عرض مشاركة واحدة
  #355  
قديم 06-02-2025, 08:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,797
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام



فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ التَّوْبَةِ
المجلد العاشر
الحلقة( 355)

من صــ 16 الى صـ 30



وقومه قريش، ولا يمنع أنه ذكر لسائر العرب بل لسائر الناس،كما قال تعالى: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون - وما هو إلا ذكر للعالمين} [القلم: 51 - 52].
وقال تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} [الفرقان: 1].
وقال تعالى: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين - إن هو إلا ذكر للعالمين - ولتعلمن نبأه بعد حين} [ص: 86 - 88] وقال تعالى: {إنه لقول رسول كريم - ذي قوة عند ذي العرش مكين - مطاع ثم أمين - وما صاحبكم بمجنون - ولقد رآه بالأفق المبين - وما هو على الغيب بضنين - وما هو بقول شيطان رجيم - فأين تذهبون - إن هو إلا ذكر للعالمين - لمن شاء منكم أن يستقيم - وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [التكوير: 19 - 29].
وقال تعالى: {وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا} [النساء: 79].
وهذا على أصح القولين، وأن المراد بقوله {وإنه لذكر لك ولقومك} [الزخرف: 44] أنه ذكر لهم يذكرونه فيهتدون به.

وقيل: أن المراد أنه شرف لهم وليس بشيء، فإن القرآن هو شرف لمن آمن به من قومه وغيرهم وليس شرفا لجميع قومه، بل من كذب به منهم كان أحق بالذم، كما قال تعالى: {تبت يدا أبي لهب} [المسد: 1].
وقال تعالى: {وكذب به قومك وهو الحق} [الأنعام: 66].
بخلاف كونه تذكرة وذكرى ; فإنه تذكرة لهم ولغيرهم، كما قال تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين} [الأنعام: 90].
فعم العالمين جميعهم، فقال: {وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين} [يوسف: 104].

[فصل: قول من يقول أنه لم يقل أنه أرسل إلا إلى العرب] [إن أقروا برسالته إلى العرب]
هذا الكلام على الوجه الأول، وهو قول من يقول أنه لم يقل أنه أرسل إلا إلى العرب.
وأما الوجه الثاني: وهو أن نقول: هو ذكر أنه رسول إلى الناس كافة، كما نطق به القرآن في غير موضع، كقوله تعالى: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا} [سبأ: 28].
وقوله: {ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض} [الأعراف: 158].
وقد صرح فيه بدعوة أهل الكتاب وبدعوة الجن في غير موضع، فإذا سلموا أنه ذكر ذلك ولكن كذبوه في ذلك، فإما أن يقروا برسالته إلى العرب، أو لا يقروا.
فإن أقروا بأنه رسول أرسله الله، لم يمكن مع ذلك تكذيبه كما تقدم، بل يجب الإقرار برسالته إلى جميع الخلق كما أخبر بذلك، كما تقدم أن من ذكر أنه رسول الله لا يكون إلا من أفضل الخلق وأصدقهم، أو من شر الخلق وأكذبهم، فإنه إن كان صادقا فهو من أفضلهم وإن كان كاذبا فهو من شرهم، وإذا كان الله قد أرسله - ولو إلى قرية كما أرسل يونس بن متى إلى أهل نينوى - كان من أفضل الخلق، وكان صادقا لا يكذب على الله، ولا يقول عليه إلا الحق، ولو كذب على الله ولو في كلمة واحدة لكان من الكاذبين، لم يكن من رسل الله الصادقين، فإن الكاذب لا يكذب في كل شيء، بل في البعض، فمن كذب على الله في كلمة واحدة، فقد افترى على الله الكذب، وكان من القسم الكاذبين في دعوى الرسالة لا من الصادقين.

وأيضا فإن مقصود الرسالة تبليغ رسالات الله على وجهها، فإذا خلط الكذب بالصدق لم يحصل مقصود الرسالة.
وأيضا فإذا علم أنه كذب في بعضها لم يتميز ما صدق فيه مما كذب فيه إلا بدليل آخر غير رسالته، فلا يحصل المقصود برسالته.
ولهذا أجمع أهل الملل قاطبة على أن الرسل معصومون فيما يبلغونه عن الله تبارك وتعالى لم يقل أحد قط أن من أرسله الله يكذب عليه، وقد قال تعالى ما يبين أنه لا يقر كاذبا عليه، قال تعالى: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل - لأخذنا منه باليمين - ثم لقطعنا منه الوتين - فما منكم من أحد عنه حاجزين} [الحاقة: 44 - 47].

