
24-02-2025, 05:21 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,648
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الرابع
الحلقة (292)
صـ 518 إلى صـ 526
إلا وتحته دم عبيط، ولقد مطرت [1] السماء مطرا بقي [2] أثره في الثياب [3] مدة حتى تقطعت. قال الزهري: ما بقي أحد من قاتلي [4] الحسين إلا وعوقب في الدنيا [5] : إما بالقتل وإما بالعمى [6] أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة.
وكان [7] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر الوصية للمسلمين [8] في ولديه الحسن والحسين ويقول لهم: هؤلاء وديعتي [9] عندكم. وأنزل الله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} [سورة الشورى: 23] .
والجواب: أما قوله: "وتمادى بعضهم في التعصب حتى اعتقد إمامة يزيد بن معاوية" .
إن أراد بذلك أنه اعتقد أنه من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين [10] ، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، فهذا لم يعتقده أحد من علماء [11] المسلمين.
(1) أ، ب: أمطرت، ك: وقد قطرت.
(2) ك: أبقى
(3) أ، و، ص، ر، هـ: النبات.
(4) ب، ص: قتلة ; وفي (و) : ممن قاتل ; ن، م، ك: من قاتل. ولعل الصواب ما أثبته.
(5) في الدنيا: ليست في (ك) ز
(6) ك: أو العمى.
(7) ك: وقد كان.
(8) ن، م: بالمسلمين.
(9) وديعتي: كذا في: (ب) ، (ك) ، وفي سائر النسخ: ولدي.
(10) ب، ص: المهتدين.
(11) ب: العلماء
وإن اعتقد مثل هذا بعض الجهال، كما يحكى عن بعض الجهال من الأكراد [1] ونحوهم أنه يعتقد أن يزيد من الصحابة، وعن بعضهم أنه من الأنبياء [2] ، وبعضهم يعتقد أنه من الخلفاء الراشدين [المهديين] [3] ، فهؤلاء ليسوا من أهل العلم الذين يحكى قولهم. وهم مع هذا الجهل خير من جهال الشيعة وملاحدتهم الذين يعتقدون إلهية علي أو نبوته، أو يعتقدون أن باطن الشريعة يناقض [4] ظاهرها، كما تقوله الإسماعيلية [5] والنصيرية وغيرهم من أنه يسقط عن خواصهم الصوم والصلاة والحج والزكاة، وينكرون المعاد، بل غلاتهم يجحدون الصانع، وهم يعتقدون في محمد بن إسماعيل أنه أفضل من محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وأنه نسخ شريعته، ويعتقدون في أئمتهم، كالذي يسمونه المهدي وأولاده، مثل المعز والحاكم وأمثالهم: أنهم أئمة معصومون. فلا ريب أن من اعتقد عصمة خلفاء بني أمية وبني العباس كلهم كان خيرا من هؤلاء من وجوه كثيرة ; فإن خلفاء بني أمية وبني العباس مسلمون ظاهرا وباطنا، وذنوبهم من جنس ذنوب المسلمين، ليسوا كفارا منافقين.
وهؤلاء الباطنية هم في الباطن أكفر من اليهود والنصارى. فمن اعتقد عصمة هؤلاء كان أعظم جهلا وضلالا ممن اعتقد عصمة خلفاء بني أمية
(1) ن، م: بعض جهال الأكراد.
(2) (ن) فقط: من الأنصار.
(3) المهديين: ساقطة من: (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: يخالف.
(5) أ، ب: كما تقوله ملاحدة الإسماعيلية.
وبني العباس، بل ولو اعتقد معتقد عصمة سائر ملوك المسلمين، الذين هم مسلمون ظاهرا وباطنا، لكان خيرا ممن اعتقد عصمة هؤلاء. فقد تبين أن الجهل الذي يوجد فيمن هو من أجهل أهل السنة، يوجد في الشيعة من الجهل ما هو أعظم [منه] [1] ، لا سيما وجهل أولئك أصله جهل نفاق وزندقة لا جهل تأويل وبدعة. وهؤلاء أصل جهلهم لم يكن جهل نفاق وزندقة، بل جهل بدعة وتأويل وقلة علم بالشريعة.
