عرض مشاركة واحدة
  #327  
قديم 05-12-2024, 10:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (327)
صــــــــــ 340 الى صـــــــــــ 347







ذلك بهم إلا أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فإعطاء الجزية إذا لزمهم فهو صنف من العبودية فلا يجوز أن يكون من كان خولا للمسلمين في حال أو كان خولا لهم بكل حال إلا أن يؤدي جزية فيكون كالعبد المخارج في بعض حالاته كفؤا للمسلمين.
وقد فرق الله عز وجل بينهما بهذا وبأن أنعم على المسلمين فأحل لهم حرائر نساء أهل الكتاب وحرم المؤمنات على جميع الكافرين مع ما يفترقون فيه سوى هذا قال إن فيما دون هذا لفرقا ولكن ما السنة؟ قلت أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين عن عطاء وطاوس ومجاهد والحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته عام الفتح «لا يقتل مسلم بكافر» قال هذا مرسل قلت نعم وقد يصله غيرهم من أهل المغازي من حديث عمران بن الحصين وحديث غيره ولكن فيه حديث من أحسن إسنادكم.
أخبرنا ابن عيينة عن مطرف عن الشعبي عن ابن أبي جحيفة قال سألت عليا - رضي الله تعالى عنه - فقلت هل عندكم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء سوى القرآن؟ فقال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن وما في الصحيفة قلت وما في الصحيفة؟ قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مؤمن بكافر قال هذا حديث ثابت عندنا معروف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يقتل مؤمن بكافر» غير أنا تأولناه وروى سعيد بن جبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده» فذهبنا إلى أنه عنى الكفار من أهل الحرب الذين لا عهد لهم لأن دماءهم حلال فأما من منع دمه العهد فيقول من قتله به فقلنا حديث سعيد مرسل ونحن نجعله لك ثابتا هو عليك مع هذه الأحاديث قال فما معناه؟ قلنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يقتل مسلم بكافر»
، ثم إن كان قال «ولا ذو عهد في عهده» فإنما قال ولا يقتل ذو عهد في عهده تعليما للناس إذ سقط القود بين المؤمن والكافر أنه لا يحل لهم قتل من له عهد من الكافرين قال فيحتمل معنى غير هذا؟ قلنا لو احتمله كان هذا أولى به لأنه الظاهر قال وما يدلك على أنه الظاهر؟ قلنا لأن ذوي العهد من الكافرين كفار قال فهل من سنة تبين هذا؟ قلنا نعم وفيه كفاية قال وأين هي؟ قلت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» فهل زعمت أن هذا على الكافرين غير أهل العهد فتكون قد تأولت فيه مثل ما تأولت في الحديث الآخر؟ قال لا ولكنها على الكافرين من كانوا من أهل العهد وغيرهم لأن اسم الكفر يلزمهم قلنا ولا تجد بدا إذا كان هذا صوابا عندك من أن تقول مثل ذلك في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يقتل مؤمن بكافر» أو يكون ذلك صوابا فترد هذا فتقول يرث الكافر المسلم إذا كان من أهل العهد ولا يرثه إذا كان من أهل الحرب فتبعضه كما بعضت حديث «لا يقتل مؤمن بكافر» قال ما أقوله قلنا لم؟ ألأن الحديث لا يحتمله؟ قال بلى هو يحتمله ولكن ظاهره غيره قلنا فكذلك ظاهر ذلك الحديث على غير ما تأولت وقد زعمت أن معاذا ومعاوية ورثا مسلما من كافر
، ثم تركت الذي رويت نصا عنهما وقلت لا حجة في أحد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -
، ثم أردت أن تجعل سعيد بن جبير متأولا حجة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يأتيك بنفسه فلا تقبله منه وتقول رجل من التابعين لا يلزمني قوله قال فليس بهذا وحده قلته قلنا وقد يلزمك في هذا ترك ما ذهبت إليه لأنك إذا لم تقد المسلم من الحربي للعلة التي ذكرت فقد لا تقيده وله عهد قال وأين قلت؟ المستأمن يقتله المسلم لا تقتله به وله عهد هو به حرام الدم والمال فلو لم يلزمك حجة إلا هذا لزمتك قال ويقال لهذا معاهد؟ قلنا نعم
