عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 17-02-2025, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء العاشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (538)
صــ 66 إلى صــ 85








11504 - حدثني إسحاق بن شاهين ، وإسماعيل بن موسى قالا : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال [ ص: 66 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ويل للأعقاب من النار وقال إسماعيل في حديثه : ويل للعراقيب من النار " .

11505 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا حسين المعلم ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن سالم الدوسي قال : دخلت مع عبد الرحمن بن أبي بكر على عائشة ، فدعا بوضوء ، فقالت عائشة : يا عبد الرحمن ، أسبغ الوضوء ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ويل للأعقاب من النار . .

11506 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عمر بن يونس الحنفي قال : حدثنا عكرمة بن عمار قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : حدثني أبو سالم مولى المهري هكذا قال عمر بن يونس قال : خرجت أنا وعبد الرحمن بن أبي بكر في جنازة سعد بن أبي وقاص قال : [ ص: 67 ] فمررت أنا ، وعبد الرحمن على حجرة عائشة أخت عبد الرحمن ، فدعا عبد الرحمن بوضوء ، فسمعت عائشة تناديه : يا عبد الرحمن ، أسبغ الوضوء ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ويل للأعقاب من النار " .

11507 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا أبو عامر قال : حدثنا علي بن المبارك ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن سالم مولى دوس قال : سمعت عائشة تقول لأخيها عبد الرحمن : يا عبد الرحمن ، أسبغ الوضوء ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ويل للأعقاب من النار" . [ ص: 68 ]

11508 - حدثني يعقوب ، وسوار بن عبد الله ، قالا : حدثنا يحيى القطان ، عن ابن عجلان ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي سلمة ، أن عائشة رأت عبد الرحمن يتوضأ فقالت : أسبغ الوضوء ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ويل للأعقاب من النار . .

11509 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن عيينة ، ويحيى بن سعيد القطان ، عن ابن عجلان ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي سلمة ، قال : رأت عائشة عبد الرحمن يتوضأ ، فقالت : أسبغ الوضوء ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ويل للعراقيب من النار . .

11510 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : أخبرنا أبو زرعة وهب الله بن راشد قال : أخبرنا حيوة بن شريح قال : أخبرنا أبو الأسود : أن أبا عبد الله مولى شداد بن الهاد حدثه : أنه دخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعندها عبد الرحمن ، فتوضأ عبد الرحمن ، ثم قام فأدبر ، فنادته عائشة فقالت : يا عبد الرحمن ! فأقبل عليها ، فقالت له : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ويل للأعقاب من النار . . [ ص: 69 ]

11511 - حدثني محمد بن المثنى قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، قال : حدثني أبو إسحاق ، عن سعيد أو : شعيب بن أبي كرب قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ويل للعراقيب من النار" .

11512 - حدثنا خلاد بن أسلم قال : حدثنا النضر قال : أخبرنا شعبة ، [ ص: 70 ] عن أبي إسحاق قال : سمعت ابن أبي كرب قال : سمعت جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ويل للعقب - أو : العراقيب - من النار" .

11513 - حدثني إسماعيل بن محمود الحجيري ، قال : حدثنا خالد بن الحارث قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت سعيدا يقول : سمعت جابرا يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ويل للأعقاب من النار . .

11514 - حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن أبي كرب ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويل للعراقيب من النار .

11515 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا الصباح بن محارب ، عن محمد بن أبان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن أبي كرب ، عن جابر بن عبد الله قال : سمع أذني من النبي صلى الله عليه وسلم : ويل للعراقيب من النار . [ ص: 71 ]

11516 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا الصباح بن محارب ، عن محمد بن أبان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن أبي كرب ، عن جابر بن عبد الله قال : سمع أذني من النبي صلى الله عليه وسلم : "ويل للعراقيب من النار! أسبغوا الوضوء .

11517 - حدثني الحسين بن علي الصدائي قال : حدثنا الوليد بن القاسم ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر بن عبد الله قال : أبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يتوضأ ، وبقي من عقبه شيء ، فقال : ويل للعراقيب من النار . .

11518 - حدثني علي بن مسلم قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال : حدثنا حفص ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قوما يتوضئون لم يصب أعقابهم الماء ، فقال : ويل للعراقيب من النار . .

