
06-02-2025, 08:15 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,757
الدولة :
|
|
رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام

فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ التَّوْبَةِ
المجلد العاشر
الحلقة( 354)
من صــ 1 الى صـ 15
الوجه التاسع: هب أن المراد: من المعلوم فيهم الصدق، لكن العلم كالعلم في قوله: {فإن علمتموهن مؤمنات} [سورة الممتحنة: 10] والإيمان أخفى من الصدق. فإذا كان العلم المشروط هناك يمتنع أن يقال فيه: ليس إلا العلم بالمعصوم، كذلك هنا يمتنع أن يقال: لا يعلم إلا صدق المعصوم.
الوجه العاشر: هب أن المراد: علمنا صدقه، لكن يقال: إن أبا بكر، وعمر، وعثمان ونحوهم ممن علم صدقهم، وأنهم لا يتعمدون الكذب، وإن جاز عليهم الخطأ أو بعض الذنوب، فإن الكذب أعظم. ولهذا ترد شهادة الشاهد بالكذبة الواحدة في أحد قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وقد روي في ذلك حديث مرسل. ونحن قد نعلم يقينا أن هؤلاء لم يكونوا يتعمدون الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل ولا يتعمدون الكذب بحال. ولا نسلم أنا لا نعلم انتفاء الكذب إلا عمن يعلم أنه معصوم مطلقا، بل كثير من الناس إذا اختبرته تيقنت أنه لا يكذب، وإن كان يخطئ ويذنب ذنوبا أخرى. ولا نسلم أن كل من ليس بمعصوم يجوز أن يتعمد الكذب.
وهذا خلاف الواقع، فإن الكذب لا يتعمده إلا من هو من شر الناس. وهؤلاء الصحابة لم يكن فيهم من يتعمد الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل العلم يعلمون بالاضطرار أن مثل مالك، وشعبة، ويحيى بن سعيد، والثوري، والشافعي، وأحمد ونحوهم، لم يكونوا يتعمدون الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - بل ولا على غيره، فكيف بابن عمر، وابن عباس، وأبى سعيد وغيرهم؟.
الوجه الحادي عشر: أنه لو قدر أن المراد به: المعصوم لا نسلم الإجماع على انتفاء العصمة من غير علي، كما تقدم بيان ذلك ; فإن كثيرا من الناس الذين هم خير من الرافضة يدعون في شيوخهم هذا المعنى، وإن غيروا عبارته.
وأيضا فنحن لا نسلم انتفاء عصمتهم مع ثبوت عصمته، بل إما انتفاء الجميع وإما ثبوت الجميع.
(فصل: الصدق أساس الحسنات وجماعها والكذب أساس السيئات ونظامها)
قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -:
الصدق أساس الحسنات وجماعها والكذب أساس السيئات ونظامها ويظهر ذلك من وجوه: أحدها: أن الإنسان هو حي ناطق فالوصف المقوم له الفاصل له عن غيره من الدواب هو المنطق والمنطق قسمان:
خبر وإنشاء والخبر صحته بالصدق وفساده بالكذب فالكاذب أسوأ حالا من البهيمة العجماء والكلام الخبري هو المميز للإنسان وهو أصل الكلام الإنشائي فإنه مظهر العلم والإنشاء مظهر العمل والعلم متقدم على العمل وموجب له فالكاذب لم يكفه أنه سلب حقيقة الإنسان حتى قلبها إلى ضدها ولهذا قيل: لا مروءة لكذوب ولا راحة لحسود ولا إخاء لملوك ولا سؤدد لبخيل فإن المروءة مصدر المرء كما أن الإنسانية مصدر الإنسان.
الثاني: أن الصفة المميزة بين النبي والمتنبئ هو الصدق والكذب فإن محمدا رسول الله الصادق الأمين ومسيلمة الكذاب قال الله تعالى: {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين. والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون}.
الثالث: أن الصفة الفارقة بين المؤمن والمنافق هو الصدق فإن أساس النفاق الذي بني عليه الكذب وعلى كل خلق يطبع المؤمن ليس الخيانة والكذب. وفي الصحيحين عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ثلاث من كن فيه كان منافقا إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان}.
الرابع: أن الصدق هو أصل البر والكذب أصل الفجور كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا}.
الخامس: أن الصادق تنزل عليه الملائكة والكاذب تنزل عليه الشياطين كما قال تعالى: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين} {تنزل على كل أفاك أثيم} {يلقون السمع وأكثرهم كاذبون}.
السادس: أن الفارق بين الصديقين والشهداء والصالحين وبين المتشبه بهم من المرائين والمسمعين والمبلسين هو الصدق والكذب.
