الموضوع: حق الله تعالى
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 28-01-2025, 01:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,994
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حق الله تعالى

حق الله تعالى (4)

د. أمير بن محمد المدري





الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد:
هذا هو اللقاء الرابع مع حق الله عز وجل، وحق الله تعالى أن نعبده ولا نشرك به شيئًا.

وهل هناك من عبد غير الله في هذه الأرض نعم هناك من عبَد الشمس من دون الله وما هدهد سليمان عنكم ببعيد يوم قال كما قال تعالى: ﴿ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴾[النمل:24].

ومن الناس من عبد القمر والنجوم والكواكب، كقوم خليل الله إبراهيم، ومن الناس من عبد الجن، ومن الناس من عبد الملائكة، ومن الناس من عبد الحجارة والتماثيل والأصنام.

واليوم في عصر الذرة في عصر الحضارة في عصر العلم، تُعبد البقرة من دون الله، فإن في الهند اليوم حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها وأتكلم فيها ما يقرب من نصف مليون بقرة تُعبد من دون الله جل وعلا. يقول زعيم الهند الكبير غاندي الذي يكرم على أعلى مستوى يقول: إنه سيظل على عبادة البقر أمام العام أجمع ثم قال: أن أمه البقرة أحب إليه من أمه التي ولدته، لأن أمه البقرة لا تطالبه بحقوقها مثل أمه التي ولدته فإنها تطالبه في الرعاية.

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وعلّمنا الحكمة والقران، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

إن خطر الشرك عظيم، فإن الله سبحانه وتعالى يغفر أي ذنب إلا الشرك قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48].

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر:65].

وفى الصحيحينمن حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -لما نزل قول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾[الأنعام:82]. فشقّ ذلك على أصحاب النبي - صلى الله وعليه وسلم -: وقالوا: يا رسول الله أينا لم يظلم نفسه؟ فقال المصطفى - صلى الله وعليه وسلم -: « ليس هذا الذي تذهبون إليه، ألم تقرأوا قول العبد الصالح: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾[لقمان:13]. فخطر الشرك عظيم.

والله لو تخلّى الخلق جميعًا على ظهر الأرض عن عبادته واستكبروا عن عبادته سبحانه وتعالى، فإن الله غنى عن الخلق لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية بل إن الكون كله يعبده ويوحده، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [15، 17): فاطر].

الكون كله يعبد الله ويوحده ويسبحه بتسبيح يجهله الخلق، فوالله لو كشف الله تسبيح الكون لنا لطاشت عقولنا، ماذا لو سمعت الجدار الذي تجلس إليه يسبح والنملة تسبح ولو سمعت الهدهد يسبح والدواب والهوام والحشرات والأشجار والأنهار والبحار. لذا تدبر قول الله جل وعلا: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [44: الإسراء]. لماذا قال: إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا؟ ولم يقل: إنه كان عزيزًا حكيمًا.

إنه كان حليمًا بكم إذ لم يكشف لكم تسبيح الكون من حولكم، غفورا لكم على غفلتكم وعنادكم معه جل وعلا، وتدبر معي قول الله سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء ﴾ [18: الحـج].

أيها الإنسان المغرور، أيها الإنسان الجحود.
أنظر إلى الكون كله لتتعرف على عظمة الله لتعبده، انظر إلى الكون كله لتتعرف على الله لتحبه، فمن عرف الله وأحبه وعلى قدر الحب تكون العبادة ويكون العمل.

عبد الله: انظر من الكون كله من عرشه إلى فرشه، ومن سمائه إلى أرضه، أنظر إلى السماء وارتفاعها، وإلى الأرض وأتساعها، وإلى الجبال وأثقالها، وإلى الأفلاك ودورانها، وإلى البحار وأمواجها وإلى كل ما هو متحرك، وإلى كل ما هو ساكن، والله إن الكل يقر بتوحيد الله، ويعلن الشكر لله.

