عرض مشاركة واحدة
  #382  
قديم 28-12-2024, 09:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,372
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

لباس المحرم


شرح حديث (لا يلبس المحرم القميص ولا البرنس ولا السراويل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: ما يلبس المحرم. حدثنا مسدد و أحمد بن حنبل قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: (سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما يترك المحرم من الثياب؟ فقال: لا يلبس القميص، ولا البرنس، ولا السراويل، ولا العمامة، ولا ثوباً مسه ورس ولا زعفران، ولا الخفين إلا لمن لا يجد النعلين، فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين) ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب ما يلبس المحرم] يعني: من الثياب، والمقصود من هذه الترجمة: بيان الألبسة التي يُمنع منها الإنسان المحرم. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما يترك المحرم من الثياب) أي: عما يترك لبسه، وفي بعض الروايات في الصحيحين: (سأل عما يلبس المحرم من الثياب)، فأجاب عليه الصلاة والسلام بالشيء الذي لا يلبس؛ لأنه محصور ومحدود، وفي حديث ابن عمر هذا عند أبي داود كان الجواب مطابقاً للسؤال، فقد كان السؤال عما يترك، والجواب بما يترك. وأما ما في الصحيحين من السؤال عما يلبس، وإجابته صلى الله عليه وسلم بما لا يلبس، فيسمى هذا الأسلوب: أسلوب الحكيم، وهو أن يجيب المسئول بالصيغة التي تجعل الجواب مختصراً. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن اللباس الذي يتركه المحرم هو اللباس الذي كان قد اعتاده؛ كالقميص المفصل على الجسد كله، أو ما فُصِّل على بعضه كالسراويل، أو ما هو خاص بالرأس كالعمامة، وهي التي يغطى بها الرأس وتكون منفصلة، وكذلك أيضاً إذا كانت متصلة بغيرها وليست منفصلة كالبرانس، وهي الثياب التي يكون غطاء الرأس فيها متصلاً بها، وكذلك لا يلبس الخفين، وهما اللذان يغطيان الكعبين، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل الكعبين. والمقصود من ترك لبس القميص أن يلبسه الإنسان على الهيئة المعروفة، أما لو احتاج الإنسان إلى أن يجعل القميص إزاراً؛ كأن يكون آتٍ في الطائرة وليس معه إزار ورداء، أو أنه لم يكن ينوي الحج والعمرة ثم بدا له أن يعتمر أو أن يحج وهو مقبل على الميقات، فلا بأس بأن يتجرد من ثوبه ويلبسه على هيئة الإزار حتى يجد إزاراً ورداءً، فلبسه هنا ليس على الهيئة المعروفة المعتادة المنهي عنها، والمقصود من الإحرام أن يكون الإنسان على هيئة تخالف ما كان عليه من هيئة في المعتاد، ثم إن الإزار والرداء كان من ألبسة العرب ومن ألبسة المسلمين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الإزار والرداء في غير الحج والعمرة، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم هنا في الحديث ما لا يجوز من اللباس، وعليه فإن غيره من اللباس يجوز لبسه، فيجوز له أن يلبس ما شاء من الثياب ما دام أنه ليس مما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه من اللباس. وقد كان هذا السؤال في المدينة قبل سفره صلى الله عليه وسلم إلى الحج. قوله: (ولا ثوباً مسه ورس ولا زعفران) أي: لا يلبس الإنسان الثياب المطيبة، ولا يطيب ثيابه إذا أراد الإحرام، وإنما يطيب جسده كرأسه ولحيته، ويترك الطيب فيما بعد ذلك، والثوب المزعفر لا يستعمله الرجل لا في الحج ولا في غيره، فقد جاء نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه. والتنصيص هنا على الورس والزعفران ليس من باب التخصيص لهما، إنما هذا الحكم يشمل جميع أنواع الطيب، فلا يستعمل الطيب لا في الطعام ولا في الشراب، ولا يستعمل أيضاً على جسد الإنسان ولا في ثيابه، فأي شيء رائحته طيبة ويقصد منه الرائحة الطيبة فذلك لا يجوز. قوله: (ولا الخفين إلا لمن لا يجد النعلين، فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين)، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء: هل إذا لم يجد النعلين يلبس الخفين ويقطعهما كما جاء في هذا الحديث، أو أنه لا يقطعهما كما جاء في حديث ابن عباس الذي سيذكره المصنف، وقد قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة، والحجاج متوافرون من مختلف الآفاق، وهو يبين للناس ما ينبغي لهم أن يفعلوه، فإنه لم يذكر القطع في عرفة، ولكنه ذكره في أول الأمر قبل أن يسافر. فقال بعض أهل العلم: يحمل المطلق على المقيد، فيحمل حديث ابن عباس على حديث ابن عمر، وأنه يقطع، وبهذا قال جمهور أهل العلم. وقال بعض أهل العلم: إن حديث ابن عباس متأخر، وقد قاله النبي صلى الله عليه وسلم في مكان اجتمع فيه الناس من مختلف الآفاق، فسمعه من جاء من المدينة، ومن جاء من غير المدينة، وهذا بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو كان القطع مطلوباً أو مشروطاً لبينه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. فقالوا: إن حديث ابن عمر منسوخ بحديث ابن عباس المتأخر، وأنه يؤخذ بآخر الأمرين مما جاء عنه صلى الله عليه وسلم. وقالوا أيضاً: إن هذا مثل السراويل فقد جاء في الحديث أن من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ولم يذكر أنه يشقها، إذاً فكما أن السراويل يلبسها المحرم كما هي ويكون معذوراً في ذلك، ويكون لبسها رخصة لمن لم يجد الإزار، فكذلك أيضاً من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ولا يقطعهما. وهذا القول -فيما يبدو- هو الأرجح من جهة أنه آخر ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الناس الذين سمعوه كانوا قد جاءوا من مختلف الآفاق، وكذلك الرخصة فيه كالرخصة في السراويل.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يلبس المحرم القميص ولا البرنس ولا السراويل...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ و أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الإمام، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. سفيان هو ابن عيينة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم ]. سالم بن عبد الله بن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبو هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (لا يلبس المحرم القميص...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعناه ]. أورد المصنف الحديث من طريق أخرى وقال: بمعناه، أي: بمعنى الحديث المتقدم، مع اختلاف في الألفاظ والإسناد.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يلبس المحرم القميص...) من طريق ثانية