لعهد الأمان وهذا مؤمن قال فيدل على هذا بكتاب أو سنة؟ قلنا نعم قال الله عز وجل {براءة من الله ورسوله} [التوبة: 1] إلى قوله {أنكم غير معجزي الله} [التوبة: 3] فجعل لهم عهدا إلى مدة ولم يكونوا أمناء بجزية كانوا أمناء بعهد ووصفهم باسم العهد «وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا - رضي الله عنه - بأن من كان عنده من النبي - صلى الله عليه وسلم - عهد فعهده إلى مدته» قال ما كنا نذهب إلا أن العهد عهد الأبد قلنا فقد أوجدناك العهد إلى مدة في كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال الله {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه} [التوبة: 6]
فجعل له العهد إلى سماع كلام الله وبلوغ مأمنه والعهد الذي وصفت على الأبد إنما هو إلى مدة إلى المعاهد نفسه ما استقام بها كانت له فإذا نزع عنها كان محاربا حلال الدم والمال فأقدت المعاهد الذي العهد فيه إلى المشرك ولم تقد المعاهد الذي عقد له العهد إلى مدة بمسلم
، ثم هما جميعا في الحالين ممنوعا الدم والمال عندك معاهدين أفرأيت لو قال لك قائل أقيد المعاهد إلى مدة من قبل أنه ممنوع الدم والمال وجاهل بأن حكم الإسلام لا يقتل المؤمن به ولا أقيد المعاهد المقيم ببلاد الإسلام لأنه عالم أن لا يقتل مسلم به فقد رضي العهد على ما لم يرضه عليه ذلك ألا يكون أحسن حجة منك؟ قال فإنا قد روينا من حديث ابن البيلماني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل مؤمنا بكافر قلت أفرأيت لو كنا نحن وأنت نثبت المنقطع بحسن الظن بمن رواه فروي حديثان أحدهما منقطع والآخر متصل بخلافه أيهما كان أولى بنا أن نثبته الذي ثبتناه وقد عرفنا من رواه بالصدق أو الذي ثبتناه بالظن؟ قال بل الذي ثبتناه متصلا فقلت فحديثنا متصل وحديث ابن البيلماني منقطع وحديث ابن البيلماني خطأ وإن ما رواه ابن البيلماني فيما بلغنا «أن عمرو بن أمية قتل كافرا كان له عهد إلى مدة وكان المقتول رسولا فقتله النبي - صلى الله عليه وسلم - به» ولو كان ثابتا كنت أنت قد خالفت الحديثين معا حديث ابن البيلماني والذي قتله عمرو بن أمية قبل بني النضير وقبل الفتح بزمان وخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يقتل مسلم بكافر» عام الفتح قلت فلو كان كما تقول كان منسوخا قال فلم لم تقبل به وتقول هو منسوخ وقلت هو خطأ؟ .
قلت عاش عمرو بن أمية بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دهرا طويلا وأنت إنما تأخذ العلم من بعد ليس لك به مثل معرفة أصحابنا، «وعمرو قتل اثنين وداهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يزد النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرا على أن قال قتلت رجلين لهما مني عهد لأدينهما» قال فإنما قلت هذا مع ما ذكرنا بأن عمر كتب في رجل من بني شيبان قتل رجلا من أهل الحيرة وكتب أن اقتلوه، ثم كتب بعد ذلك لا تقتلوه قلنا أفرأيت لو كتب أن اقتلوه وقتل ولم يرجع عنه أكان يكون في أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة؟ قال لا قلنا فأحسن حالك أن تكون احتججت بغير حجة أرأيت لو لم يكن فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء نقيم الحجة عليك به ولم يكن فيه إلا ما قال عمر أكان عمر يحكم بحكم، ثم يرجع عنه إلا عن علم بلغه هو أولى من قوله فهذا عليك أو أن يرى أن الذي رجع إليه أولى به من الذي قال فيكون قوله راجعا أولى أن تصير إليه؟ قال فلعله أراد أن يرضيه بالدية قلنا فلعله أراد أن يخيفه بالقتل ولا يقتله قال ليس هذا في الحديث قلنا وليس ما قلت في الحديث قال فقد رويتم عن عمرو بن دينار أن عمر كتب في مسلم قتل نصرانيا إن كان القاتل قتالا فاقتلوه وإن كان غير قتال فذروه ولا تقتلوه قلنا فقد رويناه، فإن شئت فقل هو ثابت ولا ننازعك فيه قال، فإن قلته؟ قلت فاتبع عمر كما قال فأنت لا تتبعه فيما قال ولا فيما قلنا فنسمعك تحتج بما عليك قال فيثبت عندكم عن عمر في هذا شيء؟ .
