عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17-02-2025, 09:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,500
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء العاشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (552)
صــ 291 إلى صــ 305







ذكر من قال ذلك :

11899 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا [ ص: 291 ] سفيان ح ، وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا زيد بن الحباب ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل : " وابتغوا إليه الوسيلة " ، قال : القربة في الأعمال .

11900 - حدثنا هناد قال : حدثنا وكيع ح ، وحدثنا سفيان قال : حدثنا أبي ، عن طلحة ، عن عطاء : " وابتغوا إليه الوسيلة " ، قال : القربة .

11901 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة " ، قال : فهي المسألة والقربة .

11902 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وابتغوا إليه الوسيلة " ، أي : تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه .

11902 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وابتغوا إليه الوسيلة " ، القربة إلى الله جل وعز .

11903 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق قال : خبرنا معمر ، عن الحسن في قوله : " وابتغوا إليه الوسيلة " ، قال : القربة .

11904 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير قوله : " وابتغوا إليه الوسيلة " ، قال : القربة .

11905 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وابتغوا إليه الوسيلة " ، قال : المحبة ، تحببوا إلى الله . وقرأ : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة ) [ سورة الإسراء : 57 ] . [ ص: 292 ]

القول في تأويل قوله عز ذكره ( وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ( 35 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه للمؤمنين به وبرسوله : وجاهدوا ، أيها المؤمنون ، أعدائي وأعداءكم في سبيلي ، يعني في دينه وشريعته التي شرعها لعباده ، وهي الإسلام . يقول : أتعبوا أنفسكم في قتالهم وحملهم على الدخول في الحنيفية المسلمة ، "لعلكم تفلحون" ، يقول : كيما تنجحوا ، فتدركوا البقاء الدائم والخلود في جناته .

وقد دللنا على معنى"الفلاح" فيما مضى بشواهده ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم ( 36 ) )

قال أبو جعفر : يقول عز ذكره : إن الذين جحدوا ربوبية ربهم وعبدوا غيره ، من بني إسرائيل الذين عبدوا العجل ، ومن غيرهم الذين عبدوا الأوثان والأصنام ، وهلكوا على ذلك قبل التوبة لو أن لهم ملك ما في الأرض كلها وضعفه معه ، ليفتدوا به من عقاب الله إياهم على تركهم أمره ، وعبادتهم غيره يوم القيامة ، فافتدوا بذلك كله ، ما تقبل الله منهم ذلك فداء وعوضا من عذابهم وعقابهم ، بل هو معذبهم في حميم يوم القيامة عذابا موجعا لهم . [ ص: 293 ]

وإنما هذا إعلام من الله جل ثناؤه لليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنهم وغيرهم من سائر المشركين به ، سواء عنده فيما لهم من العذاب الأليم والعقاب العظيم . وذلك أنهم كانوا يقولون : ( لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) ، اغترارا بالله جل وعز وكذبا عليه . فكذبهم تعالى ذكره بهذه الآية وبالتي بعدها ، وحسم طمعهم ، فقال لهم ولجميع الكفرة به وبرسوله : " إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم " ، يقول لهم جل ثناؤه : فلا تطمعوا أيها الكفرة في قبول الفدية منكم ، ولا في خروجكم من النار بوسائل آبائكم عندي بعد دخولكموها ، إن أنتم متم على كفركم الذي أنتم عليه ، ولكن توبوا إلى الله توبة نصوحا .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم ( 37 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " يريدون أن يخرجوا من النار " ، يريد هؤلاء الذين كفروا بربهم يوم القيامة ، أن يخرجوا من النار بعد دخولها ، وما هم بخارجين منها "لهم عذاب مقيم" يقول : لهم عذاب دائم ثابت لا يزول عنهم ولا ينتقل أبدا ، كما قال الشاعر :


فإن لكم بيوم الشعب مني عذابا دائما لكم مقيما


[ ص: 294 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

11906 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة : أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس رحمه الله : أعمى البصر أعمى القلب ، يزعم أن قوما يخرجون من النار ، وقد قال الله جل وعز : " وما هم بخارجين منها "؟ فقال ابن عباس : ويحك ، اقرأ ما فوقها! هذه للكفار .
القول في تأويل قوله عز ذكره ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم ( 38 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : ومن سرق من رجل أو امرأة ، فاقطعوا ، أيها الناس ، يده ولذلك رفع "السارق والسارقة" ، لأنهما غير معينين . ولو أريد بذلك سارق وسارقة بأعيانهما لكان وجه الكلام النصب .

