عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 28-02-2025, 03:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,935
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ النجم
المجلد الخامس عشر
صـ 5576 الى صـ 5585
الحلقة (570)







القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 23]
إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى (23)
إن هي أي الأصنام المذكورة باعتبار الألوهية التي يدعونها لها إلا أسماء أي محضة ليس تحتها مما تنبئ هي عنه من معنى الألوهية، شيء ما أصلا.
أي ليس لها نصيب منها إلا إطلاق تلك الأسماء عليها.
قال الشهاب: والمراد لا نصيب لها أصلا، ولا وجه لتسميتها بذلك، ولو كانت الألوهية متحققة بمجرد التسمية كانت آلهة، فهو من نفي الشيء بإثباته، أو هو ادعاء محض لا طائل تحته. سميتموها أي جعلتموها أسماء مع خلوها عن المسميات أنتم وآباؤكم أي بمقتضى أهوائكم. وتقليد التابع للمتبوع ما أنزل الله بها من سلطان أي برهان يتعلق به إن يتبعون إلا الظن أي إلا توهم أن ما هم عليه حق وما تهوى الأنفس أي تشتهيه أنفسهم.
قال ابن جرير: لأنهم لم يأخذوا ذلك عن وحي جاءهم من الله، ولا عن رسول من الله أخبرهم به، وإنما هو اختلاق من قبل أنفسهم، أو أخذوه عن آبائهم الذين كانوا من الكفر بالله على مثل ما هم عليه منه ولقد جاءهم من ربهم الهدى أي الدليل الواضح، والبيان بالوحي أن عبادتها لا تنبغي وأنه لا تصلح العبادة إلا له تعالى وحده.
قال أبو السعود: والجملة حال من فاعل يتبعون أو اعتراض. وأيا ما كان، ففيه تأكيد لبطلان اتباع الظن، وهوى النفس، وزيادة تقبيح لحالهم، فإن اتباعهما
من أي شخص كان، قبيح. وممن هداه الله تعالى بإرسال الرسول صلى الله عليه وسلم وإنزال الكتب، أقبح.
تنبيه:
قال السيوطي في (الإكليل) : استدل بقوله: إن هي إلا أسماء.. إلخ على أن اللغات توقيفية. ووجهه أنه تعالى ذمهم على تسمية بعض الأشياء بما سموها به، ولولا أن تسمية غيرها من الله توقيف، لما صح هذا الذم، لكون الكل اصطلاحا منهم.
واستدل بقوله تعالى: إن يتبعون إلا الظن إلخ على إبطال التقليد في العقائد واستدل به الظاهرية على إبطاله مطلقا، أو إبطال القياس.
أخرج ابن أبي حاتم عن عمر قال: احذروا هذا الرأي على الدين، فإنما كان الرأي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبا لأن الله كان يريه، وإنما هو منا تكلف وظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 24]
أم للإنسان ما تمنى (24)
أم للإنسان ما تمنى أي ليس له ما يشتهيه من الأمور التي منها طمعه الفارغ في شفاعة الأنداد، وتعنته في دفاع اليقين بالظن، وتركه نفسه وهواها بلا شرع يقيده ولا مهيمن يزعه. فإن ذلك من المحالات في نظر العقل السليم، كقوله: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب [النساء: 123] .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 25]
فلله الآخرة والأولى (25)
فلله الآخرة والأولى أي فمصير الأمر فيهما له تعالى، لا للإنسان حسب ما تسول له نفسه الأمارة بالسوء، كما قال: ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض إلخ [المؤمنون: 71] ، ولذا أرسل له الرسل، وانزل الكتب، قطعا للمعاذير.
