
13-01-2025, 03:18 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,156
الدولة :
|
|
رد: من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه
من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه(2)
الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:
فمن الأمثلة على ذلك: ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لَمَّا هاجروا وتركوا ديارهم وأموالهم لله تعالى، فعوَّضهم الله بأن جعلهم قادة الدنيا وحكَّام الأرض، وفتح عليهم خزائن كسرى وقيصر، ومكَّنهم من رقاب الملوك والجبابرة، هذا مع ما يُرجى لهم من نعيم الآخرة، فشكروا ولم يكفروا، وتواضَعوا ولم يتكبَّروا، وحكموا بالعدل بين الناس؛ قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].
وتأمَّل قصةَ أحدِ هؤلاءِ المهاجرين، وهو صُهَيْب الرومي رضي الله عنه، فعن عِكْرِمة قال: لَمَّا خرج صهيب مُهاجرًا تبعه أهلُ مكة، فنثل كنانته فأخرج منها أربعين سَهْمًا، فقال: «لا تَصِلُونَ إليَّ حتَّى أضع في كُلِّ رجُلٍ منكم سهمًا، ثم أصير بعد إلى السيف، فتعلمون أني رجل، وقد خلفتُ بمكة قَيِّنَتَيْن[1] فهما لكم، ونزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207]، فلمَّا رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَبَا يَحْيَى، رَبِحَ البَيْعُ»، قَالَ: وتلا عليه الآية»[2].
ومن ذلك: ما حصل لنبي الله يوسف - عليه الصلاة والسلام - عُرِضَتْ عليه المغْريات في أرقى صوَرها، فاعتصم بالله فعصَمه الله، وترك ذلك لله عز وجل؛ لأنَّ الله جعله من المخلصين، وأُوذِيَ بسبب ذلك؛ فاختار السجن على ما يدعونه إليه، فصبر واختار ما عند الله، فعوَّضه الله تعالى أحسن العوض، فملَّكه على خزائن الأرض، وعلَّمه تأويل الرؤيا، فنعم المُعْطِي، ونعم المُعْطَى، ونعمتِ العَطِيَّة؛ ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يوسف: 34]، وقال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 56].
اللهم متِّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، وانصُرنا على من ظلمنا، ولا تجعل الدنيا أكبرَ هَمِّنا، ولا مبلغ علمنا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأسئلة: 1- اذكر سبب نزول قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207].
2- اذكر قصة نبي الله يوسف عليه وسلم وما فيها من فوائد.
3- اذكر أمثلة على عوض الله لمن ترك شيئًا من أجله.
[1] قينتين، قال ابن الأثير: (القينة: الأمة غنّت أو لم تغنِّ) النهاية في غريب الحديث (4/ 135).
[2] مستدرك الحاكم (3/ 450) ورقم (1298)، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرِّجاه، وحسَّنه الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله في كتابه الصحيح المسند من أسباب النزول (ص33).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|