عرض مشاركة واحدة
  #343  
قديم 11-02-2025, 09:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثامن
الحلقة (343)
صــــــــــ 75 الى صـــــــــــ 82





وإذا جنى ابن سيد المكاتب أو أبوه أو من عدا سيد المكاتب على المكاتب فجنايته عليه كجناية الأجنبي لا تختلف بحال، ولا يكون للسيد أن يعفوها إلا أن يموت المكاتب قبل يستوفيها فيكون له حينئذ عفوها؛ لأنها صارت له، والله أعلم
[الجناية على المكاتب ورقيقه]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا جنى على المكاتب عبد جناية عمدا، فأراد المكاتب القصاص وأراد سيده الدية فللمكاتب القصاص؛ لأن سيده ممنوع من ماله وبدنه (قال الربيع) : وفيها قول آخر أنه ليس للمكاتب أن يقتص من قبل أنه قد يعجز فيصير ذلك للسيد فيكون المكاتب قد أبطل الأرش الذي كان للسيد أخذه لو لم يقتص.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وليس لسيد المكاتب إن زنى يحده ولا إن أذنب أن يجلده وللمكاتب أن يؤدب عبده، وليس له أن يحده؛ لأن الحد لا يكون إلى غير حر، وهكذا إذا جني على عبد المكاتب جناية فيها قصاص فإنما لهما العقل، وليس للمكاتب ولا عبده بأن يعفو من العقل قليلا ولا كثيرا، ولا يصالح فيه إلا على استيفاء جميع أرش ما صالح به أو الازدياد، وإذا صالح فازداد لم يكن به أن يضع الزيادة، ولا شيئا منها؛ لأنه قد ملكها، وليس له إتلاف شيء ملكه.
وإذا جني على المكاتب أو عبده جناية عمدا فله الخيار في أخذ الأرش أو القود، فإن أراد العفو عن القود في نفسه أو عبده بلا أرش فعفوه باطل؛ لأنه يملك بالجناية العمد عليه، وعلى عبده مالا أو قصاصا فليس له إبطالهما معا إذا كان ممنوعا من إتلاف ماله، وهذا إتلاف لماله ولو عفا، ثم عتق كان له أخذ المال، ولم يكن له القود؛ لأنه عفا، وهو لا يملك إتلاف المال كما لو وهب شيئا مكاتب، أو وضعه، ثم عتق كان له أخذه؛ لأنه فعل، وهو لا يملك أن يهب، ولا سبيل لسيد المكاتب على أن يضع جناية على المكاتب ولا يأخذ من يدي المكاتب شيئا من أرش الجناية عليه، ولا على رقيقه ولو بقي المكاتب من الجناية مقطوع اليدين والرجلين أعمى أصم لم يكن له سبيل على أخذ شيء مما صار له حتى يعجز، وله السبيل إن ذهب عقل المكاتب على أن يأتي الحاكم فيضع مال المكاتب على يدي عدل وينفق على المكاتب منه ويؤدي عنه حتى يعتق أو يعجز، وهكذا المكاتبة ورقيقها لا يختلف، فإن كانت الجناية جاءت على نفس رقيق المكاتب والمكاتبة فهكذا لا يختلف، وإن كانت الجناية جاءت على نفس
المكاتب والمكاتبة قبل أدائهما فقد بطلت الكتابة وصار مالهما لسيدهما فله في مالهما إن جني عليه ما لم يستوف، المكاتبان الجناية، وفي أنفسهما، وما جني عليهما ما لم يستوفيا ماله في الجناية على رقيق له غير مكاتبين.
ولو جنى المكاتب نفسه جناية فيها قصاص، فبرأ منها، وأخذ نصف أرشها، ثم مات أخذ المولى النصف الباقي ومال المكاتب حيث كان، ولو كانت الجناية يدا فصالح منها المكاتب على أقل مما فيها وهو النصف قبض المولى الفضل مما وجب في يد مكاتبه؛ لأن مكاتبه ترك الفضل فللمولى أخذه كما لو وضع عن إنسان دينا عليه أو وهب له هبة، ثم مات قبل يعتق كان لمولاه أخذ ذلك من الموضوع والموهوب له إذا عجز المكاتب أو مات من غير تلك الجناية قال: والجناية على المكاتب في قيمته وقيمته عبد غير مكاتب يقوم يوم جني عليه وجناية سيد المكاتب عليه وعلى رقيقه وماله وجناية الأجنبي سواء ويضمن لهم ما يضمن الأجنبي لهم فيما دون أنفسهم وأموالهم لا يختلف ذلك إلا أنه إن ضمنه لهم فلم يؤد حتى يعجز أو يموت سقط عنه لأنه صار مالا له وإن جنى عليهم جناية يلزمه فيها ما يؤدي عن المكاتب كتابته فشاء المكاتب أن يجعلها قصاصا أخذ بها السيد إن مات المكاتب والمكاتبة حالة قبل يجعلها قصاصا به مات عبدا وبطلت عنه الكتابة وصار هذا مالا للسيد.