11519 - حدثنا أبو سفيان الغنوي يزيد بن عمرو قال : حدثنا خلف بن الوليد قال : حدثني أيوب بن عتبة ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن معيقيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويل للعراقيب من النار . [ ص: 72 ]

11520 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن أبي يحيى ، عن عبد الله بن عمرو قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما يتوضئون ، فرأى أعقابهم تلوح ، فقال : "ويل للأعقاب من النار! أسبغوا الوضوء .

11521 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن أبي يحيى الأعرج ، عن عبد الله بن عمرو قال : أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما يتوضئون لم يتموا الوضوء ، فقال : أسبغوا الوضوء ، ويل للعراقيب - أو : الأعقاب - من النار!

11522 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن رجل من أهل مكة ، عن عبد الله بن عمرو : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى قوما يتوضئون ، فلم يتموا الوضوء ، فقال : ويل للأعقاب من النار . . [ ص: 73 ]

11523 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن أبي يحيى ، عن عبد الله بن عمرو : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قوما يتوضئون وأعقابهم تلوح ، فقال : ويل للأعقاب من النار! أسبغوا الوضوء .

11524 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن منصور ، عن هلال ، عن أبي يحيى مولى عبد الله بن عمرو ، عن عبد الله بن عمرو قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ، فسبقنا ناس فتوضئوا ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأى أقدامهم بيضا من أثر الوضوء ، فقال : ويل للعراقيب من النار! أسبغوا الوضوء"

11525 - حدثني علي بن عبد الأعلى قال : حدثنا المحاربي ، عن مطرح بن يزيد ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويل للأعقاب من النار! قال : فما بقي في المسجد شريف ولا وضيع إلا نظرت إليه يقلب عرقوبيه ينظر إليهما . [ ص: 74 ]

11526 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا حسين ، عن زائدة ، عن ليث قال : حدثني عبد الرحمن بن سابط ، عن أبي أمامة أو : أخي أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر أقواما يتوضئون ، وفي عقب أحدهم أو كعب أحدهم مثل موضع الدرهم أو : موضع الظفر لم يمسه الماء ، فقال : ويل للأعقاب من النار! فقال : فجعل الرجل إذا رأى في عقبه شيئا لم يصبه الماء أعاد وضوءه . .

قال أبو جعفر : فإن قال قائل : فما أنت قائل فيما حدثكم به : -

11527 - محمد بن المثنى قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن أبيه ، عن أوس بن أبي أوس ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على نعليه ، ثم قام فصلى . [ ص: 75 ]

وما حدثك به :

11528 - عبد الله بن الحجاج بن المنهال قال : حدثني أبي قال : حدثنا جرير بن حازم قال : سمعت الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال عليها قائما ، ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على نعليه .

وما حدثك به : -

11529 - الحارث قال : حدثنا القاسم بن سلام قال : حدثنا هشيم قال : حدثنا يعلى بن عطاء ، عن أبيه ، عن أوس بن أبي أوس قال : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم ، فتوضأ ومسح على قدميه" [ ص: 76 ]

وما أشبه ذلك من الأخبار الدالة على أن المسح ببعض الرجلين في الوضوء مجزئ؟ قيل له : أما حديث أوس بن أبي أوس فإنه لا دلالة فيه على صحة ذلك ، إذ لم يكن في الخبر الذي روي عنه ذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بعد حدث يوجب عليه الوضوء لصلاته ، فمسح على نعليه ، أو على قدميه . وجائز أن يكون مسحه على قدميه الذي ذكره أوس كان في وضوء توضأه من غير حدث كان منه وجب عليه من أجله تجديد وضوئه ، لأن الرواية عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا توضأ لغير حدث ، كذلك يفعل ، يدل على ذلك ما : -

11530 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال : حدثنا أبو مالك الجنبي ، عن مسلم ، عن حبة العرني قال : رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه شرب في الرحبة قائما ، ثم توضأ ومسح على نعليه وقال : هذا وضوء من لم يحدث ، هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع . [ ص: 77 ]

فقد أنبأ هذا الخبر عن صحة ما قلنا في معنى حديث أوس .