وقال تعالى: {أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك} [الشورى: 24].
ثم قال تعالى: {ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته} [الشورى: 24].
فقوله تعالى: {ويمح الله الباطل ويحق الحق} [الشورى: 24] كلام مستأنف، ليس داخلا في جواب الشرط، فإنه لو كان معطوفا على جواب الشرط، لقال ويحق الحق بالكسر لالتقاء الساكنين، كما في قوله {قم الليل} [المزمل: 2].
فلما قال {ويحق الحق} [الشورى: 24] بالضم دل على أنه جملة مستأنفة أخبر فيها أنه تعالى يمحو الباطل كباطل الكاذبين عليه، ويحق الحق كحق الصادقين عليه، فمحو الباطل نظير إحقاق الحق، ليس مما علق بالمشيئة، بل لا بد منه، بخلاف الختم على قلبه، فإنه معلق بالمشيئة، ولا يجوز أن يعلق بالمشيئة محو الباطل كتعليق الختم، بل يقذف بالحق على الباطل فيدمغه.

وقال تعالى في صيانته وإحكامه لما تبلغه رسله: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم - ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد - وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم} [الحج: 52 - 54].
وأيضا فإذا لم يكن أرسل إلا إلى العرب، وقد دعا اليهود والنصارى إلى الإيمان به، وكفرهم إذا لم يؤمنوا به، وجاهدهم، وقتل مقاتلهم، وسبى ذرياتهم، كان ذلك ظلما لا يفعله إلا من هو من أظلم الناس، ومن كان نبيا قد أرسله الله فهو منزه عن هذا وهذا.

فالإقرار برسالته إلى العرب دون غيرهم - مع ما ظهر من عموم دعوته للخلق كلهم - قول متناقض ظاهر الفساد، وكل ما دل عليه أنه رسول، فإنه يستلزم رسالته إلى جميع الخلق، وكل من اعترف بأنه رسول لزمه الاعتراف بأنه رسول إلى جميع الخلق، وإلا لزم أن يكون الله أرسل رسولا يفتري عليه الكذب، ويقول للناس: إن الله أمركم باتباعي، وأمرني بجهادكم إذا لم تفعلوا، وهو كاذب في ذلك، ومعلوم أن كل ما دل على أن الله أرسله فإنه يدل على أنه صادق في الرسالة وإلا فلا، فالرسول الكاذب لا يحصل به مقصود الرسالة، بل يكون من جملة المفترين على الله الكذب، وأولئك ليسوا من رسل الله، ولا يجوز تصديقهم في قولهم: إن الله أرسلهم.

[فصل: إن لم يقروا برسالته إلى العرب]
وإما أن لا يقروا برسالته إلى العرب ولا غيرهم بل قالوا فيه ما كان يقوله مشركو العرب من أنه شاعر أو ساحر أو مفتر كاذب ونحو ذلك فيقال: لهم على هذا التقدير فدليلكم أيضا باطل ولا يجوز أن تحتجوا بتقدير تكذيبكم لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بشيء من كلام الأنبياء قبله سواء صدقتم محمدا - صلى الله عليه وسلم - في جميع ما يقوله: أو في بعضه أو كذبتموه فدليلكم باطل فيلزم بطلان دينكم على كل تقدير وما ثبت بطلانه على كل تقدير فهو باطل في نفس الأمر فيثبت أنه باطل في نفس الأمر وذلك أنكم إذا كذبتم محمدا لم يبق لكم طريق تعلمون به صدق غيره من الأنبياء فيمتنع مع تكذيبه القول بصدق غيره بل من اعتقد كذبه وصدق غيره لم يكن عالما بصدق غيره بل يكون مصدقا لهم بغير علم وإذا لم يكن عالما بصدقهم لم يجز احتجاجه قط بأقوالهم بل ذلك قول منه بلا علم ومحاجة فيما لا علم له بها، فإن الدلائل الدالة على صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - أعظم وأكثر من الدلائل الدالة على صدق موسى وعيسى ومعجزاته أعظم من معجزات غيره والكتاب الذي أرسل به أشرف من الكتاب الذي بعث به غيره والشريعة التي جاء بها أكمل من شريعة موسى وعيسى - عليهما السلام - وأمته أكمل في جميع الفضائل من أمة هذا وهذا ولا يوجد في التوراة والإنجيل علم نافع وعمل صالح إلا وهو في القرآن أو مثله أو منه وفي القرآن من العلم النافع والعمل الصالح ما لا يوجد مثله في التوراة والإنجيل فما من مطعن من مطاعن أعداء الأنبياء يطعن به على محمد صلى الله عليه وسلم إلا ويمكن توجيه ذلك الطعن وأعظم منه على موسى وعيسى.
وهذه جملة مبسوطة في موضع آخر لم نبسطها هنا ; لأن جواب كلامهم لا يحتاج إلى ذلك فيمتنع الإقرار بنبوة موسى وعيسى - عليهما السلام - مع التكذيب بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا يفعل ذلك إلا من هو من أجهل الناس وأضلهم أو من أعظمهم عنادا واتباعا لهواه وذلك أن هؤلاء القوم احتجوا بما نقلوه عن الأنبياء ولم يذكروا الأدلة الدالة على صدقهم بل أخذوا ذلك مسلما وطلبوا أن يحتجوا بما نقلوه عن الأنبياء قبله وبما نقلوه عنه على صحة دينهم وهذه حجة داحضة سواء صدقوه أو كذبوه، فإن صدقوه بطل دينهم وإن كذبوه بطل دينهم، فإنهم إن صدقوه فقد علم أنه دعاهم وجميع أهل الأرض إلى الإيمان به وطاعته كما دعا المسيح وموسى وغيرهما من الرسل وأنه أبطل ما هم عليه من الاتحاد وغيره وكفرهم في غير موضع ولهذا كان مجرد التصديق بأن محمدا رسول الله ولو إلى العرب يوجب بطلان دين النصارى واليهود وكل دين يخالف دينه، فإن من كان رسولا لله، فإنه لا يكذب على الله ومحمد - صلى الله عليه وسلم - قد علم منه أنه دعا النصارى واليهود إلى الإيمان به وطاعته كما دعا غيرهم وأنه كفر من لم يؤمن به ووعده النار وهذا متواتر عنه تواترا تعلمه العامة والخاصة وفي القرآن من ذلك ما يكثر ذكره كما قال - تعالى -: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة} [البينة: 1] (1) {رسول من الله يتلو صحفا مطهرة} [البينة: 2] (2) {فيها كتب قيمة} [البينة: 3] (3) {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة} [البينة: 4] (4) {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [البينة: 5] (5) {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية} [البينة: 6] (6) {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية} [البينة: 7] (7) {جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه} [البينة: 8]وقال - تعالى -: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} [آل عمران: 18] (18) {إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب} [آل عمران: 19] (19) {فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد} [آل عمران: 20].
وقد ذكر كفر اليهود والنصارى في غير موضع كقوله - تعالى -: عن النصارى {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا} [المائدة: 17].

