عرض مشاركة واحدة
  #373  
قديم 26-12-2024, 02:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الحج
شرح سنن أبي داود [212]

الحلقة (243)



شرح سنن أبي داود [212]

الحج ثلاثة أنواع: إفراد وتمتع وقران، وكلها جائزة، والنبي صلى الله عليه وسلم حج قارناً على الراجح من أقوال العلماء، وقد اختلف العلماء في أفضل هذه الأنواع، ففضل كل نوع منها طائفة من العلماء، وكل له أدلة يرجح بها قوله.

إفراد الحج


شرح حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في إفراد الحج. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي حدثنا مالك عن عبد الرحمن بن قاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفرد الحج) ]. أورد أبو داود باب: الإفراد، والإفراد هو أن يحرم الإنسان بالحج وحده ليس معه عمرة، وأما القران فهو أن يحرم بالحج والعمرة معاً من الميقات، والتمتع أن يحرم بالعمرة وحدها من الميقات، فإذا وصل مكة طاف وسعى وقصر، وبقي في مكة حلالاً يحل له ما يحل لأهل مكة، ويحرم عليه ما يحرم على أهل مكة، وإذا جاء اليوم الثامن أحرم بالحج وذهب إلى منى، وهذا إذا كان نازلاً بمكة، وأما إن كان نازلاً بمنى قبل الحج فإنه يحرم من منى ولا يلزمه أن يذهب إلى مكة ليحرم منها، بل يحرم من منزله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم نازلاً بالأبطح هو ومن كان معه من أصحابه، فأحرموا من منازلهم، وأحرم أهل مكة من منازلهم، ومن كان نازلاً بمنى قبل الحج من المتمتعين فإنه يحرم من منزله بمنى، ولا يلزمه أن يرجع إلى مكة. إذاً: الإفراد هو أن يحرم بالحج من الميقات، ويستمر على إحرامه حتى يرمي جمرة العقبة، وعند ذلك يحلق رأسه، ويطوف بالبيت، ويسعى إن لم يكن سعى مع طواف القدوم، وليس عليه هدي، هذا هو الإفراد. أورد أبو داود حديث عائشة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج)، والمعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حج قارناً ولم يحج مفرداً، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه قرن، وجاء في بعضها أنه أفرد كما في هذا الحديث، وجاء في بعضها أنه تمتع، والصحيح أنه حج قارناً، وهناك أدلة كثيرة ذكرها ابن القيم في كتابه: (زاد المعاد)، كلها تدل على أنه قرن، فما جاء أنه صلى الله عليه وسلم تمتع وأفرد يحتاج إلى تأويل وتفسير حتى يطابق ما ثبت عنه أنه قرن، فمن العلماء من قال: إنه أفرد، فبعض الصحابة سمع منه لفظ الحج ولم يسمع منه لفظ العمرة، ومنهم من سمع العمرة دون الحج، ومنهم من سمع العمرة والحج، والصحيح أنه وقع منه العمرة والحج، وقد ذكر كلّ ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعض أهل العلم: تأويل قوله: (أفرد الحج) أن بعض أصحابه أفردوا الحج بناء على أمره وتوجيهه، وأما هو فلم يفرد، وهذا مثل قولهم: فعل الحاكم كذا، مع أنه لم يفعل ذلك، وإنما أمر به، والفاعل غيره، فهذه من الأوجه التي قيلت في توضيح معنى أفرد حتى توافق ما جاء عنه أنه قرن، فهو لم يحج إلا حجة واحدة فقط، وكان فيها قارناً، فمن قال: أفرد فإن قوله يحتاج إلى تأويل حتى يوافق ما جاء عنه أنه قرن، ومن قال: إنه تمتع يحتاج إلى تأويل حتى يوافق القران، فإنه يقال للقران: تمتع؛ لأنه أدى نسكين في سفرة واحدة؛ ولهذا استدل ابن كثير على وجوب الهدي في القران بقوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196]، قال: لأن القارن متمتع، فيلزمه هدي؛ لأنه جمع نسكين في سفرة واحدة، وهذا تمتع، والتمتع المشهور هو الذي يحرم ويتحلل ويبقى في مكة، ويفعل كل ما يفعله أهل مكة، لكن أيضاً يقال للقران: تمتع، فالمتمتع هو من جمع بين الحج والعمرة.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج)

قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم ]. عبد الرحمن بن القاسم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه عن عائشة ]. أبوه هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وعائشة رضي الله عنها تقدم ذكرها.

شرح حديث: (من شاء أن يهل بحج فليهل، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل بعمرة)


قال المصنِّف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد ح وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد -يعني: ابن سلمة - ح وحدثنا موسى حدثنا وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موافين هلال ذي الحجة، فلما كان بذي الحليفة قال: من شاء أن يهل بحج فليهل، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل بعمرة) . قال موسى في حديث وهيب : (فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة)، وقال: في حديث حماد بن سلمة : (وأما أنا فأهل بالحج؛ فإن معي الهدي، ثم اتفقوا: فكنت فيمن أهل بعمرة، فلما كان في بعض الطريق حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي فقال: ما يبكيك؟ قلت: وددت أني لم أكن خرجت العام، قال: ارفضي عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي)، قال موسى : (وأهلي بالحج)، وقال سليمان : (واصنعي ما يصنع المسلمون في حجهم، فلما كان ليلة الصدر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد الرحمن فذهب بها إلى التنعيم) زاد موسى : (فأهلت بعمرة مكان عمرتها، وطافت بالبيت، فقضى الله عمرتها وحجها). قال هشام : ولم يكن في شيء من ذلك هدي. قال أبو داود : زاد موسى في حديث حماد بن سلمة : (فلما كانت ليلة البطحاء طهرت عائشة رضي الله عنها) ]. تقدم الحديث الأول عن عائشة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج)، وعرفنا أن النبي عليه الصلاة والسلام حج قارناً، ولم يحج مفرداً ولا متمتعاً التمتع المشهور عند الفقهاء، وهو أن يأتي بالعمرة في أشهر الحج وينتهي منها، وفي اليوم الثامن يحرم بالحج، فكان صلى الله عليه وسلم قارناً، وقد عرفنا أن أهل العلم فسروا الإفراد بما يتفق مع القران، وأن المقصود بذلك هو ما جاء في حديث ابن عباس المتقدم، وهو أن الناس كانوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم أرسالاً، ولم يكونوا حوله دفعة واحدة، فأخبر كل إنسان بما سمع، فيحمل إفراد النبي عليه الصلاة والسلام للحج على أنه أمر به وأذن فيه، كما يقال: بنى الأمير قصراً، مع أن الذي بناه غيره، ولكن أضيف إليه لكونه هو الذي أمر به، وكما جاء في الحديث: (أن النبي رجم ماعزاً) مع أنه لم يرجمه بنفسه، ولم يباشر ذلك، ولكنه هو الذي أمر به، فالأمر هنا كذلك، فقد أمر أو أرشد بعض أصحابه إلى أن يفرد الحج، فتكون إضافة إفراد الحج إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا لكونه الفاعل لذلك، ولكن لكونه الآمر به، فقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ستة عشر صحابياً أنه قرن ولم يكن مفرداً صلى الله عليه وسلم. وقيل: إن كلاً أخبر بما سمع، فمنهم من سمع النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بحج وعمرة، وقد جاء ذلك عن بعض الصحابة الذين ذكروا الجمع بينهما كأنس ، ولكن بعض