قلت لا ولا حرف وهذه أحاديث منقطعات أو ضعاف أو تجمع الانقطاع والضعف جميعا قال فقد روينا فيه أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أمر
بمسلم قتل كافرا أن يقتل فقام إليه ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنعوه فوداه بألف دينار ولم يقتله فقلت هذا من حديث من يجهل، فإن كان غير ثابت فدع الاحتجاج به وإن كان ثابتا فعليك فيه حكم ولك فيه آخر فقل به حتى نعلم أنك قد اتبعته على ضعفه قال وما علي فيه؟ قلنا زعمت أنه أراد قتله فمنعه ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجع إليهم فهذا عثمان في أناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجتمعين أن لا يقتل مسلم بكافر فكيف خالفتم؟ قال فقد أراد قتله قلنا فقد رجع فالرجوع أولى به قال فقد روينا عن الزهري أن دية المعاهد كانت في عهد أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - دية مسلم تامة حتى جعل معاوية نصف الدية في بيت المال قلنا أفتقبل عن الزهري مرسله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عن أبي بكر أو عن عمر أو عن عثمان فنحتج عليك بمرسله؟ قال ما يقبل المرسل من أحد وإن الزهري لقبيح المرسل قلنا وإذا أبيت أن تقبل المرسل فكان هذا مرسلا وكان الزهري قبيح المرسل عندك أليس قد رددته من وجهين قال فهل من شيء يدل على خلاف حديث الزهري فيه؟ قلنا نعم إن كنت صححته عن الزهري ولكنا لا نعرفه عن الزهري كما نقول قال وما هو قلت أخبرنا فضيل بن عياض عن منصور بن المعتمر عن ثابت الحداد عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قضى في دية اليهودي والنصراني بأربعة آلاف وفي دية المجوسي بثمانمائة درهم
(قال الشافعي) أخبرنا ابن عيينة عن صدقة بن يسار قال أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن دية المعاهد فقال: قضى فيه عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بأربعة آلاف قال فقلنا فمن قبله؟ قال فحسبنا.
(قال الشافعي) : هم الذين سألوه آخرا قال سعيد بن المسيب عن عمر منقطع قلنا إنه ليزعم أنه قد حفظ عنه
، ثم تزعمونه أنتم أنه خاصة وهو عن عثمان غير منقطع قال فبهذا قلت؟ قلت نعم وبغيره قال فلم قال أصحابك نصف دية المسلم قلت روينا عن عمرو بن شعيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يقتل مسلم بكافر وديته نصف دية المسلم» قال فلم لا تأخذ به أنت؟ قلت لو كان ممن يثبت حديثه لأخذنا به وما كان في أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة قلنا فيكون لنا مثل ما لهم قال نعم قال فعندهم فيه رواية غير ذلك قلت له نعم شيء يروونه عن عمر بن عبد العزيز قال هذا أمر ضعيف قلنا فقد تركناه قال فإن من حجتنا فيه أن الله عز وجل قال {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله} [النساء: 92] وقال {وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة} [النساء: 92] فلما سويت وسوينا بين قتل المعاهد والمسلم في الرقبة بحكم الله كان ينبغي لنا أن نسوي بينهما في الدية قلنا الرقبة معروفة فيهما والدية جملة لا دلالة على عددها في تنزيل الوحي فإنما قبلت الدلالة على عددها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر الله عز وجل بطاعته أو عمن بعده إذا لم يكن موجودا عنه قال ما في كتاب الله عدد الدية قلنا ففي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدد دية المسلم مائة من الإبل وعن عمر من الذهب والورق فقبلنا نحن وأنت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الإبل وعن عمر الذهب والورق إذا لم يكن فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء قال نعم قلنا فهكذا قبلنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدد دية المسلم وعن عمر عدد دية غيره ممن خالف الإسلام إذا لم يكن فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء نعرفه أرأيت إذا عشوت إلى أن كلتيهما اسم دية أفي فرض الله من قتل المؤمن الدية والرقبة ومن قتل المؤمنة مثل ذلك لأنها داخلة في ذلك؟ قال نعم فرض الله عز وجل على من قتلها تحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة قلنا فلما ذكر أن المؤمن يكون فيه تحرير رقبة ودية هل سوى بينهما في الدية المسلمة؟ قال لا قلنا وهي أولى بمساواته مع الإسلام
والحرية فإن مؤمنا يحتمل مؤمنا ومؤمنة كما يحتمل المؤمنين الرجال والنساء والكافرين الذين ذكر منفردا فيه أورأيت الرجل يقتل الجنين أليس عليه فيه كفارة بعتق رقبة ودية مسلمة؟ قال بلى قلت لأنه داخل في معنى مؤمن؟ قال نعم قلت فلم زعمت أن ديته خمسون دينارا وهو مساو في الرقبة أو رأيت الرجل يقتل العبد أليس عليه تحرير رقبة لأنه قتل مؤمنا؟ قال بلى قلت ففيه دية أو هي قيمته؟ قال بل هي قيمته وإن كانت عشرة دراهم أو أكثر قلت فترى الديات إذا لزمت وكان عليه أن يؤدي دياتهم إلى أهليهم وأن يعتق رقبة في كل واحد منهم سواء فيه أعلاهم وأدناهم ساويت بين دياتهم قال لا.
