
17-02-2025, 07:19 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,262
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء التاسع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (532)
صــ 566 إلى صــ 580
قيل : هذا خبر في إسناده نظر ، فإن" سعيدا " غير معلوم له سماع من" سلمان " ، والثقات من أهل الآثار يقفون هذا الكلام على سلمان ، ويروونه عنه من قبله غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم . والحفاظ الثقات إذا تتابعوا على نقل شيء بصفة ، فخالفهم واحد منفرد ليس له حفظهم ، كانت الجماعة الأثبات أحق بصحة ما نقلوا من الفرد الذي ليس له حفظهم .
قال أبو جعفر : وإذا كان الأمر في الكلب على ما ذكرت : من أنه إذا أكل من الصيد فغير معلم ، فكذلك حكم كل جارحة : في أن ما أكل منها من الصيد فغير معلم ، لا يحل له أكل صيده إلا أن يدرك ذكاته .
القول في تأويل قوله ( فكلوا مما أمسكن عليكم )
قال أبو جعفر : يعني بقوله : " فكلوا مما أمسكن عليكم " ، فكلوا ، أيها الناس ، مما أمسكت عليكم جوارحكم .
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك .
فقال بعضهم : ذلك على الظاهر والعموم كما عممه الله ، حلال أكل كل ما أمسكت علينا الكلاب والجوارح المعلمة من الصيد الحلال أكله ، أكل منه الجارح والكلاب أو لم يأكل منه ، أدركت ذكاته فذكي أو لم تدرك ذكاته حتى قتلته الجوارح بجرحها إياه أو بغير جرح .
[ ص: 567 ]
وهذا قول الذين قالوا : " تعليم الجوارح الذي يحل به صيدها أن تعلم الاستشلاء على الصيد ، وطلبه إذا أشليت عليه ، وأخذه ، وترك الهرب من صاحبها ، دون ترك الأكل من صيدها إذا صادته" . وقد ذكرنا قول قائلي هذه المقالة والرواية عنهم بأسانيدها الواردة آنفا .
وقال آخرون : بل ذلك على الخصوص دون العموم . قالوا : ومعناه : فكلوا مما أمسكن عليكم من الصيد جميعه دون بعضه . قالوا : فإن أكلت الجوارح منه بعضا وأمسكت بعضا ، فالذي أمسكت منه غير جائز أكله وقد أكلت بعضه ، لأنها إنما أمسكت ما أمسكت من ذلك الصيد بعد الذي أكلت منه ، على أنفسها لا علينا ، والله تعالى ذكره إنما أباح لنا كل ما أمسكته جوارحنا المعلمة علينا بقوله : " فكلوا مما أمسكن عليكم " ، دون ما أمسكته على أنفسها . وهذا قول من قال : " تعليم الجوارح الذي يحل به صيدها : أن تستشلي للصيد إذا أشليت ، فتطلبه وتأخذه ، فتمسكه على صاحبها فلا تأكل منه شيئا ، ولا تفر من صاحبها" . وقد ذكرنا ممن قال ذلك فيما مضى منهم جماعة كثيرة ونذكر منهم جماعة أخر في هذا الموضع .
11212 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " فكلوا مما أمسكن عليكم " ، يقول : كلوا مما قتلن قال علي : وكان ابن عباس يقول : إن قتل وأكل فلا تأكل ، وإن أمسك فأدركته حيا فذكه .
11213 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : [ ص: 568 ] حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : إن أكل المعلم من الكلاب من صيده قبل أن يأتيه صاحبه فيدرك ذكاته ، فلا يأكل من صيده .
11214 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " فكلوا مما أمسكن عليكم " ، إذا صاد الكلب فأمسكه وقد قتله ولم يأكل منه ، فهو حل . فإن أكل منه ، فيقال : إنما أمسك على نفسه . فلا تأكل منه شيئا ، إنه ليس بمعلم .