الصحابة ذكر الحج وحده، وبعضهم ذكر الإفراد وحده، ولعله سمع كلمة الحج ولم يسمع كلمة العمرة، فظن وفهم أنه أفرد؛ لأنه سمع لفظ الحج، ولم يسمع لفظ العمرة، ومعلوم أن القارن يقرن بين الحج والعمرة، وهذا أيضاً من الأوجه التي وجّه وفسر بها بعض أهل العلم تلك الأحاديث حتى تتفق الأحاديث الصحيحة التي جاءت في الإفراد مع الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي جاءت في القران، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارناً، ولم يكن مفرداً ولا متمتعاً صلى الله عليه وسلم. أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة : (أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع موافين هلال ذي الحجة) يعني: قرب نهاية ذي القعدة، أي: أنه بقي على آخر شهر ذي القعدة أربعة أيام أو خمسة أيام؛ لأن المسافة بين مكة والمدينة تسع مراحل، وقد وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة في اليوم الرابع، فمعنى هذا أنه سافر من المدينة وبقي خمسة أيام من شهر ذي القعدة من آخره، فقولها: (موافين هلال ذي الحجة) يعني: في آخر شهر ذي القعدة. وقوله: [ (فلما كان بذي الحليفة قال: من شاء أن يهل بحج فليهل، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل بعمرة) ] أي: فلما كان بذي الحليفة خيّر الناس بين الإفراد والتمتع والقران، وهنا وقع اختصار، حيث ذكر الإفراد والتمتع، ولم يذكر القران، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم خيّر بين الأنساك الثلاثة، وحج هو قارناً عليه الصلاة والسلام؛ لكونه قد ساق الهدي صلى الله عليه وسلم، والذي ساق الهدي لا يتحلل منه إلا يوم حلّه وهو يوم النحر، فمعنى هذا أنه يحرم بحج وعمرة، أو يحرم بحج، والنبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج والعمرة وقرن بينهما، وأتى بالنسكين معاً أي: الحج والعمرة. خيرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأنساك الثلاثة في ذي الحليفة، أي: قبل أن يحرموا؛ حتى يدخل كلٌّ في النسك الذي يريد، فحجت أمهات المؤمنين متمتعات، وأحرمن بالعمرة، فتم لهن ما أردن إلا عائشة ، فإنها أحرمت بالعمرة وجاءها الحيض، ثم جاء الحج وهي لم تطهر ولم تطف بالبيت، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تُدخل الحج على العمرة فتكون قارنة، فكما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قارناً فإنها تكون قارنة، وبقيت أمهات المؤمنين على عمرتهن، وصرن متمتعات؛ لأنهن لم يحصل لهن مانع كما حصل لعائشة رضي الله تعالى عن الجميع. قوله: [ (ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل بعمرة) قال موسى في حديث وهيب : (فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة) وقال في حديث حماد بن سلمة : (وأما أنا فأهل بالحج فإن معي الهدي) ]، وقال في بعض الطرق: (لولا أن معي الهدي لجعلتها عمرة) يعني: أن من ساق الهدي لا يكون معتمراً؛ لأن المعتمر لا يحل إلا بعدما يطوف ويسعى، وذلك قبل يوم النحر، ولكنه يكون قارناً أو مفرداً، والقران أولى من الإفراد؛ لأن فيه جمعاً بين النسكين، وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث حج قارناً، فالمعتمر لا ينحر هديه إلا يوم العيد، والمحرم لا يتحلل إلا