فإن قال : فإن حديث أوس ، وإن كان محتملا من المعنى ما قلت ، فإنه محتمل أيضا ما قاله من قال أنه معني به المسح على النعلين أو القدمين في وضوء توضأه رسول الله صلى الله عليه وسلم من حدث؟

قيل : أحسن حالات الخبر ما حمل ما قلت ، إن سلم له ما ادعى من احتماله ما ذكر من المسح على القدم أو النعل بعد الحدث ، وإن كان ذلك غير محتمله عندنا ، إذ كان غير جائز أن تكون فرائض الله وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم متنافية متعارضة ، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بعموم غسل القدمين في الوضوء بالماء بالنقل المستفيض القاطع عذر من انتهى إليه وبلغه . وإذ كان [ ص: 78 ] ذلك عنه صحيحا ، فغير جائز أن يكون صحيحا عنه إباحة ترك غسل بعض ما قد أوجب فرضا غسله في حال واحدة ووقت واحد ، لأن ذلك إيجاب فرض ، وإبطاله في حال واحدة . وذلك عن أحكام الله وأحكام رسوله صلى الله عليه وسلم منتف .

غير أنا إذا سلمنا لمن ادعى في حديث أوس ما ادعى من احتماله مسح النبي صلى الله عليه وسلم على قدمه في حال وضوء من حدث ، ثقة منا بالفلج عليه ، بأنه لا حجة له في ذلك قلنا : فإذا كان محتملا ما ادعيت ، أفمحتمل هو ما قلناه إن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم في حال وضوئه لا من حدث؟

فإن قال : "لا" ثبتت مكابرته لأنه لا بيان في خبر أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في وضوء من حدث .

وإن قال : "بل هو محتمل ما قلت ومحتمل ما قلنا" .

قيل له : فما البرهان على أن تأويلك الذي ادعيت فيه أولى به من تأويلنا؟ فلن يدعي برهانا على صحة دعواه في ذلك ، إلا عورض بمثله في خلاف دعواه .

وأما حديث حذيفة فإن الثقات الحفاظ من أصحاب الأعمش حدثوا به ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة : "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما ، ثم توضأ ومسح على خفيه" .

11531 - حدثنا بذلك أحمد بن عبدة الضبي قال : حدثنا أبو عوانة ، عن [ ص: 79 ] الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة .

11532 - ح ، حدثني المثنى قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي وائل ، عن حذيفة .

11533 - ح ، حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا : حدثنا ابن إدريس ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة .

11534 - ح ، حدثني أبو السائب قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن حذيفة .

11535 - ح ، حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي قال : حدثنا عمي يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن حذيفة .

11536 - ح ، حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة . . [ ص: 80 ]

وكل هؤلاء يحدث ذلك عن الأعمش ، بالإسناد الذي ذكرنا عن حذيفة : "أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه" ، وهم أصحاب الأعمش . ولم ينقل هذا الحديث عن الأعمش غير جرير بن حازم . ولو لم يخالفه في ذلك مخالف ، لوجب التثبت فيه لشذوذه ، فكيف والثقات من أصحاب الأعمش يخالفونه في روايته ما روى من ذلك!! ولو صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كان جائزا أن يكون مسح على نعليه وهما ملبوستان فوق الجوربين ، وإذا جاز ذلك لم يكن لأحد صرف الخبر إلى أحد المعاني المحتملها الخبر إلا بحجة يجب التسليم لها .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( إلى الكعبين )

قال أبو جعفر : واختلف أهل التأويل في"الكعب" .

فقال بعضهم بما : -

11537 - حدثني أحمد بن حازم الغفاري قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا القاسم بن الفضل الحداني ، قال : قال أبو جعفر : أين"الكعبين"؟ فقال القوم : هاهنا . فقال : هذا رأس الساق! ولكن"الكعبين" هما عند المفصل [ ص: 81 ]

11538 - حدثني يونس قال : أخبرنا أشهب قال : قال مالك : " الكعب" الذي يجب الوضوء إليه ، هو الكعب الملتصق بالساق المحاذي العقب ، وليس بالظاهر في ظاهر القدم .

وقال آخرون بما : -

11539 - حدثنا الربيع قال : قال الشافعي : لم أعلم مخالفا في أن " الكعبين" اللذين ذكرهما الله في كتابه في الوضوء ، هما الناتئان وهما مجمع مفصل الساق والقدم

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن "الكعبين" هما العظمان اللذان في مفصل الساق والقدم ، تسميهما العرب "المنجمين" . وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول : هما عظما الساق في طرفها

واختلف أهل العلم في وجوب غسلهما في الوضوء وفي الحد الذي ينبغي أن يبلغ بالغسل إليه من الرجلين نحو اختلافهم في وجوب غسل المرفقين ، وفي الحد الذي ينبغي أن يبلغ بالغسل إليه من اليدين . وقد ذكرنا ذلك ودللنا على الصحيح من القول فيه بعلله فيما مضى قبل ، بما أغنى عن إعادته .

