
24-02-2025, 05:17 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,430
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الرابع
الحلقة (290)
صـ 500 إلى صـ 508
«لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض»" [1] . فيكون علي كافرا لذلك - لم تكن حجتكم أقوى من حجتهم ; لأن الأحاديث التي احتجوا بها صحيحة.
وأيضا فيقولون: قتل النفوس فساد، فمن قتل النفوس على طاعته كان مريدا للعلو في الأرض والفساد. وهذا حال فرعون. والله تعالى يقول: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} سورة القصص فمن أراد العلو في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة. وليس هذا كقتال الصديق للمرتدين ولمانعي الزكاة ; فإن الصديق إنما قاتلهم على طاعة الله ورسوله: لا على طاعته. فإن الزكاة فرض عليهم، فقاتلهم على الإقرار بها، وعلى أدائها، بخلاف من قاتل ليطاع هو. ولهذا قال الإمام أحمد وأبو حنيفة وغيرهما: من قال أنا أؤدي الزكاة ولا أعطيها للإمام لم يكن للإمام أن يقاتله. وهذا فيه نزاع بين الفقهاء، فمن يجوز القتال على ترك طاعة ولي الأمر جوز قتال هؤلاء، وهو قول طائفة من الفقهاء، ويحكى هذا عن الشافعي - رحمه الله -.
(1) الحديث عن جرير بن عبد الله وعبد الله بن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - في: البخاري 1/31 (كتاب العلم، باب الإنصات للعلماء) ; مسلم 1/81 82 (كتاب الإيمان، باب بيان معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا. . .) ; سنن أبي داود 4/305 (كتاب السنة، باب في الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه) ; سنن الترمذي 3/329 (كتاب الفتن، باب لا ترجعوا بعدي كفارا) ; سنن الدارمي 2 (كتاب المناسك، باب في حرمة المسلم) ; المسند (ط. المعارف) 7/316 317، وفي مواضع أخرى في المسند
ومن لم يجوز القتال إلا على ترك طاعة الله ورسوله، لا على ترك طاعة شخص معين، لم يجوز قتال هؤلاء.
وفي الجملة فالذين قاتلهم الصديق - رضي الله عنه - كانوا ممتنعين عن طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [1] .
والإقرار بما جاء به، فلهذا كانوا مرتدين، بخلاف من أقر بذلك ولكن امتنع عن طاعة شخص معين كمعاوية وأهل الشام ; فإن هؤلاء كانوا مقرين بجميع ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم: يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، وقالوا: نحن نقوم بالواجبات من غير دخول في طاعة علي - رضي الله عنه - لما علينا في ذلك من الضرر، فأين هؤلاء من هؤلاء؟ .
واعلم أن طائفة من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد جعلوا قتال مانعي الزكاة وقتال الخوارج جميعا من قتال البغاة، وجعلوا قتال الجمل وصفين من هذا الباب. وهذا القول خطأ مخالف لقول الأئمة الكبار، وهو خلاف نص مالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم من أئمة السلف، ومخالف للسنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; فإن الخوارج أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم، واتفق على ذلك الصحابة. وأما القتال بالجمل وصفين [2] .
فهو قتال فتنة، وليس فيه أمر من الله ورسوله ولا إجماع من الصحابة. وأما قتال مانعي الزكاة إذا كانوا ممتنعين عن أدائها بالكلية، أو عن [3] . .
الإقرار بها ; فهو أعظم من قتال الخوارج.
(1) ص (فقط) : عن طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -
(2) ب (فقط) : وأما قتال الجمل وصفين
(3) ن، م: وعن
(* وأهل صفين لم يبدءوا عليا بالقتال، وأبو حنيفة وغيره لا يجوزون قتال البغاة إلا أن يبدءوا الإمام [بالقتال] [1]
، وكذلك أحمد وأبو حنيفة ومالك لا يجوزون [2]
قتال من قام بالواجب، إذا كانت طائفة ممتنعة قالت: [3]
لا نؤدي زكاتنا إلى فلان *) [4] . ; فيجب الفرق بين قتال المرتدين وقتال الخوارج المارقين.