ونبهه بالعقل على سبل السعادة التي لا تخفى على بصير.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 26]
وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى (26)
وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى هذا توبيخ من الله تعالى لعبدة الأوثان، بإقناطهم عما علقوا به أطماعهم من شفاعة أوثانهم، بأن ملائكته الكرام لا يتفوهون بالشفاعة إلا من بعد إذنه ورضاه. فإنى لهذه الطواغيت أن تفتات على هذا المقام، ولها من الذلة والصغار ما يبعدها عنه بألف منزل.
ثم أشار إلى طغيان آخر للمشركين، بقوله سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 27]
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى (27)
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى أي تسمية الإناث، وذلك أنهم كانوا يقولون: هم بنات الله. فالأنثى بمعنى الإناث، لأنهم اسم جنس يتناول الكثير والقليل. وقيل: بمعنى الطائفة الأنثى. وقيل: منصوب بنزع الخافض على التشبيه، فلا تمس الحاجة إلى الجمعية. وقيل: أفرد لرعاية الفاصلة. وقيل:
الملائكة في معنى استغراق المفرد، أي ليسمون كل واحد منهم بنتا، وهي تسمية الأنثى، على وزان (كسانا الأمير حلة) أي كسا كل واحد منا حلة، والإفراد لعدم اللبس.
قال أبو السعود: وفي تعليقها بعدم الإيمان بالآخرة، إشعار بأنها في الشناعة والفظاعة، واستتباع العقوبة في الآخرة، بحيث لا يجترئ عليها إلا من لا يؤمن بها رأسا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : الآيات 28 الى 29]
وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا (28) فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا (29)
وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا أي لا يفيد فائدته، ولا يقوم مقامه، وذلك لأن حقيقة الشيء وما هو عليه، إنما تدرك إدراكا معتدا به، إذا كان عن يقين، لا عن ظن وتوهم فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا أي من هؤلاء الكفرة الذين يرون غاية سعادتهم التنعم بلذائذها، لقصر نظرهم على المحسوسات. والمراد من (الإعراض) هجرهم هجرا
جميلا، وترك إيذائهم. وقول الزمخشري: أي أعرض عن دعوة من رأيته معرضا عن ذكر الله ... إلخ- لا يصح. لأن الصدع بالحق لا تسامح فيه، لا سيما والدعوة للمعرضين، وهي تستلزم أن يحاجوا به بمنتهى الطاقة لقوله تعالى: وجاهدهم به جهادا كبيرا [الفرقان: 52] ، وإنما معنى الآية: فاصفح عنهم ودع أذاهم في مقابلة ما يجهلون به عليك، كما بين ذلك في مواضع من التنزيل، والقرآن يفسر بعضه بعضا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 30]
ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى (30)
ذلك مبلغهم من العلم يعني أمر الدنيا منتهى علمهم، لا علم لهم فوقه.
ومن كان هذا أقصى معارفه، فما على داعيه إلا الصفح عنه، والصبر على جهله.
و (مبلغ) اسم مكان مجازا، كأنه محل وقف فيه علمهم ادعاء- كما حققه الشهاب- والجملة اعتراض مقرر لمضمون ما قبلها من قصر الإرادة على الحياة الدنيا، ثم علل الأمر بالإعراض بقوله سبحانه: إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى أي: ولا بد أن يعاملهم بموجب علمه فيهم، فيجزي كلا بما يقتضيه عمله، وتقديم العلم بمن ضل، لأنهم المقصودون من الخطاب، والسياق فيهم. وقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 31]
ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى (31)
ولله ما في السماوات وما في الأرض تنبيه على سعة ملكه، وعظمة قدرته، وأن ما فيهما من قبضته، فلا يعجزه جزاء هؤلاء الفجرة، كما قال: ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى أي بالمثوبة الحسنى، وهي الجنة ثم بين صفات هؤلاء المحسنين، بقوله سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 32]
الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى (32)
الذين يجتنبون كبائر الإثم يعني ما كبر الوعيد عليه من المناهي والفواحش يعني ما فحش منها. والعطف إما من عطف أحد المترادفين أو الخاص على العام إلا اللمم أي الصغائر من الذنوب. ومثله أبو هريرة بالقبلة والغمزة والنظرة- فيما رواه ابن جرير- وأصل معناه: ما قل قدره. ومنه: لمة الشعر، لأنها دون الوفرة. وقيل: معناه الدنو من الشيء دون ارتكاب له. والاستثناء منقطع على ما ذكر. أي إلا اللمم بما دون الكبائر والفواحش، فإنه عفو. وقيل: متصل، والمراد مطلق الذنوب. وقيل: إنه لا استثناء فيه أصلا. و (إلا) صفة بمعنى غير- وتفصيله في (العناية) -.