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. ابن عمر مر ذكره.

شرح حديث: (لا يلبس المحرم القميص ...) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، وزاد: ولا تنتقب المرأة الحرام، ولا تلبس القفازين) ]. أورد المصنف حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو كالذي قبله وفيه زيادة: (ولا تنتقب المرأة الحرام) أي: المحرمة، (ولا تلبس القفازين)، فالمرأة ليست كالرجل في الإحرام، فلها أن تلبس ما تشاء، وإنما تمنع من لبس النقاب، فلا تنتقب ولا تلبس القفازين، وهما اللذان تدخل فيهما اليدان؛ لاتقاء البرد أو غير ذلك، فهذا تمنع منه المرأة، وقد جاء الحديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تلبس النقاب، وإنما تغطي وجهها إذا كان هناك رجال أجانب كما سيأتي ذلك عن عائشة أنها قالت: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نكشف وجوهنا، فإذا حاذانا الركبان سدلت إحدانا خمارها على وجهها)، فتغطية الوجه للمحرمة قد جاءت به السنة، ولكن لا يكون ذلك بالنقاب ولا البرقع، وأما استعمال الخمار وتغطية الوجه عند الرجال الأجانب فهو مشروع.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يلبس المحرم القميص ...) من طريق ثالثة


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع عن ابن عمر ]. نافع و ابن عمر مر ذكرهما.

ثبوت حديث: (لا يلبس المحرم القميص...) مرفوعاً وموقوفاً وتراجم رجال الإسناد


[ قال أبو داود : وقد روى هذا الحديث حاتم بن إسماعيل و يحيى بن أيوب عن موسى بن عقبة عن نافع على ما قال الليث ، ورواه موسى بن طارق عن موسى بن عقبة موقوف على ابن عمر ، وكذلك رواه عبيد الله بن عمر و مالك و أيوب موقوفاً، و إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (المحرمة لا تنتقب، ولا تلبس القفازين). قال أبو داود : إبراهيم بن سعيد المديني شيخ من أهل المدينة ليس له كثير حديث ]. ذكر أبو داود أن هذا الذي جاء من ذكر النهي عن الانتقاب ولبس القفازين جاء مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء في بعض الطرق موقوفاً على ابن عمر ، والمرفوع ثابت وصحيح، وهو في الصحيحين، والطريق التي أوردها أبو داود من طريق الليث هي مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر بعض الطرق التي تماثل هذه الطريق المرفوع، وذكر بعض الطرق التي فيها أنه موقوف على ابن عمر ، فيكون الحديث جاء عنه موقوفاً وجاء عنه مرفوعاً. قوله: [ وقد روى هذا الحديث حاتم بن إسماعيل ]. حاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن موسى بن عقبة ]. موسى بن عقبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع على ما قال الليث ]. أي: أنه مرفوع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. [ ورواه موسى بن طارق ]. موسى بن طارق ثقة، أخرج له النسائي . [ عن موسى بن عقبة موقوف على ابن عمر ]. أي: أنه جاء عن موسى بن عقبة مرفوعاً وموقوفاً. [ وكذلك رواه عبيد الله بن عمر ]. عبيد الله بن عمر هو: العمري المصغر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و مالك و أيوب ]. مالك بن أنس مر ذكره، و أيوب هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و إبراهيم بن سعيد المديني ]. إبراهيم بن سعيد المديني مجهول الحال، أخرج له أبو داود ، وقال عنه أبو داود : شيخ من أهل المدينة ليس له كبير حديث. [ عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. أي: أنه جاء من طريق هذا الرجل المجهول مرفوعاً، والطرق السابقة أيضاً جاءت مرفوعة، وقد أشار أبو داود رحمه الله إلى حاله وقلة حديثه.