وأما قتال البغاة المذكورين [5]
في القرآن فنوع ثالث غير هذا وهذا ; فإن الله تعالى لم يأمر بقتال البغاة ابتداء، بل أمر إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين بالإصلاح بينهما، وليس هذا حكم المرتدين ولا حكم الخوارج [6]
. والقتال يوم الجمل وصفين فيه نزاع: هل هو [7]
من باب قتال البغاة المأمور به في القرآن؟ أو هو قتال فتنة القاعد فيه [8]
خير من القائم، فالقاعدون من الصحابة وجمهور أهل الحديث والسنة وأئمة الفقهاء [بعدهم] [9] يقولون: هو قتال فتنة، ليس هو قتال البغاة المأمور به في القرآن ; فإن الله لم يأمر بقتال المؤمنين البغاة ابتداء لمجرد بغيهم، بل إنما أمر إذا اقتتل المؤمنون بالإصلاح بينهم.
(1) بالقتال: زيادة في (ص) ، (ب) .
(2) ب (فقط) : لا يجيزون.
(3) ص، ب: وقالت.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (و)
(5) ب (فقط) : المذكور.
(6) ن (فقط) : ولا حكم البغاة الخوارج.
(7) ب (فقط) : أهو.
(8) ن، م، و، هـ: فيها.
(9) بعدهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
وقوله: {فإن بغت إحداهما على الأخرى} يعود الضمير فيه إلى الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين، لا يعود إلى طائفة مؤمنة لم تقاتل. بالتقدير: فإن بغت إحدى الطائفتين المؤمنتين المقتتلتين على الأخرى، فقاتلوا الباغية حتى تفيء إلى أمر الله، فمتى كانت طائفة باغية ولم تقاتل لم يكن في الآية أمر بقتالها.
ثم إن كان قوله: {فإن بغت إحداهما على الأخرى} سورة الحجرات بعد الإصلاح فهو أوكد، وإن كان بعد الاقتتال حصل المقصود.
وحينئذ فأصحاب معاوية إن كانوا قد بغوا قبل القتال لكونهم لم يبايعوا عليا، فليس في الآية الأمر بقتال من بغى ولم يقاتل. وإن كان بغيهم بعد الاقتتال والإصلاح وجب قتالهم، لكن هذا لم يوجد ; فإن أحدا لم يصلح بينهما [1] .
(* ولهذا قالت عائشة - رضي الله عنها: "هذه الآية ترك الناس العمل بها" يعني إذ ذاك.
وإن كان بغيهم [2] بعد الاقتتال *) [3] وقبل الإصلاح، فهنا إذا قيل بجواز القتال، فهذا القدر إنما حصل في أثناء القتال. وحينئذ فشل أصحاب علي ونكلوا عن القتال [4] لما رفعوا المصاحف. ففي الحال التي أمر بقتالهم فيها لم يقاتلوهم، وفي الحال التي قاتلوهم لم يكن قتالهم مأمورا به. فإن كان
(1) ص، ب: بينهم.
(2) ص: بغى.
(3) ما بين النجمتين ساقط من (و) .
(4) القتال: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: عن قتالهم.
أولئك بغاة معتدين فهؤلاء مفرطون مقصرون، ولهذا ذلوا وعجزوا وتفرقوا، وليس الإمام مأمورا بأن يقاتل بمثل هؤلاء.
وفي الجملة فالبحث في هذه الدقائق من وظيفة خواص أهل العلم، بخلاف الكلام في تكفيرهم ; فإن هذا أمر يعلم فساده الخاصة والعامة بالدلائل الكثيرة.