السابع: أنه مقرون بالإخلاص الذي هو أصل الدين في الكتاب. . . (1) وكلام العلماء والمشايخ قال الله تعالى {واجتنبوا قول الزور} {حنفاء لله غير مشركين به} ولهذا {قال صلى الله عليه وسلم عدلت شهادة الزور الإشراك بالله مرتين وقرأ هذه الآية وقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت}.
الثامن: أنه ركن الشهادة الخاصة عند الحكام التي هي قوام الحكم والقضاء والشهادة العامة في جميع الأمور والشهادة خاصة هذه الأمة التي ميزت بها في قوله: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} وركن الإقرار الذي هو شهادة المرء على نفسه وركن الأحاديث والأخبار التي بها يقوم الإسلام؛ بل هي ركن النبوة والرسالة التي هي واسطة بين الله وبين خلقه وركن الفتيا التي هي إخبار المفتي بحكم الله. وركن المعاملات التي تتضمن أخبار كل واحد من المتعاملين للآخر بما في سلعته وركن الرؤيا التي قيل فيها: أصدقهم رؤيا أصدقهم كلاما والتي يؤتمن فيها الرجل على ما رأى.
التاسع: أن الصدق والكذب هو المميز بين المؤمن والمنافق كما جاء في الأثر: أساس النفاق الذي بني عليه الكذب. وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان} وفي حديث آخر: {على كل خلق يطبع المؤمن ليس الخيانة والكذب} ووصف الله المنافقين في القرآن بالكذب في مواضع متعددة ومعلوم أن المؤمنين هم أهل الجنة وأن المنافقين هم أهل النار في الدرك الأسفل من النار.
العاشر: أن المشايخ العارفين اتفقوا على أن أساس الطريق إلى الله هو الصدق والإخلاص كما جمع الله بينهما في قوله: {واجتنبوا قول الزور} {حنفاء لله غير مشركين به} ونصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة دال على ذلك في مواضع كقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} وقوله تعالى {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين} {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} وقال تعالى لما بين الفرق بين النبي والكاهن والساحر: {وإنه لتنزيل رب العالمين} {نزل به الروح الأمين} {على قلبك لتكون من المنذرين} {بلسان عربي مبين} {وإنه لفي زبر الأولين} إلى قوله: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين} {تنزل على كل أفاك أثيم} {يلقون السمع وأكثرهم كاذبون} وقال تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا}.
(فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (122)
وسئل:
عن قوم اجتمعوا على أمور متنوعة في الفساد؛ ومنهم من يقول: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد بالتواتر؛ إذ التواتر نقل الجم الغفير عن الجم الغفير؟
فأجاب:
أما من أنكر تواتر حديث واحد فيقال له: التواتر نوعان: تواتر عن العامة؛ وتواتر عن الخاصة وهم أهل علم الحديث. وهو أيضا قسمان: ما تواتر لفظه؛ وما تواتر معناه. فأحاديث الشفاعة والصراط والميزان والرؤية وفضائل الصحابة ونحو ذلك متواتر عند أهل العلم وهي متواترة المعنى وإن لم يتواتر لفظ بعينه وكذلك معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الخارجة عن القرآن متواترة أيضا وكذلك سجود السهو متواتر أيضا عند العلماء وكذلك القضاء بالشفعة ونحو ذلك. وعلماء الحديث يتواتر عندهم ما لا يتواتر عند غيرهم؛ لكونهم سمعوا ما لم يسمع غيرهم وعلموا من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يعلم غيرهم والتواتر لا يشترط له عدد معين؛ بل من العلماء من ادعى أن له عددا يحصل له به العلم من كل ما أخبر به كل مخبر ونفوا ذلك عن الأربعة وتوقفوا فيما زاد عليها وهذا غلط فالعلم يحصل تارة بالكثرة؛ وتارة بصفات المخبرين؛ وتارة بقرائن تقترن بأخبارهم وبأمور أخر.
وأيضا فالخبر الذي رواه الواحد من الصحابة والاثنان: إذا تلقته الأمة بالقبول والتصديق أفاد العلم عند جماهير العلماء ومن الناس من يسمي هذا: المستفيض.
