عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 17-02-2025, 10:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء العاشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (559)
صــ 401 إلى صــ 420









[ ص: 401 ] ذكر من قال بما قلنا من التأويل .

12161 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير قال : سئل ابن عباس عن ذبائح نصارى العرب ، فقرأ : " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " .

12162 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم " ، أنها في الذبائح . من دخل في دين قوم فهو منهم .

12163 - حدثني المثنى قال ، حدثنا حجاج قال ، حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كلوا من ذبائح بني تغلب ، وتزوجوا من نسائهم ، فإن الله يقول في كتابه : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم " ، ولو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم .

12164 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا حسين بن علي ، عن زائدة ، عن هشام قال : كان الحسن لا يرى بذبائح نصارى العرب ولا نكاح نسائهم بأسا ، وكان يتلو هذه الآية : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم " .

12165 - حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد ، قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن [ ص: 402 ] هارون بن إبراهيم قال : سئل ابن سيرين عن رجل يبيع داره من نصارى يتخذونها بيعة ، قال : فتلا هذه الآية : " لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " .

القول في تأويل قوله ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ( 51 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : إن الله لا يوفق من وضع الولاية في غير موضعها ، فوالى اليهود والنصارى مع عداوتهم الله ورسوله والمؤمنين على المؤمنين ، وكان لهم ظهيرا ونصيرا ، لأن من تولاهم فهو لله ولرسوله وللمؤمنين حرب .

وقد بينا معنى"الظلم " في غير هذا الموضع ، وأنه وضع الشيء في غير موضعه ، بما أغنى عن إعادته .

القول في تأويل قوله ( فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة )

اختلف أهل التأويل فيمن عنى بهذه الآية .

فقال بعضهم : عنى بها عبد الله بن أبي ابن سلول .

ذكر من قال ذلك :

12166 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن إدريس قال ، سمعت أبي ، عن عطية بن سعد : " فترى الذين في قلوبهم مرض " ، عبد الله بن أبي "يسارعون [ ص: 403 ] فيهم " ، في ولايتهم " يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " ، إلى آخر الآية : " فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " .

12167 - حدثنا هناد قال ، حدثنا يونس بن بكير قال ، حدثنا ابن إسحاق قال ، حدثني والدي إسحاق بن يسار ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت : " فترى الذين في قلوبهم مرض " ، يعني عبد الله بن أبي " يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " ، لقوله : إني أخشى دائرة تصيبني!

وقال آخرون : بل عني بذلك قوم من المنافقين كانوا يناصحون اليهود ويغشون المؤمنين ، ويقولون : "نخشى أن تكون الدائرة لليهود على المؤمنين"!

ذكر من قال ذلك :

12168 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره : " فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم " ، قال : المنافقون ، في مصانعة يهود ، ومناجاتهم ، واسترضاعهم أولادهم إياهم ، وقول الله تعالى ذكره : " نخشى أن تصيبنا دائرة " ، قال يقول : نخشى أن تكون الدائرة لليهود .

12169 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

12170 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " فترى الذين في قلوبهم مرض " إلى قوله : "نادمين " ، أناس من المنافقين كانوا يوادون اليهود ويناصحونهم دون المؤمنين .

12171 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، [ ص: 404 ] حدثنا أسباط ، عن السدي : " فترى الذين في قلوبهم مرض " ، قال : شك " يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " ، و"الدائرة " ، ظهور المشركين عليهم .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن ذلك من الله خبر عن ناس من المنافقين كانوا يوالون اليهود والنصارى ويغشون المؤمنين ، ويقولون : نخشى أن تدور دوائر إما لليهود والنصارى ، وإما لأهل الشرك من عبدة الأوثان ، أو غيرهم على أهل الإسلام ، أو تنزل بهؤلاء المنافقين نازلة ، فيكون بنا إليهم حاجة .

وقد يجوز أن يكون ذلك كان من قول عبد الله بن أبي ، ويجوز أن يكون كان من قول غيره ، غير أنه لا شك أنه من قول المنافقين .