شرح حديث: (المحرمة لا تنتقب...) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين) ]. هذا طريق آخر عن ابن عمر مرفوع، وإبراهيم بن سعيد الذي في إسناده هو الذي رفعه، وهو موافق لما جاء في الصحيحين. قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد عن إبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر ]. كلهم مر ذكرهم.

شرح حديث: (أن رسول الله نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: فإن نافعاً مولى عبد الله بن عمر حدثني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مس الورس والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفراً، أو خزاً، أو حلياً، أو سراويل، أو قميصاً، أو خفاً) ]. هذا الحديث مثل الحديث السابق، إلا أن فيه زيادة أن المرأة تمتنع من القفازين، ومن النقاب، ومن الطيب، ولتلبس ما شاءت بعد ذلك، أي: سواءً كان سراويل أو ثياباً أو حلياً أو خفاً، فكل ذلك لا تمنع منه المرأة، لكن لا يكون زينة ولا فتاناً، فالمرأة تختلف عن الرجل. والمحرمة لها أن تلبس الحلي، بشرط ألا يظهر ويفتتن به الناس، ولا يلزمها إذا كان عليها حلي أن تخلع حليها إذا أرادت أن تحرم. ويصح إحرام المرأة وهي مختضبة بالحناء، ولكن لا ينبغي أن تفعل ذلك، لكن إذا وجد فإنها تخفيه بثيابها، ولا تخفيه بالقفازين.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. مر ذكره. [ حدثنا يعقوب ]. يعقوب بن إبراهيم بن سعد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبي ]. وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن إسحاق ]. محمد بن إسحاق صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن نافع وابن عمر ].

طريق أخرى لحديث: (أن رسول الله نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب...)


[ (ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب) ]. [ قال أبو داود : روى هذا الحديث عن ابن إسحاق عن نافع : عبدة بن سليمان و محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق إلى قوله: (وما مس الورس والزعفران من الثياب)، ولم يذكرا ما بعده ] أي: أنه وقع في هذه الطريق اختصار، فذكر ما مسه الزعفران والورس، ولم يذكر ما عدا ذلك، وهو مذكور في الطريق السابقة، وهو صحيح ثابت. [ قال: روى هذا الحديث: عن ابن إسحاق عن نافع : عبدة بن سليمان ]. عبدة بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و محمد بن سلمة ]. محمد بن سلمة الباهلي وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن.

شرح حديث ابن عمر في نهي النبي عن لبس المحرم للبرنس


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه وجد القر فقال: ألق علي ثوباً يا نافع ! فألقيت عليه برنساً، فقال: تلقي علي هذا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبسه المحرم؟! ]. أورد المصنف حديث ابن عمر أنه وجد القر -أي البرد- فقال لنافع : ألق علي ثوباً. أي: شيئاً يغطيه ويستدفئ به، قال: (فألقيت عليه برنساً، فقال: تلقي علي هذا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبسه المحرم؟!) فهذا يدل على أن المحرم لا يستعمل الشيء الذي منع منه حتى ولو كان على سبيل الغطاء، لكن إذا أراد الإنسان أن يحرم وليس معه إزار ورداء، فله أن يتزر به مؤقتاً حتى يجد إزاراً، وليس عليه شيء؛ لأنه لم يلبسه على الهيئة التي منع منها.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في نهي النبي عن لبس المحرم للبرنس


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ]. مر ذكر هؤلاء الثلاثة.