يَدُ من التي خلقت السماء ورفعتها بلا عمد؟ يد من التي زينت السماء بالنجوم والشموع والكواكب والأقمار؟ يد من التي خلفت الأرض وأرستها بالجبال والأحجار؟ يد من التي خلقت فيها البحار والأنهار؟ يد من التي خلقت فيها الزهور والأشجار والثمار؟ يد من التي خلقت الإنسان في أجمل صورة وأحسن تقويم؟ يد من التي امتدت إلى عين الإنسان فجعلتها في علبة عظمية قوية متينة حتى لا تتعرض العين إلى الفساد ثم ظللتها بالرموش لتعكس الرموش أشعة الشمس عن العين حتى لا ُتؤذى ثم أحاطت العين بالأهداب حتى لا يتساقط العرق إلى داخل العين فتتلف، يد من؟ إنها يد الله الواحد الأحد عز وجل.

يد من التي خلقت وجعلت ماء العين مالحًا ألا وهو الدمع حتى تقتل الميكروبات التي تتسرب إليها من جديد؟ يد من التي جعلت ماء الأنف حامضا لتتعلق به الأتربة والميكروبات فلا تؤذى داخل الإنسان؟ يد من التي خلقت أذن الإنسان بهذا الجمال والإبداع والإتقان، وجعلت ماء الأذن مُرا حتى لا تتسرب الحشرات إلى أذنك يا ابن آدم وأنت نائم؟ يد من التي خلقت الفم بهذا الجمال والإبداع وجعلت ماء الفم حلوًا حتى يتذوق الإنسان الطيب من الخبيث والحلو من الحامض؟ يد من التي امتدت إلى كوز الذرة فرصت عليه هذه الحبات اللؤلؤية بهذا الإتقان والجمال والإبداع؟ يد من التي امتدت إلى سنبلة القمح فغلفتها بهذه الأغلفة الحصينة ومكنتها وحصتنها بشوك حتى لا تكون حبة القمح داخل الغلفة غذاء للطيور؟ وقد قدّر الملك أن تكون غذاء لك أيها الإنسان الجحود؟

والله لو أذن الله لحبة القمح أن تتكلم وأنصت إليها المخلصون لقالت: سبحان من جعلني طعامًا لفلان أبن فلان.

يد من التي امتدت إلى الماء العذب الفرات وإلى الملح الأجاج فجعلت بينهما برزخا وحجرا محجورا؟ يد من التي خلقتك أيها الإنسان وجعلت في حلقك في مكان يسمى البلعوم بوابة منيعة حصينة تسمى هذه البوابة بلسان المزمار، هذا اللسان لو تعطّل لحظة عن وظيفته لهلكت أيها الإنسان الجحود، فوظيفة هذه البوابة أنها تسد القصبة الهوائية عند البلع وتسد البلعوم عند التنفس ولو أخطأ هذا العضو لحظة لسقطت جرعة ماء أو لقمة صغيرة إلى مجرى التنفس ولو أخطأ هذا العضو لحظة لسقطت جرعة ماء أو قلمة صغيرة إلى مجرى التنفس لهلكت أيها الإنسان المغرور؟ يد من التي خلقت هذا الكون كله بما فيه من جماد وجمال؟.
لله في الآفاق آياتٌ لعل
أقلّها هو ما إليه هداك
ولعل ما في النفس من آياته
عجبٌ عجابٌ لو ترى عيناك
الكون مشحونٌ بأسرار إذا ما
حاولت تفسيرًا لها أعياك
قل للطبيب تخطّفته يد الردى
يا شافي الأمراض من أرداك
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما
عجزت فنون الطب من عافاك
قل للصحيح يموت لا من علةٍ
من يا صحيح بالمنايا دهاك
بل سائل الأعمى خطا وسط الزحام
بلا اصطدامٍ من يا أعمى يقود خطاك
بل سائل البصير كان يحذر حفرة
فهوى بها من ذا الذي أهواك
وسل الجنين يعيش معزولا بلا
راعٍ ومرعى من ذا الذي يرعاك
وسل الوليد بكى وأجهش بالبكاء
لدى الولادة ما الذي أبكاك
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه
فسله من يا ثعبان بالسموم حشاك
واسأله كيف تعيش يا ثعبان
أو تحيا وهذا السم يملأ فاك





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]