فتأويل الكلام إذا : فترى يا محمد ، الذين في قلوبهم شك ، ومرض إيمان بنبوتك وتصديق ما جئتهم به من عند ربك "يسارعون فيهم " ، يعني في اليهود والنصارى ويعني بمسارعتهم فيهم : مسارعتهم في موالاتهم ومصانعتهم " يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " ، يقول هؤلاء المنافقون : إنما نسارع في موالاة هؤلاء اليهود والنصارى ، خوفا من دائرة تدور علينا من عدونا .

ويعني ب"الدائرة " ، الدولة ، كما قال الراجز :


ترد عنك القدر المقدورا ودائرات الدهر أن تدورا


[ ص: 405 ] يعني : أن تدول للدهر دولة ، فنحتاج إلى نصرتهم إيانا ، فنحن نواليهم لذلك . فقال الله تعالى ذكره لهم : " فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " .
القول في تأويل قوله ( فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ( 52 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده " ، فلعل الله أن يأتي بالفتح .

ثم اختلفوا في تأويل"الفتح " في هذا الموضع .

فقال بعضهم : عني به ههنا ، القضاء .

ذكر من قال ذلك :

12172 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : " فعسى الله أن يأتي بالفتح " ، قال : بالقضاء .

وقال آخرون : عني به فتح مكة .

ذكر من قال ذلك :

12173 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " فعسى الله أن يأتي بالفتح " ، قال : فتح مكة .

و"الفتح " في كلام العرب هو القضاء ، كما قال قتادة ، ومنه قول الله تعالى [ ص: 406 ] ذكره : ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ) [ سورة الأعراف : 89 ] .

وقد يجوز أن يكون ذلك القضاء الذي وعد الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله : "فعسى الله أن يأتي بالفتح " فتح مكة ، لأن ذلك كان من عظيم قضاء الله ، وفصل حكمه بين أهل الإيمان والكفر ، ومقررا عند أهل الكفر والنفاق ، أن الله معلي كلمته وموهن كيد الكافرين .

وأما قوله : "أو أمر من عنده " ، فإن السدي كان يقول في ذلك ، ما : -

12174 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "أو أمر من عنده " قال : " الأمر " ، الجزية .

وقد يحتمل أن يكون "الأمر " الذي وعد الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يأتي به هو الجزية ، ويحتمل أن يكون غيرها . غير أنه أي ذلك كان ، فهو مما فيه إدالة المؤمنين على أهل الكفر بالله وبرسوله ، ومما يسوء المنافقين ولا يسرهم . وذلك أن الله تعالى ذكره قد أخبر عنهم أن ذلك الأمر إذا جاء ، أصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين .

وأما قوله : " فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " ، فإنه يعني هؤلاء المنافقين الذين كانوا يوالون اليهود والنصارى . يقول تعالى ذكره : لعل الله أن يأتي بأمر من عنده يديل به المؤمنين على الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الكفر ، فيصبح هؤلاء المنافقون على ما أسروا في أنفسهم من مخالة اليهود والنصارى ومودتهم ، وبغضة المؤمنين ومحادتهم ، "نادمين " ، كما : - [ ص: 407 ]

12175 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : " فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " ، من موادتهم اليهود ، ومن غشهم للإسلام وأهله .

القول في تأويل قوله ( ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ( 53 ) )

قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة قوله : "ويقول الذين آمنوا" . فقرأتها قرأة أهل المدينة : ( فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين يقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله ) بغير"واو" .

وتأويل الكلام على هذه القراءة : فيصبح المنافقون إذا أتى الله بالفتح أو أمر من عنده ، على ما أسروا في أنفسهم نادمين ، يقول المؤمنون تعجبا منهم ومن نفاقهم وكذبهم واجترائهم على الله في أيمانهم الكاذبة بالله : أهؤلاء الذين أقسموا لنا بالله إنهم لمعنا ، وهم كاذبون في أيمانهم لنا؟ وهذا المعنى قصد مجاهد في تأويله ، ذلك الذي : -

12176 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : " فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده " ، حينئذ ، "يقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين" .