حين يبلغ الهدي محله، وعلى هذا فلا يكون معتمراً، وإنما يكون قارناً أو مفرداً؛ لأنه لا يمكنه أن يحل إلا يوم العيد، وأما المتمتع فإنه يحل قبل يوم العيد، فإنه يطوف ويسعى ويقصر، فتنتهي عمرته ويتحلل، فمن ساق الهدي لا يحل إلا إذا بلغ الهدي محله، ومحله يوم العيد. قوله: (فإني لولا أني أهديت لأهللت بعمرة) وفي رواية: (وأما أنا فأهل بالحج؛ فإن معي الهدي)، وهذا هو وجه إيراد المصنف الحديث في باب الإفراد؛ لأن فيه ذكر الحج، وليس فيه ذكر العمرة، وتوجيهه مثل ما قلنا في الحديث الأول، ويناسبه التعليل الثاني، وهو أن بعضهم سمع الحج والعمرة، وبعضهم سمع الحج فقط، وبعضهم سمع العمرة فقط، وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم جامعاً بين الحج والعمرة صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا؛ فيكون قوله: (أهل بالحج) يعني: الحج مع العمرة، وليس الحج مفرداً؛ لأن الأحاديث الكثيرة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان قارناً، ولم يكن مفرداً ولا متمتعاً صلى الله عليه وسلم. قوله: [ ثم اتفقوا: (فكنت فيمن أهل بعمرة) ] أي: أنها كانت متمتعة، والمتمتعون إذا وصلوا إلى مكة يسعون ويقصرون ثم يتحللون، وإذا جاء اليوم الثامن أحرموا بالحج، وهذا هو التمتع، فكانت عائشة رضي الله عنها متمتعة. قوله: [ (فلما كان في بعض الطريق حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، فقال: ما يبكيك؟ قلت: وددت أني لم أكن خرجت العام، قال: ارفضي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي) قال موسى : (وأهلي بالحج) ]. ذكر أبو داود رحمة الله عليه في حديث عائشة أنها أهلت بعمرة، فلما كانت في الطريق حصل لها الحيض، فتأثرت وبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال لها: (ما يبكيك؟! قالت: إني حضت، وإني وددت أني لم أحج هذا العام)؛ لأنها حصل لها مانع يمنعها من أن تؤدي المناسك كما يؤديه غيرها من أمهات المؤمنين والنساء اللاتي لم يحصل لهن ما حصل لها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (ارفضي عمرتك)، وهذا الكلام لم يقله في أول الأمر، وإنما قاله فيما بعد، وذلك عندما جاء وقت أعمال الحج وهي لم تطهر بعد، والناس يذهبون إلى عرفة، فأمرها أن تدخل الحج على العمرة. وقوله: (ارفضي عمرتك) أي: أنها ترفض أعمالها الخاصة بها من الطواف، والسعي، والتقصير، وتحرم بالحج، فتدخل الحج على العمرة، وتصير أعمال العمرة والحج مقرونة بعضها مع بعض، فتطوف لحجها وعمرتها، وتسعى لحجها وعمرتها، فرفضها للعمرة ليس معناه أنها تتركها نهائياً، فتحرم بالحج، وتصير مفردة، لا، وإنما ترفض أعمال العمرة المستقلة عن الحج، تلك التي لها طواف وسعي وتحلل، فهذا هو الذي ترفضه عائشة ، وليس معنى ذلك أنها تلغي إحرامها وتبطله، ثم تحرم إحراماً جديداً بالحج، وأما العمرة فترفضها نهائياً؛ ليس هذا هو المقصود، وإنما المقصود أنها تترك أعمالها الخاصة بها؛ لأنها لا يمكن أن تأتي بها بسبب الحيض، وقد جاء وقت الحج، فأمرها أن ترفض عمرتها، أي: ترفض أعمالها الخاصة بها، وهي عمرة المتمتع التي لها طواف، وسعي مستقل، وتحلل، فتدخل الحج عليها وتصير قارنة، والقارن عنده حج وعمرة مع بعض، وقيل للقارن قارن؛ لأن العمرة والحج اقترنا، وصارت أعمال