قلت فلم أردت أن تسوي بين الكافر والمسلم إذا استويا في الرقبة وأن تلزم قاتلهما أن يؤدي دية ولم تسو بين المسلمين الذين هم أولى أن تسوي بينهم من الكفار (قال الشافعي) : فقال بعض من يذهب مذهب بعض الناس إن مما قتلنا به المؤمن بالكافر والحر بالعبد آيتين قلنا فاذكر إحداهما فقال إحداهما قول الله عز وجل في كتابه {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} [المائدة: 45] قلت وما أخبرنا الله عز وجل أنه حكم به على أهل التوراة حكم بيننا؟ قال نعم حتى يبين أنه قد نسخه عنا فلما قال {النفس بالنفس} [المائدة: 45] لم يجز أن تكون كل نفس بكل نفس إذا كانت النفس المقتولة محرمة أن تقتل قلنا فلسنا نريد أن نحتج عليك بأكثر من قولك إن هذه الآية عامة فزعمت أن فيها خمسة أحكام مفردة وحكما سادسا جامعا فخالفت جميع الأربعة الأحكام التي بعد الحكم الأول والحكم الخامس والسادس جمعتهما في موضعين في الحر يقتل العبد والرجل يقتل المرأة فزعمت أن عينه ليس بعينها ولا عين العبد ولا أنفه بأنفها ولا أنف العبد ولا أذنه بأذنها ولا أذن العبد ولا سنه بسنها ولا سن العبد ولا جروحه كلها بجروحها ولا جروح العبد وقد بدأت أولا بالذي زعمت أنك أخذت به فخالفته في بعض ووافقته في بعض فزعمت أن الرجل يقتل عبده فلا تقتله به ويقتل ابنه فلا تقتله به ويقتل المستأمن فلا تقتله به وكل هذه نفوس محرمة قال اتبعت في هذا أثرا قلنا فتخالف الأثر الكتاب؟ قال لا قلنا فالكتاب إذا على غير ما تأولت فلم فرقت بين أحكام الله عز وجل على ما تأولت؟ قال بعض من حضره دع هذا فهو يلزمه كله قال والآية الأخرى قال الله عز وجل {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل} [الإسراء: 33] فقوله {فلا يسرف في القتل} [الإسراء: 33] دلالة على أن من قتل مظلوما فلوليه أن يقتل قاتله قيل له فيعاد عليك ذلك الكلام بعينه في الابن يقتله أبوه والعبد يقتله سيده والمستأمن يقتله المسلم قال فلي من كل هذا مخرج قلت فاذكر مخرجك قال إن شاء الله تبارك وتعالى لما جعل الدم إلى الولي كان الأب وليا فلم يكن له أن يقتل نفسه قلنا أفرأيت إن كان له ابن بالغ أتخرج الأب من الولاية وتجعل للابن أن يقتله؟ قال لا أفعل قلت فلا تخرجه بالقتل من الولاية؟ قال لا.
