
13-12-2024, 06:35 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,390
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء التاسع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (529)
صــ 521 إلى صــ 535
ولا يدفع ذو علم أن الوحي لم ينقطع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن [ ص: 521 ] قبض ، بل كان الوحي قبل وفاته أكثر ما كان تتابعا . فإذ كان ذلك كذلك وكان قوله : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ) آخرها نزولا وكان ذلك من الأحكام والفرائض كان معلوما أن معنى قوله : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، على خلاف الوجه الذي تأوله من تأوله أعني : كمال العبادات والأحكام والفرائض .
فإن قال قائل : فما جعل قول من قال : "قد نزل بعد ذلك فرض" ، أولى من قول من قال : "لم ينزل" ؟
قيل : لأن الذي قال : "لم ينزل " ، مخبر أنه لا يعلم نزول فرض ، والنفي لا يكون شهادة ، والشهادة قول من قال : "نزل" . وغير جائز دفع خبر الصادق فيما أمكن أن يكون فيه صادقا .
القول في تأويل قوله ( وأتممت عليكم نعمتي )
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بذلك : وأتممت نعمتي ، أيها المؤمنون ، بإظهاركم على عدوي وعدوكم من المشركين ، ونفيي إياهم عن بلادكم ، وقطعي طمعهم من رجوعكم وعودكم إلى ما كنتم عليه من الشرك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
11088 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قال : كان المشركون والمسلمون يحجون جميعا ، فلما نزلت"براءة" ، فنفى المشركين عن البيت ، وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام [ ص: 522 ] أحد من المشركين ، فكان ذلك من تمام النعمة : "وأتممت عليكم نعمتي" .
11089 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " الآية ، ذكر لنا أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، يوم جمعة ، حين نفى الله المشركين عن المسجد الحرام ، وأخلص للمسلمين حجهم .
11090 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا داود ، عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية بعرفات ، حيث هدم منار الجاهلية واضمحل الشرك ، ولم يحج معهم في ذلك العام مشرك .
11091 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا داود ، عن عامر في هذه الآية : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " ، قال : نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفات ، وقد أطاف به الناس ، وتهدمت منار الجاهلية ومناسكهم ، واضمحل الشرك ، ولم يطف حول البيت عريان ، فأنزل الله : " اليوم أكملت لكم دينكم " .
11092 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن داود ، عن الشعبي ، بنحوه .
القول في تأويل قوله ( ورضيت لكم الإسلام دينا )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : ورضيت لكم الاستسلام لأمري ، والانقياد لطاعتي ، على ما شرعت لكم من حدوده وفرائضه ومعالمه "دينا" ، يعني بذلك : طاعة منكم لي .
[ ص: 523 ]
فإن قال قائل : أو ما كان الله راضيا الإسلام لعباده إلا يوم أنزل هذه الآية ؟
قيل : لم يزل الله راضيا لخلقه الإسلام دينا ، ولكنه جل ثناؤه لم يزل يصرف نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه في درجات الإسلام ومراتبه درجة بعد درجة ، ومرتبة بعد مرتبة ، وحالا بعد حال ، حتى أكمل لهم شرائعه ومعالمه ، وبلغ بهم أقصى درجاته ومراتبه ، ثم قال حين أنزل عليهم هذه الآية : " ورضيت لكم الإسلام " بالصفة التي هو بها اليوم والحال التي أنتم عليها اليوم منه "دينا" فالزموه ولا تفارقوه .
وكان قتادة يقول في ذلك ، ما : -
11093 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : ذكر لنا أنه يمثل لأهل كل دين دينهم يوم القيامة ، فأما الإيمان فيبشر أصحابه وأهله ويعدهم في الخير ، حتى يجيء الإسلام فيقول : "رب ، أنت السلام وأنا الإسلام" ، فيقول : "إياك اليوم أقبل ، وبك اليوم أجزي" .
وأحسب أن قتادة وجه معنى"الإيمان" بهذا الخبر إلى معنى التصديق والإقرار باللسان ، لأن ذلك معنى"الإيمان" عند العرب ووجه معنى"الإسلام" إلى استسلام القلب وخضوعه لله بالتوحيد ، وانقياد الجسد له بالطاعة [ ص: 524 ] فيما أمر ونهى ، فلذلك قيل للإسلام : "إياك اليوم أقبل ، وبك اليوم أجزي" .