11215 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "يسألونك ماذا أحل لهم" إلى قوله : "فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه" ، قال : إذا أرسلت كلبك المعلم أو طيرك أو سهمك ، فذكرت اسم الله ، فأخذ أو قتل ، فكل .
11216 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول : إذا أرسلت كلبك المعلم فذكرت اسم الله حين ترسله ، فأمسك أو قتل ، فهو حلال . فإذا أكل منه فلا تأكله ، فإنما أمسكه على نفسه .
11217 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن الشعبي ، عن عدي قوله : "فكلوا مما أمسكن عليكم" ، قال : قلت يا رسول الله ، إن أرضي أرض صيد ؟ قال : "إذا أرسلت كلبك وسميت ، فكل مما أمسك عليك كلبك وإن قتل . فإن أكل فلا تأكل ، فإنه إنما أمسك على نفسه . [ ص: 569 ]
وقد بينا أولى القولين في ذلك بالصواب قبل ، فأغنى ذلك عن إعادته وتكراره .
فإن قال قائل : وما وجه دخول"من" ، في قوله : " فكلوا مما أمسكن عليكم " ، وقد أحل الله لنا صيد جوارحنا الحلال ، و"من" إنما تدخل في الكلام مبعضة لما دخلت فيه ؟
قيل : قد اختلف في معنى دخولها في هذا الموضع أهل العربية .
فقال بعض نحويي البصرة : دخلت"من" في هذا الموضع لغير معنى ، كما تدخله العرب في قولهم : "كان من مطر" و"كان من حديث" . قال : ومن ذلك قوله : ( ويكفر عنكم من سيئاتكم ) [ سورة البقرة : 271 ] ، وقوله : ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) [ سورة النور : 43 ] ، قال : وهو فيما فسر : وينزل من السماء جبالا فيها برد . قال : وقال بعضهم : و" وينزل من السماء من جبال فيها من برد " ، أي : من السماء من برد ، بجعل"الجبال من برد" في السماء ، وبجعل الإنزال منها .
وكان غيره من أهل العربية ينكر ذلك ويقول : لم تدخل"من" إلا لمعنى مفهوم ، لا يجوز الكلام ولا يصلح إلا به . وذلك أنها دالة على التبعيض . وكان يقول : معنى قولهم"قد كان من مطر" و"كان من حديث"; هل كان من مطر مطر عندكم ؟ وهل من حديث حدث عندكم ؟ ويقول : معنى : ( ويكفر عنكم من سيئاتكم ) ، أي : ويكفر عنكم من سيئاتكم ما يشاء ويريد وفي قوله : ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) ، فيجيز [ ص: 570 ] حذف"من" من "من برد" ولا يجيز حذفها من"الجبال" ، ويتأول معنى ذلك : وينزل من السماء أمثال جبال برد ، ثم أدخلت"من" في"البرد" ، لأن"البرد" مفسر عنده من"الأمثال" أعني : "أمثال الجبال" ، وقد أقيمت "الجبال" مقام"الأمثال" ، و"الجبال" وهي"جبال برد" فلا يجيز حذف"من" من"الجبال" ، لأنها دالة على أن الذي في السماء الذي أنزل منه البرد ، أمثال جبال برد . وأجاز حذف"من" من "البرد" ، لأن"البرد" مفسر عن"الأمثال" ، كما تقول : "عندي رطلان زيتا" و"عندي رطلان من زيت" ، وليس عندك"الرطل" ، وإنما عندك المقدار . ف"من" تدخل في المفسر وتخرج منه . وكذلك عند قائل هذا القول : من السماء ، من أمثال جبال ، وليس بجبال . وقال : وإن كان : "أنزل من جبال في السماء من برد جبالا" ، ثم حذف"الجبال" الثانية ، و"الجبال" الأول في السماء ، جاز . تقول : "أكلت من الطعام" ، تريد : أكلت من الطعام طعاما ، ثم تحذف"الطعام" ولا تسقط"من" .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك : أن"من" لا تدخل في الكلام إلا لمعنى مفهوم ، وقد يجوز حذفها في بعض الكلام وبالكلام إليها حاجة ، لدلالة ما يظهر من الكلام عليها . فأما أن تكون في الكلام لغير معنى أفادته بدخولها ، فذلك قد بينا فيما مضى أنه غير جائز أن يكون فيما صح من الكلام .
