كيفية الرضعات المحرمات
وعلى القول برضاع الكبير فلا تلزم المباشرة في الرضاعة، بل يمكن أن يحلب له في إناء ويشربه عدة شربات أو في عدة مرات. وأما كيفية حساب الرضعة الواحدة من الخمس فالرضعة فإنها تحسب بكونه يمسك الثدي ويرضع ثم يطلقه، فهذه رضعة، فقد تكون الخمس الرضعات في جلسة واحدة، وقد تكون في مجالس متعددة. وأما كونهن مشبعات فما أعلم شيئاً يدل على أنها مشبعة، فالمهم أن تكون خمس رضعات، والمهم هو وصول اللبن، سواء كان عن طريق المص أم عن طريق الشرب من إناء. وقوله: (كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً ، وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه، وورث ميراثه حتى أنزل الله سبحانه وتعالى في ذلك: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ [الأحزاب:5]، أي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد تبنى زيد بن حارثة ، فكان يقال له: زيد بن محمد ، ولما أنزل الله عز وجل الآية: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب:5] ردوا إلى آبائهم في النسبة، فمن لم يعلم له أب كان مولىً وأخاً في الدين، كما قال تعالى: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ . قوله سهلة: (ويراني فضلى) أي: أنها في ثياب المهنة التي تكون في البيت. قوله: (فبذلك كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت أن يراها ويدخل عليها) أي: استناداً إلى هذا كانت عائشة ترى أن رضاع الكبير يحرم.
تراجم رجال إسناد حديث رضاع سالم مولى أبي حذيفة
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في (الشمائل). [ حدثنا عنبسة ]. هو عنبسة بن خالد الأيلي ، وهو وهو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود . [ حدثني يونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة عن عائشة و أم سلمة ]. عروة و عائشة و أم سلمة قد مر ذكرهم.
الأسئلة
حكم إرضاع الكبير الأجنبي ليحل له دخول البيت
السؤال: طالبا علم لهما مكتبة واحدة في بيت أحدهما، فوجدا الحرج في دخول كل منهما بيت صاحبه عند عدم وجوده، فأفتيا أنفسهما برضاعة كل منهما من زوجة الآخر، ليدخل متى شاء بيت صاحبه، وحين أنكر عليهما احتجا بحديث رضاعة سالم، فما الحكم في هذا؟
الجواب: هذا ليس بصحيح، فرضاع الكبير لا ينفع، والمكتبة إما أن يخرجاها إلى مكان خارج البيتين، أو أن الذي هي عنده يتفق مع الآخر على أوقات معينة بحيث يأتي ويستفيد منها، وأما أن يرضعا من الزوجتين من أجل أن يصيرا محارم لزوجتيهما فهذا ليس بصحيح.
ما يفعله الأب تجاه ابنه التارك للصلاة
السؤال: ماذا يفعل الأب إذا وجد ابنه تاركاً للصلاة تكاسلاً وقد بلغ سن الزواج؟
الجواب: يجتهد في نصحه وتوجيهه ودعوته وأمره بالصلاة، ويسوقه إلى المسجد، ويدعوه ويرشده ويخوفه ويحذره من مغبة ذلك ومن العقوبة على ذلك.
حكم سؤال الناس لأجل الزواج
السؤال: هل تحل المسألة لمن له راتب يكفيه في الطعام والملبس دون الزواج؟
الجواب: إذا كان مضطراً إلى الزواج ويجد نفسه في مشقة فله أن يسأل.
حكم تساقط بعض شعر اللحية بسبب العبث بها
السؤال: بعض الإخوة يعبث بلحيته فيؤدي ذلك إلى تساقط بعض الشعر، فهل هو آثم على هذا الفعل؟
الجواب: إذا كان يقصد تساقط الشعر فإنه يأثم، وأما إذا كان لا يقصد هذا ولكنه حصل منه شيء من غير قصد ومن غير إرادة فلا يأثم.
ما يفعله القريب مع قريبته الزانية
السؤال: أختي رفضت الزواج، والآن لها ولدان من الزنا، فماذا أفعل، هل أبعدها عني؟
الجواب: اجتهد في حثها على الزواج، ولتبحث عن أحد يتزوجها ويعفها ويبعدها عن الوقوع في المحرم.