[ ص: 408 ] وكذلك ذلك في مصاحف أهل المدينة بغير"واو" .

وقرأ ذلك بعض البصريين : ( ويقول الذين آمنوا ) بالواو ، ونصب "يقول " عطفا به على" فعسى الله أن يأتي بالفتح " . وذكر قارئ ذلك أنه كان يقول : إنما أريد بذلك : فعسى الله أن يأتي بالفتح ، وعسى أن يقول الذين آمنوا ومحال غير ذلك ، لأنه لا يجوز أن يقال : "وعسى الله أن يقول الذين آمنوا " ، وكان يقول : ذلك نحو قولهم : "أكلت خبزا ولبنا " ، كقول الشاعر :


ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا


فتأويل الكلام على هذه القراءة : فعسى الله أن يأتي بالفتح المؤمنين ، أو أمر من عنده يديلهم به على أهل الكفر من أعدائهم ، فيصبح المنافقون على ما أسروا في أنفسهم نادمين وعسى أن يقول الذين آمنوا حينئذ : أهؤلاء الذين أقسموا بالله كذبا جهد أيمانهم إنهم لمعكم؟

وهي في مصاحف أهل العراق بالواو : ( ويقول الذين آمنوا )

وقرأ ذلك قرأة الكوفيين ( ويقول الذين آمنوا ) بالواو ، ورفع "يقول " ، بالاستقبال والسلامة من الجوازم والنواصب .

وتأويل من قرأ ذلك كذلك : فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم يندمون ، ويقول الذين آمنوا ، فيبتدئ "يقول " فيرفعها .

قال أبو جعفر : وقراءتنا التي نحن عليها " ويقول " بإثبات "الواو " في [ ص: 409 ] "ويقول " ، لأنها كذلك هي في مصاحفنا مصاحف أهل المشرق بالواو ، وبرفع "يقول " على الابتداء .

فتأويل الكلام إذ كانت القراءة عندنا على ما وصفنا : فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ، ويقول المؤمنون : أهؤلاء الذين حلفوا لنا بالله جهد أيمانهم كذبا إنهم لمعنا؟

يقول الله تعالى ذكره ، مخبرا عن حالهم عنده بنفاقهم وخبث أعمالهم "حبطت أعمالهم " ، يقول : ذهبت أعمالهم التي عملوها في الدنيا باطلا لا ثواب لها ولا أجر ، لأنهم عملوها على غير يقين منهم بأنها عليهم لله فرض واجب ، ولا على صحة إيمان بالله ورسوله ، وإنما كانوا يعملونها ليدفعوا المؤمنين بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم ، فأحبط الله أجرها ، إذ لم تكن له "فأصبحوا خاسرين " ، يقول : فأصبح هؤلاء المنافقون ، عند مجيء أمر الله بإدالة المؤمنين على أهل الكفر ، قد وكسوا في شرائهم الدنيا بالآخرة ، وخابت صفقتهم وهلكوا .

القول في تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله وبرسوله : "يا أيها الذين آمنوا " ، أي : صدقوا لله ورسوله ، وأقروا بما جاءهم به نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم" من يرتد منكم عن دينه " ، يقول : من يرجع منكم عن دينه الحق الذي [ ص: 410 ] هو عليه اليوم ، فيبدله ويغيره بدخوله في الكفر ، إما في اليهودية أو النصرانية أو غير ذلك من صنوف الكفر ، فلن يضر الله شيئا ، وسيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ، يقول : فسوف يجيء الله بدلا منهم ، المؤمنين الذين لم يبدلوا ولم يغيروا ولم يرتدوا ، بقوم خير من الذين ارتدوا وبدلوا دينهم ، يحبهم الله ويحبون الله .