وقد روي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ ذلك : ( والسارقون والسارقات ) .

11907 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن ابن عون ، عن إبراهيم قال : في قراءتنا قال : وربما قال : في قراءة عبد الله ( والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما ) . [ ص: 295 ]

11908 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن إبراهيم : في قراءتنا : ( والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما ) .

وفي ذلك دليل على صحة ما قلنا من معناه ، وصحة الرفع فيه ، وأن " السارق والسارقة " مرفوعان بفعلهما على ما وصفت ، للعلل التي وصفت .

وقال تعالى ذكره : " فاقطعوا أيديهما " ، والمعنى : أيديهما اليمنى ، كما : -

11909 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "فاقطعوا أيديهما" اليمنى .

11910 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عامر قال : في قراءة عبد الله : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما ) .

ثم اختلفوا في"السارق" الذي عناه الله عز ذكره .

فقال بعضهم : عنى بذلك سارق ثلاثة دراهم فصاعدا . وذلك قول جماعة من أهل المدينة ، منهم مالك بن أنس ومن قال بقوله . واحتجوا لقولهم ذلك ، بأن : -

11911 - رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم .

وقال آخرون : بل عنى بذلك سارق ربع دينار أو قيمته . وممن قال ذلك ، الأوزاعي ومن قال بقوله . واحتجوا لقولهم ذلك بالخبر الذي روي عن عائشة أنها قالت :

11912 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : القطع في ربع دينار فصاعدا . [ ص: 296 ]

وقال آخرون : بل عنى بذلك سارق عشرة دراهم فصاعدا . وممن قال ذلك أبو حنيفة وأصحابه . واحتجوا في ذلك بالخبر الذي روي عن عبد الله بن عمرو ، وابن عباس :

11913 - أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته عشرة دراهم .

وقال آخرون : بل عنى بذلك سارق القليل والكثير . واحتجوا في ذلك بأن الآية على الظاهر ، وأن ليس لأحد أن يخص منها شيئا ، إلا بحجة يجب التسليم لها . وقالوا : لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر بأن ذلك في خاص من السراق . قالوا : والأخبار فيما قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطربة مختلفة ، ولم يرو عنه أحد أنه أتي بسارق درهم فخلى عنه ، وإنما رووا عنه أنه قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم . قالوا : وممكن أن يكون لو أتي بسارق ما قيمته دانق أن يقطع . قالوا : وقد قطع ابن الزبير في درهم .

وروي عن ابن عباس أنه قال : الآية على العموم .

11914 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا عبد المؤمن ، عن نجدة الحنفي قال : سألت ابن عباس عن قوله : " والسارق والسارقة " ، أخاص أم عام؟ فقال : بل عام . [ ص: 297 ]

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا ، قول من قال : "الآية معني بها خاص من السراق ، وهم سراق ربع دينار فصاعدا أو قيمته" ، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " القطع في ربع دينار فصاعدا " . وقد استقصيت ذكر أقوال المختلفين في ذلك مع عللهم التي اعتلوا بها لأقوالهم ، والبيان عن أولاها بالصواب ، بشواهده ، في كتابنا "كتاب السرقة" ، فكرهنا إطالة الكتاب بإعادة ذلك في هذا الموضع .

وقوله : " جزاء بما كسبا نكالا من الله " ، يقول : مكافأة لهما على سرقتهما وعملهما في التلصص بمعصية الله "نكالا من الله" يقول : عقوبة من الله على لصوصيتهما .

وكان قتادة يقول في ذلك ما : -

11915 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم " ، لا ترثوا لهم أن تقيموا فيهم الحدود ، فإنه والله ما أمر الله بأمر قط إلا وهو صلاح ، ولا نهى عن أمر قط إلا وهو فساد . [ ص: 298 ]

وكان عمر بن الخطاب يقول : "اشتدوا على السراق ، فاقطعوهم يدا يدا ، ورجلا رجلا" .