ومعنى دخولها في قوله : " فكلوا مما أمسكن عليكم " ، للتبعيض ، إذ كانت الجوارح تمسك على أصحابها ما أحل الله لهم لحومه ، وحرم عليهم فرثه ودمه ، فقال جل ثناؤه : "فكلوا" مما أمسكت عليكم جوارحكم الطيبات التي أحللت [ ص: 571 ] لكم من لحومها ، دون ما حرمت عليكم من خبائثه من الفرث والدم وما أشبه ذلك ، مما لم أطيبه لكم . فذلك معنى دخول"من" في ذلك .
وأما قوله : ( ويكفر عنكم من سيئاتكم ) ، فقد بينا وجه دخولها فيه فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته .
وأما دخولها في قوله : ( وينزل من السماء من جبال ) ، فسنبينه إذا أتينا عليه إن شاء الله . .
القول في تأويل قوله ( واذكروا اسم الله عليه )
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ( واذكروا اسم الله عليه ) على ما أمسكت عليكم جوارحكم من الصيد . كما : -
11218 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " واذكروا اسم الله عليه " ، يقول : إذا أرسلت جوارحك فقل : "بسم الله" ، وإن نسيت فلا حرج .
11219 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " واذكروا اسم الله عليه " ، قال : إذا أرسلته فسم عليه حين ترسله على الصيد .
[ ص: 572 ] القول في تأويل قوله ( واتقوا الله إن الله سريع الحساب ( 4 ) )
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه : واتقوا الله ، أيها الناس ، فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه ، فاحذروه في ذلك أن تقدموا على خلافه ، وأن تأكلوا من صيد الجوارح غير المعلمة ، أو مما لم تمسك عليكم من صيدها وأمسكته على أنفسها ، أو تطعموا ما لم يسم الله عليه من الصيد والذبائح مما صاده أهل الأوثان وعبدة الأصنام ومن لم يوحد الله من خلقه ، أو ذبحوه ، فإن الله قد حرم ذلك عليكم فاجتنبوه .
ثم خوفهم إن هم فعلوا ما نهاهم عنه من ذلك ومن غيره . فقال : اعلموا أن الله سريع حسابه لمن حاسبه على نعمه عليه منكم وشكر الشاكر منكم ربه على ما أنعم به عليه بطاعته إياه فيما أمر ونهى ، لأنه حافظ لجميع ذلك فيكم ، فيحيط به ، لا يخفى عليه منه شيء ، فيجازي المطيع منكم بطاعته ، والعاصي بمعصيته ، وقد بين لكم جزاء الفريقين .
القول في تأويل قوله ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم )
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " اليوم أحل لكم الطيبات " ، اليوم أحل لكم ، أيها المؤمنون ، الحلال من الذبائح والمطاعم دون الخبائث منها .
وقوله : " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، وذبائح أهل الكتاب من [ ص: 573 ] اليهود والنصارى وهم الذين أوتوا التوراة والإنجيل وأنزل عليهم ، فدانوا بهما أو بأحدهما "حل لكم" يقول : حلال لكم ، أكله دون ذبائح سائر أهل الشرك الذين لا كتاب لهم من مشركي العرب وعبدة الأوثان والأصنام . فإن من لم يكن منهم ممن أقر بتوحيد الله عز ذكره ودان دين أهل الكتاب ، فحرام عليكم ذبائحهم .
ثم اختلف فيمن عنى الله عز ذكره بقوله : " وطعام الذين أوتوا الكتاب " ، من أهل الكتاب .