ولهذا إذا تبين لهؤلاء حقيقة ما بعث الله به [محمدا] [2] رسوله رجعوا عن جهلهم وبدعتهم. وأما أئمة الملاحدة فيعلمون في الباطن أن ما يقولونه مناقض لما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - وهم يخالفونه لاعتقادهم أنه وضع ناموسا بعقله وفضيلته، فيجوز لنا أن نضع ناموسا كما وضع ناموسا، إذ كانت النبوة عندهم مكتسبة، وهي [عندهم] [3] من جنس فضيلة العلماء العباد، والشرائع من جنس سياسة الملوك العادية، فيجوزون أن تنسخ شريعته بشريعة يضعها الواحد من أئمتهم، ويقولون: إن الشريعة إنما هي للعامة، فأما الخاصة إذا علموا باطنها فإنه تسقط عنهم الواجبات وتباح لهم المحظورات.
وهؤلاء ونحوهم أكثر من اليهود والنصارى، بل إذا قدر قوم يعتقدون عصمة الواحد من بني أمية أو بني العباس، أو أنه لا ذنوب لهم، أو أن الله
(1) منه: ساقطة من (ن) فقط.
(2) محمدا: ليست في (ن) ، (م) .
(3) عندهم: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) .
1 -
لا يؤاخذهم بذنوبهم، كما يحكى عن بعض أتباع بني أمية أنهم كانوا يقولون: إن الخليفة يتقبل الله منه الحسنات ويتجاوز له عن السيئات ; فهؤلاء مع ضلالهم أقل ضلالا ممن يقول بإمامة المنتظر والعسكريين ونحوهم. ويقولون: إنهم معصومون، فإن هؤلاء اعتقدوا [1] العصمة والإمامة في معدوم أو فيمن [ليس] [2] له سلطان ينتفعون به ولا عنده من العلم والدين أكثر مما عند كثير من عامة المسلمين، وأولئك اعتقدوا أن الإمام له حسنات [3] كثيرة تغمر سيئاته. وهذا ممكن في الجملة، فإنه يمكن أن يكون للمسلم حسنات تغمر سيئاته، وإن كان ذلك لا يشهد به لمعين إلا بما يدل على التعيين. أما كون واحد ممن يوجد في المسلمين من هو أعلم منه وأدين معصوما عن الخطأ فهذا باطل قطعا ; بل دعوى العصمة فيمن سوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعوى باطلة قطعا، فتبين أن أولئك مع جهالتهم [4] هم أقرب إلى الحق وأقل جهلا من هؤلاء الروافض [5] ، وأن من اعتقد أن يزيد من الصحابة أو الأنبياء لم يكن جهله وضلاله أعظم من جهل وضلال من اعتقد الإلهية والنبوة في شيوخ الشيعة، لا سيما شيوخ الإسماعيلية والنصيرية، الذين هم أكفر من اليهود والنصارى، وأتباعهم يعتقدون فيهم الإلهية.
(1) (ن) فقط: إن اعتقدوا.
(2) ليس: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: أن للإمام حسنات.
(4) مع جهالتهم: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: مع جهل فيهم.
(5) أ، ب: الرافضة.
وأما علماء أهل [1] السنة الذين لهم قول [يحكى] [2] فليس فيهم من يعتقد أن يزيد وأمثاله من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين [3] ، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - بل أهل السنة يقولون بالحديث الذي في السنن: "«خلافة النبوة [4] ثلاثون سنة ثم تصير ملكا»" [5] .
وإن أراد باعتقادهم [6] إمامة يزيد، أنهم يعتقدون أنه كان [7] ملك جمهور المسلمين وخليفتهم في زمانه [8] صاحب السيف، كما كان أمثاله من خلفاء بني أمية وبني العباس، فهذا أمر معلوم لكل أحد، ومن نازع في هذا كان مكابرا ; فإن يزيد بويع بعد موت أبيه معاوية، وصار متوليا على أهل الشام ومصر والعراق وخراسان وغير ذلك من بلاد المسلمين.
والحسين - رضي الله عنه - استشهد يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وهي أول سنة في ملك يزيد. والحسين استشهد قبل أن يتولى على شيء من البلاد. ثم إن ابن الزبير لما [9] جرى بينه وبين يزيد ما جرى من الفتنة، واتبعه من اتبعه من أهل مكة والحجاز وغيرهما، وكان إظهاره طلب الأمر لنفسه [10] بعد
(1) أهل: زيادة في (ر) ، (ص) ، (هـ) .