وجه ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على البغي عناق
السؤال: لماذا لم يقم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الحد على عناق ؛ فإنه يفهم من الحديث أنها كانت مسلمة؛ إذ ليس للمسلم أن يتزوج الكافرة؟
الجواب: مجيء مرثد الذي كان يأتي بالأسارى يبدو أنه كان قبل الفتح، ومعنى ذلك أنها كانت في مكة ولم تكن تحت سلطته وولايته.
حكم الدعاء بقوله: ( اللهم كن معي حيّاً وميتاً )
السؤال: هل يجوز أن أقول في الدعاء: اللهم! كن معي حياً وميتاً؟
الجواب: على المرء أن يدعو بالأدعية المأثورة ويحرص على الأدعية التي جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والأدعية التي يأتي بها الناس من عند أنفسهم وتكون سليمة ليس فيها بأس، وعلى الداعي أن يحرص على أن يكون دعاؤه بالشيء المأثور، أو بشيء ليس فيه إشكال.
حكم زواج الزاني بمن زنى بها
السؤال: رجل زنى بامرأة وحملت منه، وأراد ذلك الزاني أن يتزوجها، فهل ذلك جائز؟
الجواب: يجوز، ولكن بعد الولادة، ولا يتزوجها وفي بطنها حمل؛ لأن هذا الحمل زنا وليس بنكاح، وإنما يتزوجها بعدما تضع.
الأفضل في توبة الزاني حين لا يُعلم بفعله
السؤال: إذا زنى الشخص ولم يعلم أحد، ولم تكن هناك سلطة شرعية تقيم الحدود، فهل من الأحسن أن يتوب فيما بينه وبين ربه، أو يعلن؟
الجوب: يتوب ويحرص على أن يبتعد عن هذا العمل القبيح، ويندم على ما قد حصل، ويعزم على ألا يعود إليه، والله تعالى قد ستره فعليه أن يستتر وأن يتوب إلى الله عز وجل، فالتوبة تجب ما قبلها، ولا يفضح نفسه.
حكم تحريض المرأة على زوجها حتى يطلقها ثم الزواج بها
السؤال: رجل حرض امرأة على زوجها فطلقت منه، ثم تزوجها هذا الرجل، فما حكم هذا الزواج؟
الجواب: هذا العمل منكر، وأما الزواج فلا أعلم دليلاً يمنعه، لكن العمل هذا منكر ومحرم.
حكم إيقاع الطلقة الأخرى على الرجعية المعتدة
السؤال: رجل طلق زوجته طلقة رجعية، وفي أثناء العدة طلقها طلقة ثانية، فهل يقع الطلاق؟
الجواب: نعم يقع.
حكم نكاح المسلم البوذية
السؤال: ما حكم نكاح المسلم للمرأة البوذية؟
الجواب: المرأة البوذية كافرة ومشركة، فليس لمسلم أن يتزوج مشركة، قال تعالى: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221].
حكم جعل المهر من غير المنافع المالية
السؤال: هل يجوز أن يجعل غير العتق وغير المال صداقاً للمرأة؟
الجواب: يجوز، مثل التعليم الذي جاء في حديث: (أنكحتها بما معك من القرآن) في قصة الواهبة التي وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم فلم يرد زواجها، فقال رجل: زوجنيها، وليس معه شيء، فقال له: ابحث، فبحث فلم يجد شيئاً، فسأله عما يحفظ من القرآن فزوجه على أن يعلمها شيئاً من القرآن.
إدخال الزوجة أشياء بيت زوجها بغير إذنه
السؤال: هل للمرأة أن تحضر بعض الأشياء البسيطة من بيت أهلها إلى بيت زوجها من غير إذنه؟
الجواب: لا بأس بذلك.
التفضيل بين الذكر وحضور حلقة العلم بعد عصر الجمعة
السؤال: هل الأفضل للإنسان أن يصلي عصر الجمعة ويبقى في مصلاه حتى المغرب أو أن يحضر مجلس علم؟
الجواب: كل ذلك خير، فمجلس العلم فيه خير، وإذا جلس في مصلاه يذكر الله عز وجل فذلك خير أيضاً.
المقصود بقول المعلق على سنن أبي داود: قال الشيخ
السؤال: نرى المعلق على سنن أبي داود عزت عبيد الدعاس يقول في بعض الأحيان: قال الشيخ. فمن يريد؟
الجواب: يقصد الخطابي .
