عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10-02-2025, 09:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (332)
صــــــــــ 380 الى صـــــــــــ 385






عدتها كعدة الطلاق فإن قدم زوجها مهاجرا مسلما قبل انقضاء عدتها فهما على النكاح الأول وكذلك لو خرج زوجها قبلها ثم خرجت قبل أن تنقضي عدتها مسلمة كانا على النكاح الأول ولو أسلم أحد الزوجين وهما في دار الحرب فكذلك لا فرق بين دار الحرب ودار الإسلام في هذا، ألا ترى أنهما لو كانا في دار الحرب وقد أسلم أحدهما لم يحل واحد منهما لصاحبه حتى يسلم الآخر إلا أن تكون المرأة كتابية والزوج المسلم فيكونا على النكاح لأنه يصلح للمسلم أن يبتدئ بالنكاح كتابية، فإن قال قائل ما دل على أن الدار في هذا وغير الدار سواء؟ قيل «أسلم أبو سفيان بن حرب بمر وهي دار خزاعة وهي دار إسلام وامرأته هند بنت عتبة كافرة مقيمة بمكة وهي دار كفر ثم أسلمت هند في العدة فأقرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النكاح» وأسلم أهل مكة وصارت مكة دار إسلام «وأسلمت امرأة صفوان بن أمية وامرأة عكرمة بن أبي جهل وهما مقيمان في دار الإسلام وهرب زوجاهما إلى ناحية البحرين باليمن يجوز وهي دار كفر ثم رجعا فأسلما وأزواجهما في العدة فأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النكاح الأول» ولا أن يكون يروي حديثا يخالف بعضه وإذا خرجت أم ولد الحربي مسلمة لم تنكح حتى ينقضي استبراؤها وهي حيضة لا ثلاث حيض وأم الولد مخالفة للزوجة أم الولد مملوكة فإذا خرجت إلى دار الإسلام من دار الكفر فقد عتقت «أعتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة عشر عبدا من عبيد الطائف خرجوا مسلمين وسأل ساداتهم بعدما أسلموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أولئك عتقاء الله» ولم يردهم ولم يعوضهم منهم. غير أن من أصحابنا من زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «من خرج إلينا من عبد فهو حر» فقال إذا قال ذلك الإمام أعتقهم وإذا لم يقل أجعلهم على الرق ومنهم من قال يعتقون قاله الإمام أو لم يقله وبهذا القول نقول إذا خرجت أم الولد فهي حرة ولو سبقت سيدها الحرة لأنها تخرج من رق حال المسبية استؤميت واسترقاقها بعد الحرية أكثر من انفساخ ما بينها وبين زوجها وتستبرأ بحيضة ولا سبيل لزوجها الأول عليها. وكذلك أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبي هوازن ولم يسأل عن ذات زوج ولا غيرها أو لا ترى أن الأمة تخرج مملوكة فتصير حرة فكيف يجوز أن يجمع بين اثنين مختلفين هذه تسترق بعد الحرية وتلك تعتق بعد الرق.
[الحربية تسلم فتزوج وهي حامل]
قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - إذا كانت المرأة المسلمة التي جاءت من دار الحرب حاملا فتزوجت فنكاحها فاسد وقال الأوزاعي ذلك في السبايا فأما المسلمات فقد مضت السنة أن أزواجهن أحق بهن إذا أسلموا في العدة وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - إن تزوجهن فاسد وإنما قاس أبو حنيفة هذا على السبايا على قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا توطأ الحبالى من الفيء حتى يضعن» قال فكذلك المسلمات.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا سبيت المرأة حاملا لم توطأ بالملك حتى تضع وإن خرجت مسلمة فنكحت قبل أن تضع فالنكاح مفسوخ وإذا خرج زوجها قبل أن تضع فهو أحق بها ما كانت العدة وهذه معتدة وهذه مثل المسألة الأولى.
