عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30-12-2024, 09:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,889
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ الْأَحْزَابِ
المجلد الثالث عشر
صـ 4881 الى صـ 4890
الحلقة (502)





يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا أي: على من بعثت [ ص: 4881 ] إليهم بالبلاغ: ومبشرا أي: بالثواب لمن آمن: ونذيرا أي: من النار لمن كفر: وداعيا إلى الله إلى دينه وطاعته والإقرار بوحدانيته: بإذنه أي: بأمره ووحيه: وسراجا منيرا أي: يستضاء به في ظلمات الجهل والغواية، ويهتدى بأنواره إلى مناهج الرشد والهداية.
القول في تأويل قوله تعالى:

[47 - 49] وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا .

وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا أي: ثوابا عظيما وأجرا جزيلا: ولا تطع الكافرين والمنافقين أي: فيما يرجفون به، ويعيبون من جاهليتهم وعوائدهم، بإلانة الجانب في التبليغ، والمسامحة في الإنذار والتمهل في الصدع بالحق: ودع أذاهم أي: إيصال الضرر إليهم، مجازاة لفعلهم. بل اعف واصفح. أو معناه: دع ما يؤذونك به بسبب صدعك إياهم. فالمصدر مضاف إلى الفاعل على الأول، وإلى المفعول على الثاني: وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا أي: موكولا إليه، وكفيلا فيما وعدك من النصر، ودحر ذوي الكفر.

يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات أي: تزوجتموهن: ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن أي: تجامعوهن: فما لكم عليهن من عدة تعتدونها أي: تستوفون عددها من إحصاء أقراء، ولا أشهر تحصونها عليهن: فمتعوهن أي: أعطوهن ما يستمتعن به من عرض [ ص: 4882 ] أو عين مال: وسرحوهن أي: خلوا سبيلهن بإخراجهن من منازلكم; إذ ليس لكم عليهن عدة: سراحا جميلا أي: من غير ضرار ولا منع حق.

تنبيه:

قال ابن كثير : هذه الآية الكريمة فيها أحكام كثيرة:

منها إطلاق النكاح على العقد وحده. وليس في القرآن آية أصرح في ذلك منه، وقد اختلفوا في النكاح; هل هو حقيقة في العقد وحده، أو في الوطء، أو فيهما؟ على ثلاثة أقوال، واستعمال القرآن، إنما هو في العقد والوطء بعده، إلا في هذه الآية; فإنه استعمل في العقد وحده لقوله تعالى: إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن

وفيها دلالة لإباحة طلاق المرأة قبل الدخول بها، وقوله تعالى: المؤمنات خرج مخرج الغالب; إذ لا فرق في الحكم بين المؤمنة والكتابية في ذلك، بالاتفاق.

وقد استدل ابن عباس رضي الله عنهما، وابن المسيب والحسن البصري وزين العابدين، وجماعة من السلف بهذه الآية، على أن الطلاق لا يقع إلا إذا تقدمه نكاح، لقوله تعالى: إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن بعقب النكاح بالطلاق، فدل على أنه لا يصح ولا يقع قبله. وهذا مذهب الشافعي وأحمد ، وطائفة كثيرة من السلف والخلف، وأيده ما روي مرفوعا « لا طلاق لابن آدم فيما لا يملك » رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . وقال الترمذي : هذا حديث حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب. وهكذا روى ابن ماجه عن علي والمسور بن مخرمة رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: « لا طلاق قبل النكاح » . [ ص: 4883 ] وقوله تعالى: فما لكم عليهن من عدة تعتدونها هذا أمر مجمع عليه بين العلماء، أن المرأة إذا طلقت قبل الدخول بها، لا عدة عليها. فتذهب فتتزوج في فورها من شاءت، ولا يستثنى من هذا إلا المتوفى زوجها; فإنها تعتد منه أربعة أشهر وعشرا، وإن لم يكن دخل بها، بالإجماع أيضا.