هل يحرم ما دون خمس رضعات
شرح حديث: ( كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب هل يحرم ما دون خمس رضعات. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهن مما يقرأ من القرآن ]. قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب هل يحرم ما دون خمس رضعات ، وقد اختلف العلماء في الرضاع المحرم على ثلاثة أقوال: القول الأول: هو ما بلغ خمس رضعات فأكثر، والدليل على ذلك هذا الحديث الذي أورده أبو داود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن فنسخن بخمس معلومات يحرمن فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن ]. واحتجوا أيضاً بالحديث الذي سبق أن مر في رضاع الكبير حيث قال فيه: (أرضعيه خمس رضعات)، وهو حديث صحيح، ولكنه -كما عرف- خاص بسالم مولى أبي حذيفة ، وقد جاء فيه ذكر الخمس، فهو دليل على أن المعتبر في الرضاع هو ما بلغ الخمس رضعات. القول الثاني: أن المحرم هي ثلاث رضعات فأكثر، ويستدل على ذلك بالحديث الذي سيأتي، وهو قوله: (لا تحرم المصة ولا المصتان) ، قالوا: فمفهومه يدل على أنه إذا زاد على ذلك فإنه يحرم. القول الثالث: أن الرضاع قليله وكثيره يحرم؛ لأنه جاء مطلقاً في بعض النصوص، كقوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، فجاء مطلقاً، قالوا: فيحرم القليل والكثير. والقول الصحيح والراجح من هذه الأقوال هو القول بأن المحرم هي خمس رضعات؛ لأنه قد جاء ما يدل عليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث الذي أورده أبو داود، والحديث الذي سبق أن تقدم في رضاع الكبير. وأورد أبو داود هنا حديث عائشة [ كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات يحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن ]. قوله: (وهن) أي: الخمس؛ لأن الإشارة إلى الخمس، وليس في القرآن خمس رضعات يحرمن، لكن هذا فيه إشارة إلى قرب التحريم من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن بعض الناس الذين لم يبلغهم النسخ استمروا على القراءة حتى بلغهم النسخ، وذلك لقربه من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالنسخ جاء متأخراً.
أنواع النسخ في القرآن الكريم
هذا الحديث دليل على أن التحريم إنما يكون بخمس رضعات، وهو أيضاً دليل لنوعين من أنواع النسخ في القرآن الكريم؛ لأن النسخ بالنسبة للتلاوة والحكم ثلاثة أقسام: الأول: نسخ التلاوة والحكم جميعاً. الثاني: نسخ الحكم مع بقاء التلاوة. الثالث: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم. وهذا الحديث فيه مثال لقسمين هما: نسخ التلاوة والحكم في مسألة عشر رضعات معلومات يحرمن؛ لأنه نسخ الحكم والتلاوة، فالحكم منسوخ والتلاوة منسوخة. وخمس رضعات يحرمن نسخت فيها التلاوة وبقي الحكم. ومثال القسم الثالث -نسخ الحكم مع بقاء التلاوة- آية اعتداد المتوفى عنها بسنة كاملة، وهي قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] فهذه منسوخة الحكم باقية التلاوة، والذي نسخها هو الآية التي قبلها، وهي تربص أربعة أشهر وعشراً، فعلى هذا تكون أقسام النسخ بالنسبة للتلاوة والحكم ثلاثة: نسخ تلاوة وحكم، ونسخ تلاوة مع بقاء الحكم، والحديث الذي معنا شاهد للاثنين. والقسم الثالث: نسخ الحكم مع بقاء التلاوة آية.
تراجم رجال إسناد حديث: ( كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن )
قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ]. عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرة ]. هي عمرة بنت عبد الرحمن ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: ( لا تحرم المصة ولا المصتان )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا إسماعيل عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحرم المصة ولا المصتان) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحرم المصة ولا المصتان) يعني الرضعة والرضعتين، وهذا منصوص عليه هنا، ولكن قولها: (فنسخن بخمس معلومات يحرمن) دل على أن ما دونها لا يحرم، سواءٌ الواحدة أو الثنتان المنصوصتان عليهما في هذا الحديث، أو الثالثة والرابعة اللتان لم ينص عليهما في الحديث، ولكنها دون الخمس التي جاء في الحديث أنها تحرم.