وإن جنى السيد على المكاتب فقتله وهو يسوى ألف دينار وإنما بقي عليه من كتابته دينار أو أقل أو أكثر إلى أجل لم يعتق المكاتب مما وجب له ويعجز وكذلك لو جنى عليه فقطع يده فوجبت له خمسمائة بصلح أو غيره ولم يبق عليه إلا دينار لم يعتق حتى يقول قد جعلت ما وجب لي قصاصا فإذا قاله قبل يموت، ثم مات كان حرا حين يقوله، فإن لم يقله حتى مات كان عبدا وهكذا إن جنى سيد المكاتب على مال المكاتب جناية تلزمه ألف دينار وإنما بقي على المكاتب دينار لم يحل فلم يقل المكاتب قد: جعلتها قصاصا حتى مات، مات رقيقا، وإن قال قد جعلتها قصاصا بما علي من الكتابة كان حرا حين يقوله وكذلك إن قال: قد جعلت ما بقي علي من الكتابة قصاصا مما لزم مولاي كان قصاصا وكان حرا واتبعه بفضله وهذا كله إذا لم يحل آخر نجوم المكاتب، فإن لم يبق على المكاتب إلا نجم أو بعض نجم أو أكثر إلا أن جميع ما عليه قد حل كله ولم يعجزه سيده حتى جنى عليه سيده جناية فيها وفاء بما بقي على مكاتبه أو فيها وفاء وفضل عتق المكاتب؛ لأن سيده مستوف بما لزمه جميع ما عليه إذا وجب للمكاتب مثل الذي عليه في الكتابة ألا ترى أني لا أجبر السيد على دفع الجناية إليه إلا أن يكون فيها فضل عن كتابته فأجبره على دفع الفضل إليه وإن وجدت للمكاتب مالا لم أجبره على أن يدفع إلى السيد ما بقي عليه وله عند السيد مثله، أو أكثر، وكذلك لو حل آخر نجوم المكاتب فعدا السيد على مال المكاتب فأخذ منه ما بقي له بلا علم من المكاتب عتق المكاتب إذا كانت نجومه حالة وكذلك لو اقتضى دينا بوكالة المكاتب وحبسه على المكاتب بغير إذنه عتق المكاتب.
وإن كانت نجومه لم تحل فرده السيد إليه لم يعتق إلا أن يشاء أن يجعل ذلك قصاصا ويجبر السيد على إعطائه إياه إذا لم تكن نجومه حلت ولم يجبر المكاتب على أن يجعله قصاصا وهذا كله إذا كانت جناية السيد على المكاتب من الصنف الذي منه كاتبه كانت قصاصا فإن كان يلزم السيد بالجناية على المكاتب غير الصنف الذي منه الكتابة لم يعتق بها ولم تكن قصاصا حتى يقبضها ويدفع من ثمنها إليه آخر ما عليه، أو يصطلحا صلحا يصلح على أنها قصاص وذلك أن يجني على المكاتب وعلى المكاتب مائة صاع حنطة لمكاتب خمسين دينارا وإنما لزم السيد بالجناية ذهب أو ورق أو إبل هي أكثر ثمنا مما على المكاتب فلا يكون هذا قصاصا وإن كانت الكتابة حالة؛ لأن الذي على المكاتب غير الذي وجب له ولكن لو حرق السيد للمكاتب مائة صاع مثل حنطته والحنطة التي على المكاتب حالة كان قصاصا وإن
كره سيد المكاتب، فإن كان خيرا أو شرا من حنطته لم تكن قصاصا حتى يرضى المكاتب إذا كانت الحنطة المحرقة خيرا من الحنطة التي عليه أن يجعلها قصاصا أو يرضى السيد أن يجعلها قصاصا إذا كانت الحنطة التي حرق شرا من الحنطة التي له على المكاتب فلا تكون قصاصا إلا بأن يحتال بها المكاتب برضاه على السيد وهكذا لو كان مكان الحنطة جناية على المكاتب لم يختلف هذا.
وإن جنى السيد على المكاتب جناية لزمه بها أرش فجعلها السيد والمكاتب قصاصا تأخر ما على المكاتب أو كان ما على المكاتب حالا يلزم السيد بها مثل ما على المكاتب، أو أكثر برضاهما، ثم عاد السيد فجنى على المكاتب جناية ثانية كانت جنايته على حر فيها قصاص إن كانت مما يقتص منه وأرش الحر إن كانت مما لا يقتص منه وإن اعتل بأنه لم يعلم بأنه يعتق بأن يصير لمكاتبه عليه مثل الذي بقي من كتابته فيكون قصاصا فيعتق لم يقبل ذلك منه كما لا يقبل من رجل علم رجلا عبدا فقتله بعد ما عتق ولم يعلم بعتقه (قال الربيع) : وفيه قول آخر أنه يؤخذ منه دية حر ولا قود لموضع الشبهة كما لو قتل حربيا ولم يعلم بإسلامه فعليه دية حر ولا قود وهو يفارق الحربي؛ لأنه حلال له على الابتداء قتل الحربي وليس حلالا له على الابتداء قتل العبد (قال الربيع) : وقول الشافعي أصح. .