[في الحربي يسلم وعنده خمس نسوة]
قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - في رجل من أهل دار الحرب تزوج خمس نسوة في عقدة ثم أسلم هو وهن جميعا وخرجوا إلى دار الإسلام: إنه يفرق بينه وبينهن وقال الأوزاعي بلغنا أنه قال أيتهن شاء وقال أبو يوسف - رحمه الله - ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كما قال وقد بلغنا من هذا ما قال الأوزاعي وهو عندنا شاذ والشاذ من الحديث لا يؤخذ به لأن الله تبارك وتعالى لم يحل إلا نكاح الأربع فما كان من فوق ذلك كله فحرام من الله في كتابه فالخامسة ونكاح الأم والأخت سواء في ذلك كله حرام فلو أن حربيا تزوج أما وابنتها أكنت أدعهما على النكاح أو تزوج أختين في عقدة النكاح ثم أسلموا أكنت أدعهما على النكاح وقد دخل بالأم والبنت أو بالأختين فكذلك الخمس في عقدة ولو كن في عقد متفرقات جاز نكاح الأربع وفارق الآخرة أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم أنه قال في ذلك نثبت الأربع الأول ونفرق بينه وبين الخامسة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا الثقة أحسبه ابن علية فإن لا يكن ابن علية فالثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه «أن غيلان بن سلمة أسلم وتحته عشر نسوة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمسك أربعا وفارق سائرهن» أخبرنا الثقة عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد المجيد بن عوف عن «نوفل بن معاوية الديلمي قال أسلمت وعندي خمس نسوة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختر منهن أربعا وفارق واحدة فعمدت إلى عجوز أقدمهن عاقر عندي منذ خمسين أو ستين سنة فطلقتها» .
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقال لي قائل كلمنا على حديث الزهري وأعفنا من حديث نوفل بن معاوية الديلي قلت ما ذاك فأفعل؟ قال فقد يحتمل أن يكون قال له أمسك الأوائل وفارق الأواخر قلت وتجده في الحديث أو تجد عليه دلالة منه؟ قال لا ولكن يحتمله قلت ويحتمل أن يكون قال له أمسك أربعا إن كن شبابا وفارق العجائز أو أمسك العجائز وفارق الشباب قال قل كل كلام إلا وهو يحتمل ولكن الحديث على ظاهره قلنا فظاهر الحديث بخلاف ما قلتم ولو لم يكن فيه حديث كنت قد أخطأت أصل قولك قال وأين؟ قلت في النكاح شيئان عقدة وتمام فإن زعمت أنك تنظر في العقدة وتنظر في التمام فتقول أنظر كل نكاح مضى في الشرك فإن كان في الإسلام أجزته فأجيزه وإن كان له كان في الإسلام لم أجزه فأرده تركت أصل قولك قال فأنا أقوله ولا أدع أصل قولي قلت أفرأيت غيلان أليس بوثني ونساؤه وثنيات وشهوده وثنيون؟ قال أجل قلت فلو كان في الإسلام فتزوج بشهود وثنيين أو ولي وثني أيجوز نكاحه؟ قال لا قلت فأحسن حاله في النكاح حال لو ابتدأ فيها النكاح في الإسلام رددته مع أنا نروى أنهم قد ينكحون بغير شهود وفي العدة وما جاز في أهل الشرك إلا واحد من قولين أما ما قلت إن خالف السنة فنفسخه كله ونكلفه بأن يبتدئ النكاح في الإسلام وإما أن لا تنظر إلى العقدة وتجعله معفوا لهم كما عفي لهم ما هو أعظم منه من الشرك والدماء والتباعات وتنظر إلى ما أدركه الإسلام من الأزواج فإن كن عددا أكثر من أربع أمرته بفراق الأكثر لأنه لا يحل الجمع بين أكثر من أربع وإن كن أختين أمرته بفراق إحداهما لأنه لا يحل الجمع بينهما وإن كن ذوات محارم فرقت بينه وبينهن فتكون قد عفوت العقدة ونظرت إلى ما أدركه الإسلام منهن فإن كان يصلح أن يبتدئ نكاحه في الإسلام أقررته معه وإن كان لا يصلح رددته كما حكم الله ورسوله فيما أدرك من المحرم قال الله عز وجل {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} [البقرة: 278] الآية إلى قوله {وهم لا يظلمون} [البقرة: 281] ووضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بحكم الله كل ربا أدركه الإسلام ولم يقبض ولم يأمر أحدا قبض ربا في الجاهلية أن يرده وهكذا حكم في الأزواج عفا العقدة ونظر فيما أدركه مملوكا بالعقدة فما أحل فيه من العدد أقره وما حرم من العدد نهى عنه.