قلت فما تقول في ابن عم لرجل قتله وهو وليه ووارثه لو لم يقتله وكان له ابن عم هو أبعد منه أفتجعل للأبعد أن يقتل الأقرب؟ قال نعم قلنا ومن أين وهذا وليه وهو قاتل قال القاتل يخرج بالقتل من الولاية قلنا والقاتل يخرج بالقتل من الولاية قال نعم قلنا فلم لم تخرج الأب من الولاية وأنت تخرجه من الميراث؟ قال اتبعت في الأب الأثر قلنا فالأثر يدلك على خلاف ما قلت قال فاتبعت فيه الإجماع قلنا فالإجماع يدلك على خلاف ما تأولت فيه القرآن قلنا فالعبد يكون له ابن حر فيقتله مولاه أيخرج القاتل من الولاية ويكون لابنه أن يقتل مولاه؟ قال لا بالإجماع قلت فالمستأمن يكون معه ابنه أيكون له أن يقتل المسلم الذي قتله قال لا بالإجماع قلت أفيكون الإجماع على خلاف الكتاب؟ قال لا قلنا فالإجماع إذا يدلك على أنك قد أخطأت في تأويل كتاب الله عز وجل وقلنا له لم يجمع معك أحد على أن لا يقتل الرجل بعبده إلا من مذهبه أن لا يقتل الحر بالعبد ولا يقتل المؤمن
بالكافر فكيف جعلت إجماعهم حجة وقد زعمت أنهم أخطئوا في أصل ما ذهبوا إليه؟ والله أعلم.
[باب العقل على الرجل خاصة]

قال أبو حنيفة - رضي الله عنه -
تعقل العاقلة من الجنايات الموضحة والسن فما فوق ذلك وما كان دون ذلك فهو في مال الجاني لا تعقله العاقلة وقال أهل المدينة لا تعقل العاقلة شيئا من ذلك حتى يبلغ الثلث فإذا بلغ الثلث عقلته العاقلة وكذلك ما زاد على الثلث فهو على العاقلة، وقال محمد بن الحسن قد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأصبع عشرا من الإبل وفي السن خمسا من الإبل وفي الموضحة خمسا فجعل ذلك في مال الرجل أو على عاقلته وذلك في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم مجتمع في العينين والأنف والمأمومة والجائفة واليد والرجل فلم يفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض ذلك من بعض فكيف افترق ذلك عند أهل المدينة لو كان في هذا افتراق لأوجب على العاقلة ما وجب عليها وأوجب في مال الرجل ما وجب عليه ليس الأمر هكذا ولكن أدنى شيء فرض فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - الموضحة والسن فجعل ذلك على العاقلة وما كان دون ذلك فهو على الجاني في ماله وقد بلغنا «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المرأتين اللتين ضربت إحداهما بطن الأخرى فألقت جنينا ميتا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في ذلك بغرة على العاقلة فقال أولياء المرأة القاتلة من العاقلة كيف ندي من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ومثل ذلك يطل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هذا من إخوان الكهان» فالجنين قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أولياء المرأة ولم يقض به في مالها وإنما حكم في الجنين بغرة فعدل ذلك بخمسين دينارا ليس فيه اختلاف بين أهل العراق وبين أهل الحجاز فهذا أقل من ثلث الدية وقد جعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على العاقلة فهذا يبين لك ما قبله مما اختلف القوم فيه، أخبرنا أبو حنيفة - رضي الله عنه - عن حماد عن إبراهيم النخعي قال تعقل العاقلة الخطأ كله إلا ما كان دون الموضحة والسن مما ليس فيه أرش معلوم، أخبرنا محمد بن أبان بن صالح القرشي عن حماد عن إبراهيم قال لا تعقل العاقلة شيئا دون الموضحة وكل شيء كان دون الموضحة ففيه حكومة عدل، أخبرنا محمد بن أبان عن حماد عن إبراهيم «أن امرأة ضربت بطن ضرتها بعمود فسطاط فألقت جنينا ميتا وماتت فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بديتها على العاقلة وقضى في الجنين بغرة عبد أو أمة على العاقلة فقالت العاقلة أتكون الدية فيمن لا شرب ولا أكل ولا استهل فدم مثله يطل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجع كسجع الجاهلية أو شعر كشعرهم كما قلت لكم فيه غرة عبد أو أمة» فهذا قد قضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على العاقلة بغرة عبد أو أمة وهو أقل من ثلث الدية وهذا حديث مشهور معروف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي) :
