتراكم على القلب، فيُصبح قاسيًا، لا يستشعر معروفًا، ولا يتألَّم بفعل منكرٍ؛ قال تعالى: ﴿ كَلَا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوْبِهِم مَا كَانُوْا يَكْسِبُوْنَ ﴾[المطففين: 14]، والمعنى: "غطَّى على قلوبهم ما كسبوا من الذنوب، فطمَس بصائرَهم، فصاروا لا يعرفون الرشد من الغي"[2]. قال المفسرون: "الرَّان: هو الذنب على الذنب حتى يسودَّ القلب"[3].

قال (صلى الله عليه وسلم): "تُعْرَضُ الفتنُ على القلوب عرْض الحصير، فأيُّ قلب أنكرها، نُكِتت فيه نُكتة بيضاء، وأيُّ قلب أُشربها نُكتت فيه نكتة سوداءَ، حتى يصير القلب على قلبين: أبيضَ مِثْلِ الصفا، لا تَضُرُّه فتنة ما دامت السماوات والأرض، وَالْآخَرِ أَسْوَدَ مُرْبَدٍّ كالكوز مُجخيًا، وَأَمَالَ كَفَّه، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشرِب من هواه"[4].

إذًا من أسباب قسوة القلب: كثرة الذنوب، والواجب: التطهر من الذنوب بالتوبة النصوح؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8]، سُئل عمر (رضي الله عنه) عن التوبة النصوح، قال: "أن يتوبَ ثم لا يعود إلى الذنب، كما لا يعود اللبن إلى الضَّرْع"[5]، فهذه التوبةُ كفيلةٌ بمغفرة الذنوب وتكفير السيئات: ﴿ عَسَى رَبُّكُم أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيْئَاتِكُمْ ﴾؛ قال المفسرون: "عسى من الله واجبة بمنزلة التحقيق..."[6].

[1] انظر: الصابوني، صفوة التفاسير، (1/ 68).

[2] المرجع السابق، (3/ 533).

[3] المرجع السابق، (3/ 533).

[4] رواه أحمد.

[5] الصابوني، صفوة التفاسير، (3/ 410).

[6] المرجع السابق، (3/ 410).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.27 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.95%)]