وكان هذا الوعيد من الله لمن سبق في علمه أنه سيرتد بعد وفاة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . وكذلك وعده من وعد من المؤمنين ما وعده في هذه الآية ، لمن سبق له في علمه أنه لا يبدل ولا يغير دينه ، ولا يرتد . فلما قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم ، ارتد أقوام من أهل الوبر ، وبعض أهل المدر ، فأبدل الله المؤمنين بخير منهم كما قال تعالى ذكره ، ووفى للمؤمنين بوعده ، وأنفذ فيمن ارتد منهم وعيده .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

12177 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، أخبرني عبد الله بن عياش ، عن أبي صخر ، عن محمد بن كعب : أن عمر بن عبد العزيز أرسل إليه يوما ، وعمر أمير المدينة يومئذ ، فقال : يا أبا حمزة ، آية أسهرتني البارحة ! قال محمد : وما هي ، أيها الأمير؟ قال : قول الله : " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه " حتى بلغ " ولا يخافون لومة لائم " . فقال محمد : أيها الأمير ، إنما عنى الله بالذين آمنوا ، الولاة من قريش ، من يرتد عن الحق .

[ ص: 411 ] ثم اختلف أهل التأويل في أعيان القوم الذين أتى الله بهم المؤمنين ، وأبدل المؤمنين مكان من ارتد منهم .

فقال بعضهم : هو أبو بكر الصديق وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة حتى أدخلوهم من الباب الذي خرجوا منه .

ذكر من قال ذلك :

12178 - حدثنا هناد بن السري قال ، حدثنا حفص بن غياث ، عن الفضل بن دلهم ، عن الحسن في قوله : " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، قال : هذا والله أبو بكر وأصحابه .

12179 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن الفضل بن دلهم ، عن الحسن ، مثله .

12180 - حدثنا هناد قال ، حدثنا عبدة بن سليمان ، عن جويبر ، عن سهل ، عن الحسن في قوله : " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، قال : أبو بكر وأصحابه .

12181 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا حسين بن علي ، عن أبي موسى قال : قرأ الحسن : " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، قال : هي والله لأبي بكر وأصحابه .

12182 - حدثني نصر بن عبد الرحمن الأزدي قال ، حدثنا أحمد بن بشير ، عن هشام ، [ ص: 412 ] عن الحسن في قوله : " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، قال : نزلت في أبي بكر وأصحابه .

12183 - حدثني علي بن سعيد بن مسروق الكندي قال ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم " ، قال : هو أبو بكر وأصحابه . لما ارتد من ارتد من العرب عن الإسلام ، جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردهم إلى الإسلام .

12184 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : " من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، إلى قوله : "والله واسع عليم " ، أنزل الله هذه الآية وقد علم أن سيرتد مرتدون من الناس ، فلما قبض الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، ارتد عامة العرب عن الإسلام إلا ثلاثة مساجد : أهل المدينة ، وأهل مكة ، وأهل البحرين من عبد القيس قالوا : نصلي ولا نزكي ، والله لا تغصب أموالنا! فكلم أبو بكر في ذلك فقيل له : إنهم لو قد فقهوا لهذا أعطوها أو : أدوها فقال : لا والله ، لا أفرق بين شيء جمع الله بينه ، ولو منعوا عقالا مما فرض الله ورسوله لقاتلناهم عليه! [ ص: 413 ] فبعث الله عصابة مع أبي بكر ، فقاتل على ما قاتل عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم ، حتى سبى وقتل وحرق بالنيران أناسا ارتدوا عن الإسلام ومنعوا الزكاة ، فقاتلهم حتى أقروا بالماعون وهي الزكاة صغرة أقمياء . فأتته وفود العرب ، فخيرهم بين خطة مخزية أو حرب مجلية . فاختاروا الخطة المخزية ، وكانت أهون عليهم أن يقروا : أن قتلاهم في النار ، وأن قتلى المؤمنين في الجنة ، وأن ما أصابوا من المسلمين من مال ردوه عليهم ، وما أصاب المسلمون لهم من مال فهو لهم حلال .

12185 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قوله : " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، قال ابن جريج : ارتدوا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقاتلهم أبو بكر .