[في المسلم يدخل دار الحرب بأمان فيشتري دارا أو غيرها]
سئل أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه - عن رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان فاشترى دارا أو أرضا أو رقيقا ثيابا فظهر عليه المسلمون قال أما الدور والأرضون فهي فيء للمسلمين وأما الرقيق والمتاع فهو للرجل الذي اشتراه وقال الأوزاعي «فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عنوة فخلى بين المهاجرين وأرضهم ودورهم بمكة ولم يجعلها فيئا» قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عفا عن مكة وأهلها وقال من أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن» ونهى عن القتل إلا نفرا قد سماهم إلا أن يقاتل أحدا فيقتل وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد «ما ترون أني صانع بكم؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء» ولم يجعل شيئا قليلا ولا كثيرا من متاعهم فيئا وقد أخبرتك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس في هذا كغيره فهذا من ذلك وتفهم فيما أتاك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن لذلك وجوها ومعاني فأما الرجل الذي دخل دار الحرب فالقول فيه كما قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - المتاع والثياب والرقيق للذي اشترى والدور والأرضون فيء لأن الدور والأرضين لا تحول ولا يحوزها المسلم والمتاع والثياب تحرز وتحول.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : القول ما قال الأوزاعي ولكنه لم يصنع في الحجة بمكة ولا أبو يوسف شيئا لم يدخلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنوة وإنما دخلها سلما وقد سبق لهم أمان والذين قاتلوا وأذن في قتلهم هم أبعاض قتلة خزاعة وليس لهم بمكة دور ولا مال إنما هم قوم هربوا إليها فأي شيء يغنم ممن لا مال له؟ وأما غيرهم ممن خالد بن الوليد بدأهم بالقتال فلم يعقد لهم الأمان وادعى خالد أنهم بدءوه ثم أسلموا قبل أن يظهروا لهم حمى شيء ومن لم يسلم صار إلى قبول الأمان بإلقاء السلاح ودخول داره وقد تقدم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من أغلق داره فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن» فمال من يغنم مال من له أمان ولا غنيمة على مال هذا وما يقتدي فيما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بما صنع أرأيت حين قلنا نحن وهو في رجال أهل الحرب المأمور به إن الإمام مخير بين أن يقتلهم أو يفادي بهم أو يمن عليهم أو يسترقهم أليس إنما قلنا ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سار فيهم بهذه السيرة كلها أفرأيت إن عارضنا أحد بمثل ما عارض به أبو يوسف فقال ليس لإمام بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا شيء ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا ما ليس للناس أو قال في كل ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إعطاء السلب وقسم الأربعة الأخماس ليس هذا للإمام هل الحجة عليه إلا أن يقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعلم بين الحق والباطل فما فعل فهو الحق وعلينا أن نفعله فكذلك هي على أبي يوسف ولو دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عنوة فترك لهم أموالهم قلنا فيما ظهر عليه عنوة لنا أن نترك له ماله كما لنا في الأسارى أن نحكم فيهم أحكاما مختلفة كما حكم فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قال قائل قد خص الله رسوله بأشياء قيل كلها مبينة في كتاب الله عز وجل أو سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو فيهما معا ولو جاز إذ كان مخصوصا بشيء فيبينه الله ثم
رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يقال في شيء لم يبينه الله عز وجل ثم رسوله - صلى الله عليه وسلم - إنه خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون الناس لعل هذا من الخاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاز ذلك في كل حكمه فخرجت أحكامه من أيدينا ولكن لم يجعل الله هذا لأحد حتى يبين الله ثم رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنه خاص وقد أسلم ابنا سعية القرظيان من بني قريظة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حائم عليهم قد حصرهم فترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهما دورهما وأموالهما من النخل والأرض وغيرها والذي قال أبو حنيفة من هذا خلاف السنة والقياس وكيف يجوز أن يغنم مال المسلم وقد منعه الله بدينه؟ وكيف ولو جاز أن يغنم ماله بكينونته في بلاد الحرب جاز أن يغنم كل ما عليه من ثيابه وفي يديه من ماله ورقيقه أرأيت لو قال رجل لا تغنم دوره ولا أرضوه من قبل أنه لا يقدر على تحويلهما بحال فتركه إياها ليس برضا بأن يقرها بين المشركين إلا بالضرورة ويغنم كل مال استطاع أن يحوله من ذهب أو ورق أو عرض من العروض لأن تركه ذلك في بلاد العدو الذين هو بين أظهرهم رضا منه بأن يكون مباحا ما الحجة عليه؟ هل هي إلا أن الله عز وجل منع بالإسلام دماءهم وأموالهم إلا بحقها فحيث كانوا فحرمة الإسلام لهم ثابتة في تحريم دمائهم وأموالهم ولو جاز هذا عندنا جاز أن يسترق المسلم بين ظهراني المشركين فيكون حكمه حكم من حوله ولكن الله عز وجل فرق بالإسلام بين أهله وغيرهم.