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو عتق المكاتب وعاد السيد أو غيره فجنى عليه جناية بعد عتقه وقد علم الجاني عتقه أو لم يعلم فسواء وجنايته عليه كجنايته على حر.
ولو جنى سيد المكاتب على المكاتب فقطع يده فلزمه نصف قيمته، وكان قد حل عليه مثل ما لزمه له وكان آخر نجومه عتق به وكذلك لو لم يحل فجعله السيد والمكاتب قصاصا عتق به، فإن عاد السيد فقطع يده الأخرى خطأ فمات لزم عاقلته نصف دية حر بالجناية على اليد الأخرى؛ لأنه جنى عليه وهو حر.
وإذا جنى على المكاتب فعفا بإذن سيده عن أرش الجناية فالعفو جائز.
وإذا جنى على المكاتب وعتق فقال: كانت الجناية وأنا حر وقال الجاني: كانت وأنت مكاتب فالقول قول الجاني وعلى المكاتب البينة وسواء صدقه في ذلك مولى المكاتب أو كذبه، فإن قطع مولاه له الشهادة أن الجناية كانت وهو حر قبلت الشهادة لأنه ليس في شهادته ما يجر به إلى نفسه شيئا وكلفته شاهدا معه فإذا أثبته قضيت له بجناية حر وإذا ملك المكاتب أباه وجنى عليه أبوه فله أن يبيع بقدر الجناية.
وإذا جنى من ليس للمكاتب أن يبيعه على المكاتب فله أن يبيع منه بقدر الجناية ولا يبيع بأكثر منها ولو جنى عبد المكاتب على المكاتب كانت الجناية هدرا إلا أن يكون فيها قصاص فيكون له أن يقتص فأما إذا كانت عقلا أو عمدا فأراد أرش الجناية فليس ذلك له ولكن له بيعه على النظر كما يكون له بيعه بلا جناية جناها.
وإذا جنى المكاتب على عبد له بيعه فجنايته هدر إلا أن تكون الجناية عمدا فيها قصاص فيكون له القصاص فأما مال فلا يكون للعبد على سيده بحال، وكذلك لو ملك المكاتب أباه أو أمه فجنى عليهما، فإن كانت جنايته فيها قصاص فلهما القصاص وليس لهما اختيار المال أن يأخذاه منه وهما غير خارجين من ملك المكاتب ولا أن يأخذا منه مالا لو كانت الجناية خطأ، ولو عتقا وعتق لم يكن لهما أن يتبعاه بمال؛ لأن ذلك كان وهما غير خارجين من ملكه.
ولو جنى العبد المكاتب على ابن له كاتب معه كانت جنايته عليه كجنايته على أجنبي يأخذه بها الابن، ولا يكون له أن يعفوها لأن الابن مملوك لغيره كهو، ولو كانت عمدا لم يكن للابن أن يقتص منه وكان عليه أن يأخذ منه أرشها وليس للابن ترك الأرش له، فإن لم يأخذ منه الأرش حتى عتق الابن قبل يأخذها منه فله عفوها عتق الأب، أو لم يعتق؛ لأن حقه مال له لا سبيل لأحد عليه فيه
[عتق سيد المكاتب]
(أخبرنا الربيع) قال: (قال الشافعي) : وإذا كاتب الرجل عبده فأدى إليه أو لم يؤد حتى أعتقه فالعتق واقع وقد بطلت عنه الكتابة وماله الذي أفاد في الكتابة كله له ليس للسيد منه شيء.
ولو كاتبه، ثم قال: قد وضعت عنك كتابتك كلها كان حرا وكان كقوله أنت حر من قبل أنه قد أعتقه في أصل الكتابة بالبراءة إليه من الكتابة، ولو قال قد وضعت عنك الكتابة إلا دينارا أو إلا عشرة دنانير كان بريئا من الكتابة إلا ما استثنى ولا يعتق إلا بالبراءة من آخر الكتابة والقول في أصل استثناء السيد من الكتابة قول السيد إن قال الذي وضعت من المؤخر والذي أخرت من الوضع المقدم فالقول قوله وإن مات السيد فالقول قول ورثته، فإن لم يكونوا يعربون عن أنفسهم ألزم الحاكم المكاتب أن يكون الوضع من آخر الكتابة؛ لأنه قائم بذلك لمن صار المال له ولا يضع عنه إلا ما يحيط أنه وضع عنه بحال وهو إذا وضع عنه آخرها على إحاطة أنه وضع الذي وضع عنه أو ما قبله فكان الآخر بدلا من الأول.