تراجم رجال إسناد حديث: ( لا تحرم المصة ولا المصتان )
قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد ]. هو مسدد بن مسرهد ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا إسماعيل ]. هو إسماعيل بن علية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي مليكة ]. هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الزبير ]. هو عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله علية وسلم، وهم: عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو و عبد الله بن عباس رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين. [ عن عائشة ]. قد مر ذكرها.
الرضخ عند الفصال
شرح حديث بيان إذهاب مذمة الرضاعة بالغرة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرضخ عند الفصال. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا أبو معاوية . ح: وحدثنا ابن العلاء حدثنا ابن إدريس عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج بن حجاج عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله! ما يذهب عني مذمة الرضاعة؟ قال: (الغرة العبد أو الأمة). قال النفيلي : حجاج بن حجاج الأسلمي . وهذا لفظه ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب الرضخ عند الفصال ]، والرضخ هو ما تعطاه المرضعة عند تمام الإرضاع، حيث تنتهي مهمتها وتنتهي علاقتها بمن أرضعت لهم، فيعطونها أجرتها ويرضخون لها شيئاً غير متفق عليه، فمن تمام الإحسان وتمام المعاملة أنهم يكرمونها ويتحفونها بشيء غير الأجرة التي اتفقوا معها عليها، فهذا هو المقصود بالرضخ، أي أنها تعطى شيئاً غير الذي اتفق عليه على أنه أجرة لها. وقد جاء في هذا حديث حجاج بن حجاج الأسلمي عن أبيه أنه قال: [ يا رسول الله! ما يذهب عني مذمة الرضاعة؟ ]، ومذمة الرضاع حقه وذمامه، والمقصود به الحق والمعروف الذي حصل من المرضعة، فما الذي يذهبه عني إذا فعلته؟ وهو إحسان في مقابل إحسان؟ قال: (غرة) يعني: عبداً؛ لأنه كما أنها قامت بالإحسان إلى الطفل في حال صغره وقامت بإرضاعه فإنها تعطى شيئاً يذهب ذلك الحق، ويكون الإنسان قد أدى الحق الذي عليه. فإذا كان المقصود به الطفل الذي أرضع فهذا لا يكون عند الفصال، بل لا يكون إلا متأخراً، أعني إذا أراد الرضيع أن يحسن فهو لن يحسن إلا بعد زمن متأخر، فالرضخ عند الفصال يقصد به أنه من المستأجر الذي هو والد الطفل أو أم الطفل أو عم الطفل أو قريب الطفل، وهنا كأنه يشعر بأن المقصود بذلك أن الذي أرضع يريد أن يحسن إلى أمه من الرضاعة، ويؤدي لها الحق الذي عليه، وذلك بأن يعطيها عبداً أو أمة تخدمها؛ لأنها قامت بالإحسان إليه في حال صغره، وقد بلغت من الكبر ما بلغت، فكونه يعطيها من يخدمها ويقوم بالإحسان إليها مكافأة لها على ذلك هو المقصود من الحديث. وهذا الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده حجاج بن الحجاج ، وهو مقبول لا يحتج بحديثه إلا إذا توبع، وليس له هنا متابع، فالحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث بيان إذهاب مذمة الرضاعة بالغرة
قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو معاوية ]. هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح: وحدثنا ابن العلاء ]. قوله: [ ح ] للتحول من إسناد إلى إسناد، و ابن العلاء هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، وهو ثقة، أخرج أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن إدريس ]. هو عبد الله بن إدريس الأودي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن عروة ]. هو هشام بن عروة بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حجاج بن حجاج ]. حجاج بن حجاج مقبول، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبيه ]. أبوه صحابي، أُخرج له هذا الحديث الواحد فقط، وقد أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . قوله: [ قال النفيلي : حجاج بن حجاج الأسلمي ]. النفيلي هو شيخه الأول، يعني: أنه نسبه فقال: الأسلمي ، ثم قال أبو داود : [وهذا لفظه] أي: هذا الحديث هو سياق الشيخ الأول وهو النفيلي . فيمكن أن يكون المراد بالحديث كلَّه، أو أن المقصود أنَّ هذه الزيادة هي لفظه."