فقال بعضهم : عنى الله بذلك ذبيحة كل كتابي ممن أنزل عليه التوراة والإنجيل ، أو ممن دخل في ملتهم فدان دينهم ، وحرم ما حرموا ، وحلل ما حللوا ، منهم ومن غيرهم من سائر أجناس الأمم .
ذكر من قال ذلك :
11220 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال : حدثنا عبد الواحد قال : حدثنا خصيف قال : حدثنا عكرمة قال : سئل ابن عباس عن ذبائح نصارى بني تغلب ، فقرأ هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود ) إلى قوله : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ، الآية [ سورة المائدة : 51 ] .
11221 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان : عن عاصم الأحول ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، مثله .
11222 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن عثمة قال : حدثنا سعيد بن بشر ، عن قتادة ، عن الحسن وعكرمة : أنهما كانا لا يريان بأسا بذبائح نصارى [ ص: 574 ] بني تغلب ، وبتزوج نسائهم ، ويتلوان : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) .
11223 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن وسعيد بن المسيب : أنهما كانا لا يريان بأسا بذبيحة نصارى بني تغلب .
11224 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ، عن الشعبي : أنه كان لا يرى بأسا بذبائح نصارى بني تغلب ، وقرأ : ( وما كان ربك نسيا ) ، [ سورة مريم : 64 ] .
11225 - حدثني ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال : أخبرنا ابن جريج قال : حدثني ابن شهاب عن ذبيحة نصارى العرب ، قال : تؤكل من أجل أنهم في الدين أهل كتاب ، ويذكرون اسم الله .
11226 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا ابن جريج قال : قال عطاء : إنما يقرون بدين ذلك الكتاب .
11227 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا شعبة قال : سألت الحكم وحمادا وقتادة عن ذبائح نصارى بني تغلب ، فقالوا : لا بأس بها . قال : وقرأ الحكم : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ) ، [ سورة البقرة : 78 ] .
11228 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد ، عن عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كلوا من ذبائح بني تغلب ، وتزوجوا من نسائهم ، فإن الله قال في كتابه : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) [ سورة المائدة : 51 ] ، فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاية ، لكانوا منهم .
[ ص: 575 ]
11229 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة : أن الحسن كان لا يرى بأسا بذبائح نصارى بني تغلب ، وكان يقول : انتحلوا دينا ، فذاك دينهم .
وقال آخرون : إنما عنى بالذين أوتوا الكتاب في هذه الآية ، الذين أنزل عليهم التوراة والإنجيل من بني إسرائيل وأبنائهم ، فأما من كان دخيلا فيهم من سائر الأمم ممن دان بدينهم وهم من غير بني إسرائيل ، فلم يعن بهذه الآية ، وليس هو ممن يحل أكل ذبائحه ، لأنه ليس ممن أوتي الكتاب من قبل المسلمين . وهذا قول كان محمد بن إدريس الشافعي يقوله حدثنا بذلك عنه الربيع ويتأول في ذلك قول من كره ذبائح نصارى العرب من الصحابة والتابعين .
ذكر من حرم ذبائح نصارى العرب .
11230 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن محمد ، عن عبيدة قال : قال علي رضوان الله عليه : لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب ، فإنهم إنما يتمسكون من النصرانية بشرب الخمر .
11231 - حدثنا يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، عن علي قال : لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب ، فإنهم لم يتمسكوا بشيء من النصرانية إلا بشرب الخمر .
11232 - حدثنا الحسن بن عرفة قال : حدثنا عبد الله بن بكر قال : حدثنا هشام ، عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة قال : سألت عليا عن ذبائح نصارى العرب ، فقال : لا تؤكل ذبائحهم ، فإنهم لم يتعلقوا من دينهم إلا بشرب الخمر .