وقوله تعالى: فمتعوهن المتعة ههنا أعم من أن تكون نصف الصداق المسمى، أو المتعة الخاصة إن لم يكن قد سمى لها. قال تعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم وقال عز وجل: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين

وعن ابن عباس : إن كان سمى لها صداقا، فليس لها إلا النصف، وإن لم يكن سمى لها صداقا، فأمتعها على قدر عسره ويسره، وهو السراح الجميل. انتهى.

وعليه، فالآية في المفوضية التي لم يسم لها. وقيل: الآية عامة. وعليه، فقيل الأمر للوجوب، وأنه يجب مع نصف المهر المتعة أيضا. ومنهم من قال للاستحباب، فيستحب أن يمتعها مع الصداق بشيء.

لطيفة:

قال الرازي: وجه تعلق الآية بما قبلها، هو أن الله تعالى في هذه السورة، ذكر مكارم الأخلاق، وأدب نبيه على ما ذكرناه. لكن الله تعالى أمر عباده المؤمنين بما أمر به نبيه المرسل، فكلما ذكر للنبي مكرمة، وعلمه أدبا، ذكر للمؤمنين ما يناسبه. فكما بدأ الله في تأديب النبي صلى الله عليه وسلم بذكر ما يتعلق بجانب الله، بقوله: يا أيها النبي اتق الله وثنى بما يتعلق بجانب العامة بقوله: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا كذلك بدأ [ ص: 4884 ] في إرشاد المؤمنين بما يتعلق بجانب الله، فقال: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ثم ثنى بما يتعلق بجانب من تحت أيديهم بقوله: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم، كما ثلث في تأديب النبي بجانب الأمة، ثلث في حق المؤمنين بما يتعلق بجانب نبيهم، فقال بعد هذا: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي وبقوله: يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى:

[50] يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما .

يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن أي: مهورهن فإنها أجور الأبضاع. وإيتاؤها، إما إعطاؤها معجلة، أو تسميتها في العقد. وكان التعجيل ديدن السلف وسنتهم، وما لا يعرف بينهم غيره.

قال ابن كثير : كان النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه اثنتي عشرة أوقية ونشا، وهو نصف أوقية فالجميع خمسمائة درهم، إلا أم حبيبة بنت أبي سفيان فإنه أمهرها عنه النجاشي رحمه الله تعالى أربعمائة دينار، وإلا صفية بنت حيي فإنه اصطفاها من سبي خيبر، ثم أعتقها وجعل عتقها صداقها، [ ص: 4885 ] وكذلك جويرية بنت الحارث المصطلقية أدى عنها كتابتها إلى ثابت بن قيس وتزوجها، رضي الله عنهن. انتهى.

وتقييد الإحلال له عليه الصلاة والسلام بإعطاء المهور، ليس لتوقف الحل عليه، ضرورة أنه يصح العقد بلا تسمية. ويجب مهر المثل أو المتعة على تقديري الدخول وعدمه. بل لإيثار الأفضل والأولى له عليه الصلاة والسلام، كتقييد إحلال المملوكة بكونها مسبية، في قوله تعالى: وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك فإن المشتراة لا يتحقق بدء أمرها وما جرى عليها.

قال ابن كثير : أي: وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما، وملك ريحانة بنت شمعون النضرية، ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليه السلام، وكانتا من السراري، رضي الله عنهما: وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك أي: من مكة، إلى المدينة، والتقييد لبيان الأفضل كما تقدم، ولهم في إفراد العم والخال وجمع العمة والخالة، عدة أوجه. فيها اللطيف والضعيف، وعندي أن الإفراد والجمع تابع لمقتضى السبك، والنظم ورقة التعبير، ورشاقة التأدية; كما يدريه من يذوق طعم بلاغة القول، ويشرب من عين فصاحته، فالإفراد فيهما هنا أرق وأعذب من الجمع، كما أن في آية: بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أمتن وأبلغ من الإفراد، ولكل مقام مقال، ولكل مجال حال: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها أي: يتزوجها ويرغب في قبول هبة نفسها بدون مهر، وقد سمى من الواهبات ميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت خزيمة أم المساكين الأنصارية، وأم شريك بنت جابر ، وخولة بنت حكيم رضي الله عنهن.