والعلم هنا حصل بإجماع العلماء على صحته؛ فإن الإجماع لا يكون على خطإ؛ ولهذا كان أكثر متون الصحيحين مما يعلم صحته عند علماء الطوائف: من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية والأشعرية وإنما خالف في ذلك فريق من أهل الكلام كما قد بسط في موضعه.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -:
فصل:
قول أحمد بن حنبل: إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد؛ وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد؛ وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال: ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به؛ فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي ومن أخبر عن الله أنه يحب عملا من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم؛ ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يختلفون في غيره بل هو أصل الدين المشروع. وإنما مرادهم بذلك: أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يحبه الله أو مما يكرهه الله بنص أو إجماع كتلاوة القرآن؛ والتسبيح والدعاء؛ والصدقة والعتق؛ والإحسان إلى الناس؛ وكراهة الكذب والخيانة؛ ونحو ذلك فإذا روي حديث في فضل بعض الأعمال المستحبة وثوابها وكراهة بعض الأعمال وعقابها: فمقادير الثواب والعقاب وأنواعه إذا روي فيها حديث لا نعلم أنه موضوع جازت روايته والعمل به بمعنى: أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف ذلك العقاب كرجل يعلم أن التجارة تربح لكن بلغه أنها تربح ربحا كثيرا فهذا إن صدق نفعه وإن كذب لم يضره؛ ومثال ذلك الترغيب والترهيب بالإسرائيليات؛ والمنامات وكلمات السلف والعلماء؛ ووقائع العلماء ونحو ذلك مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعي؛ لا استحباب ولا غيره ولكن يجوز أن يذكر في الترغيب والترهيب؛ والترجية والتخويف. فما علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع فإن ذلك ينفع ولا يضر وسواء كان في نفس الأمر حقا أو باطلا فما علم أنه باطل موضوع لم يجز الالتفات إليه؛ فإن الكذب لا يفيد شيئا وإذا ثبت أنه صحيح أثبتت به الأحكام وإذا احتمل الأمرين روي لإمكان صدقه ولعدم المضرة في كذبه وأحمد إنما قال: إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد.
ومعناه: أنا نروي في ذلك بالأسانيد وإن لم يكن محدثوها من الثقات الذين يحتج بهم. في ذلك قول من قال: يعمل بها في فضائل الأعمال إنما العمل بها العمل بما فيها من الأعمال الصالحة مثل التلاوة والذكر والاجتناب لما كره فيها من الأعمال السيئة. ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو: {بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار} مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم} فإنه رخص في الحديث عنهم ومع هذا نهى عن تصديقهم وتكذيبهم فلو لم يكن في التحديث المطلق عنهم فائدة لما رخص فيه وأمر به ولو جاز تصديقهم بمجرد الإخبار لما نهى عن تصديقهم؛ فالنفوس تنتفع بما تظن صدقه في مواضع. فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديرا وتحديدا مثل صلاة في وقت معين بقراءة معينة أو على صفة معينة لم يجز ذلك؛ لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي بخلاف ما لو روي فيه من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله كان له كذا وكذا فإن ذكر الله في السوق مستحب لما فيه من ذكر الله بين الغافلين كما جاء في الحديث المعروف: {ذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء بين الشجر اليابس}.
فأما تقدير الثواب المروي فيه فلا يضر ثبوته ولا عدم ثبوته وفي مثله جاء الحديث الذي رواه الترمذي: {من بلغه عن الله شيء فيه فضل فعمل به رجاء ذلك الفضل أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك}. فالحاصل: أن هذا الباب يروى ويعمل به في الترغيب والترهيب لا في الاستحباب ثم اعتقاد موجبه وهو مقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي.
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم (128)
[فصل: رد احتجاجهم ببعض الآيات على خصوصية الرسالة]
وأما احتجاجهم بقوله تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا} [البقرة: 151].
وقوله تعالى: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته} [آل عمران: 164].
فهذا كقوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [التوبة: 128].
وهذا في عمومه نزاع، فإنه إما أن يكون خطابا لجميع الناس، ويكون المراد إنا بعثنا إليكم رسولا من البشر، إذ كنتم لا تطيقون أن تأخذوا عن ملك من الملائكة، فمن الله عليكم بأن أرسل إليكم رسولا بشريا.
قال تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون - ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون} [الأنعام: 8 - 9].
وإما أن يكون الخطاب للعرب، وعلى التقديرين فإن ما تضمن ذكر إنعامه على المخاطبين بإرساله رسولا من جنسهم، وليس في هذا ما يمنع أن يكون مرسلا إلى غيرهم، فإنه إن كان خطابا للإنس كلهم، فهو أيضا مرسل إلى الجن، وليس من جنسهم، فكيف يمتنع إذا كان خطابا للعرب بما امتن به عليهم؟ أن يكون قد امتن على غيرهم بذلك، فالعجم أقرب إلى العرب من الجن إلى الإنس، وقد أخبر في الكتاب العزيز أن الجن لما سمعوا القرآن آمنوا به.
قال تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين - قالوا ياقومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم - ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم - ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض} [الأحقاف: 29 - 32].
وقال: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا - يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا - وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا - وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا - وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا - وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا - وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا - وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا - وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا - وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا - وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا - وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا - وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا - وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا - وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا - وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا - لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا - وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا - وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا - قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا - قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا - قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا - إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا - حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا - قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا - عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا - إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا - ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا} [الجن: 1 - 28].
ونظير هذا قوله: {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون} [الزخرف: 44].
__________
Q (1) بياض بالأصل قدر كلمة، ولعلها: والسنة

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|