العقل عقلان فعقل العمد في مال الجاني دون عاقلته قل أو كثر وعقل الخطأ على عاقلة الجاني قل ذلك العقل أو كثر لأن من غرم الأكثر غرم الأقل فإن قال قائل فهل من شيء يدل على ما وصفت؟ قيل له نعم ما وصفت أولا كاف منه إذا كان أصل حكم العمد في مال الجاني فلم يختلف أحد في أنه فيه قل أو كثر ثم كان أصل حكم الخطأ في الأكثر في مال العاقلة فهكذا ينبغي أن يكون في الأقل فإن قال فهل من خبر نص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قيل نعم قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على العاقلة بالدية ولا يجوز لو لم يكن عنه خبر غير هذا إذ سن
أن دية الخطأ على العاقلة إلا أن يكون كل خطأ عليها أو يتوهم متوهم فيقول كان أصل الجنايات على جانيها فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدية على العاقلة في الخطأ قلنا ما بلغ أن يكون دية فعلى العاقلة وما نقص من الدية فعلى جانيه وأما أن يقول قائل تعقل العاقلة الثلث ولا تعقل دونه أفرأيت إن قال له إنسان تعقل التسعة الأعشار أو الثلثين أو النصف ولا تعقل دونه فما حجته عليه؟ فإن قال قائل فهل من خبر يدل على ما وصفت؟ قيل نعم قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنين بغرة وقضى به على العاقلة وذلك نصف عشر الدية وحديثه في أنه قضى في الجنين على العاقلة أثبت إسنادا من أنه قضى بالدية على العاقلة، وإذا قضى بالدية على العاقلة حين كانت دية ونصف عشر الدية لأنهما معا من الخطأ فكذلك يقضي بكل خطأ والله تعالى أعلم وإن كان درهما واحدا.
وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه -
يقضي عليهم بنصف عشر الدية ولا يقضي عليهم بما دونه ويلزمه في هذا مثل ما لزم من قال يقضي عليهم بثلث الدية ولا يقضي عليهم بما دونه. فإن قال قائل فإنه قد احتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بنصف عشر الدية على العاقلة وأنه لا يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى فيما دون نصف العشر بشيء قيل له فإن كنت إنما اتبعت الخبر فقلت اجعل الجنايات على جانيها إلا ما كان فيه خبر لزمك لأحد إن عارضك أن تقول وإذا جنى جان ما فيه دية أو ما فيه نصف عشر الدية فهي على عاقلته، وإذا جنى ما هو أقل من دية وأكثر من نصف عشر دية ففي ماله حتى تكون امتنعت من القياس عليه ورددت ما ليس فيه خبر نص إلى الأصل من أن تكون الجناية على جانيها وإن رددت القياس عليه فلا بد من واحد من وجهين أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ لم يقض فيما دون الموضحة بشيء أن يكون ذلك هدرا لا عقل فيه ولا قود كما تكون اللطمة واللكزة أو يكون إذا جنى جناية اجتهدت فيها الرأي فقضيت فيها بالعقل قياسا على الذي قضى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجنايات فإذا كان حق أن يقضي في الجنايات فيما دون الموضحة بعقل قياسا فالحق أن يقضي على العاقلة بالجناية الخطأ ما كانت قلت أو كثرت لا يجوز إلا ذلك والله تعالى أعلم.
ولقلما رأيت بعض الناس عاب شيئا إلا شرك في طرف منه إلا أنه قد يحسن أن يتخلص بأكثر مما يتخلص به غيره مما لعل فيه مؤنة على من جهل موضع الحجة فأما من علمها فليست عليها مؤنة فيها إن شاء الله تعالى. وقال بعض من ذهب إلى أن تعقل العاقلة الثلث كأنه إنما جعل عليهم الثلث فصاعدا لأن الثلث يفدح وما دونه لا يفدح قلنا فلم لم تجعل هذا في دم العمد وأنت تزعم أنه لو لزمه مائة دية عمدا لم يكن عليهم أن يعينوه فيها بفلس أو رأيت لو كانت العلة فيه ما وصفت فجنى جانيان أحدهما معسر بدرهم والآخر موسر بألف ألف أما يكون الدرهم للمعسر به أفدح من ألف ألف دينار للموسر بها الذي لا يكون جزءا من ألف من ماله فلو كان الأمر كما وصفت كان ينبغي أن ينظر في حال الجاني فإن كانت جنايته درهما ففدحه جعلته على العاقلة وإن كانت جنايته ألفين ولا تفدحه لم تجعل على العاقلة منها شيئا.