ومما يبين كذب هذا الحديث: أنه لو كان حرب علي حربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى قد تكفل بنصر رسوله، كما في قوله تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} سورة غافر، وكما في قوله تعالى: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين - إنهم لهم المنصورون - وإن جندنا لهم الغالبون} سورة الصافات لوجب أن يغلب محارب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولم يكن الأمر كذلك، بل الخوارج لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم، وكانوا من جنس المحاربين لله ورسوله، انتصر عليهم، كما كان ينتصر عليهم في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والرسل صلوات الله عليهم، وإن كانت تبتلى في حروبهم، فالعاقبة لها. فلو كانت محاربته محاربة للرسول، لكان المنتصر في آخر الأمر هو. ولم يكن الأمر كذلك، بل كان في آخر الأمر يطلب مسالمة معاوية - رضي الله عنه - ومهادنته، وأن يكف عنه، كما كان معاوية يطلب [1] ذلك منه أول [الأمر] [2] .
فعلم أن ذلك القتال، وإن كان واقعا باجتهاد، فليس هو من القتال
(1) أ، ب: كما كان يطلب معاوية.
(2) أول الأمر: كذا في (أ) ، (ب) . وفي سائر النسخ: أولا.
الذي يكون محارب أصحابه محاربا لله ورسوله. ثم إنه لو قدر أنه محارب لله ورسوله، فالمحاربون قطاع الطريق لا يكفرون إذا كانوا مسلمين.
وقد تنازع الناس في قوله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا} سورة المائدة هل هي في الكفار أو في المسلمين؟ ومن يقول: إنها في المسلمين، يقول: إن الله تعالى يقول: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} ولو كانوا كفارا مرتدين لم يجز أن يقتصر على قطع أيديهم ولا نفيهم [1] ; بل يجب قتلهم فإن المرتد يجب قتله.
وكذلك من كان متأولا في محاربته مجتهدا لم يكن كافرا، كقتل أسامة بن زيد لذلك المسلم متأولا لم يكن به كافرا. وإن كان استحلال قتل المسلم المعصوم كفرا، وكذلك تكفير المؤمن كفر، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "«إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما»" [2] . ومع هذا إذا قالها متأولا لم يكفر، كما قال عمر بن الخطاب لحاطب بن أبي بلتعة:
(1) ن، م، ر، ص، هـ، و: لم يجز الاقتصار على قطعهم ولا نفيهم.
(2) الحديث - بألفاظ مقاربة - عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - في: البخاري 8/26 (كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال) ; مسلم 1 79 (كتاب الإيمان، باب بيان حال إيمان من قال لأخيه المسلم: يا كافر) ; سنن الترمذي 4 132 (كتاب الإيمان، باب من رمى أخاه بالكفر) ; الموطأ 2 984 (كتاب الكلام ; باب ما يكره من الكلام) ; المسند (ط. المعارف) 6 314.
"«دعني أضرب عنق هذا المنافق وأمثاله»" ، وكقول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة: "إنك لمنافق [1] تجادل عن المنافقين" في قصة الإفك [2] .
(فصل [3] .
قال الرافضي [4] : "وقد أحسن بعض الفضلاء في قوله: شر من إبليس من لم يسبقه في سالف طاعته [5] ، وجرى معه في ميدان معصيته [6] . ولا شك بين العلماء أن إبليس كان أعبد من الملائكة [7] ، وكان يحمل العرش وحده ستة آلاف سنة، ولما خلق الله آدم [8] وجعله خليفة في الأرض، وأمره بالسجود فاستكبر فاستحق اللعنة والطرد [9] . ومعاوية لم يزل في الإشراك وعبادة الأصنام [10] إلى أن أسلم بعد ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة طويلة، ثم استكبر عن طاعة الله في نصب أمير المؤمنين عليه إماما [11] ، وبايعه"
(1) أ، ب: منافق.
(2) أ، ب: الإفك، وبالله التوفيق.
(3) ر، ص، هـ: الفصل الثاني والثلاثون.
(4) في (ك) ص [0 - 9] 16 (م) .
(5) طاعته: كذا في (ك) فقط. وفي سائر النسخ: طاعة.