وإذا وضع السيد عن المكاتب أو أعتقه في المرض فالعتق موقوف، فإن خرج من الثلث الأقل من قيمته أو ما بقي عليه من الكتابة فهو حر وإلا عتق منه ما حمل الثلث فوضع عنه من الكتابة بقدر ما عتق منه وكان الباقي منه على الكتابة.
ومتى أقر سيد المكاتب أنه قبض نجوم المكاتب في مرضه الذي يموت فيه أو في صحته فإقراره جائز كما يجوز إقراره للأجنبي بقبض دين عليه.
وإذا كاتب الرجل عبده على دنانير فقال قد وضعت عنك ألف درهم من كتابتك لم يكن وضع عنه شيئا من قبل أنه ليس عليهم دراهم وكذلك لو كاتبه على دراهم فقال قد وضعت عنك من كتابتك مائة دينار وإنما قيمتها مثل ما عليه من الدراهم أو أقل أو أكثر لم يكن وضع عنه شيئا؛ لأنه إنما وضع عنه شيئا ليس له عليه، وكذلك كل صنف كاتبه عليه فوضع عنه من صنف غيره.
ولو قال السيد كاتبته على ألف درهم وقلت قد وضعت عنك خمسين دينارا أعني وضعت عنك الألف وهي قيمة خمسين دينارا كان وضعا وكان المكاتب حرا ولو لم يقل هذا السيد فادعى المكاتب على سيده أحلفته ما أراد هذا، ولو مات السيد ولم يبين أحلفت الورثة ما علموه أراد وضع الألف إن قال: هي قيمة خمسين فإذا شهد الشهود للمكاتب أن سيده قال قد استوفيت منه أو قال لسيده: ألست قد وفيتك؟ فقال بلى فقال المكاتب هذا آخر نجومي كان القول قول السيد، فإن قال لم يوفني إلا درهما فالقول قوله - مع يمينه - وقول ورثته إذا مات؛ لأنه عبد أبدا حتى يشهد الشهود أنه وفاه جميع كتابته أو كل كتابته أو كذا وكذا دينارا فيلزمه ما أثبت عليه الشهود وإن شهد الشهود أنه قال: قد استوفيت آخر كتابتك ولم يزيدوا على ذلك فالقول فيما بقي من كتابته قول السيد في حياته، وورثته بعد موته؛ لأن الاستيفاء لم تثبته، ولو شهدوا أنه قد قال: استوفيت منك آخر كتابتك إن شاء الله أو إن شاء فلان لم يكن هذا استيفاء؛ لأنه قد استثنى فيه، ولو قال: قد استوفيت آخر كتابتك إن شئت لم يكن استيفاء؛ لأن هذا استثناء
[المكاتب بين اثنين يعتقه أحدهما]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا كاتب الرجلان عبدا لهما فأدى بعض نجومه أو لم يؤد منها شيئا حتى أعتق أحدهما نصيبه منه فنصيبه منه حر كما يجوز عتقه أم ولده ومدبره وعبده الذي لا كتابة له، فإن
كان له مال قوم عليه المكاتب فعتق كله كما يكون الحكم في العبد يكون بين اثنين يعتقه أحدهما، فإن لم يكن له مال فالنصف الثاني مكاتب بحاله وإذا أعتقه أحدهما، ثم أعتقه الآخر، فإن كان الأول موسرا بأداء قيمة نصفه كان المكاتب حرا وكان على المعتق الأول نصف قيمته وعتق الآخر باطل والولاء للمعتق الأول وإن لم يكن موسرا فعتق الآخر جائز والولاء بينهما.
ولو كان بين اثنين فوضع عنه أحدهما نصيبه من الكتابة ولم يعتقه فهو كعتقه ويقوم عليه إن كان موسرا وكذلك إذا أبرأه مما له عليه؛ لأنه ماله وإنه إذا أعتق فالولاء له وهو مخالف للمكاتب يورث
[ميراث المكاتب]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو أن رجلا أنكح ابنة له ثيبا برضاها مكاتبه أو عبده، ثم كاتبه كان النكاح جائزا، فإن مات السيد وابنته وارثة له فسد النكاح؛ لأنها قد ملكت من زوجها شيئا ولو مات وليست ابنته وارثة كانا على النكاح، فإن أعتقه واحد من الورثة فنصيب الذي أعتقه حر وولاؤه للذي كاتبه وكذلك إذا أبرأه مما له عليه فنصيبه حر وإن عجز لم يكن له في رقبته شيء وكان نصيبه حرا بكل حال، ولا يقوم عليه بحال؛ لأن عتقه إياه وإبراءه منه عتق لا ولاء له به إنما الولاء للذي عقد كتابته وإنما منعني من تقويمه عليه أنه لا يجوز أن يكون له الولاء ما لم يعجز فيعتقه بعد العجز وأعتقه عليه بسبب رقه فيه؛ لأنه لو لم يكن له فيه رق فعجز لم يكن له أن يملكه، ولو ورثه وآخر فأعتقاه لم يجز عتقهما لو كانا ورثا مالا عليه ولكنهما ورثا رقبته على معنى أنهما إذا أعتقاه عتق وولاؤه للذي عقد الكتابة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أنها أرادت أن تشتري جارية فتعتقها فقال أهلها نبيعكها على أن ولاءها لنا فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة ولم يقل عن عائشة وذلك مرسل (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال: وأحسب حديث نافع أثبتها كلها؛ لأنه مسند وأنه أشبه وعائشة في حديث نافع كانت شرطت لهم الولاء فأعلمها النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها إن أعتقت فالولاء لها وإن كان هكذا فليس إنها شرطت لهم الولاء بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولعل هشاما أو عروة حين سمع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "لا يمنعك ذلك" إنما رأى أنه أمرها أن تشرط لهم الولاء فلم يقف من حفظه على ما وقف عليه ابن عمر - رضي الله عنهما -، والله أعلم.