فإن قال لو قلت هذا خرجت من السنة قيل قد خرجت من السنة ولم تقل ذا ولا شيئا له وجه قال بعضهم فإن يحيى بن سعيد قال من الأمر القديم أن تعقل العاقلة الثلث فصاعدا قلنا القديم قد يكون ممن يقتدى به ويلزم قوله ويكون من الولاة الذين لا يقتدى بهم ولا يلزم قولهم فمن أي هذا هو؟ قال أظن أنه أعلاها وأرفعها قلت أفنترك اليقين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بنصف عشر الدية على العاقلة لظن ليس مما أمرنا به لو لم يكن في هذا إلا القياس ما تركنا القياس للظن ولئن أدخلت التهمة على الرواية على الرجال المأمونين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فليس ذلك لكم لأنها تقوم مقام الشهادة للتهمة على
الذي ألقى كلمة ظن أولى أن تكون مدخلة ولقلما رأيت بعض من ذهب هذا المذهب يذهب إلا إلى ظن يمكن عليه مثل ما أمكن فيستوي هو وغيره في حجته ويكون اليقين أبدا من روايته ورواية أصحابه عليه وكذلك يكون عليه القياس فما حجة من كان عليه الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قطع الله به العذر والقياس والمعقول وقول عوام أهل البلدان من الفقهاء إلا ما وصفت من ظن هو وغيره فيه يستويان.
ولو كان الظن له دون غيره ما كان الظن وحده يقوم مقامها فكيف إذا كان يمكن غيره فيه مثل ما يمكنه وكان يخالف اليقين من الخبر والقياس، فإن قال قائل ما الخبر «بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالجنين على العاقلة» ؟ قيل أخبرنا الثقة وهو يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة.
[باب الحر إذا جنى على العبد]
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - في العبد يقتل خطأ إن على عاقلة القاتل القيمة بالغة ما بلغت إلا أنه لا يجاوز بذلك دية الحر المسلم فينقص من ذلك ما تقطع فيه الكف لأنه لا يكون أحد من العبيد إلا وفي الأحرار من هو خير منه ولا يجاوز بدية الحر وإن كان خيرا فاضلا ما فرض من الديات وقال أهل المدينة لا تحمل عاقلة قاتل العبد من قيمة العبد شيئا وإنما ذلك على القاتل في ماله بالغا ما بلغ إن كانت قيمة العبد الدية أو أكثر من ذلك لأن العبد سلعة من السلع وقال محمد بن الحسن إذا كان العبد سلعة من السلع بمنزلة المتاع والثياب فلا ينبغي أن يكون على عبد قتل عبدا قود لأنه بمنزلة سلعة استهلكها فلا قود فيها. وذكر أهل المدينة أن في العبد قيمته بالغة ما بلغت وإن كانت القيمة أكثر من ذلك فينبغي إن قتل رجل مولى العبد أن تكون فيه الدية وإن قتل العبد كانت فيه ديتان إذا بلغت عشرين ألفا فيكون في العبد من الدية أكثر مما يكون في سيده.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : في العبد يقتل: فيه قيمته بالغة ما بلغت وهذا يروى عن عمر وعن علي ولو لم يرو عن واحد منهما كانت لنا فيه حجة على من خالفنا فيه بأن يزعم أن فيه قيمته بما بينه وبين أن يبلغ دية الحر فينقصه منها عشرة دراهم فإذا كان العبد يقتل وقيمته تسعة آلاف وتسعمائة وتسعون فلا ينقص عن قاتله منها شيء أنهم اجتمعوا على أنهم إنما يؤدون قيمة في بعير قتل أو متاع استهلك ومتى رأوا رجلا يغرم الأكثر ويجني جناية فيبطل عنه بعضها فأما ما ذهب إليه محمد بن الحسن من أن في الأحرار من هو خير من العبيد أفرأيت خير الأحرار المسلمين عنده وشر المجوس عنده كيف سوى بين دياتهم فإن زعم أن الديات ليست على الخير ولا على الشر وأنها مؤقتات فيؤدي في مجوسي سارق فاسق منقطع الأطراف في السرقة ما يؤدي في خير مسلم على ظهر الأرض فإن كانت حجته وفي الأحرار من هو خير من العبيد حجة فهي عليه في المجوسي قد يكون في العبيد من هو خير من الأحرار لأنهم مسلمون معا، والتقوى والخير حيث جعله الله تبارك وتعالى لا يكون كافر أبدا خيرا من مسلم.
فأما قوله: لو قتل رجل مولى العبد فيدخل عليه لو قتل رجل رجلا وبعيره أن عليه أن يؤدي في الحر المسلم المالك للبعير أقل مما يؤدي في البعير.
