عرض مشاركة واحدة
  #564  
قديم 27-02-2025, 11:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,114
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ الذاريات
المجلد الخامس عشر
صـ 5516 الى صـ 5525
الحلقة (564)









القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (50) : آية 38]
ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب (38)
ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب أي إعياء.
قال قتادة: أكذب الله اليهود وأهل الفري على الله، وذلك أنهم قالوا إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح يوم السابع، وذلك عندهم يوم السبت وهم يسمونه يوم الراحة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (50) : الآيات 39 الى 40]
فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب (39) ومن الليل فسبحه وأدبار السجود (40)
فاصبر على ما يقولون يعني: المشركين من إنكار البعث والتوحيد والنبوة وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود أي أعقاب الصلوات. والمراد بالتسبيح إما ظاهره، وهو قرين التحميد، أو هو الصلاة، من إطلاق الجزء، أو اللازم على الكل، أو الملزوم. فالصلاة قبل الطلوع، الصبح.
وقبل الغروب، الظهر والعصر. ومن الليل، العشاآن والتهجد. وأدبار السجود. النوافل بعد المكتوبات.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (50) : الآيات 41 الى 42]
واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب (41) يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج (42)
واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب أي استمع، أي لما أخبرك به من أهوال القيامة. يوم ينادي مناديها من كل مكان قريب، بحيث يصل نداؤه إلى الكل على سواء.
قال القاضي: ولعله في الإعادة نظير (كن) في الإبداء، أي فهو تمثيل لإحياء الموتى بمجرد الإرادة، وإن لم يكن نداء وصوت.
وفي ورود الأمر مطلقا، ثم تبيينه بما بعده، تهويل وتعظيم للمخبر به، لما في الإبهام ثم التفسير، من التهويل والتفخيم لشأن المحدث عنه.
يوم يسمعون الصيحة أي صيحة البعث من القبور، والحشر للجزاء بالحق قال ابن جرير: يعني بالأمر بالإجابة لله إلى موقف الحساب.
ذلك يوم الخروج أي من القبور.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (50) : آية 43]
إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير (43)
إنا نحن نحيي ونميت أي في الدنيا بإفاضة نور الحياة أو قطعه وإلينا المصير أي مصير الجميع يوم القيامة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (50) : آية 44]
يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير (44)
يوم تشقق الأرض عنهم سراعا أي فيخرجون منها مسرعين ذلك حشر علينا يسير أي ذلك الإخراج لهم جمع في موقف الحساب، علينا سهل بلا كلفة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (50) : آية 45]
نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد (45)
نحن أعلم بما يقولون يعني: مشركي مكة، من فريتهم على الله ورسوله، وإنكارهم قدرته تعالى على البعث. وهو تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم. وما أنت عليهم بجبار أي بمسلط ومسيطر تقهرهم على الإيمان فذكر بالقرآن من يخاف وعيد أي بل إنما بعثت مذكرا ومبلغا، فذكر بما أنزل إليك من يخاف الوعيد الذي أوعد به من عصى وطغى، فإنه ينتفع به.
ومن دعاء قتادة: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك، ويرجو موعدك، يا بار يا رحيم!
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الذاريات
قال المهايمي: سميت بها لأنها مبدأ الخيرات، فأشبهت العناية الإلهية. وهي مكية. وآيها ستون.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (51) : آية 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
والذاريات ذروا (1)
والذاريات ذروا يعني: الرياح التي تذرو البخارات ذروا. أي نوعا من الذرو ليعقدها سحبا. أو النساء الولود، فإنهن يذرين الأولاد، مجازا شبه تتابع الأولاد بما يتطاير من الرياح. أو الأسباب التي تذري الخلائق من الملائكة وغيرهم. وهو استعارة أيضا شبهت الأشياء المعدة للبروز من كمون العدم، بالرياح المفرقة للحبوب ونحوها.
والذاريات اسم فاعل (ذرا) المعتل بمعنى فرق وبدد ما رفعه عن مكانه.
ويقال: أذرى أيضا. وأما (ذرأ) المهموز فبمعنى أنشأ وأوجد.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (51) : آية 2]
فالحاملات وقرا (2)
فالحاملات وقرا أي السحب الحاملة للأمطار المنبتة للزروع والأشجار لإفادة الحبوب والثمار. كما قال زيد بن عمرو بن نفيل:
وأسلمت نفسي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذبا زلالا
أو الرياح الحاملة للسحاب، أو النساء الحوامل، أو أسباب ذلك.