قال: فالأحاديث الثلاثة متفقة فيما سوى هذا الحرف الذي قد يغلط فيه منتهى الغلط، والله تعالى أعلم، فبهذا نأخذ وهو ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس يحتمل أن يجوز بيع المكاتب والمكاتبة إن لم يعجزوا فلما لم أعلم مخالفا في أن لا يباع المكاتب حتى يعجز أو يرضى بترك الكتابة لم يكن هذا معنى الحديث لأني لم أجد حديثا ثابتا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن عرفت من جميع الناس على خلافه فكان معنى الحديث غير هذا وهو أحراهما أن يكون في الحديث دلالة عليه هو أن الكتابة شرط للمكاتب على سيده فمتى شاء المكاتب أبطل الكتابة؛ لأنها وثيقة له لم نخرجه من ملك سيده ولا نخرجه إلا بأدائها وهذا هو أولى المعنيين بها، والله تعالى أعلم، وبه أقول فإذا رضيت المكاتبة أو المكاتب إبطال الكتابة فلها وله إبطالها كما يكون لكل ذي حق إبطاله وكما يقال للعبد إن دخلت الدار فأنت حر فترك دخولها ويقال له: إن
تكلمت بكذا فأنت حر فترك أن يتكلم به فلا يعتق في واحد من الوجهين ألا ترى أن بريرة تستعين في الكتابة وتعرض عليها عائشة الشراء أو العتق وتذهب بريرة إلى أهلها بما عرضت عائشة وترجع إلى عائشة بما عرض أهلها وتشتريها عائشة فتعتقها بعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكل هذا دليل على ما وصفت من رضا بريرة بترك الكتابة أو العجز فمتى قال المكاتب قد عجزت أو أبطلت الكتابة فذلك إليه علم له مال أو قوة على الكتابة أو لم يعلم وإن قال سيده: لا أرضى بعجزه قيل ذلك له وإليه: دونك فهو لك مملوك فخذ مالك حيث كان واستخدمه وأجره فخذ فضل قوته وحرفته وماله خير من أداء نجومه وكذلك لو كان عبدان أو عبيد في كتابة واحدة فعجز أحدهم نفسه أو رضي بترك الكتابة خرج منها ورفعت عمن معه في الكتابة حصته كما ترفع لو مات أو أعتقه سيده وسواء عجز المكاتب نفسه عند حلول النجم أو قبله متى عجز نفسه فهو عاجز وإن عجز نفسه وأبطل الكتابة، ثم قال أعود على الكتابة لم يكن ذلك له إلا بتجديد كتابة وتعجيزه نفسه عند سيده وفي غيبة سيده سواء وإن عجز نفسه وأبطل الكتابة ثم أدى إلى سيده فعتق بالشرط الأول، ثم قامت عليه بينة بأنه عجز نفسه أو رضي بفسخ الكتابة كان مملوكا وما أخذ سيده منه حلال له وإن أحب أن أحلف له سيده ما جدد كتابة كان ذلك له، ولو كانت المسألة بحالها فدفع إلى سيده آخر نجومه وقال له أنت حر بالمعنى الأول ولا علم له بتعجيز نفسه ولا رضاه بفسخ الكتابة كان له فيما بينه وبين الله أن يسترقه وعليه في الحكم أن يعتق عليه ويرجع عليه بقيمته كلها لا نحسب له مما أخذ منه شيئا؛ لأنه أخذه منه وهو مملوك له وأعتقه بسبب كتابته فرجع عليه بقيمته.