12186 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن هشام [ ص: 414 ] قال ، أخبرنا سيف بن عمر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن أبي أيوب ، عن علي في قوله : " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه " ، قال : علم الله المؤمنين ، ووقع معنى السوء على الحشو الذي فيهم من المنافقين ومن في علمه أن يرتدوا ، قال : " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله " ، المرتدة في دورهم " بقوم يحبهم ويحبونه " ، بأبي بكر وأصحابه .

وقال آخرون : يعني بذلك قوما من أهل اليمن . وقال بعض من قال ذلك منهم : هم رهط أبي موسى الأشعري ، عبد الله بن قيس .

ذكر من قال ذلك :

12188 - حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن عياض الأشعري قال : لما نزلت هذه الآية ، " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، [ ص: 415 ] قال : أومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى بشيء كان معه ، فقال : هم قوم هذا !

12189 - حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا أبو الوليد قال ، حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، قال : سمعت عياضا يحدث عن أبي موسى : أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية : " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، قال : يعني قوم أبي موسى .

12190 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال ، حدثنا ابن إدريس ، عن شعبة قال أبو السائب : قال أصحابنا : هو : "عن سماك بن حرب " ، وأنا لا أحفظ " سماكا " عن عياض الأشعري ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هم قوم هذا ، يعني أبا موسى .

12191 - حدثنا سفيان بن وكيع قال حدثنا ابن إدريس ، عن شعبة ، عن سماك ، عن عياض الأشعري ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى : هم قوم هذا ، في قوله : " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " .

12192 - حدثنا مجاهد بن موسى قال ، حدثنا يزيد قال ، أخبرنا شعبة ، عن سماك بن حرب قال : سمعت عياضا الأشعري يقول : لما نزلت : " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هم قومك يا أبا موسى ! أو قال : هم قوم هذا يعني أبا موسى . [ ص: 416 ]

12193 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبو سفيان الحميري ، عن حصين ، عن عياض أو : ابن عياض " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، قال : هم أهل اليمن .

12194 - حدثنا محمد بن عوف قال ، حدثنا أبو المغيرة قال ، حدثنا صفوان قال ، حدثنا عبد الرحمن بن جبير ، عن شريح بن عبيد قال : لما أنزل الله : " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه " إلى آخر الآية ، قال عمر : أنا وقومي هم يا رسول الله ؟ قال : " لا بل هذا وقومه ! يعني أبا موسى الأشعري .

[ ص: 417 ] وقال آخرون منهم : بل هم أهل اليمن جميعا .

ذكر من قال ذلك :

12195 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " يحبهم ويحبونه " ، قال : أناس من أهل اليمن .

12196 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

12197 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد قال : هم قوم سبأ .

12198 - حدثنا مطر بن محمد الضبي قال ، حدثنا أبو داود قال ، أخبرنا شعبة قال ، أخبرني من سمع شهر بن حوشب قال : هم أهل اليمن .

12199 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، أخبرني عبد الله بن عياش ، عن أبي صخر ، عن محمد بن كعب القرظي : أن عمر بن عبد العزيز أرسل إليه يوما ، وهو أمير المدينة ، يسأله عن ذلك : فقال محمد : "يأتي الله بقوم " ، وهم أهل اليمن ! قال عمر : يا ليتني منهم! قال : آمين !

وقال آخرون : هم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ذكر من قال ذلك :

12200 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، [ ص: 418 ] حدثنا أسباط ، عن السدي : " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، يزعم أنهم الأنصار .

وتأويل الآية على قول من قال : عنى الله بقوله : " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " ، أبا بكر وأصحابه في قتالهم أهل الردة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أيها الذين آمنوا ، من يرتد منكم عن دينه فلن يضر الله شيئا ، وسيأتي الله من ارتد منكم عن دينه بقوم يحبهم ويحبونه ، ينتقم بهم منهم على أيديهم . وبذلك جاء الخبر والرواية عن بعض من تأول ذلك كذلك :

12201 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن هشام قال ، أخبرنا سيف بن عمر ، عن أبي روق ، عن أبي أيوب ، عن علي في قوله : " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم " ، قال يقول : فسوف يأتي الله المرتدة في دورهم "بقوم يحبهم ويحبونه " ، بأبي بكر وأصحابه .