شرح حديث: (السراويل لمن لا يجد الإزار والخف لمن لم يجد النعلين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: السراويل لمن لا يجد الإزار، والخف لمن لا يجد النعلين) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السراويل لمن لا يجد الإزار، والخف لمن لا يجد النعلين)، وهذا جاء عنه صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة، والناس يشهدون ذلك من مختلف الآفاق، وتلقوا عنه هذا الكلام، فقال بعض أهل العلم: إنه يؤخذ بهذا ويترك القطع؛ لأن ذاك متقدم وهذا متأخر، وقال بعض أهل العلم: إنه يحمل المطلق على المقيد، ومما يقوي أنه لا يقطع، أن السراويل بدل عن الإزار، والسراويل لا يحصل فيها شق ولا قطع، فتكون الخفاف كذلك، ولو كان القطع مطلوباً لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الذين جاءوا من مختلف الآفاق، فالقول بأن المحرم يلبسه ولا يقطعه هو الأظهر. وإذا أراد الإنسان أن يلبس ثياباً من أجل مرض فيه فعليه الفدية، وهذا مثل الذي يحلق رأسه، فإن عليه الفدية إذا كان مضطراً إلى ذلك، فالإنسان إذا كان به مرض ويريد أن يلبس ثيابه سواءً كانت سراويل، أو قميصاً أو غير ذلك مما يحتاج الإنسان إلى لبسه لمرض به، فإن عليه الفدية، لكن من لم يجد الإزار فليلبس السراويل وليس عليه فدية، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليس عليه فدية. وهذه الأوقات مع برودة الجو قد يحتاج كبار السن إلى ثياب داخلية للتدفئة، فإذا خشي عليهم الضرر، فإن لهم أن يلبسوا ويفدوا، ولكن يمكن أن يحصل ما يريدون بأن يلتحف الواحد منهم بأي لحاف من الألحفة التي مثل البطانية فوق الإحرام، ولا بأس بذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (السراويل لمن لا يجد الإزار والخف لمن لا يجد النعلين)


قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد بن زيد ]. حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن دينار ]. عمرو بن دينار المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن زيد ]. جابر بن زيد هو: أبو الشعثاء ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : هذا حديث أهل مكة، ومرجعه إلى البصرة إلى جابر بن زيد ، والذي تفرد به منه ذكر السراويل، ولم يذكر القطع في الخف ]. يعني بأهل مكة ابن عباس و عمرو بن دينار ، و سليمان بن حرب وإن كان بصرياً إلا أنه كان قاضياً بمكة، و جابر بن زيد بصري، وكذلك حماد بن زيد.

شرح حديث عائشة: (كنا نخرج مع النبي إلى مكة فنضمد جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسين بن الجنيد الدامغاني حدثنا أبو أسامة أخبرني عمر بن سويد الثقفي حدثتني عائشة بنت طلحة أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حدثتها قالت: (كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة فنضمد جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها، فيراه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا ينهاها) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أنهن كن يخرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فكن يضمدن جباههن بالسك المطيب، فإذا عرقت إحداهن سال على وجهها، فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره) وهذا الطيب كأنه من الطيب الذي يختص بالنساء، فيرى ولا تظهر رائحته.

تراجم رجال إسناد حديث: (كنا نخرج مع النبي إلى مكة فنضمد جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام...)


قوله: [ حدثنا الحسين بن الجنيد الدامغاني ]. هو لا بأس به، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ حدثنا أبو أسامة ]. أبو أسامة هو حماد بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمر بن سويد الثقفي ]. عمر بن سويد الثقفي ثقة، أخرج له أبو داود . [ عن عائشة بنت طلحة ]. عائشة بنت طلحة بن عبيد الله وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة أم المؤمنين ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (أن رسول الله قد كان رخص للنساء في الخفين فترك ذلك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن إسحاق قال: ذكرت لابن شهاب فقال: حدثني سالم بن عبد الله (أن عبد الله -يعني: ابن عمر رضي الله عنهما- كان يصنع ذلك، يعني: يقطع الخفين للمرأة المحرمة ثم حدثته صفية بنت أبي عبيد أن عائشة رضي الله عنها حدثتها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد كان رخص للنساء في الخفين فترك ذلك) ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن ابن عمر أنه كان يقطع الخفين للمرأة المحرمة، فلما حدثته صفية بنت أبي عبيد -وهي زوجته- أن عائشة -وهي أم المؤمنين- رضي الله عنها حدثتها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان رخص للنساء في الخفين ترك ذلك). أي: رخص لهن أن يلبسن الخفاف من دون قطع، فترك ذلك الذي كان يأمرهن به، فلعل ابن عمر اجتهد أولاً وقاس النساء على الرجال، ولما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص ذلك للنساء، ترك الأمر بالقطع.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله قد كان رخص للنساء في الخفين فترك ذلك)


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن أبي عدي ]. ابن أبي عدي هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إسحاق عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر عن صفية بنت أبي عبيد ]. صفية بنت أبي عبيد هي زوجة ابن عمر ، وهي ثقة، أخرج لها البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عائشة ]. عائشة رضي الله عنها مر ذكرها."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.87%)]