(2) يحكى: ساقطة من (ن) ، (م) ، (و) .
(3) ص، ب: المهتدين.
(4) ب (فقط) : بالنبوة، وهو تحريف.
(5) مضى هذا الحديث من قبل 1/515.
(6) ب (فقط) : اعتقادهم.
(7) كان: ساقطة من (ص) ، (ب) .
(8) ص، ب: زمانهم.
(9) لما: ساقطة من (ب) فقط.
(10) ص: وكان من إظهاره طلب إمره لنفسه ; ر: وكان إظهاره طلب إمره لنفسه.
موت يزيد، فإنه حينئذ تسمى بأمير المؤمنين، وبايعه عامة أهل الأمصار إلا أهل الشام. ولهذا إنما تعد ولايته من بعد موت يزيد، وأما في حياة يزيد فإنه امتنع عن مبايعته أولا، ثم بذل المبايعة له، فلم يرض يزيد إلا بأن يأتيه أسيرا، فجرت بينهما فتنة، وأرسل إليه يزيد من حاصره بمكة، فمات يزيد وهو محصور، فلما مات يزيد بايع ابن الزبير طائفة من أهل الشام والعراق وغيرهم. وتولى بعد يزيد ابنه معاوية بن يزيد [1] ولم تطل أيامه [2] ، بل أقام أربعين يوما أو نحوها، وكان فيه صلاح وزهد، ولم يستخلف أحدا، فتأمر بعده مروان [بن الحكم] [3] على الشام، ولم تطل أيامه [4] ، ثم تأمر بعده ابنه عبد الملك، وسار إلى مصعب بن الزبير نائب أخيه على العراق، فقتله حتى ملك العراق، وأرسل الحجاج إلى ابن الزبير [فحاصره] [5] وقاتله، حتى قتل ابن الزبير، واستوثق الأمر لعبد الملك، ثم لأولاده من بعده، وفتح في أيامه بخارى وغيرها من بلاد ما وراء النهر، فتحها قتيبة بن مسلم نائب الحجاج بن يوسف الذي كان نائب عبد الملك بن مروان على العراق، مع ما كان فيه من الظلم، وقاتل المسلمون ملك الترك خاقان وهزموه وأسروا أولاده، وفتحوا أيضا بلاد السند، وفتحوا أيضا بلاد الأندلس، وغزوا القسطنطينية وحاصروها مدة، وكانت لهم الغزوات الشاتية [6] والصائفة.
(1) بن يزيد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن: إمامته ; م: مدته.
(3) بن الحكم: ليست في (أ) ، (ن) ، (م) ، (و) .
(4) أ، ب: فلم تطل مدته.
(5) فحاصره: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: العراق الشاتية. . .، وهو تحريف.
ثم لما انتقل الأمر إلى بني العباس [1] تولوا على بلاد العراق والشام ومصر والحجاز واليمن وخراسان وغيرهما مما كان قد تولى عليه بنو أمية، إلا بلاد المغرب، فإن الأندلس تولى عليه بنو أمية، وبلاد القيروان كانت دولة بين هؤلاء وهؤلاء.
فيزيد في ولايته هو واحد من هؤلاء الملوك، ملوك المسلمين المستخلفين في الأرض، ولكنه مات وابن الزبير ومن بايعه بمكة خارجون عن طاعته، لم يتول على جميع بلاد المسلمين، كما أن ولد العباس لم يتولوا على جميع بلاد المسلمين، بخلاف عبد الملك وأولاده فإنهم تولوا على جميع بلاد المسلمين، وكذلك الخلفاء الثلاثة ومعاوية تولوا على جميع بلاد المسلمين، وعلي - رضي الله عنه - لم يتول على جميع بلاد المسلمين.
فكون الواحد من هؤلاء إماما، بمعنى أنه كان له سلطان ومعه السيف يولي ويعزل، ويعطي ويحرم، ويحكم وينفذ [2] ، ويقيم الحدود ويجاهد الكفار، ويقسم الأموال - أمر مشهور [3] متواتر لا يمكن جحده. وهذا معنى كونه إماما وخليفة وسلطانا، كما أن إمام الصلاة هو الذي يصلي بالناس. فإذا رأينا رجلا يصلي بالناس كان القول بأنه إمام أمرا مشهودا محسوسا لا يمكن المكابرة فيه. وأما كونه برا أو فاجرا، أو مطيعا أو عاصيا، فذاك أمر آخر.