11233 - حدثني علي بن سعيد الكندي قال : حدثنا علي بن عابس ، [ ص: 576 ] عن عطاء بن السائب ، عن أبي البختري قال : نهانا علي عن ذبائح نصارى العرب .
11234 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي حمزة القصاب قال : سمعت محمد بن علي يحدث ، عن علي : أنه كان يكره ذبائح نصارى بني تغلب .
11235 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لا تأكلوا ذبائح نصارى العرب ، وذبائح نصارى أرمينية .
قال أبو جعفر : وهذه الأخبار عن علي رضوان الله عليه ، إنما تدل على أنه كان ينهى عن ذبائح نصارى بني تغلب ، من أجل أنهم ليسوا على النصرانية ، لتركهم تحليل ما تحلل النصارى ، وتحريم ما تحرم ، غير الخمر . ومن كان منتحلا ملة هو غير متمسك منها بشيء فهو إلى البراءة منها أقرب منه إلى اللحاق بها وبأهلها . فلذلك نهى علي عن أكل ذبائح نصارى بني تغلب ، لا من أجل أنهم ليسوا من بني إسرائيل .
فإذ كان ذلك كذلك ، وكان إجماعا من الحجة أن لا بأس بذبيحة كل نصراني ويهودي دان دين النصراني أو اليهودي فأحل ما أحلوا ، وحرم ما حرموا ، [ ص: 577 ] من بني إسرائيل كان أو من غيرهم فبين خطأ ما قال الشافعي في ذلك ، وتأويله الذي تأوله في قوله : " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، أنه ذبائح الذين أوتوا الكتاب التوراة والإنجيل من بني إسرائيل وصواب ما خالف تأويله ذلك ، وقول من قال : إن كل يهودي ونصراني فحلال ذبيحته ، من أي أجناس بني آدم كان .
وأما"الطعام" الذي قال الله : " وطعام الذين أوتوا الكتاب " ، فإنه الذبائح .
وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
11236 - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد : " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، قال : الذبائح .
11237 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد في قوله : " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، قال : ذبائحهم .
11238 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، مثله .
11239 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو نعيم وقبيصة قالا : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، مثله .
11240 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي ، عن أبي سنان ، عن ليث ، عن مجاهد ، مثله .
[ ص: 578 ]
11241 - حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
11242 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، قال : ذبيحة أهل الكتاب .
11243 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم في قوله : " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، قال : ذبائحهم .
11244 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، بمثله .
11245 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، مثله .
11246 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، مثله .
11247 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو نعيم وقبيصة قالا حدثنا سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، مثله .
11248 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، قال : ذبائحهم .
11249 - حدثني المثنى قال : حدثنا المعلى بن أسد قال : حدثنا خالد ، عن يونس ، عن الحسن ، مثله .
[ ص: 579 ]
11250 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، أي : ذبائحهم .
11251 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، أما طعامهم ، فهو الذبائح .
11252 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول ، حدثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " ، قال : أحل الله لنا طعامهم ونساءهم .
11253 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : أما قوله : "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم" ، فإنه أحل لنا طعامهم ونساءهم .
11254 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سألته يعني ابن زيد عما ذبح للكنائس وسمي عليها ، فقال : أحل الله لنا طعام أهل الكتاب ، ولم يستثن منه شيئا .
11255 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : حدثني معاوية ، عن أبي الزاهرية حدير بن كريب ، عن أبي الأسود ، عن عمير بن الأسود : أنه سأل أبا الدرداء عن كبش ذبح لكنيسة يقال لها"جرجس" ، أهدوه لها ، أنأكل منه ؟ فقال أبو الدرداء : اللهم عفوا! إنما هم أهل كتاب ، طعامهم حل لنا ، وطعامنا حل لهم! وأمره بأكله .
[ ص: 580 ]
وأما قوله : "وطعامكم حل لهم" ، فإنه يعني : ذبائحكم ، أيها المؤمنون ، حل لأهل الكتاب .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|