و (الوقر) بسكر الواو، كالحمل وزنا ومعنى. وقرئ بفتح الواو على أنه مصدر سمي به المحمول.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (51) : الآيات 3 الى 4]
فالجاريات يسرا (3) فالمقسمات أمرا (4)
فالجاريات يسرا أي السفن الجارية في البحر سهلا. أو الرياح الجارية في مهابها. أو الكواكب التي تجري في منازلها. ويسرا صفة مصدر محذوف. أو جريا ذا يسر فالمقسمات أمرا أي الملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرهما، أو ما يعمهم وغيرهم من أسباب القسمة. أو الرياح يغسمن الأمطار بتصريف السحاب.
تنبيهات:
الأول- ذكرنا أن هذه الأمور الأربعة يجوز أن تكون أمورا متباينة، وأن تكون أمرا له أربعة اعتبارات. والأول هو المأثور عن علي رضي الله عنه: أن الذاريات هي الرياح، والحاملات هي السحاب، والجاريات هي السفن، والمقسمات هي الملائكة.
واختار بعضهم في (الجاريات) أنها الكواكب، ليكون ذلك ترقيا من الأدنى إلى الأعلى: فالرياح فوقها السحاب، والنجوم فوق ذلك، والملائكة فوق الجميع، تنزل بأوامر الله الشرعية والكونية.
واستظهر الرازي أن الأقرب أن تكون صفات أربع للرياح، وأطال في ذلك.
واللفظ متسع بجوهره للكل- والله أعلم-.
الثاني- فائدة (الفاء) إن قيل إنها صفات الرياح، فلبيان ترتيب الأمور في الوجود. فإن الذاريات تنشئ السحاب. فتقسم الأمطار على الأقطار. وإن قيل إنها أمور أربعة، فالفاء للترتيب الذكري أو الرتبي.
الثالث- ذكر الرازي في الحكمة في القسم وجوها:
أحدها- أن الكفار كانوا في بعض الأوقات يعترفون بكون النبي صلى الله عليه وسلم غالبا في إقامة الدليل، وكانوا ينسبونه إلى المجادلة، وإلى أنه عارف في نفسه بفساد ما يقوله، وأنه يغلبنا بقوة الجدل، لا بصدق المقال. كما أن بعض الناس إذا أقام عليه الخصم الدليل، ولم يبق له حجة، يقول: إنه غلبني لعمله بطريق الجدل، وعجزي عن ذلك.
وهو يعلم في نفسه أن الحق بيدي، فلا يبقى للمتكلم المبرهن طريق غير اليمين، فيقول: والله! إن الأمر كما أقول، ولا أجادلك بالباطل. وذلك لأنه لو سلك طريقا آخر من ذكر دليل آخر، فإذا تم الدليل الآخر يقول الخصم فيه مثل ما قال في الأول، إن
ذلك تقرير بقوة علم الجدل، فلا يبقى إلا السكوت أو التمسك بالأيمان، وترك إقامة البرهان.
ثانيها- أن العرب كانت تحترز عن الأيمان الكاذبة، وتعتقد أنها تدع الديار بلاقع. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من الأيمان بكل شريف، ولم يزده ذلك إلا رفعة وثباتا.
وكان يحصل لهم العلم بأنه لا يحلف بها كاذبا، وإلا لأصابه شؤم الأيمان، ولناله المكروه في بعض الأزمان.
ثالثها- أن الأيمان التي أقسم الله تعالى بها، كلها دلائل أخرجها في صورة الأيمان. مثاله قول القائل لمنعمه: وحق نعمك الكثيرة إني لا أزال أشكرك. فيذكر النعم، وهي سبب مفيد لدوام الشكر، ويسلك مسلك القسم. كذلك هذه الأشياء كلها دليل على قدرة الله تعالى على الإعادة.
