عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-01-2025, 03:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي أمراض القلوب وشفاؤها

أمراض القلوب وشفاؤها

الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله





القلوب ثلاثة:
صحيح: وهو الذي قد سَلِم من كل شهوة تخالف أمرَ الله ونهيَه، ومن كلِّ شُبهة تعارض خبرَه، فسلم من عبودية ما سواه، وسَلِم من تحكيم غير رسوله.

والقلْب الميِّت: ضد هذا، هو الذي لا حياة به، فلا يَعرف ربَّه، ولا يَعبده بأمره.

والقلب الثالث: قلْب له حياة، وبه عِلَّة، ففيه من محبَّة الله والإيمان به، والإخلاص له، والتوكُّل عليه، ممَّا هو مادة حياته، وفيه من محبَّة الشهوات وإيثارها، والأخلاق الرذيلة ما هو مادة عَطَبِه، وهو ممتحَن بين هذَين الداعيين.

فالقلب الأول: حيٌّ مخبِت، ليِّن واعٍ، والثاني: يابس ميِّت، والثالث: مريض، فإمَّا إلى السلامة، وإمَّا إلى العطب.

وأمراض القلوب ترجع كلها إلى أمراض الشهوات والشبهات، وحياةُ القلْب وإشراقه مادةُ كلِّ خير فيه، وموْتُه وظلمته مادةُ كلِّ شرٍّ فيه، ولا يكون صحيحًا حيًّا إلاَّ بمعرفة الحق وإيثاره، ولا سعادة له، ولا نعيم ولا صلاح، حتى يكونَ الله وحده هو معبودَه، وغاية مطلوبه، ولا يتمُّ ذلك إلا بزكاة قلْبه وتوبته، واستفراغه من جميع المواد الفاسدة، والأخلاق الرذيلة، ولا يحصل له ذلك إلاَّ بمجاهدة نفسه الأمَّارة بالسُّوء ومحاسبتها، ومجاهدة شياطين الإنس والجن؛ شياطين الإنس بالإعراض عنهم، ومقابلة الإساءة بالإحسان، وشياطين الجِنِّ بالاعتصام بالله منهم، ومعرفة مكايدهم وطُرقهم، والتحرُّز منها بذِكْر الله - تعالى - والتعوذ به منهم[1].

ومدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين: فساد العلم، وفساد القصْد، ويترتب عليهما داءان قاتلان: الغضب والضلال، فالضلال نتيجة فساد العلم، والغضب نتيجة فساد القصْد، وهذان المرضان مِلاكُ أمراض القلوب جميعِها، وشفاءُ ذلك بالهداية العلمية، والهداية العملية؛ معرفة الحق واتباعه، والقرآنُ كلُّه شفاء لهذين المرضَين ولغيرهما، ففيه الهداية التامَّة؛ ا.هـ من "مدارج السالكين"؛ لابن القيِّم[2].


[1] انظر: "إغاثة اللهفان"؛ لابن القيِّم (1/ 7 - 10)، و"مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (10/ 91 – 149).

[2] انظر: "طريق الوصول إلى العلم المأمول بمعرفة القواعد والضوابط والأصول"؛ لابن سعدي (ص: 204).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.77 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.08%)]