[اكتساب المرتد المال في ردته]
(قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - سئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن المرتد عن الإسلام إذا اكتسب مالا في ردته ثم قتل على الردة فقال ما اكتسب في بيت المال لأن دمه حلال فحل ماله وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - مال المرتد الذي كان في دار الإسلام والذي اكتسب في الردة ميراث بين ورثته المسلمين وبلغنا عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وزيد بن ثابت - رضي الله تعالى عنهم - أنهم قالوا ميراث المرتد لورثته المسلمين وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - إنما هذا فيما كان له قبل الردة وقال أبو يوسف هما سواء ما اكتسب المرتد في الردة وقبل ذلك لا يكون فيئا.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : كل ما اكتسب المرتد في ردته أو كان له قبل الردة سواء وهو فيء لأن الله تبارك وتعالى منع الدماء بالإسلام ومنع الأموال بالذي منع به الدماء فإذا خرج الرجل من الإسلام إلى أن يباح دمه بالكفر كما كان يكون مباحا قبل أن يسلم يباح معه ماله وكان أهون من دمه لأنه كان ممنوعا تبعا لدمه فلما هتكت حرمة الدم كانت حرمة المال أهتك وأيسر من الدم وليس قتلنا إياه على الردة كقتلنا إياه على الزنا ولا القتل ولا المحاربة تلك حدود لسنا نخرجه بها من أحكام الإسلام وهو فيها وارث موروث كما كان قبل أن يحدثها وليس هكذا المرتد: المرتد يعود دمه مباحا بالقول بالشرك وقال أبو حنيفة يكون ميراث المرتد لورثته من المسلمين فقيل لبعض من يذهب مذهبه ما الحجة لكم في هذا؟ فقالوا روينا عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أنه قتل رجلا وورث ميراثه ورثته من المسلمين قلنا أما الحفاظ منكم فلا يروون إلا قتله ولا يروون في ميراثه شيئا ولو كان ثابتا عن علي - رضي الله تعالى عنه - لم يكن فيه حجة عندنا وعندكم لأنا وإياكم نروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلافه.
(قال الشافعي) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» .
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أفيعدو
المرتد أن يكون كافرا أو مسلما؟ قال بل كافر قلنا فحكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يرث مسلم كافرا ولا يرث كافر مسلما قال فإن قلت لا يذهب مثل هذا عن علي بن أبي طالب وأقول بهذا الحديث وأقول إنما عنى به بعض الكافرين دون بعض قلنا فيعارضك غيرك بما هو أقوى عليك في الحجة من هذا فيقول إن عليا قد أخبر بحديث الأشجعيين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بروع بنت واشق فاتهمه ورده وقال بخلافه وقال معه ابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت فزعمت أن لا حجة في أحد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو كما قلت لو ثبت وزعمت أن عمارا حدث عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الجنب أن يتيمم» فرده عليه عمر وأقام على أن لا يتيمم الجنب هو وابن مسعود وتأول ابن مسعود فيه القرآن فزعمت أن قول من قال كان أولى من قول من رده وهو كما قلت فكيف لم تقل بمثل هذا في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يرث المسلم الكافر» وأنت لا تروي عن علي أنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أخبر به عنه، وقد روي عن معاذ بن جبل أنه ورث مسلما من ذمي فقال نرثهم ولا يرثونا كما تحل لنا نساؤهم ولا يحل لهم نساؤنا، أفرأيت إن قال قائل بهذا وقال لا يذهب على معاذ شيء حفظه أسامة ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد بهذا مشركي أهل الأوثان دون أهل الكتاب ألا يكون هذا أولى أن يكون له شبهة منك؟ أو رأيت إذ زعمت أن حكم المرتد مخالف في الميراث حكم المشرك غيره لم لم تورثه هو من ورثته من المسلمين كما تورثهم منه فتكون قد قلت قولا واحدا أخرجته فيه من جملة المشركين بما ثبت له من حرمة الإسلام؟ فما قلت فيه بما رويت عن علي - رضي الله تعالى عنه - لأنه لم يقل لا يرث المسلم وإذا ورث عقلنا أنه يورثه ولا بما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بالقياس لأن المسلمين الذين أدركنا نحن وأنت لا يختلفون في أن الكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكافر غير ما ادعيت في المرتد وكذلك قالوا في المملوكين وإنما ورثوا في هذين الوجهين من يورثون منه ولم يتحكموا فيورثون من رجل ولا يورثونه.
