عرض مشاركة واحدة
  #520  
قديم 25-02-2025, 05:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,925
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ ص
المجلد الرابع عشر
صـ 5071 الى صـ 5080
الحلقة (520)






القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 174]
فتول عنهم حتى حين (174)
فتول عنهم أي أعرض عنهم إعراض الصفوح الحليم عمن ينال منه. كقوله تعالى: ودع أذاهم [الأحزاب: 48] ، وقوله: فاصفح الصفح الجميل [الحجر: 85] ، حتى حين أي إلى استقرار النصر لك.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 175]
وأبصرهم فسوف يبصرون (175)
وأبصرهم أي بصرهم وعرفهم عاقبة البغي والكفر، وما نزل بمن أنذر قبلهم، أو أوضح لهم الدلائل والحجج في مجاهدتك إياهم بالقرآن والوحي. فإن لم يبصروا الآن، فسوف يبصرون أي ما قضينا لك من التأييد والنصرة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 176]
أفبعذابنا يستعجلون (176)
أفبعذابنا يستعجلون أي قبل حلول أجله، وإنه لآت، لأنه يوم الفتح الموعود به.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 177]
فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين (177)
فإذا نزل بساحتهم أي بقربهم وفنائهم فساء صباح المنذرين أي فبئس الصباح صباح من أنذرتهم بالرسل فلم يؤمنوا. لأنه يوم هلاكهم ودمارهم. قال الزمخشري: مثل العذاب النازل بهم، بعد ما أنذروه فأنكروه، بجيش أنذر بهجومه بعض نصاحهم فلم يلتفتوا إلى إنذاره، ولا أخذوا أهبتهم، ولا دبروا أمرهم تدبيرا ينجيهم، حتى أناخ بفنائهم بغتة فشن عليهم الغارة، وقطع دابرهم. وكانت عادة مغاويرهم أن يغيروا صباحا. فسميت الغارة (صباحا) وإن وقعت في وقت آخر. وما فصحت هذه الآية ولا كانت لها الروعة التي تحس بها ويروقك موردها على نفسك وطبعك، إلا لمجيئها على طريقة التمثيل. انتهى. أي فهي استعارة تمثيلية. أو في الضمير استعارة مكنية، والنزول تخييلية.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : الآيات 178 الى 179]
وتول عنهم حتى حين (178) وأبصر فسوف يبصرون (179)
وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون قال الزمخشري: إنما ثنى ذلك ليكون تسلية علي تسلية، وتأكيدا لوقوع الميعاد إلى تأكيد. وفيه فائدة زائدة. وهي إطلاق الفعلين معا عن التقييد بالمفعول. وإنه يبصر وهم يبصرون ما لا يحيط به من الذكر من صنوف المسرة وأنواع المساءة. وقيل: أريد بأحدهما عذاب الدنيا، وبالآخر عذاب الآخرة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 180]
سبحان ربك رب العزة عما يصفون (180)
سبحان ربك رب العزة أي المنعة والقدرة والغلبة عما يصفون أي من الشريك والولد ونحوهما.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 181]
وسلام على المرسلين (181)
وسلام على المرسلين أي سلام وأمان وتحية على المرسلين المبلغين رسالات ربهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الصافات (37) : آية 182]
والحمد لله رب العالمين (182)
والحمد لله رب العالمين أي على نعمه، التي أجلها إرسال الرسل لإظهار أسمائه الحسنى وشرائعه العليا، وإصلاح الأولى والأخرى.
فوائد في خواتم هذه السورة:
الأولى- روى ابن جرير عن الوليد بن عبد الله قال: كانوا لا يصفون في الصلاة حتى نزلت وإنا لنحن الصافون فصفوا. وقال أبو نضرة: كان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه ثم قال: أقيموا صفوفكم، استقيموا قياما، يريد الله بكم هدى الملائكة. ثم يقول: وإنا لنحن الصافون تأخر يا فلان، تقدم يا فلان، ثم يتقدم فيكبر. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير.
وفي صحيح مسلم «1» عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة. وجعلت لنا الأرض مسجدا. وتربتها لنا طهورا.
الثانية-
روى الشيخان «2» عن أنس رضي الله عنه قال: صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر. فلما خرجوا بفئوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش، رجعوا وهم يقولون: محمد والله! محمد والخميس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر خربت خيبر (إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين)
.
دل تمثله صلى الله عليه وسلم بالآية على شمولها لعذاب الدنيا، أولا وبالذات.