وحكى ابن جرير عن ابن عباس وغيره أن معنى (اللمم) ما قد سلف لهم مما ألموا به من الفواحش والكبائر في الجاهلية قبل الإسلام، وغفرها لهم حين أسلموا.
وعن ابن عباس أيضا قال: هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب ولا يعود.
قال:
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن تغفر اللهم تغفر جما ... وأي عبد لك لا ألما
وقال الحسن: (اللمم) أن يقع الوقعة ثم ينتهي. وكل هذا ما يتناوله اللفظ الكريم والأقوى في معناه هو الأول. ولذا استدل بالآية على تكفير الصغائر باجتناب الكبائر كما قال تعالى: إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم [النساء: 31] .
إن ربك واسع المغفرة قال ابن جرير: أي واسع عفوه للمذنبين الذين لم تبلغ ذنوبهم الفواحش وكبائر الإثم هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض قال ابن جرير: أي أحدثكم منها بخلق أبيكم آدم منها وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم أي حيثما يصوركم في الأرحام فلا تزكوا أنفسكم أي تشهدوا لها بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي. والمراد به الثناء تمدحا أو رياء هو أعلم بمن اتقى أي بمن اتقاه فعمل بطاعته، واجتنب معاصيه وأصلح. وهذا كقوله تعالى: ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا [النساء: 49] .
وفي الصحيحين «1» عن أبي بكرة قال: مدح رجل رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال
(1)
أخرجه البخاري في: الأدب، 95- باب ما جاء في قول الرجل ويلك، حديث رقم 1293.

وأخرجه مسلم في: الزهد والرقائق، حديث 65 و 66.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلك! قطعت عنق صاحبك (مرارا) إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا
، أحسبه:
كذا وكذا إن كان يعلم ذلك.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : الآيات 33 الى 35]
أفرأيت الذي تولى (33) وأعطى قليلا وأكدى (34) أعنده علم الغيب فهو يرى (35)
أفرأيت الذي تولى أي عن الذكر بعد إذ جاءه، كما قال تعالى: فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى [القيامة: 31- 32] . وأعطى قليلا وأكدى أي قطع العطاء بخلا وشحا أعنده علم الغيب فهو يرى أي يراه حتى يحكم على نفسه بالتزكية والنجاة والفوز؟.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : الآيات 36 الى 37]
أم لم ينبأ بما في صحف موسى (36) وإبراهيم الذي وفى (37)
أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى أي بالغ في الوفاء بما عاهد الله عليه، كما قال: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن. [البقرة: 124] .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 38]
ألا تزر وازرة وزر أخرى (38)
ألا تزر وازرة وزر أخرى أي لا تؤاخذ نفس بذنب غيرها. بل كل آثمة، فإن إثمها عليها.
قال القاشاني: لأن العقاب يترتب على هيئات مظلمة رسخت في النفس بتكرار الأفاعيل والأقاويل السيئة التي هي الذنوب، وكذلك الذنوب. وكذلك الثواب، إنما يترتب على أضدادها من هيئات الفضائل، كما قال تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : آية 39]
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى (39)
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى أي: إلا سعيه وكسبه.