تراجم رجال إسناد حديث: (من شاء أن يهل بحج، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل بعمرة)


قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد بن زيد ]. حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد يعني: ابن سلمة ]. حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ ح وحدثنا موسى حدثنا وهيب ]. وهيب هو ابن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، فأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر) ]. أورد أبو داود حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم خيرهم بين الأنساك الثلاثة، وقد ذكرت في الحديث الأول العمرة والحج ولم تذكر القران، وذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج، وهنا ذكرت: (منهم من أهل بعمرة، ومنهم من أهل بحج، ومنهم من أهل بحج وعمرة، والنبي صلى الله عليه وسلم أهل بالحج) وهذا مثل ما تقدم، فهي سمعت الحج ولم تسمع العمرة معه، وقال بعض أهل العلم: إنه أحرم بالحج أولاً، ثم أضاف إليه العمرة. قوله: (فأما من أهل بالحج) يعني: مفرداً، (أو أهل بالحج والعمرة فإنهم لم يهلوا إلا يوم النحر) والمقصود بذلك الذين ساقوا الهدي، وإلا فإن الذين لم يسوقوا الهدي أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفسخوا حجهم إلى عمرة، وأن يتحللوا قبل يوم النحر، أي: أن القارن أو المفرد الذي ساق الهدي يبقى على إحرامه إلى يوم النحر، وأما القارن أو المفرد الذي لم يسق الهدي فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يفسخوا إحرامهم إلى عمرة، وأن يكونوا متمتعين.

تراجم رجال إسناد حديث: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج)


قوله: [ حدثنا القعنبي عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس إمام دار الهجرة، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن ]. أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة عن عائشة ]. عروة و عائشة مر ذكرهما.

شرح حديث: (خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع...) من طريق أخرى وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرني مالك عن أبي الأسود بإسناده مثله زاد: (فأما من أهل بعمرة فأحل) ]. أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وفيه: (أن من أهل بعمرة فأحل)، فهناك من أهل بحج، وهناك من أهل بحج وعمرة، وهؤلاء بقوا على إحرامهم إلى يوم النحر، وأما من أهل بعمرة فإنه لما طاف وسعى وقصر تحلل. قوله: [ حدثنا ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أخبرنا ابن وهب ]. ابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني مالك عن أبي الأسود ]. مالك و أبو الأسود مر ذكرهما. [ بإسناده مثله ]. أي: مثل اللفظ الأول، إلا أن فيه زيادة: (ومن أهل بعمرة فأحل).