فإن قيل: فلم أخرجها مخرج الأيمان؟ نقول: لأن المتكلم إذا شرع في أول كلامه بحلف، يعلم السامع أنه يريد أن يتكلم بكلام عظيم، فيصغي إليه أكثر من أن يصغي إليه حيث يعلم أن الكلام ليس بمعتبر، فبدأ بالحلف، وأدرج الدليل في صورة اليمين، حيث أقبل القوم على سماعه، فخرج لهم البرهان المبين، والتبيان المتين، في صورة اليمين. انتهى. وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (51) : الآيات 5 الى 6]
إنما توعدون لصادق (5) وإن الدين لواقع (6)
إنما توعدون لصادق جواب القسم و (ما) موصولة أو مصدرية. والموعود هو قيام الساعة، وبعث الموتى من قبورهم. و (صادق) بمعنى صدق. فوضع الاسم مكان المصدر، أو هو من باب (عيشة راضية) . وإن الدين أي الجزاء على الأعمال. إن خيرا فخير، وإن شرا فشر لواقع أي لحاصل. قال قتادة: وذلك يوم القيامة، يوم يدين الله العباد بأعمالهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (51) : الآيات 7 الى 9]
والسماء ذات الحبك (7) إنكم لفي قول مختلف (8) يؤفك عنه من أفك (9)
والسماء ذات الحبك أي الطرق المختلفة التي هي دوائر سير الكواكب.
و (الحبك) أصل معناها ما يرى كالطريق في الرمل والماء، إذا ضربته الريح.
وكذلك حبك الشعر: آثار تثنيه وتكسره. و (الحبك) بضمتين جمع حباك، كمثال ومثل وكتاب وكتب. أو حبيكة كطريقة وطرق. قال زهير يصف غديرا:
مكلل بأصول النجم تنسجه ... ريح خريق لضاحي مائه حبك
ويقال: ما أملح حباك هذه الحمامة! وهو الخط الأسود على جناحها.
وعن الحسن: (ذات الحبك) أي النجوم قال: حبكت بالخلق الحسن، حبكت بالنجوم. وذلك لأنها تزين السماء، كما يزين الثوب الموشى تحبيكه، فشبهت النجوم بطرائق الوشي مجازا بالاستعارة.
وقال بعض علماء الفلك: الحبك جمع حبيكة، بمعنى محبوكة، أي: مربوطة.
فمعنى (ذات الحبك) ذات المجاميع من الكواكب المربوط بعضها ببعض بحبال من الجاذبية، فإن كل حبيكة مجموعة من الكواكب المتجاذبة. فالآية الشريفة نص على تعدد المجاميع وعلى الجاذبية التي يزعم الأفرنج أنهم مكتشفوها. وعليه، في إحدى معجزات القرآن العلمية. انتهى.
إنكم لفي قول مختلف أي متخالف متناقض. قال ابن زيد: يتخرصون يقولون: هذا سحر ويقولون: إن هذا إلا أساطير الأولين يؤفك أي يصرف عنه من أفك أي صرف عن الحق الصريح الصرف التام، إذ لا صرف أشد منه.
وقد ذكر القاضي في مناسبة المقسم به للمقسم عليه، هو تشبيه أقوالهم في اختلافها، وتنافي أغراضها، بالطرائق للسموات في تباعدها، واختلاف غاياتها.
ثم أشار أنهم لم يؤفكوا لاتباعهم الدلائل، بل لأخذهم بالخرص والتخمين، بقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (51) : الآيات 10 الى 13]
قتل الخراصون (10) الذين هم في غمرة ساهون (11) يسئلون أيان يوم الدين (12) يوم هم على النار يفتنون (13)
قتل الخراصون أي لعن الآخذون بالتخمين، مع ترك دلائل اليقين الذين هم في غمرة أي في جهل يغمرهم عن وجوب اتباع الدلائل القاطعة، وترك الشبهات الواهية ساهون أي غافلون عما أتاهم، وعما نزل إليهم، بالانهماك في اللذات البدنية، واستئثار الحظوظ العاجلة يسئلون أيان يوم الدين أي متى يوم الجزاء، ويوم
يدين الله العباد بأعمالهم يوم هم على النار يفتنون أي يحرقون. وأصل الفتن إذابة الجوهر ليظهر غشه. ثم استعمل في التعذيب والإحراق ونحوه.
قال القاضي: جواب للسؤال. أي يقع يوم هم على النار يفتنون، أو هو يوم هم.. إلخ، وفتح (يوم) لإضافته إلى غير متمكن، ويدل عليه أنه قرئ بالرفع.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (51) : آية 14]
ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون (14)
ذوقوا فتنتكم أي مقولا لهم: ذوقوا عذابكم الذي طلبتموه، بل الذي استعجلتموه قبل وقته، كما قال: هذا الذي كنتم به تستعجلون أي حصوله في الدنيا.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.29%)]