تنبيهات:
الأول- قال ابن جرير: إنما عنى بقوله: ألا تزر وازرة وزر أخرى الذي
ضمن للوليد بن المغيرة أن يتحمل عنه عذاب الله يوم القيامة! يقول: ألم يخبر قائل هذا القول، وضامن هذا الضمان، بالذي في صحف موسى وإبراهيم مكتوب: أن لا تأثم آثمة إثم أخرى غيرها وأن ليس للإنسان إلا ما سعى أي: وأنه لا يجازى عامل إلا بعمله، خيرا: كان أو شرا. انتهى.
وظاهر السياق يشعر بنزول الآيات ردا على ما كانوا يتخرصونه ويتمنونه، ويتحكمون فيه على الغيب لجاجا وجهلا. ومع ذلك فمفهومها الشمولي جلي.
الثاني: قال السيوطي في (الإكليل) : استدل به على عدم دخول النيابة في العبادات عن الحي والميت. واستدل به الشافعي على أن ثواب القراءة لا يلحق الأموات. انتهى.
وقال ابن كثير: ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ومن تبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى، لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، ولو كان خيرا لسبقونا إليه.
وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء، فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما، ومنصوص من الشارع عليهما.
وأما
الحديث الذي رواه مسلم «1» في صحيحه عن أبي هريرة قال «قال رسول الله إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به»
-
فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله، كما جاء في

الحديث «2»
«إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه. والصدقة الجارية- كالوقف ونحوه- هي من آثار عمله ووقفه»
، وقد قال تعالى: إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم [يس: 12] . والعلم الذي نشره في الناس، فاقتدى به الناس بعده، هو أيضا من سعيه وعمله.
وثبت في الصحيح «3» : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا. انتهى.
(1)
أخرجه مسلم في: الوصية، حديث رقم 14.

(2)
أخرجه النسائي في: البيوع، 1- باب الحث على الكسب، عن عائشة.

(3)
أخرجه مسلم في: العلم، حديث رقم 16.

الثالث- قال الرازي: المراد من الآية بيان ثواب الأعمال الصالحة، أو بيان كل عمل. نقول: المشهور أنها لكل عمل، فالخير مثاب عليه، والشر معاقب به، والظاهر أنه لبيان الخيرات، يدل عليه اللام في قوله تعالى للإنسان فإن اللام لعود المنافع، و (على) لعود المضار. تقول: هذا له، وهذا عليه، ويشهد له، ويشهد عليه، في المنافع والمضار. وللقائل الأول أن يقول بأن الأمرين إذا اجتمعا غلب الأفضل، كجموع السلامة تذكر، إذا اجتمعت الإناث مع الذكور. وأيضا يدل عليه قوله تعالى ثم يجزاه الجزاء الأوفى والأوفى لا يكون إلا في مقابلة الحسنة، وأما في السيئة فالمثل أو دونه، أو العفو بالكلية. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (53) : الآيات 40 الى 41]
وأن سعيه سوف يرى (40) ثم يجزاه الجزاء الأوفى (41)
وأن سعيه سوف يرى أي يراه، ويعرض عليه، ويكشف له. من (أريت الشيء) أو يرى للخلق وللملائكة. ففيه بشارة للمؤمن، وإفراح له، ونذارة للكافر، وإرهاب له، أو هو من (رأى) المجرد. أي يراه. كقوله تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله [التوبة: 105] ، ثم يجزاه الجزاء الأوفى أي يجزى سعيه جزاء وافرا لا يبخس منه شيئا.
قال الشهاب: أصله يجزي الله الإنسان سعيه، ف (الجزاء) منصوب بنزع الخافض، و (سعيه) هو المفعول الثاني، وهو يتعدى له بنفسه. نحو: جزاك الله خيرا.
وجزاؤه سعيه بمعنى جزائه بمثله. أو هو مجاز. وقيل: المنصوب بنزع الخافض الضمير، والتقدير: بسعيه أو على سعيه- كما في (الكشاف) -.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.58 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.30%)]