وقال - تعالى -: أيضا {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} [المائدة: 72] (72) {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم} [المائدة: 73] (73) {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم} [المائدة: 74] (74) {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون} [المائدة: 75] (75) {قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم} [المائدة: 76] (76) {قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} [المائدة: 77].
وقال - تعالى -: {ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا} [النساء: 171] (171) {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا} [النساء: 172] (172) {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا} [النساء: 173] (173) {ياأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا} [النساء: 174] (174) {فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما} [النساء: 175]

وقال - تعالى -: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون} [التوبة: 30] (30) {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} [التوبة: 31].
وقال - تعالى -: {وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب} [المائدة: 116] (116) {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد} [المائدة: 117].

فقد قال - تعالى -: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} [المائدة: 17] في الموضعين.
وقال - تعالى -: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} [المائدة: 73] وقال - تعالى -: {ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم} [النساء: 171].

وقال - تعالى -: {وقالت النصارى المسيح ابن الله} [التوبة: 30].
والنصارى قالت الأقوال الثلاثة فذكر الله عنهم هذه الأقوال لكن من الناس من يظن أن هذا قول طائفة منهم وهذا قول طائفة منهم.
كما ذكره طائفة من المفسرين كابن جرير الطبري والثعلبي وغيرهما ثم تارة يحكون عن اليعقوبية أن عيسى هو الله
وعن النسطورية أنه ابن الله وعن المريوسية أنه ثالث ثلاثة وتارة يحكون عن النسطورية أنه ثالث ثلاثة وعن الملكية أنه الله ويفسرون قولهم: ثالث ثلاثة بالآب والابن وروح القدس.
والصواب أن هذه الأقوال جميعها قول طوائف النصارى المشهورة الملكية واليعقوبية والنسطورية، فإن هذه الطوائف كلها تقول بالأقانيم الثلاثة الآب والابن وروح القدس، فتقول إن الله ثالث ثلاثة وتقول عن المسيح أنه الله وتقول أنه ابن الله وهم متفقون على اتحاد اللاهوت والناسوت وأن المتحد هو الكلمة وهم متفقون على عقيدة إيمانهم التي تتضمن ذلك وهو قولهم: نؤمن بإله واحد أب ضابط الكل خالق السماوات والأرض كل ما يرى وما لا يرى وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور نور من نور إله حق من إله حق مولود غير مخلوق.
وأما قوله - تعالى -: {ولا تقولوا ثلاثة} [النساء: 171] وقوله: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} [المائدة: 73].

فقد فسروه بالتثليث المشهور عنهم المذكور في أمانتهم ومن الناس من يقول: إن الله هو المسيح ابن مريم قول اليعقوبية وقولهم ثالث ثلاثة هو قول النصارى الذين يقولون بالآب والابن والروح القدس وهم قد جعلوا الله فيها ثالث ثلاثة وسموا كل واحد من الثلاثة بالإله والرب وقد فسره طائفة بجعلهم عيسى وأمه إلهين يعبدان من دون الله.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.95%)]