وقوله : "والله عزيز حكيم" يقول جل ثناؤه : "والله عزيز" في انتقامه من هذا السارق والسارقة وغيرهما من أهل معاصيه"حكيم" ، في حكمه فيهم وقضائه عليهم .

يقول : فلا تفرطوا أيها المؤمنون ، في إقامة حكمي على السراق وغيرهم من أهل الجرائم الذين أوجبت عليهم حدودا في الدنيا عقوبة لهم ، فإني بحكمتي قضيت ذلك عليهم ، وعلمي بصلاح ذلك لهم ولكم .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ( 39 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : "فمن تاب" ، من هؤلاء السراق ، يقول : من رجع منهم عما يكرهه الله من معصيته إياه ، إلى ما يرضاه من طاعته "من بعد ظلمه" ، و"ظلمه" هو اعتداؤه وعمله ما نهاه الله عنه من سرقة أموال الناس "وأصلح" ، يقول : وأصلح نفسه بحملها على مكروهها في طاعة الله ، [ ص: 299 ] والتوبة إليه مما كان عليه من معصيته .

وكان مجاهد - فيما ذكر لنا - يقول : توبته في هذا الموضع الحد الذي يقام عليه .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

11916 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح" ، فتاب عليه ، يقول : الحد .

11917 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا موسى بن داود قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو قال : سرقت امرأة حليا ، فجاء الذين سرقتهم فقالوا : يا رسول الله ، سرقتنا هذه المرأة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقطعوا يدها اليمنى . فقالت المرأة : هل من توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك! قال : فأنزل الله جل وعز : "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه" . [ ص: 300 ]

وقوله : "فإن الله يتوب عليه" ، يقول : فإن الله جل وعز يرجعه إلى ما يحب ويرضى ، عما يكره ويسخط من معصيته .

وقوله : "إن الله غفور رحيم" يقول : إن الله عز ذكره ساتر على من تاب وأناب عن معاصيه إلى طاعته ذنوبه ، بالعفو عن عقوبته عليها يوم القيامة ، وتركه فضيحته بها على رءوس الأشهاد "رحيم" به وبعباده التائبين إليه من ذنوبهم .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير ( 40 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم يعلم هؤلاء [ يعني القائلين ] : " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " ، الزاعمين أنهم أبناء الله وأحباؤه أن الله مدبر ما في السماوات وما في الأرض ، ومصرفه وخالقه ، لا [ ص: 301 ] يمتنع شيء مما في واحدة منهما مما أراده ، لأن كل ذلك ملكه ، وإليه أمره ، ولا نسب بينه وبين شيء مما فيهما ولا مما في واحدة منهما ، فيحابيه بسبب قرابته منه ، فينجيه من عذابه ، وهو به كافر ، ولأمره ونهيه مخالف ، أو يدخله النار وهو له مطيع لبعد قرابته منه ، ولكنه يعذب من يشاء من خلقه في الدنيا على معصيته بالقتل والخسف والمسخ وغير ذلك من صنوف عذابه ، ويغفر لمن يشاء منهم في الدنيا بالتوبة عليه من كفره ومعصيته ، فينقذه من الهلكة ، وينجيه من العقوبة "والله على كل شيء قدير " ، يقول : والله جل وعز على تعذيب من أراد تعذيبه من خلقه على معصيته ، وغفران ما أراد غفرانه منهم باستنقاذه من الهلكة بالتوبة عليه وغير ذلك من الأمور كلها قادر ، لأن الخلق خلقه ، والملك ملكه ، والعباد عباده .

وخرج قوله : " ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض " ، خطابا له صلى الله عليه وسلم ، والمعني به من ذكرت من فرق بني إسرائيل الذين كانوا بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما حواليها . وقد بينا استعمال العرب نظير ذلك في كلامها بشواهده فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية .

فقال بعضهم : نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر ، بقوله لبني قريظة حين حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم : "إنما هو الذبح ، فلا تنزلوا على حكم سعد " .