(1) بني العباس: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: ولد العباس.
(2) ص: وينفي.
(3) ر، ص، هـ: مشهود
فأهل السنة إذا اعتقدوا إمامة الواحد من هؤلاء: يزيد، أو عبد الملك، أو المنصور، أو غيرهم - كان بهذا الاعتبار. ومن نازع في هذا فهو شبيه بمن نازع في ولاية أبي بكر وعمر وعثمان، وفي ملك كسرى وقيصر والنجاشي وغيرهم من الملوك.
وأما كون الواحد من هؤلاء معصوما، فليس هذا اعتقاد أحد من علماء المسلمين [1] ، وكذلك كونه عادلا في كل أموره، مطيعا لله في جميع أفعاله، ليس هذا اعتقاد أحد [2] من أئمة المسلمين. وكذلك وجوب طاعته في كل ما يأمر به، وإن كان معصية لله، ليس هو اعتقاد أحد من أئمة المسلمين.
ولكن مذهب أهل السنة والجماعة أن هؤلاء يشاركون فيما يحتاج إليهم فيه من طاعة الله، فتصلى خلفهم الجمعة والعيدان [3] وغيرهما من الصلوات التي يقيمونها هم، لأنها لو لم تصل خلفهم أفضى إلى تعطيلها، ونجاهد معهم الكفار، ونحج معهم البيت العتيق، ويستعان بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود، فإن الإنسان لو قدر أنه حج [4] في رفقة لهم ذنوب وقد جاءوا يحجون، لم يضره هذا شيئا، وكذلك الغزو وغيره من الأعمال الصالحة، إذا فعلها البر وشاركه في ذلك الفاجر لم يضره ذلك شيئا، فكيف إذا لم يمكن فعلها [5] إلا على هذا الوجه، فكيف إذا كان
(1) أ، ب: من العلماء.
(2) ص: واحد.
(3) ب: فنصلي خلفهم الجمعة والعيدين ; أ: فيصلي خلفهم الجمعة والعيدين.
(4) أ، ب: أن يحج.
(5) ن، أ، ب، و، ر: لم يكن فعلها.
الوالي الذي يفعلها فيه معصية؟ ! ويستعان بهم أيضا في العدل في الحكم والقسم ; فإنه لا يمكن عاقل [1] أن ينازع في أنهم كثيرا ما يعدلون في حكمهم وقسمهم، ويعاونون على البر والتقوى، ولا يعاونون على الإثم والعدوان.
وللناس نزاع في تفاصيل تتعلق بهذه الجملة ليس هذا موضعها، مثل إنفاذ حكم الحاكم الفاسق إذا كان الحكم عدلا، ومثل الصلاة خلف الفاسق هل تعاد أم لا؟ والصواب [2] الجامع في هذا الباب أن من حكم بعدل أو قسم بعدل نفذ حكمه وقسمه [3] ، ومن أمر بمعروف أو نهى عن منكر أعين على ذلك، إذا لم يكن في ذلك مفسدة راجحة، وأنه لا بد من إقامة الجمعة والجماعة، فإن أمكن تولية إمام [بر] لم [يجز] تولية فاجر ولا مبتدع [4] يظهر بدعته، فإن هؤلاء يجب الإنكار عليهم بحسب الإمكان ولا يجوز [5] توليتهم، فإن لم يمكن إلا تولية أحد رجلين كلاهما فيه بدعة وفجور، كان تولية أصلحهما ولاية هو الواجب. وإذا لم يمكن في الغزو إلا تأمير أحد رجلين: أحدهما فيه دين وضعف عن الجهاد، والآخر فيه منفعة في الجهاد مع ذنوب له، كان تولية هذا الذي ولايته أنفع للمسلمين، خيرا من تولية من ولايته أضر على المسلمين. وإذا لم يمكن صلاة الجمعة
(1) في كل النسخ: عاقلا.
(2) ن، م: والجواب.
(3) أ، ب: وقسمته.
(4) ن، م: فإن أمكن تولية إمام لم يول مبتدع ولا فاجر.
(5) ن، و: فلا يجوز.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|