الثالثة- قال ابن كثير: لما كان التسبيح يتضمن التنزيه والتبرئة من النقص، بدلالة المطابقة. ويستلزم إثبات الكمال، كما أن الحمد يدل على إثبات صفات الكمال المطلق مطابقة، ويستلزم التنزيه من النقص- قرن بينهما في هذا الموضع، وفي مواضع كثيرة من القرآن. ولهذا قال تبارك وتعالى: سبحان ربك الآيات.
الرابعة-
روى ابن حاتم عن الشعبي مرسلا: من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى
(1)
أخرجه في: المساجد ومواضع الصلاة، حديث رقم 4.

(2)
أخرجه البخاري في: الأذان، 6- باب ما يحقن بالأذان من الدماء، حديث 246.

وأخرجه مسلم في: النكاح، حديث رقم 87.
من الأجر يوم القيامة، فليقل آخر مجلسه، حين يريد أن يقوم: سبحان ربك الآيات.
وروي أيضا عن علي موقوفا.
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم مرفوعا: من قال دبر كل صلاة سبحان ربك الآيات، ثلاث مرات، فقد اكتال بالجريب الأوفى من الأجر.
وقد بين الرازي أن خاتمة هذه السورة الشريفة جامعة لكل المطالب العالية.
فارجع إليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة ص
مكية. وقيل: مدنية وضعف وآياتها ثمان وثمانون.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (38) : آية 1]
بسم الله الرحمن الرحيم
ص والقرآن ذي الذكر (1)
ص بالسكون على الوقف. وقرئ بالكسر والفتح. اسم للسورة، على القول المتجه عندنا فيه وفي نظائره. لما قدمنا غير ما مرة. وقيل: قسم رمزي، وإليه نحا المهايمي. قال: أقسم الله سبحانه وتعالى بصدق محمد صلى الله عليه وسلم الذي اعترف به الكل في غير دعوى النبوة، حتى صدقه أهل الكتابين في إخباره عن الغيوب، الدال على الصدق في دعوى النبوة. أو بصفائه عن رذائل الأخلاق وقبائح الأفعال الدال على صفائه عن نقيصة الكذب. أو بصعوده في مدارج الكمالات، الدال على صعوده في مدارج القرب من الله- أو بصبره الكامل هو لوازم الرسالة على أنه رسوله. انتهى.
والقرآن ذي الذكر أي الشرف الدال على حقيقته وصدقه. أو التذكير، كآية لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم [الأنبياء: 10] ، والجواب محذوف لدلالة السياق عليه. أي إنه لحق. وقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (38) : آية 2]
بل الذين كفروا في عزة وشقاق (2)
بل الذين كفروا في عزة أي كبر وشقاق أي عداوة للحق والإذعان له.
إضراب عما قبله. كأنه قيل: لا ريب فيه قطعا. وليس عدم إيمان الكفرة به لشائبة ريب مما فيه. بل هم في حمية جاهلية وشقاق بعيد لله ولرسوله. ولذلك لا يذعنون له. وقيل: الجواب ما دل عليه الجملة الإضرابية. أي ما كفر به من كفر لخلل وجده فيه. بل الذين كفروا في عزة وشقاق ثم أوعدهم على شقاقهم بقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (38) : آية 3]
كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص (3)
كم أهلكنا من قبلهم من قرن أي لكبرهم عن الحق، ومعاداتهم لأهله فنادوا أي فدعوا واستغاثوا ولات حين مناص أي وليس الحين حين فرار ومهرب ومنجاة. والكلام على (لات) وأصلها وعملها والوقف عليها، ووصل التاء بها أو فصلها عنها، مبسوط في مطولات العربية، وفي معظم التفاسير هنا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (38) : الآيات 4 الى 5]
وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب (4) أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب (5)
وعجبوا أن جاءهم منذر أي رسول منهم أي من أنفسهم. يعني النبي صلى الله عليه وسلم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب أي بليغ في العجب. وذلك لتمكن تقليد آبائهم في نفوسهم، ورسوخه في أعماق قلوبهم. ومضي قرون عديدة عليه، وإلفهم به وأنسهم له، حتى ران على قلوبهم، وغشي على أبصارهم، ونسي باب النظر والاستدلال. بل محي بالكلية من بينهم.
وصار عندهم من أبطل الباطل وأمحل المحال.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (38) : آية 6]
وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد (6)