[ ص: 4886 ] وفي البخاري عن عائشة قالت: كنت أغار في اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء الآية -قلت ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.

وعن ابن عباس ، أنه لم يكن عنده صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له; أي: أنه لم يقبل ذلك وإن كان مباحا له; لأنه مردود إلى إرادته. والله أعلم.

قال ابن القيم: وأما من خطبها صلى الله عليه وسلم ولم يتزوجها، ومن وهبت نفسها له ولم يتزوجها، فنحو أربع أو خمس. وقال بعضهم: هن ثلاثون امرأة. وأهل العلم بالسيرة وأحواله صلى الله عليه وسلم، لا يعرفون هذا بل ينكرونه.

قال أبو السعود: وإيراده عليه الصلاة والسلام في الموضعين بعنوان النبوة بطريق الالتفات، للتكرمة والإيذان بأنها المناط لثبوت الحكم فيختص به عليه السلام حسب اختصاصها به كما ينطبق به قوله تعالى: خالصة لك أي: خلص لك إحلالها خالصة أي: خلوصا، فهي مصدر مؤكد، أو صفته أي: هبة خالصة: من دون المؤمنين أي: فإنهم لا تحل لهم الموهوبة إلا بولي ومهر، خوف أن يستسري النساء وينتشر الفحش بدعوى ذلك. قال قتادة : ليس لامرأة تهب نفسها لرجل، بغير ولي ولا مهر إلا للنبي صلى الله عليه وسلم: قد علمنا ما فرضنا عليهم أي: على المؤمنين: في أزواجهم أي: في حلها من الولي والشهود والمسمى: وما ملكت أيمانهم أي: في حلها من توسيع الأمر فيها.

وقال السيوطي في (الإكليل): فسر بالاستبراء، وليس له في القرآن ذكر إلا ها هنا.

لكيلا يكون عليك حرج أي: ضيق. واللام متعلقة بـ: خالصة أو بفعل يفهم [ ص: 4887 ] مما قبله; أي: قد علمنا ما فرضنا عليهم، وأسقطناه عنك لرفع الحرج عنك والضيق، فيما اقتضته الحكمة والعناية بك: وكان الله غفورا رحيما أي: يغفر ما يعسر التحرز عنه، ويرحم فيما يوسع في مواقع الحرج.
القول في تأويل قوله تعالى:

[51] ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما .

ترجي بهمز وغير همز; أي: تترك وتؤخر: من تشاء منهن أي: من هؤلاء النساء اللاتي أحللناهن لك، فلا تتزوج بهن: وتؤوي إليك من تشاء أي: تضم من تشاء منهن بالتزويج: ومن ابتغيت ممن عزلت أي: اخترت تزوجها بعد إرجائها: فلا جناح عليك أي: في أن تضمها إليك. ومن رأي بعضهم أن الضمير في: "منهن" يعود إلى الواهبات. قال الشعبي : كن نساء وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم: فدخل ببعض وأرجأ بعضهن، لم ينكحن بعده، منهن أم شريك ، واستؤنس بحديث عائشة عند أحمد أنها كانت تعير النساء اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: ألا تستحي المرأة أن تعرض نفسها بغير صداق؟ فلما أنزل الله: ترجي من تشاء منهن الآية قالت: إني أرى ربك يسارع لك في هواك. ورواه البخاري أيضا كما تقدم. وذهب آخرون إلى أن معنى الآية: تطلق وتخلي سبيل من شئت من نسائك، وتمسك من شئت منهن فلا تطلق. وعن قتادة : أنها في القسم، وأن له أن يقسم لمن شاء، ويدعه لمن شاء، مع هذا فلم يكن صلى الله عليه وسلم يدع القسم. وقد احتج بالآية من ذهب إلى [ ص: 4888 ] أن القسم لم يكن واجبا عليه صلى الله عليه وسلم. والتحقيق أن الآية عامة في ذلك كله، وأن ما روي مما ذكر، فمن باب الاكتفاء من العام على بعض أفراده، أو من رأي ذهب إليه قائله. وقوله تعالى: ذلك أي: ما ذكر من تفويض الأمر إلى مشيئتك، ورفع الحرج عنك فيه: أدنى أن تقر أعينهن أي: تطيب أنفسهن، إن علمن أن ذلك من الله تعالى: ولا يحزن لمخالفة الإرجاء: ويرضين بما آتيتهن كلهن أي: لأنه حكم، كلهن فيه سواء، فإن سويت بينهن وجدن ذلك تفضيلا، وإلا علمن أنه بحكم الله تعالى، فتطمئن به نفوسهن: والله يعلم ما في قلوبكم أي: من الميل إلى البعض منهن دون البعض بالمحبة: وكان الله عليما أي: بذات الصدور: حليما أي: ذا حلم عن عباده فيعفو ويغفر. وروى الإمام أحمد وأهل السنن عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل. ثم يقول: « اللهم! هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» . يعني القلب.
القول في تأويل قوله تعالى:

[52] لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا .

[ ص: 4889 ] لا يحل لك النساء من بعد أي: من بعد النساء اللاتي نص إحلالهن لك في الآية قبل. وانظر إلى تكريمه تعالى لنبيه صلوات الله عليه حيث لم يقل له: وحرم عليك ما وراء ذلك. كما خاطب المؤمنين بنظيره، لتعلم كيف تتفاوت الناس بالخطاب تفاوتهم في رفيع الدرجات.

ولم أر أحدا نبه على ذلك، فاحرص عليه فيه، وفي أمثاله.

قال مجاهد في الآية: أي: لا يحل لك يهودية ولا نصرانية ولا كافرة: ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك أي: فلك التسري بهن وإن كن كتابيات أو مشركات; لأنه ليس لهن ما للحرائر: وكان الله على كل شيء رقيبا أي: حيث أحل ما أحل، وحظر ما حظر للنبي وللأمة، في بيان لا خفاء معه، وحكمة لا حيف معها. وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى الآية هو حظر نكاح ما بعد التسع اللاتي عنده صلى الله عليه وسلم، وأن التسع نصابه كالأربع لغيره، وأن ذلك جزاء لاختيارهن إياه لما خيرهن; كما تقدم في الآية، ثم قالوا إنه تعالى رفع الحرج عنه في ذلك، ونسخ حكم هذه الآية، وأباح له التزوج، لكنه لم يفعله إتماما للمنة عليهن. ومنهم من قال إنها محكمة. وكل ذلك لا برهان معه، وتفكيك للمعنى، وغفلة عن سر تكريمه صلوات الله عليه بمقصود الخطاب، وقد وهم في هذا المعنى زياد -رجل من الأنصار- فرده أبي رضي الله عنه، إلى صواب المعنى; وذلك فيما رواه عبد الله بن أحمد وابن جرير أن زيادا قال لأبي بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم توفين، أما كان له أن يتزوج؟ فقال: وما يمنعه من ذلك؟ قال: قوله تعالى: لا يحل لك النساء من بعد فقال له: إنما أحل الله له ضربا من النساء. فقال تعالى: يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك -إلى قوله-: إن وهبت نفسها للنبي ثم قيل له: لا يحل لك النساء من بعد

[ ص: 4890 ] وروى الترمذي عن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات، بقوله تعالى: لا يحل لك النساء من بعد الآية. فحرم كل ذات دين غير الإسلام.

والمطلع على ما كتبوه هنا، يأخذه العجب من البعد عن مقصدها. فالحمد لله على إلهام الحق وتعليمه.

تنبيه:

قال في (لباب التأويل): في قوله تعالى: ولو أعجبك حسنهن دليل على جواز النظر من الرجل التي يريد نكاحها من النساء، ويدل عليه ما روي عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل » . أخرجه أبو داود .

وروى مسلم عن أبي هريرة أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: « انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا » . قال الحميدي : يعني هو الصغر.

وعن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة. فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: « هل نظرت إليها؟ » قلت: لا. قال: « فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما » . أخرجه الترمذي وحسنه.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]