[عجز المكاتب بلا رضاه]
(قال الشافعي) : وإذا رضي السيد والمكاتب بالمكاتبة فليس للسيد فسخها حتى يعجز المكاتب عن نجم من نجومه فإذا عجز ولم يقل قد فسخت الكتابة فالكتابة بحالها حتى يختار السيد فسخها؛ لأن حق السيد دون حق المكاتب أن لا يثبت على الكتابة وهو غير مؤد ما عليه فيها إلا أن يترك السيد حقه بفسخها فيكون له حينئذ؛ لأنهما مجتمعان على الرضا بالكتابة فمتى حل نجم من نجوم الكتابة ولم يؤده ولم يبطل السيد الكتابة فهو على الكتابة فإن أدى بعد حلول النجم من مدة قصيرة أو طويلة لم يكن للسيد تعجيزه ولا يكون له تعجيزه إلا ونجم أو بعض حال عليه فلا يؤديه وإذا كان المكاتب حاضرا بالبلد لم يكن للسيد تعجيزه إلا بحضرته فإذا حضر فسأله ما حل عليه قل أو كثر فقال ليس عندي فأشهد أنه قد عجزه أو قد أبطل كتابته أو فسخها فقد بطلت ولو جاء المكاتب بما عليه مكانه لم يكن مكاتبا وكان لسيده أخذه منه كما يأخذه منه مملوكا وسواء كان هذا عند سلطان أو غيره فإذا جاء به السلطان فسأله نظرة مدة يؤدي إليه نجمه أو سأل ذلك سيده لم يكن على السيد ولا على السلطان إنظاره إلا أن يحضر شيئا يبيعه مكانه فينظره قدر بيعه.
فإن قال لي شيء غائب أحضره لم يكن للسلطان أن ينظره إلى قدوم الغائب لأنه قد ينظره فيفوت العبد بنفسه ولا يؤدي إليه ماله وليس هذا كالحر يسأل النظرة في الدين؛ لأن الدين في ذمته لا سبيل على رقبته وهذا عبد إنما يمنع نفسه بأداء ما عليه فإذا كان غائبا فحل نجمه فأشهد عليه سيده أنه قد عجزه أو فسخ كتابته فهو عاجز، فإن جاء من غيبته وأقام بينة على سيده أنه قبض منه النجم الذي عجزه به أو أبرأه منه أو أنظره به كان على الكتابة وهكذا لو جاء سيد المكاتب
السلطان فسأله تعجيزه لم ينبغ أن يعجزه حتى يثبت عنده على كتابته وحلول نجم من نجومه ويحلفه ما أبرأه منه ولا قبضه منه ولا قابض له ولا أنظره به فإذا فعل عجزه له وجعل المكاتب على حجته إن كانت له حجة قال: وإن جاء إلى السلطان فقال قد أنظرته بنجم من نجومه إلى أجل وقد مضى صنع فيه ما صنع في نجم من نجومه حل قال: وإن قال: قد أنظرته إلى غير أجل أو إلى أجل فبدا لي أن لا أنظره لم يعجزه وكتب له إلى حاكم بلده فأحضره وأعلمه أن صاحبه قد رجع في نظرته وقال إن أديت إلى وكيله أو إليه نفسه وإلا أبطلت كتابتك وبعثت بك إليه.
فإن استنظره لم يكن له أن ينظر إن كان لسيده وكيل حتى يؤدي إليه، فإن لم يكن له وكيل أنظره قدر مسيره إلى سيده فضرب له أجلا إن جاء إلى ذلك الأجل وإلا عجزه حاكم بلده إلا أن يأتيه مكانه بشيء يبيعه له من ساعته فينظره قدر بيعه لا يجاوز به ذلك، أو يأتيه بغريم يدفع إليه مكانه أو يبيع على الغريم شيئا حاضرا أيضا فإن لم يكن للغريم شيء حاضر حبسه له وعجزه وجعل ما على الغريم لسيده؛ لأنه مال عبده ومتى قلت: للسيد تعجيزه أو على السلطان تعجيزه فعجزه السلطان أو السيد، ثم أحضر المال لم يرد التعجيز، فإن قال قائل فهل في قولك للسيد أن يعجزه دون السلطان أثر؟ قلت هو معقول بما وصفت (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا
الشافعي قال: أخبرنا عبد الله بن الحارث عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كاتب غلامه له على ثلاثين ألفا، ثم جاءه فقال: إني قد عجزت فقال إذا أمحو كتابتك قال: قد عجزت فامحها أنت قال نافع فأشرت إليه: امحها وهو يطمع أن يعتقه فمحاها العبد وله ابنان أو ابن قال ابن عمر: اعتزل جاريتي قال: فأعتق ابن عمر ابنه بعده.
(قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة قال: شهدت شريحا رد مكاتبا عجز في الرق.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يعجز السيد والسلطان المكاتب فإذا حل نجم المكاتب فسأله سيده أداءه فقال قد أديته إليك أو أديته إلى وكيلك أو إلى فلان بأمرك فأنكر السيد لم يعجل الحاكم تعجيزه وأنظره يوما وأكثر ما ينظره ثلاث، فإن جاء بشاهد أحلفه معه وأبرأه مما شهد له به شاهده وإن جاء بشاهد ولم يعرفه الحاكم لم يعجل حتى يسأل عنه، فإن عدل أحلفه معه وإن لم يعدل دعاه بغيره، فإن جاء به من يومه أو غده أو بعده وإلا عجزه، وإن ذكر بينة غائبة أشهد أنه ذكر بينة غائبة وأني قد عجزته إلا أن تكون له بينة فيما يدعي من دفع نجمه أو إبراء مولاه له منه، فإن جاء بها أثبت كتابته وأخذ سيده بما أخذ من خراجه وقيمة خدمته، وإن لم يأت بها تم عليه التعجيز، وإن عجزه على هذا الشرط، ثم جاءت بينة بإبرائه من ذلك النجم وهو آخر نجومه ومات المكاتب جعل ماله ميراثا لورثته الأحرار؛ لأنه مات حرا وأخذ السيد بما أخذ منه وقيمته وإن لم يكن آخر نجومه فقد مات رقيقا.
وإذا عجز المكاتب سيده أو السلطان فقال سيده بعد التعجيز قد أقررتك على الكتابة لم يكن عليها حتى يجدد له كتابة غيرها، ولو تأدى منه على الكتابة الأولى وقال قد أثبت لك العتق عتق بإثبات العتق وتراجعا بقيمة المكاتب كما يتراجعان في الكتابة الفاسدة، وكذلك لو قال قد أثبت لك الكتابة الأولى ولم يذكر العتق؛ لأن قوله: أثبت لك الكتابة الأولى أثبت لك العتق بالكتابة الأولى على الأداء ولو عجزه، ثم تأدى منه كما كان يتأدى ولم يقل قد أثبت لك الكتابة لم يكن حرا بالأداء وكان تأديته كالخراج يأخذه منه.
وإذا كاتب عبيدا له كتابة واحدة فعجزوا كلهم عن نجم من النجوم فلسيدهم أن يعجز أيهم شاء وينظر أيهم شاء فيقره على الكتابة ويأخذه بحصته منها وكذلك إن أدى بعضهم ولم يؤد بعض فمن أدى على الكتابة عتق ولم يكن له تعجيزه ومن لم يؤد فله تعجيزه وهم كعبيد كاتبوا كتابة مفرقة فعجزوا فله أن يعجز أيهم شاء ويقر أيهم شاء على الكتابة وليس له تعجيز من
يؤدي.
وإذا عجز المكاتب عن أداء نجم من نجومه فلم يعجزه سيده وأنظره فمات قبل أن يؤديه مات عبدا ولسيده ماله.
وإذا كاتب الرجل عبده فعجز عن نجم وأنظره السيد، ثم مات السيد فلورثته أن يأخذوه بأداء ذلك النجم مكانه، ولو أنظره أبوهم إلى مدة فلم تأت أخذ به حالا كما كان لأبيهم أن يرجع في النظرة ويأخذ به حالا، فإن أداه وإلا فلهم تعجيزه وهم يقومون في تعجيزه مقام أبيهم.
وإذا ورث القوم مكاتبا فعجز عن نجم فأراد بعضهم إنظاره وبعضهم تعجيزه كان للذي أراد تعجيزه تعجيزه، وللذي أراد إنظاره إنظاره، فكان نصيبه منه على الكتابة، وإن كان في يديه - يوم يعجزه أحدهم - مال أخذ منه الذي عجزه بقدر ما ملك منه وترك له بقدر ما يملك الذي لم يعجزه وقيل للذي عجزه لك أن تأخذه يوما بقدر ما تملك منه فتؤاجره أو تختدمه وعليك أن تنفق عليه في ذلك اليوم وكذلك لو مرض كان عليك أن تنفق عليه بقدر نصيبك منه؛ لأن أصل كتابته كان صحيحا لكل واحد ممن كاتبه عليه في حصته وله على المكاتب في حصته ما للمكاتب على سيده وللسيد على مكاتبه وليس هذا كالعبد بين اثنين يريد أحدهما ابتداء كتابته دون صاحبه أصل الكتابة في هذا باطل وهي في الأول صحيحة جائزة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كاتب رجل عبيدا كتابة واحدة فعجزوا فأراد تعجيز بعضهم وإقرار بعضهم كان ذلك له وعلى كل حصته من الكتابة.
ولو كاتب رجل عبده فعجز فقال أعجز بعضك وأقر بعضك لم يكن له ذلك كما لم يكن له أن يكاتب بعضه، فإن فعل فأدى على هذا عتق ورجع عليه بنصف قيمته وتم عتقه كله؛ لأنه إذا عتق نصفه وهو ملكه عتق كله، والله أعلم.