[ ص: 302 ] ذكر من قال ذلك :

11918 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : " لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " ، قال : نزلت في رجل من الأنصار زعموا أنه أبو لبابة أشارت إليه بنو قريظة يوم الحصار ، ما الأمر؟ وعلام ننزل ؟ فأشار إليهم أنه الذبح .

وقال آخرون : بل نزلت في رجل من اليهود سأل رجلا من المسلمين يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكمه في قتيل قتله .

ذكر من قال ذلك :

11919 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن زكريا ، عن عامر : " لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " ، قال : كان رجل من اليهود قتله رجل من أهل دينه ، فقال القاتل لحلفائهم من المسلمين : سلوا لي محمدا صلى الله عليه وسلم ، فإن بعث بالدية اختصمنا إليه ، وإن كان يأمرنا بالقتل لم نأته . 11920 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن زكريا ، عن عامر ، نحوه . [ ص: 303 ]

وقال آخرون : بل نزلت في عبد الله بن صوريا ، وذلك أنه ارتد بعد إسلامه .

ذكر من قال ذلك :

11921 - حدثنا هناد وأبو كريب قالا : حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال : حدثني الزهري قال : سمعت رجلا من مزينة يحدث ، عن سعيد بن المسيب : أن أبا هريرة حدثهم : أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت ، فقالوا ، انطلقوا بهذا الرجل وبهذه المرأة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فاسألوه كيف الحكم فيهما ، وولوه الحكم عليهما ، فإن عمل فيهما بعملكم من التجبيه وهو الجلد بحبل من ليف مطلي بقار ، ثم تسود وجوههما ، ثم يحملان على حمارين ، وتحول وجوههما من قبل دبر الحمار فاتبعوه ، فإنما هو ملك . وإن هو حكم فيهما بالرجم ، فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه . فأتوه فقالوا : يا محمد ، هذا الرجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت ، فاحكم فيهما ، فقد وليناك الحكم فيهما . فمشى رسول الله صلى الله عليه [ ص: 304 ] وسلم حتى أتى أحبارهم إلى بيت المدراس ، فقال : " يا معشر اليهود ، أخرجوا إلي أعلمكم ! " فأخرجوا إليه عبد الله بن صوريا الأعور وقد روى بعض بني قريظة ، أنهم أخرجوا إليه يومئذ مع ابن صوريا ، أبا ياسر بن أخطب ، ووهب بن يهوذا ، فقالوا : هؤلاء علماؤنا ! فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حصل أمرهم ، إلى أن قالوا لابن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا ، فألظ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة ، يقول : يا ابن صوريا ، أنشدك الله وأذكرك أياديه عند بني إسرائيل ، هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة؟ فقال : اللهم نعم! أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعلمون أنك نبي مرسل ، ولكنهم يحسدونك! فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بهما فرجما عند باب مسجده ، في بني غنم بن مالك بن النجار . ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا ، فأنزل الله جل وعز : " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " .

11922 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، ح ، وحدثنا هناد قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ح ، وحدثنا هناد قال : حدثنا عبيدة بن حميد عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن البراء بن عازب قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم مجلود ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من علمائهم [ ص: 305 ] فقال : أهكذا تجدون حد الزاني فيكم؟ قال : نعم ! قال : فأنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى ، أهكذا تجدون حد الزنى فيكم؟ قال : لا ، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أحدثك ، ولكن الرجم ، ولكن كثر الزنا في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد ، فقلنا : " تعالوا نجتمع فنضع شيئا مكان الرجم ، فيكون على الشريف والوضيع " ، فوضعنا التحميم والجلد مكان الرجم ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا أول من أحيي أمرك إذ أماتوه ! فأمر به فرجم ، فأنزل الله : " لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر " الآية .

11923 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري قال : كنت جالسا عند سعيد بن المسيب ، وعند سعيد رجل يوقره ، فإذا هو رجل من مزينة كان أبوه شهد الحديبية ، وكان من أصحاب أبي هريرة قال : قال أبو هريرة : كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.70%)]