فإن كان بهذا يصير البعير خيرا من المسلم فلا ينبغي لأحد أن يزعم أن بهيمة خير من مسلم وإن كان هذا ليس من الخير ولا من الشر في شيء، وكانت دية المسلم مؤقتة لا ينقص منها شر الناس ولا يزيد فيها خيرهم وكان من استهلك من شيء من المال ففيه قيمته بالغة ما بلغت فكيف لم يقل هذا في العبيد؟ وكيف إذا
نقص العبيد لم ينقص الإبل وكيف إذا نقص من دية العبد لم ينقص أقل ما يقع عليه اسم النقصان أرأيت لو قال له رجل آخر أنقصه ثلاثة أرباعه فاجعله نصف امرأة لأن حده نصف حدها أو قال له رجل آخر لا بل اجعل ديته مؤقتة كما قد تكون دية الأحرار مؤقتة ألا يكون هؤلاء أقرب أن يكون لقولهم علة تشتبه إذا كان لا شبهة لقوله أنقصه ما تقطع فيه اليد أو رأيت لو قال آخر بل أنقصه ما تجب فيه الزكاة، أو قال آخر بل أنقصه نصف عشر الدية لأن ذلك أقل ما انتهى إليه النبي في الجراح ما الحجة عليه إلا أن هذا كله ليس من طريق القيمة ولا طريق الدية، أو رأيت لو أن رجلا قتل مكاتبا وعبدا للمكاتب وقيمة المكاتب مائة وقيمة عبده تسعة آلاف أليس يجعل في عبد المكاتب أكثر مما يجعل في سيده؟ ولا أعلم أنه احتج بشيء له وجه ولا شيء إلا وهو يخطئ في أكثر منه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إن كانت حجته بأن إبراهيم النخعي قاله فهو يزعم أن إبراهيم وغيره من التابعين ليسوا بحجة على أحد.
[باب ميراث القاتل]

قال أبو حنيفة - رضي الله عنه -
من قتل رجلا خطأ أو عمدا فإنه لا يرث من الدية ولا من القود ولا من غيره شيئا وورث ذلك أقرب الناس من المقتول بعد القاتل إلا أن يكون القاتل مجنونا أو صبيا فإنه لا يحرم الميراث بقتله إذ القلم مرفوع عنهما وقال أهل المدينة بقول أبي حنيفة في القتل عمدا وقالوا في القتل خطأ لا يرث من الدية ويرث من ماله وقال محمد بن الحسن كيف فرقوا بين ديته وماله ينبغي إن ورث من ماله أن يرث من ديته هل رأيتم وارثا ورث من ميراث رجل ميراثا من بعض دون بعض إما أن يرث هو من ذلك كله وإما أن لا يرث من ذلك شيئا. أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن النخعي قال لا يرث قاتل ممن قتل خطأ أو عمدا ولكن يرثه أولى الناس به بعده. أخبرنا عباد بن العوام قال أخبرنا الحجاج بن أرطاة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قتل أخاه خطأ فلم يورثه وقال لا يرث قاتل شيئا.
(قال الشافعي) : يدخل على محمد بن الحسن من قوله إنه يورث الصبي والمغلوب على عقله إذا قتلا شبيه بما أدخل على أصحابنا لأنه هو لا يفرق بينهما في الموضع الذي فرق بينهما فيه هو يزعم أن على عاقلتهما الدية وعلى عاقلة البالغ الدية وهو يزعم أنه لا مأثم على قاتل خطأ إذا تعمد غير الذي قتل مثل أن يرمي صيدا ولا يرمي إنسانا فيعرض الإنسان فيصيبه السهم وهذا عنده مما رفع عنه القلم لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «وضع الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» .
(قال الشافعي) : وهو يدخل على أصحابنا ما أدخل عليهم من أنهم يورثون قاتل الخطأ من المال دون الدية وهي لو كانت في مال القاتل لم تعد أن تكون دينا عليه.
(قال الشافعي) : فلو أن رجلا كان لأبيه عليه دين فمات أبوه ورثه من ماله وورثه من الدين الذي عليه؛ لأنه مال له، وليس في الفرق بين أن يرث قاتل الخطأ ولا يرث قاتل العمد خبر يتبع إلا خبر رجل فإنه يرفعه ولو كان ثابتا كانت الحجة فيه ولكن لا يجوز أن يثبت له شيء ويرد آخر لا معارض له.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]