عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 06-03-2025, 10:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,050
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تأملات قرآنية وتدبرية .....يوميا فى رمضان



فوائد من محاضرة ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾
د. خالد السبت
(6)


١- ﴿ كتابٌ أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ﴾
تنكير " كتاب " يفيد التعظيم ، واللام في ( ليدبروا ) تفيد التعليل ، أي أن الإنزال من أجل التدبر الذي هو الطريق للانتفاع والاتعاظ بعبر القرآن وأمثاله وعظاته ، فلا سبيل إلى الوصول إلى كنوزه وهداياته إلا بالتدبر .

٢- إذا حصل التدبر فإنه يحصل بعده التذكر ، فيتذكر أصحاب العقول الصحيحة وينتفعون بذلك
﴿ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ﴾
فالفاء تفيد التعليل وترتيب ما بعدها على ما قبلها ، وإن أبلغ وأجلّ ما يُذكّر به هو كلام الله ﷻ

٣- ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾

هي واسطة العقد في أعظم سورة في القرآن ، في السورة التي هي ركن في الصلاة ( في فرضها ونفلها ) ، لا تصح صلاة العبد حتى يقرأ بأم القرآن ، حيث ترجع معاني القرآن على كثرتها إلى هذه السورة ، فمضامين القرآن ومقاصده مضمنة في هذه السورة

٤- ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ هي الآية الرابعة ، في سورة الفاتحة التي هي بالإجماع سبع آيات


التي قال الله ﷻ فيها ﴿ ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ﴾ وصح عنه ﷺ قوله ( هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته )
٥- سميت بالسبع المثاني لأنها
- تثنّى في كل صلاة وكل ركعة
- اشتملت على المثاني والثناء على الله ﷻ ، فأولها الحمد الذي هو ذكر المعبود بأوصاف الكمال مع المحبة والتعظيم ، ثم يثني هذا الحمد بالثناء ، فإذا قال العبد ( الحمد لله رب العالمين ) قال ﷻ ( حمدني عبدي ) ، وإذا ثنى هذا الحمد قال ﷻ ( أثنى علي عبدي ) فإذا زاد الثناء قال ﷻ ( مجدني عبدي ) والمجد والتمجيد يدل على السعة . هذا الحمد مقدمة بين يدي السؤال ، فالسورة اشتملت على الحمد والثناء والتمجيد مع السؤال

٦- ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾

جاءت قبل طلب الهداية ، وسبقها الحمد ، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد الدعاء معهما كما قال ابن القيم ؛ التوسل بأسماء الله وصفاته ، والتوسل بعبوديته .

٧- سورة الفاتحة نصفها للرب ونصفها للعبد كما جاء في الحديث ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين )

فالآيات الثلاث الأولى للرب ، والثلاث الأخيرة للعبد ، و ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ نصفها للرب ونصفها للعبد


٨- ﴿ الحمد لله ﴾ الألف واللام تفيد

- الاستغراق ؛ فجميع المحامد لله ﷻ
- الاستحقاق ؛ فهو المستحق ﷻ للحمد دون سواه
فلواحدٍ كن واحدا لواحدٍ
أعني سبيل الحق والإيمان

٩- ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾

ليعلم العبد في كل وقت أن له غاية ﴿ إياك نعبد ﴾ وله منتهى يسأله ويستمد منه العون وهو الله ﴿ وإياك نستعين ﴾ ، فيكون الله غايتنا في كل ما نقدمه ، ومنه نستمد العون ، ولو شاء لأقعدنا كما أقعد كثيرين
١٠- إذا استعمل الله عبدا في مرضاته فليستحضر أن الله ﷻ هو الذي وفقه واجتباه وهداه فيزداد شكرا

١١- لا يمكن أن ننهض بعمل من الأعمال إلا بعون الله ﴿ وإياك نستعين ﴾ ، وإذا لم يكن العمل خالصا لله لم ننتفع به
﴿ إياك نعبد ﴾ وهذان الأمران ما اشتملت عليه هذه الآية
١٢- ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ قدمت العبادة على الاستعانة مع كون العبادة لا تكون إلا بالاستعانة من أوجه

- لأن العبادة هي الغاية والمقصودة لذاتها ، أما الاستعانة فهي وسيلة ، فهو من تقديم الغاية على الوسيلة

- ﴿ إياك نعبد ﴾ متصلة بما قبلها ، فهي حق الله ﷻ ، و ﴿ وإياك نستعين ﴾ متصلة بما بعدها وهو حظ العبد ، وحق الله مقدم على حظ العبد

- جاء ترتيبها موافقا لترتيب الأسما التي ذكرت في بداية السورة ، الله متعلق بالعبادة ( إياك نعبد ) ، ثم الرب متعلق بالاستعانة .
- العبادة هي سبب لحصول الإعانة ، وإجابة الدعاء ، فالعبد إذا حقق العبودية أجاب الله دعاءه ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع ) فذكرهم ﷻ بوصف العبودية الخالصة التي تدل على الاختصاص وليست العبودية القهرية التي يستوي فيها المؤمن والكافر .