ذكر من قال : نزلت هذه الآية بعرفة في حجة الوداع على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
11094 - حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : قالت اليهود لعمر : إنكم تقرأون آية لو أنزلت فينا لاتخذناها عيدا! فقال عمر : إني لأعلم حين أنزلت ، وأين أنزلت ، وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت : أنزلت يوم عرفة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة قال سفيان : وأشك ، كان يوم الجمعة أم لا "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا . "
11095 - حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا حدثنا ابن إدريس قال : سمعت أبي ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب قال : قال يهودي لعمر : لو علمنا معشر اليهود حين نزلت هذه الآية : "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" ، لو نعلم ذلك اليوم ، اتخذنا ذلك اليوم عيدا! فقال عمر : قد علمت اليوم الذي نزلت فيه ، والساعة ، وأين رسول [ ص: 525 ] الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت : نزلت ليلة الجمعة ، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات لفظ الحديث لأبي كريب ، وحديث ابن وكيع نحوه .
11096 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جعفر بن عون ، عن أبي العميس ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق ، عن عمر ، نحوه .
11097 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن حماد بن سلمة ، عن عمار مولى بني هاشم قال : قرأ ابن عباس : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، وعنده رجل من أهل الكتاب فقال : لو علمنا أي يوم نزلت هذه الآية ، لاتخذناه عيدا! فقال ابن عباس : فإنها نزلت يوم عرفة ، يوم جمعة .
11098 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا قبيصة قال : حدثنا حماد بن [ ص: 526 ] سلمة ، عن عمار : أن ابن عباس قرأ : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " ، فقال يهودي : لو نزلت هذه الآية علينا ، لاتخذنا يومها عيدا! فقال ابن عباس : فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين : يوم عيد ، ويوم جمعة .
11099 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس ، نحوه .
11100 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا رجاء بن أبي سلمة قال : أخبرنا عبادة بن نسي قال : حدثنا أميرنا إسحاق قال أبو جعفر : إسحاق ، هو ابن خرشة عن قبيصة قال : قال كعب : لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية ، لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم ، فاتخذوه عيدا يجتمعون فيه! فقال عمر : أي آية يا كعب ؟ فقال : "اليوم أكملت لكم دينكم" . فقال عمر : قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه ، والمكان الذي أنزلت فيه : يوم جمعة ، ويوم عرفة ، وكلاهما بحمد الله لنا عيد .
[ ص: 527 ]
11101 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن عيسى بن جارية الأنصاري قال : كنا جلوسا في الديوان ، فقال لنا نصراني : يا أهل الإسلام ، لقد نزلت عليكم آية لو نزلت علينا ، لاتخذنا ذلك اليوم وتلك الساعة عيدا ما بقي منا اثنان : "اليوم أكملت لكم دينكم"! فلم يجبه أحد منا ، فلقيت محمد بن كعب القرظي ، فسألته عن ذلك فقال : إلا رددتم عليه ؟ فقال : قال عمر بن الخطاب : أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الجبل يوم [ ص: 528 ] عرفة ، فلا يزال ذلك اليوم عيدا للمسلمين ما بقي منهم أحد .
11102 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا داود ، عن عامر قال : أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " ، عشية عرفة ، وهو في الموقف .
11103 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا داود قال : قلت لعامر : إن اليهود تقول : كيف لم تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه ؟ فقال عامر : أو ما حفظته ؟ قلت له : فأي يوم ؟ قال : يوم عرفة ، أنزل الله في يوم عرفة .
11104 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : بلغنا أنها نزلت يوم عرفة ، ووافق يوم الجمعة .
11105 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن حبيب ، عن ابن أبي نجيح ، عن عكرمة : أن عمر بن الخطاب قال : نزلت"سورة المائدة" يوم عرفة ، ووافق يوم الجمعة .
11106 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب قال : نزلت "سورة المائدة" على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة على راحلته ، فتنوخت لأن يدق ذراعها .
[ ص: 529 ]
11107 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت : نزلت"سورة المائدة" جميعا وأنا آخذة بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء . قالت : فكادت من ثقلها أن يدق عضد الناقة .
11108 - حدثني أبو عامر إسماعيل بن عمرو السكوني قال : حدثنا هشام بن عمار قال : حدثنا ابن عياش قال : حدثنا عمرو بن قيس السكوني : أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر ينتزع بهذه الآية : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، حتى ختمها ، فقال : نزلت في يوم عرفة ، في يوم جمعة .