وانطلق الملأ منهم أي الأشراف من قريش يحضون بعضهم على التمسك بالوثنية، ويتواصون بالصبر على طغيانهم قائلين أن امشوا أي في طريق آبائكم واصبروا على آلهتكم أي عبادتها مهما سمعتم من تسفيه أحلامنا وتفنيد مزاعمنا إن هذا لشيء يراد تعليل للأمر بالصبر. أي يراد منا إمضاؤه وتفنيده لا محالة. أي يريده محمد من غير صارف يلويه، ولا عاطف يثنيه، لا قول يقال من طرف اللسان.
أو المعنى: إن هذا الأمر لشيء من نوائب الدهر يراد منا. أي بنا. فلا انفكاك لنا عنه.
وما لنا إلا الاعتصام عليه بالصبر.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (38) : آية 7]
ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق (7)
ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة أي ما سمعنا بهذا التوحيد الذي ندعى إليه في ملة النصارى. لأنهم مثلثة غير موحدة. أو في ملة قريش التي أدركنا عليها آباءنا
إن هذا إلا اختلاق أي ما هذا التوحيد إلا فرية محضة، لا مستند له سوى هذا الذكر بزعمهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (38) : آية 8]
أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب (8)
أأنزل عليه الذكر من بيننا أي مع أن فينا من هو أثرى وأعلى رئاسة. قال الزمخشري: أنكروا أن يختص بالشرف من بين أشرافهم ورؤسائهم، وينزل عليه الكتاب من بينهم كما قالوا: لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم [الزخرف: 31] ، وهذا الإنكار ترجمة عما كانت تغلي به صدورهم من الحسد، على ما أوتي من شرف النبوة من بينهم بل هم في شك من ذكري إضراب عن مقدر. أي: إنكارهم للذكر ليس عن علم، بل هم في شك منه. يقولون في أنفسهم:
إما وإما بل لما يذوقوا عذاب أي على الإنكار. فإذا ذاقوه زال عنهم ما بهم من الشك والحسد، وصدقوا وتصديقهم لا ينفعهم حينئذ لأنهم صدقوا مضطرين.
قال الناصر في (الانتصاف) : ويؤخذ منه أن (لما) لائقة بالجواب. وإنما ينفى بها فعل يتوقع وجوده. كما يقول سيبويه. وفرق بينها وبين (لم) بأن (لم) نفي لفعل يتوقع وجوده لم يقبل مثبته (قد) . و (لما) نفي لما يتوقع وجوده أدخل على مثبته (قد) .
وقال: وإنما ذكرت ذلك لأني حديث عهد بالبحث في قوله عليه الصلاة والسلام: الشفعة فيما لم يقسم. فإني استدللت به على أن الشفعة خاصة بما يقبل القسمة. فقيل لي: إن غايته أنه أثبت الشفعة فيما نفى عنه القسمة. فإما لأنها لا تقبل قسمة. وإما أنها تقبل ولم تقع القسمة، فأبطلت ذلك بأن آلة النفي المذكورة (لم) ومقتضاها، قبول المحل الفعل المنفي وتوقع وجوده. ألا تراك تقول: الحجر لا يتكلم. ولو قلت: الحجر لم يتكلم. لكان ركيكا من القول، لإفهامه قبوله للكلام.
انتهى. وهو لطيف جيد.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (38) : آية 9]
أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب (9)
أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب أي حتى يتخيروا للنبوة ما تهوى أنفسهم. كلا وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة [القصص: 68] ، الله أعلم حيث يجعل رسالته [الأنعام: 124] .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (38) : آية 10]
أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب (10)
أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب أي فليصعدوا في المراقي التي توصلهم إلى السماء، وليتحكموا بما شاءوا في الأمور الربانية والتدابير الإلهية.
روى ابن جرير بسنده عن الربيع بن أنس قال: الأسباب أدق من الشعر وأشد من الحديد. وهو بكل مكان. غير أنه لا يرى. انتهى.
وهذا البيان ينطبق على ما يعرف به الأثير الموجود في أجزاء الخلاء المظنون أنها فارغة. فتأمل.
ثم قال ابن جرير: وأصل السبب عند العرب، كل ما تسبب به إلى الوصول إلى المطلوب من حبل أو وسيلة، أو رحم أو قرابة أو طريق أو محجة، وغير ذلك. انتهى.
وقال المهايمي: أي فليصعدوا في الأسباب التي هي معارج الوصول إلى العرش، ليستووا عليه، فيدبروا العالم وينزلوا الوحي على من شاءوا. وأنى لهم ذلك؟؟





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.01 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.38%)]