- الاستعانة جزء من العبادة ، لكن لحاجة العبد دائما إلى الاستعانة في كل عباداته وأموره خصت بالذكر بعدها

١٣- ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾

تأمل حديث الرسول ﷺ ، الذي هو من جوامع الكلم ( احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز ) ، تجده موافقا للاية ، فلا أنفع للعبد أن يحرص عليه من طاعة الله ورسوله وهي العبادة

١٤- ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾

الفاتحة شفاء من أمراض القلب التي تعرض له ، فهو إما أن ينصرف لغير ربه ( شرك ورياء) أو ينصرف لنفسه ( عجب وكبر) وكلاهما مما يبطل العمل ، ف ( إياك نعبد ) تطرد أمراض الشرك والرياء ، و ( إياك نستعين ) تطرد أمراض العجب والمبر والتعاظم

١٥- إذا عوفي العبد من مرض الشرك والرياء ب ( إياك نعبد )

وعوفي من مرض الكبر والعجب ب ( إياك نستعين )
وعوفي من مرض الجهل والضلال ب ( اهدنا الصراط المستقيم )

فقد عوفي من جميع العلل والأوصاب القلبية ، وكذلك فالسورة شفاء من الأمراض البدنية لقوله ﷺ ( وما أدراك أنها رقية )

١٦- ذكر ابن القيم أن الناس في تحقيق هذين الأصلين ( العبادة والاستعانة )

أربع أصناف ، أكملهم أهل العبادة والاستعانة ، من جعل عبادة الله غايته ، واستعان به في كل أمره ، ولذلك فإن من أفضل الدعاء ما علمه النبي ﷺ لمعاذ رضي الله عنه ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) ، قال ابن القيم إن مدار كل الأدعية هو هذا الدعاء

١٧- وقال ابن تيمية :

تأملت أنفع الدعاء فوجدته طلب العون على مرضاته ووجدته في ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾

١٨- ( نعبد )

جاءت بهذا الإطلاق ، فصاحب هذا المقام ليس له غرض في تعبد بعينه ، قد يوافق هوى في نفسه فيؤثره على غيره ، بل هو صاحب التعبد المطلق يتنقل فيه بين أنواع العبادات ، أينما طلبته وجدته ، وهذا هو القائم بالعبودية حقا

١٩- ( نستعين )

جاءت أيضا مطلقة ، فهي استعانة في كل أمر من أمور العبادة أو أمور الدنيا ، نستعين به ﷻ لكل أمر من أوامره ، وعلى كل نهي من نواهيه ، وللصبر على مقدوراته ، ومشاق الحياة وآلامها ، فلا تتحقق الاستقامة على العبادة إلا بالاستعانة بالله

٢٠-﴿ إياك نعبد ﴾ حقيقة الإخلاص
﴿ وإياك نستعين ﴾ حقيقة التوكل ،
فهذا هو الكمال ، كما قال ﷻ
﴿ فاعبده وتوكل عليه ﴾ وقال ﴿ قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ﴾ وقال ﴿ رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ﴾

٢١- ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾


تقديم إياك فلم يقل نعبدك ونستعين بك ، والمعمول إذا تقدم على العامل يفيد الحصر ، فالقصد : لا نعبد إلا إياك ، ولا نستعين بأحد غيرك

٢٢- ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾

أسلوب الالتفات في الآية فبعد أن كان الكلام بصيغة الغائب جاء في هذه الآية بصيغة المخاطب وهو نوع من بلاغة الأسلوب ، لتنشيط السامع ، وكأن العبد لما أثنى على الله وحمده ومجده صار في غاية القرب من ربه فتوجه إليه بالمخاطبة ، كأنه حضر بين يديه

٢٣- التكرار في قوله ( إياك ) ولم يقل إياك نعبد ونستعين ؛ وهذا يفيد التوكيد والاهتمام ، وكأنهما قضيتان منفصلتان
٢٤- ( نعبد ) جاءت النون مع أن المتكلم واحد ، وفيها فوائد

- أن العبد لما تشرف بالعبودية صار من أهل العزة والشرف وعلت مرتبته
- من قبيل تعظيم الله ﷻ فهي نون الجمع ، وهذا أبلغ في تعظيم الله ﷻ مما لو قال أعبد ، فكأنه يقول : كلنا نعبدك ، وكلنا جندك
- قيل إنها نون الاستتباع ؛ فالصلاة بنيت على الجماعة ، فكأنهم يتحدثون بلسان واحد

=========================
*منقول من موقع مثانى القرآن



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.68 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]