[ ص: 82 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( وإن كنتم جنبا فاطهروا )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "وإن كنتم جنبا" وإن كنتم أصابتكم جنابة قبل أن تقوموا إلى صلاتكم فقمتم إليها "فاطهروا" ، يقول : فتطهروا بالاغتسال منها قبل دخولكم في صلاتكم التي قمتم إليها .

ووحد "الجنب" وهو خبر عن الجميع ، لأنه اسم خرج مخرج الفعل كما قيل : "رجل عدل وقوم عدل" ، و"رجل زور وقوم زور" ، وما أشبه ذلك لفظ الواحد والجميع والاثنين والذكر والأنثى فيه واحد .

يقال منه : "أجنب الرجل" و"جنب" و"اجتنب" والفعل "الجنابة" ، و"الإجناب" . وقد سمع في جمعه "أجناب" ، وليس ذلك بالمستفيض الفاشي في كلام العرب ، بل الفصيح من كلامهم ما جاء به القرآن .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : إن كنتم جرحى أو مجدرين وأنتم [ ص: 83 ] جنب

وقد بينا أن ذلك كذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته .

وأما قوله : "أو على سفر" فإنه يقول : وإن كنتم مسافرين وأنتم جنب "أو جاء أحد منكم من الغائط" يقول : أو جاء أحدكم وقد قضى حاجته فيه وهو مسافر . وإنما عنى بذكر مجيئه منه قضاء حاجته فيه .

أو لامستم النساء" يقول : أو جامعتم النساء وأنتم مسافرون . وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيما مضى قبل في"اللمس" وبينا أولى الأقوال في ذلك بالصواب فيما مضى بما أغنى عن إعادته .

فإن قال قائل : وما وجه تكرير قوله : "أو لامستم النساء" إن كان معنى"اللمس" الجماع ، وقد مضى ذكر الواجب عليه بقوله : "وإن كنتم جنبا فاطهروا"؟

قيل : وجه تكرير ذلك أن المعنى الذي ألزمه تعالى ذكره من فرضه بقوله : "وإن كنتم جنبا فاطهروا" غير المعنى الذي ألزمه بقوله : "أو لامستم النساء" ، وذلك أنه بين حكمه في قوله : "وإن كنتم جنبا فاطهروا" إذا كان له السبيل إلى الماء الذي يطهره ، ففرض عليه الاغتسال به ، ثم بين حكمه إذا أعوزه الماء فلم يجد إليه السبيل وهو مسافر غير مريض مقيم ، فأعلمه أن التيمم بالصعيد له حينئذ الطهور .

[ ص: 84 ] القول في تأويل قوله ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا" فإن لم تجدوا أيها المؤمنون إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم مرضى مقيمون ، أو على سفر أصحاء ، أو قد جاء أحد منكم من قضاء حاجته ، أو جامع أهله في سفره "ماء فتيمموا صعيدا طيبا" يقول : فتعمدوا واقصدوا وجه الأرض"طيبا" ، يعني : طاهرا نظيفا غير قذر ولا نجس ، جائزا لكم حلالا "فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه" يقول : فاضربوا بأيديكم الصعيد الذي تيممتموه وتعمدتموه بأيديكم ، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم مما علق بأيديكم "منه" ، يعني : من الصعيد الذي ضربتموه بأيديكم من ترابه وغباره .

وقد بينا فيما مضى كيفية "المسح بالوجوه والأيدي منه" ، واختلاف المختلفين في ذلك ، والقول في معنى"الصعيد" ، و"التيمم" ، ودللنا على الصحيح من القول في كل ذلك بما أغنى عن تكريره في هذا الموضع .

القول في تأويل قوله عز ذكره ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج" ما يريد الله بما فرض عليكم من الوضوء إذا قمتم إلى صلاتكم ، والغسل [ ص: 85 ] من جنابتكم والتيمم صعيدا طيبا عند عدمكم الماء "ليجعل عليكم من حرج" ليلزمكم في دينكم من ضيق ، ولا ليعنتكم فيه .

وبما قلنا في معنى الحرج " قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

11540 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن خالد بن دينار ، عن أبي العالية وعن أبي مكين ، عن عكرمة في قوله : "من حرج" قالا : من ضيق .

11541 - حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "من حرج" من ضيق .

11542 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.24 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.70%)]