وأما على قول من قال : عنى الله بذلك أهل اليمن ، فإن تأويله : يا أيها الذين آمنوا ، من يرتد منكم عن دينه ، فسوف يأتي الله المؤمنين الذين لم يرتدوا ، بقوم يحبهم ويحبونه ، أعوانا لهم وأنصارا . وبذلك جاءت الرواية عن بعض من كان يتأول ذلك كذلك .

12202 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح ،

عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " فأصبحوا خاسرين ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه " الآية وعيد من الله أنه من ارتد منكم ، أنه سيستبدل خيرا منهم .

وأما على قول من قال : عنى بذلك الأنصار ، فإن تأويله في ذلك نظير تأويل من تأوله أنه عني به أبو بكر وأصحابه .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب ، ما روي به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنهم أهل اليمن ، قوم أبي موسى الأشعري . ولولا الخبر الذي روي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر الذي روي عنه ، ما كان القول عندي في ذلك إلا قول من قال : "هم أبو بكر وأصحابه" . وذلك أنه لم يقاتل قوما كانوا أظهروا الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتدوا على أعقابهم كفارا ، غير أبي بكر ومن كان معه ممن قاتل أهل الردة معه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولكنا تركنا القول في ذلك للخبر الذي روي فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن كان صلى الله عليه وسلم معدن البيان عن تأويل ما أنزل الله من وحيه وآي كتابه .

فإن قال لنا قائل : فإن كان القوم الذين ذكر الله أنه سيأتي بهم عند ارتداد من ارتد عن دينه ، ممن كان قد أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أهل اليمن ، فهل كان أهل اليمن أيام قتال أبي بكر رضي الله عنه أهل الردة أعوان أبي بكر على قتالهم ، فتستجيز أن توجه تأويل الآية إلى ما وجهت إليه؟ [ ص: 420 ] أم لم يكونوا أعوانا له عليهم ، فكيف استجزت أن توجه تأويل الآية إلى ذلك ، وقد علمت أنه لا خلف لوعد الله؟

قيل له : إن الله تعالى ذكره لم يعد المؤمنين أن يبدلهم بالمرتدين منهم يومئذ خيرا من المرتدين لقتال المرتدين ، وإنما أخبر أنه سيأتيهم بخير منهم بدلا منهم ، فقد فعل ذلك بهم قريبا غير بعيد ، فجاء بهم على عهد عمر ، فكان موقعهم من الإسلام وأهله أحسن موقع ، وكانوا أعوان أهل الإسلام وأنفع لهم ممن كان ارتد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من طغام الأعراب وجفاة أهل البوادي الذين كانوا على أهل الإسلام كلا لا نفعا؟

قال أبو جعفر : واختلفت القرأة في قراءة قوله : " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه " .

فقرأته قرأة أهل المدينة : ( يا أيها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه ) ، بإظهار التضعيف بدالين ، مجزومة "الدال " الآخرة . وكذلك ذلك في مصاحفهم .

وأما قرأة أهل العراق ، فإنهم قرأوا ذلك : ( من يرتد منكم عن دينه ) بالإدغام ، بدال واحدة ، وتحريكها إلى الفتح ، بناء على التثنية ، لأن المجزوم الذي يظهر تضعيفه في الواحد ، إذا ثني أدغم . ويقال للواحد : " اردد يا فلان إلى فلان حقه " ، فإذا ثني قيل : "ردا إليه حقه " ، ولا يقال : "ارددا " ، وكذلك في الجمع : "ردوا " ، ولا يقال : "ارددوا " ، فتبني العرب أحيانا الواحد على الاثنين ، وتظهر [ ص: 421 ] أحيانا في الواحد التضعيف لسكون لام الفعل . وكلتا اللغتين فصيحة مشهورة في العرب .

قال أبو جعفر : والقراءة في ذلك عندنا على ما هو به في مصاحفنا ومصاحف أهل المشرق ، بدال واحدة مشددة ، بترك إظهار التضعيف ، وبفتح"الدال " ، للعلة التي وصفت .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.41%)]