[ ص: 530 ]
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية أعني قوله : " اليوم أكملت لكم دينكم " يوم الاثنين . وقالوا : أنزلت "سورة المائدة" بالمدينة .
ذكر من قال ذلك :
11109 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : أخبرنا محمد بن حرب قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حنش ، عن ابن عباس : ولد نبيكم صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، وخرج من مكة يوم الاثنين ، ودخل المدينة يوم الاثنين ، وأنزلت : "سورة المائدة" يوم الاثنين : "اليوم أكملت لكم دينكم" ، ورفع الذكر يوم الاثنين .
[ ص: 531 ]
11110 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا همام ، عن قتادة قال : "المائدة" مدنية .
وقال آخرون : نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره في حجة الوداع .
ذكر من قال ذلك :
11112 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس قال : نزلت"سورة المائدة" على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسير في حجة الوداع ، وهو راكب راحلته ، فبركت به راحلته من ثقلها .
وقال آخرون : ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس ، وإنما معناه : اليوم الذي أعلمه أنا دون خلقي ، أكملت لكم دينكم .
ذكر من قال ذلك :
11113 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، يقول : ليس بيوم معلوم يعلمه الناس .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في وقت نزول الآية ، القول الذي روي عن عمر بن الخطاب : أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة ، لصحة سنده ، ووهي أسانيد غيره .
[ ص: 532 ] القول في تأويل قوله ( فمن اضطر في مخمصة )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقول : "فمن اضطر" ، فمن أصابه ضر "في مخمصة" ، يعني : في مجاعة .
وهي"مفعلة" ، مثل"المجبنة" و"المبخلة" و"المنجبة" ، من"خمص البطن" ، وهو اضطماره ، وأظنه هو في هذا الموضع معني به : اضطماره من الجوع وشدة السغب . وقد يكون في غير هذا الموضع اضطمارا من غير الجوع والسغب ، ولكن من خلقة ، كما قال نابغة بني ذبيان في صفة امرأة بخمص البطن :
والبطن ذو عكن خميص لين والنحر تنفجه بثدي مقعد [ ص: 533 ]
فمعلوم أنه لم يرد صفتها بقوله : "خميص" بالهزال والضر من الجوع ، ولكنه أراد وصفها بلطافة طي ما على الأوراك والأفخاذ من جسدها ، لأن ذلك مما يحمد من النساء . ولكن الذي في معنى الوصف بالاضطمار والهزال من الضر من ذلك ، قول أعشى بني ثعلبة :
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم
وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا
يعني بذلك : يبتن مضطمرات البطون من الجوع والسغب والضر . فمن هذا المعنى قوله : "في مخمصة" .
وكان بعض نحويي البصرة يقول : "المخمصة" ، المصدر من"خمصه الجوع" .
[ ص: 534 ]
وكان غيره من أهل العربية يرى أنها اسم للمصدر ، وليست بمصدر ، ولذلك تقع"المفعلة" اسما في المصادر للتأنيث والتذكير .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
11114 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن عباس : " فمن اضطر في مخمصة " ، يعني : في مجاعة .
11115 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " فمن اضطر في مخمصة " ، أي : في مجاعة .
11116 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله .
11117 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "فمن اضطر في مخمصة" ، قال : ذكر الميتة وما فيها ، فأحلها في الاضطرار "في مخمصة" ، يقول : في مجاعة .
11118 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت ابن زيد يقول في قوله : " فمن اضطر في مخمصة " ، قال : المخمصة ، الجوع .
[ ص: 535 ] القول في تأويل قوله ( غير متجانف لإثم )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : فمن اضطر في مخمصة إلى أكل ما حرمت عليه منكم ، أيها المؤمنون ، من الميتة ، والدم ولحم الخنزير وسائر ما حرمت عليه بهذه الآية "غير متجانف لإثم" ، يقول : لا متجانفا لإثم .
فلذلك نصب"غير" لخروجها من الاسم الذي في قوله : "فمن اضطر" وهي بمعنى : "لا" ، فنصب بالمعنى الذي كان به منصوبا"المتجانف" ، لو جاء الكلام : "لا متجانفا" .
وأما"المتجانف لإثم" ، فإنه المتمايل له ، المنحرف إليه . وهو في هذا الموضع مراد به المتعمد له ، القاصد إليه ، من"جنف القوم علي" ، إذا مالوا . وكل أعوج فهو"أجنف" ، عند العرب .
وقد بينا معنى"الجنف" بشواهده في قوله : ( فمن خاف من موص جنفا ) [ سورة البقرة : 182 ] ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|