[ذبيحة المرتد]
قال أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه - لا تؤكل ذبيحة المرتد وإن كان يهوديا أو نصرانيا لأنه ليس بمنزلته لا يترك المرتد حتى يقتل أو يسلم وقال الأوزاعي معنى قول الفقهاء أن من تولى قوما فهو منهم وكان المسلمون إذا دخلوا أرض الحرب أكلوا ما وجدوا في بيوتهم من اللحم وغيره ودماؤهم حلال وقال أبو يوسف طعام أهل الكتاب وأهل الذمة سواء لا بأس بذبائحهم وطعامهم كله فأما المرتد فليس يشبه أهل الكتاب في هذا وإن والاهم ألا ترى أني أقبل من أهل الكتاب جميعا ومن أهل الشرك الجزية ولا أقبل من المرتد الجزية والسنة في المرتد مخالفة للسنة في المشركين والحكم فيه مخالف للحكم فيهم ألا ترى أن امرأة لو ارتدت عن الإسلام إلى النصرانية فتزوجها مسلم لم يجز ذلك وكذلك لو تزوجها نصراني لم يجز ذلك أيضا ولو تزوج مسلم نصرانية جاز ذلك. أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن ابن عباس عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه سئل عن ذبائح أهل الكتاب ومناكحتهم فكره نكاح نسائهم وقال لا بأس بأكل ذبائحهم وقال أبو يوسف فالمرتد أشد من ذلك.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا تؤكل ذبيحة المرتد.
[العبد يسرق من الغنيمة]
سئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن العبد يسرق من الغنيمة وسيده في ذلك الجيش أيقطع؟ قال: لا وقال الأوزاعي يقطع لأن العبد ليس له من الغنيمة شيء ولأن سيده لو أعتق شيئا من ذلك السبي وله فيهم نصيب كان عتقه باطلا وقد بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أنه قطع رقيقا سرقوا من دار الإمارة وقال أبو يوسف لا يقطع في ذلك حدثنا بعض أشياخنا عن ميمون بن مهران «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عبدا من الجيش سرق من الخمس فلم يقطعه وقال مال الله بعضه في بعض» . حدثنا بعض أشياخنا عن سماك بن حرب عن النابغة عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أن رجلا سرق مغفرا من المغنم فلم يقطعه وقال أبو يوسف وعلى هذا جماعة فقهائنا لا يختلفون فيه.
أما قوله لا حق له في المغنم، فقد حدثنا بعض أشياخنا عن الزهري «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضخ للعبيد في المغنم ولم يضرب لهم بسهم» . حدثنا بعض أشياخنا عن عمير مولى آبي اللحم «عن العبد الذي أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر يسأله قال فقال لي تقلد هذا السيف فتقلدته فأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خرثي المتاع» .
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : القول ما قال أبو حنيفة ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأحرار بالسهمان ورضخ للعبيد فإذا سرق أحد حضر المغنم شيئا لم أر عليه قطعا لأن الشركة بالقليل والكثير سواء.
[الرجل يسرق من الغنيمة لأبيه فيها سهم]
سئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن الرجل يسرق من الغنيمة وقد كان أبوه في ذلك الجند أو أخوه أو ذو رحم محرم أو امرأة سرقت من ذلك وزوجها في الجند فقال لا يقطع واحد من هؤلاء وقال الأوزاعي يقطعون ولا يبطل الحد عنهم وقال أبو يوسف لا يقطعون وهؤلاء والعبيد في ذلك سواء أرأيت رجلا يسرق من أبيه أو أخيه أو امرأته والمرأة من زوجها هل يقطع واحد من هؤلاء؟ ليس يقطع واحد من هؤلاء وقد جاء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أنت ومالك لأبيك» فكيف يقطع هذا.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إن كان السارق من هؤلاء شهد المغنم لم يقطع لأنه شريك ولا يقطع الرجل ولا أبوه فيما سرق من مال ابنه أو أبيه لأنه شريك فيه فأما المرأة يحضر زوجها الغنيمة أو الأخ وغيره فكل هؤلاء سراق لأن كل واحد من هؤلاء لو سرق من صاحبه شيئا لم يأتمنه عليه قطعته.
[الصبي يسبى ثم يموت]
سئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن الصبي يسبى وأبوه كافر وقعا في سهم رجل ثم مات أبوه وهو كافر ثم مات الغلام قبل أن يتكلم بالإسلام فقال لا يصلى عليه وهو على دين أبيه لأنه لم يقر بالإسلام وقال الأوزاعي مولاه أولى من أبيه يصلى عليه وقال لو لم يكن معه أبوه وخرج أبوه مستأمنا لكان لمولاه أن يبيعه من أبيه وقال أبو يوسف إذا لم يسب معه أبوه كان مسلما ليس لمولاه أن يبيعه من أبيه إذا دخل بأمان وهو ينقض قول الأوزاعي أنه لا بأس أن يباع السبي ويرد إلى دار الحرب في مسألة قبل هذا



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.58%)]