عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-03-2025, 11:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,420
الدولة : Egypt
افتراضي وقفات مع القرآن

وقفات مع القرآن

وقفة مع آية (1)

د. حسام العيسوي سنيد

قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ ربُّكَ لِلملائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيْفَةً قَالُوْا أَتَجْعَلُ فِيْهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيْهَا وِيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بَحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكْ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُوْنَ ﴾ [البقرة: 30].

ما معنى خليفة؟

الخليفة: "أن يَخلفني في تنفيذ أحكامي، والمقصود: آدم (عليه السلام)"[1]، أو "قومًا يخلف بعضهم بعضًا، قرنًا بعد قرن، وجيلًا بعد جيل"[2].

أنواع الناس تجاه هذه الحقيقة:
الناس صنفان:
الأول: قام بدوره المنوط به في هذه الحياة، وعرَف هدفه الذي من أجله خلقه الله، وأدَّى ما عليه من تكاليف، ومن الأمثلة على ذلك: سليمان (عليه السلام): يحكي عنه القرآن: ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 17، 18].

ما ردُّ فعل سليمان؟ إن سليمان (عليه السلام) عرَف حقيقة التسخير، وأدرَك نعمَ الله التي لا تُحصى، فقدَّم نموذجًا فريدًا للعبد الصالح، الشاكر لنعم الله، المؤدِّي لحقه عليه، يحكي لنا القرآن قوله: ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].

في موقف آخر: يُظْهر سليمان هذا الخضوع وهذا الشكر، ويعترف بنعم الله عليه: ﴿ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 38 - 40].

الصنف الثاني: لم يقُم بمهمة الخلافة، ولم يؤدِّ دوره المطلوب، ولم يشكُر الله على نِعمه وفضله، ومن الأمثلة على ذلك: قارون؛ يقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 76، 77].

ما جواب قارون؟ كان جوابه: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78]، فكان جزاؤه: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُوْنِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِيْنَ ﴾ [القصص: 81].

الخلاصة: أي النوعين نحن؟ نعرف عظمة ربِّنا، وضَعفَ نفوسنا، فنقوم بدورنا في الخلافة كما ينبغي، أم نكون غير ذلك؟ فلا نأمَن من عذابه، ولا نلومَنَّ إلا أنفسنا.


[1] الصابوني، صفوة التفاسير، (1/ 48).

[2] المرجع السابق، (1/ 48).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.65%)]