(6) معصيته: ساقطة من (أ) . وفي (ص) ، (ب) ، (و) : معصية. وفي (ر) : المعصية.
(7) أعبد من الملائكة: كذا في (ك) . وفي سائر النسخ: أعبد الملائكة.
(8) ك: الله تعالى آدم - عليه السلام -.
(9) ك: واستحق الطرد واللعن.
(10) و: الأوثان والأصنام.
(11) ك: أمير المؤمنين - عليه السلام - إماما.
الكل بعد قتل عثمان [1] وجلس مكانه، فكان [2] شرا من إبليس "."
فيقال: هذا الكلام فيه من الجهل والضلال والخروج عن دين الإسلام وكل دين، بل وعن العقل الذي يكون لكثير من الكفار، ما لا يخفى عن من تدبره.
أما أولا: فلأن [3] إبليس أكفر من كل كافر، وكل من دخل النار فمن أتباعه. كما قال تعالى: {لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} سورة ص وهو الآمر [لهم] [4] بكل قبيح المزين له، فكيف يكون أحد شرا منه؟ لا سيما من المسلمين، لا سيما من الصحابة؟ .
وقول هذا القائل: "شر من إبليس من لم يسبقه في سالف طاعة، وجرى معه في ميدان المعصية" [5] يقتضي أن كل من عصى الله فهو شر من إبليس، لأنه لم يسبقه في سالف طاعة، وجرى معه في ميدان المعصية. وحينئذ فيكون آدم وذريته شرا من إبليس ; فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "«كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»" [6] .
ثم هل يقول من يؤمن بالله واليوم الآخر: إن من أذنب ذنبا من المسلمين يكون شرا من إبليس؟ أو ليس هذا مما يعلم فساده بالاضطرار من دين
(1) ك: بعد عثمان.
(2) ن، م: وكان.
(3) أ، ب: فإن.
(4) لهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) عبارة "وجرى معه في ميدان المعصية" : ساقطة من (أ) . وفي (ب) : ميدان معصية.
(6) سبق هذا الحديث 2/407.
الإسلام؟ وقائل هذا كافر كفرا معلوما بالضرورة من الدين. وعلى هذا فالشيعة دائما يذنبون، فيكون كل منهم شرا من إبليس. ثم إذا قالت الخوارج: إن عليا أذنب فيكون شرا من إبليس - لم يكن للروافض [1] حجة إلا دعوى عصمته [2] . وهم لا يقدرون أن يقيموا حجة على الخوارج بإيمانه وإمامته وعدالته، فكيف يقيمون حجة عليهم بعصمته؟ ولكن أهل السنة تقدر أن تقيم الحجة بإيمانه وإمامته، لأن ما تحتج به الرافضة منقوض ومعارض بمثله، فيبطل الاحتجاج به.
ثم إذا قام الدليل على قول الجمهور الذي دل عليه القرآن كقوله تعالى: {وعصى آدم ربه فغوى} سورة طه، لزم أن يكون آدم شرا من إبليس.
وفي الجملة فلوازم هذا القول وما فيه من الفساد يفوق الحصر والتعداد.
وأما ثانيا: فهذا الكلام كلام بلا حجة، بل هو باطل في نفسه. فلم قلت: إن شرا من إبليس من لم يسبقه في سالف طاعة وجرى معه في ميدان معصية؟ [3] وذلك أن أحدا لا يجري مع إبليس في ميدان معصيته كلها، فلا يتصور أن يكون في الآدميين من يساوي إبليس في معصيته، بحيث يضل الناس كلهم ويغويهم.
وأما طاعة إبليس المتقدمة فهي حابطة بكفره بعد ذلك [4] ، (* فإن الردة
(1) أ، ب: للرافضة.
(2) ن، م: إلا دعوى عصمته وحجتهم على ذلك.
(3) ر، هـ، ص، أ، ب: المعصية.
(4) ب: (فقط) : بكفره وردته.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|