شرح حديث: (من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً، فقدمت مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج، ودعي العمرة، قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما إلى التنعيم فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك، قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً). قال أبو داود : رواه إبراهيم بن سعد و معمر عن ابن شهاب نحوه، ولم يذكروا طواف الذين أهلوا بعمرة، وطواف الذين جمعوا الحج والعمرة ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أنهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة) أي: أهل بعضهم بذلك ومنهم عائشة ، ولم يهلوا كلهم بعمرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ساق الهدي فليهل بالحج مع العمرة، ولا يحل إلا يوم النحر) فمقصودها أن بعضهم أهل بعمرة، وكان منهم عائشة وأمهات المؤمنين كلهن، فقد أحرمن بعمرة، أي: أنهن كنّ متمتعات. قوله: (من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل منهما حتى يحل منهما جميعاً) يعني: حتى يحل منهما جميعاً في يوم العيد، وهو يوم النحر، وذلك حين يرمي الجمرة، ويحلق الرأس، ويطوف طواف الإفاضة، ويسعى بين الصفا والمروة، وبذلك يكون قد حصل التحلل كاملاً. قوله: [ (فقدمت مكة وأنا حائض، ولم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج، ودعي العمرة، قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت فقال: هذه مكان عمرتك) ]. قد مر ذكر هذا الكلام في شرح الحديث السابق، وذكرنا أنها حصل لها الحيض ولم تطهر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: (امتشطي واغتسلي وانقضي رأسك)، وأنه أرسلها بعد ذلك إلى التنعيم، لتعتمر مكان عمرتها. قوله: (فطاف الذين أهلوا بعمرة بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة ثم أحلوا)، هذا شأن المعتمر، فقد طاف المحرمون بالعمرة والمتمتعون بها إلى الحج، وسعوا وقصروا وتحللوا، وطافوا بعد الحج طوافاً آخر لحجهم، أي: سعوا بين الصفا والمروة؛ لأن السعي بين الصفا والمروة يسمى طوافاً كما قال تعالى: فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]، والمقصود أن هذا يدل على أن المتمتع عليه سعيان: سعي بعد طواف العمرة للعمرة، وسعي بعد طواف الإفاضة للحج. وقولها في آخره: (ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم) أي: طافوا طوافاً آخر للحج، وهو السعي بين الصفا والمروة؛ لأن طواف الإفاضة يكون للجميع، فكلهم سيطوف، وليس هناك أحد يترك هذا الطواف، فهو ركن في حق الجميع: القارن والمفرد والمتمتع، لكن الشيء الذي يتميز به المتمتع عن القارن أن المتمتع عليه سعي آخر غير السعي الذي حصل بعد الطواف الأول، فالأول للعمرة وهذا للحج؛ لأن العمرة مستقلة بإحرامها وطوافها وسعيها وتحللها، والحج مستقل بطوافه وسعيه وتحلله؛ ولذا فإن المتمتع عليه سعي آخر، ولا يكفيه السعي الأول، وقال بعض أهل العلم: إنه يكفيه، وذلك بناء على ما جاء في حديث جابر رضي الله عنه في صحيح مسلم، ولكنه محمول على أن المقصود به الذين كانوا قارنين أو مفردين، فهم الذين لم يسعوا بعد الحج، وأما الذين كانوا متمتعين فحديث عائشة هذا صريح في أنهم سعوا بعد الحج، فالمقصود بهذا السعي السعي بين الصفا والمروة، وليس المقصود به طواف الإفاضة؛ لأن طواف الإفاضة يفعله كل الحجاج، وأما الذي تميز به المتمتعون فهو أنهم يلزمهم سعي آخر. قوله: (وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا ً واحداً) أي: سعوا سعياً واحداً؛ لأن الطواف الأول هو طواف القدوم، فلو جاء الإنسان متأخراً ولم يدخل مكة، بل ذهب إلى عرفة رأساً فليس عليه طواف قدوم، ولكن عليه طواف واحد وسعي واحد للحج والعمرة، فهذا هو القارن والمفرد. قوله: [ (وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً) أي: سعوا سعياً واحداً، بخلاف الذين ذكروا من قبل، فإنهم طافوا طوافين، أي: سعوا مرتين؛ لأن المقصود بالطواف هنا السعي، وإلا فطواف الإفاضة يكون على الجميع، فإنهم كلهم يطوفون، فليس هناك أحد لا يطوف طواف الإفاضة، وأما السعي: فالقارن والمفرد ليس عليهما إلا سعي واحد، وله محلان، محل بعد طواف القدوم، ومحل بعد الإفاضة، ومن فعله في المحل الأول، لا يفعله في المحل الثاني، ومن لم يفعله في المحل الأول فعله في المحل الثاني، فلو أن إنساناً طاف طواف القدوم ولم يسع فإنه يسعى بعد الحج، أو جاء إلى عرفة رأساً مثلاً فإنه يسعى بعد طواف الإفاضة، فطواف القدوم مستحب، ومن لم يأت به فليس عليه شيء. قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب ]. ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة عن عائشة ]. قد مر ذكرهما. [ قال أبو داود : رواه إبراهيم بن سعد و معمر عن ابن شهاب نحوه، لم يذكروا طواف الذين أهلوا بعمرة، وطواف الذين جمعوا الحج والعمرة ]. أي: روي الحديث من طريق أخرى وفيه اختصار، أنه لم يذكر طواف الذين أهلوا بعمرة، ولا طواف الذين جمعوا بين الحج والعمرة. قوله: [ رواه إبراهيم بن سعد ]. إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و معمر ]. معمر بن راشد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. ابن شهاب مر ذكره.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.47%)]