[بيع كتابة المكاتب]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا نجيز بيع كتابة المكاتب بدين ولا بنقد ولا بحال من الأحوال؛ لأنها ليست بمضمونة على المكاتب فإنه متى شاء عجز، فإن بيعت فالبيع باطل.
وإن أدى المكاتب إلى المشتري كتابته بأمر السيد عتق كما يؤدي إلى وكيله فيعتق؛ لأن المكاتب يبرأ منها بأمر السيد فمتى برئ منها فهو حر ويرد مشتري الكتابة ما أخذ إن كان قائما في يديه ومثله إن كان له مثل أو قيمته إن فات ولم يكن له مثل وكذلك يرد البائع ما أخذ من ثمن كتابة المكاتب.
[استحقاق الكتابة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا كاتب الرجل عبده على عوض أو ماشية بصفة أو طعام بكيل فأدى المكاتب جميع الكتابة وعتق، ثم استحق ما أدى المكاتب بعد ما مات المكاتب فإنما مات رقيقا وللسيد أخذ ما كان له وما أخذ ورثته إن كانوا قبضوه وكذلك لو جني على المكاتب فأخذ أرش حر رجع الذين دفعوا الأرش في مال المكاتب بالفضل من أرش عبد وكذلك لو كاتب على دنانير فاستحقت بأعيانها، ولو كانت هذه المسألة بحالها فاستحق على المكاتب شيء من صنف ما أدى وعلى صفته كان العتق ماضيا واتبع المكاتب بما استحق عليه ولم يخرج من يدي سيده ما أخذ منه، ولو استحق ما كاتب عليه المكاتب بعد ما أداه وهو حي أخذه من استحقه فإن كانت نجوم المكاتب كلها قد حلت يوم استحق ما أدى إلى مولاه قيل للمكاتب: إن أديت جميع كتابتك إلى مولاك الآن فقد عتقت وإن لم تؤده فله تعجيزك، ولو استحقت والمكاتب غائب وللمكاتب مال أوقف ماله وانتظر كما وصفت في
المكاتب تحل نجومه وهو غائب، فإن أدى وإلا فلسيده تعجيزه ومتى مات في غيبته قبل أن يؤدي مات رقيقا، وهكذا إذا استحق ما أدى من قبل المكاتب، فإن جاء رجل فاستحقه على سيده بإقرار من سيده عليه أو على المكاتب وجحد المكاتب ما أقر به عليه السيد أو إخراج له من ملكه بحال فالمكاتب حر وهذا إتلاف من سيده لماله ولو استحق ما أدى إلى سيده على المكاتب وقد أتلفه السيد كان هكذا، وكان للذي استحقه أن يرجع على السيد إن شاء؛ لأنه أتلف ماله، أو على المكاتب لأنه سلط السيد على إتلافه.
ولو شهد شهود على السيد حين دفع المكاتب إليه كتابته التي استحقت أنه قال للمكاتب: أنت حر فقال السيد إنما قلت: أنت حر بأنك قد أديت ما عليك أحلف بالله ما أراد إحداث عتق له على غير الكتابة وكان مملوكا، وكذلك لو شهدوا عليه بعد أداء الكتابة وقبل استحقاق المتاع أنه قال هذا حر أو قد قال له أنت حر، فإن شهدوا عليه بعد استحقاق ما أدى إليه من الكتابة أنه قال: أنت حر كان حرا وكان هذا إحداث عتق له وكذلك لو شهدوا عليه قبل أن يؤدي الكتابة أنه قال: أنت حر أو قال هذا حر حين يؤدي الكتابة أو بعد، فإن قيل لم لا يعتق عليه إذا استحقت؟ قيل له ألا ترى أنه حر في الظاهر وأن الحاكم يحكم بأنه حر وأن قول السيد: أنت حر، وتركه سواء فإذا قال له: هذا حر على أنه قد عتق بالأداء، ثم بطل الأداء بطل العتق إذا لم يسلم الذي بالأداء؛ لأنه ملك لغيره وليس هذا كالعبد يكاتبه سيده على خمر أو ميتة فيؤديه إليه فيعتق ويرجع عليه السيد بقيمته هذا قد سلم للسيد ولم يستحقه أحد عليه بملك له دونه غير أن حراما على السيد أن يملكه فأفسدنا الكتابة وأوقعنا العتق برضا السيد بالعتق على شيء لم يغره العبد منه.
ولو استحق الخمر أحد بملك على السيد لم يعتق العبد في الخمر؛ لأنه لم يعتقه إلا على أن يملك عليه فلما عتق رجع على المكاتب بقيمته.
ولو قال لعبده: إن قتلت فلانا أو ضربت فلانا فأنت حر فقتل فلانا، أو ضرب فلانا كان حرا ولم يرجع عليه السيد بشيء؛ لأنه لم يعتقه على شيء يملك عليه فكان كمن ابتدأ عتق عبده، وإن كان أمره بقتل أو ضرب لمن لا يحل له قتله ولا ضربه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.23 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]