عرض مشاركة واحدة
  #317  
قديم 05-12-2024, 08:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (317)
صــــــــــ 258 الى صـــــــــــ 265




تأويل حديث (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال: أما «الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو الطعام أن يباع حتى يقبض» قال: ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله (قال الشافعي) : وبقول ابن عباس نأخذ لأنه إذا باع شيئا اشتراه قبل أن يقبضه فقد باع مضمونا له على غيره وأصل البيع لم يبرأ إليه منه وأكل ربح ما لم يضمن وخالفتموه فأجزتم بيع ما لم يقبض سوى الطعام من غير صاحبه الذي اتبع به (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا أعلم بين صاحبه الذي ابتيع منه وغيره فرقا لئن لم يكن ذلك فهل الحجة عليه إلا أن يقال: مخرج قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عام فلا يصلح أن يكون خاصا فكيف نهى عنه ابن عباس وأنتم لا تروون خلاف هذا عن أحد علمته وعن ابن عباس أن امرأة جعلت على نفسها مشيا إلى مسجد قباء فماتت قبل أن تقضي فأمر ابنتها أن تمشي عنها. فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يمشي أحد عن أحد (قال الشافعي) : أحسب ابن عباس إنما ذهب إلى أن المشي إلى قباء نسك فأمرها أن تنسك عنها وكيف خالفتموه ولا أعلمكم رويتم عن أحد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه.
باب (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه سئل عن رجل وقع على أهله وهو محرم وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ قال مالك: عليه عمرة وبدنة وحجة تامة ورواه عن ربيعة فترك قول ابن عباس بخبر ربيعة ورواه عن ثور بن يزيد عن عكرمة يظنه عن ابن عباس (قال الشافعي) : وهو سيئ القول في عكرمة لا يرى لأحد أن يقبل حديثه وهو يروي سفيان عن عطاء عن ابن عباس خلافه وعطاء ثقة عنده وعند الناس قال: والعجب له أن يقول في عكرمة ما يقول ثم يحتاج إلى شيء من علمه يوافق قوله ويسميه مرة ويروي عنه ظنا ويسكت عنه مرة فيروي عن ثور بن يزيد عن ابن عباس في الرضاع وذبائح نصارى العرب وغيره وسكت عن عكرمة وإنما حدث به ثور عن عكرمة وهذا من الأمور التي ينبغي لأهل العلم أن يتحفظوا منها فيأخذ بقول ابن عباس من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما فيقيس عليه ما شاء الله من الكثرة ويترك قوله في غير هذا منصوصا لغير معنى هل رأى أحدا قط تم حجه يعمل في الحج بشيء ما لا ينبغي له فقضاه بعمرة فكيف يعتمر عنده وهو في بقية من حجه؟ فإن قلتم نعمره بعد الحج فكيف يكون حج قد خرج منه كله وقضى عنه حجة الإسلام وقد خرج من إحرامه في الحج ثم نقول: أحرم بعمرة عن حج ما علمت أحدا من مفتي الأمصار قال هذا قبل ربيعة إلا ما روي عن عكرمة. وهذا من قول ربيعة عفا الله عنا وعنه ومن ضرب من أفطر يوما من رمضان قضى باثني عشر يوما ومن قبل امرأته وهو صائم اعتكف ثلاثة أيام وما أشبه هذا من أقاويل كان يقولها قال: والعجب لكم وأنتم لا تستوحشون من الترك على ربيعة ما هو أحسن من هذا فكيف تتبعونه فيه.
[باب خلاف زيد بن ثابت في الطلاق]

سألت الشافعي عن الرجل يملك امرأته أمرها فتطلق نفسها ثلاثا فقال:
القول قول الزوج فإن قال
إنما ملكتها أمرها في واحدة لا في ثلاث كان القول قوله وهي واحدة وهو أحق بها فقلت له ما الحجة في ذلك؟ قال أخبرنا مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه أخبره أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان فقال له زيد: ما شأنك؟ فقال: ملكت امرأتي أمرها ففارقتني فقال: له زيد ارتجعها إن شئت فإنما هي واحدة وأنت أحق بها فقلت للشافعي: فإنا نقول هي ثلاث إلا أن يناكرها وروي شبيها بذلك عن ابن عمر ومروان بن الحكم (قال الشافعي) : ما أراكم تبالون من خالفتم فإن ذهبتم إلى قول ابن عمر ومروان دون قول زيد فبأي وجه ذهبتم إليه فهل يعدو المملك امرأته أمرها إذا طلقت نفسها ثلاثا أن يكون أصل التمليك إخراج جميع ما في يده من طلاقها إليها فإذا طلقت نفسها لزمه ولم تنفعه مناكرتها أو لا يكون إخراج جميعه فيكون محتملا لإخراج الجميع والبعض فيكون القول قوله فيه وإذا كان القول قول الزوج فلو ملكها واحدة فطلقت نفسها ثلاثا لم يكن لها أن تطلق إلا واحدة وأسمعكم إذا اخترتم - والله يغفر لنا ولكم - لا تعرفون كيف موضع الاختيار وما موضع المناكرة فيه إلا ما وصفت. والله أعلم.
[باب في عين الأعور]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار أن زيد بن ثابت قضى في العين القائمة إذا أطفئت أو قال: بخقت بمائة دينار قال مالك: ليس بهذا العمل إنما فيها الاجتهاد لا شيء مؤقت.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك أن أنس بن مالك كبر حتى لا يقدر على الصيام فكان يفتدي وخالفه مالك فقال: ليس عليه بواجب.
(قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ربيعة عن أبي بكر بن حزم أنه كان يصلي في قميص فقلت: إنا نكره هذا فقال: كيف كرهتم ما استحب أبو بكر.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها كانت تبيع ثمارها وتستثني منها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلا كانت عنده وليدة قوم فقال لأهلها: شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الرجل إذا باع ثمر حائط فلا بأس أن يستثني منه ما بينه وبين ثلث الثمر لا يجاوزه (قال الشافعي) : أيضا يروى عن القاسم وعمرة الاستثناء ولم يرو عنهما حد الاستثناء ولو جاز أن يستثني منه سهما من ألف سهم ليجوز تسعة أعشاره وأكثر ولا أدري من اجتمع لكم على هذا والذي يروى خلاف ما يقول (قال الشافعي) : ولا يجوز الاستثناء إلا أن يكون البيع واقعا على شيء والمستثنى خارج من البيع وذلك أن يقول: أبيعك ثمر حائطي إلا كذا وكذا نخلة فيكون النصف خارجا من البيع أو أبيعك ثمره إلا نصفه أو إلا ثلثه فيكون ما استثنى خارجا من البيع.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ربيعة أن رجلا أتى القاسم فقال: إني أفضت وأفضت معي بأهلي فعدلت إلى شعب فذهبت لأدنو منها فقالت امرأتي: لم أقصر من شعر رأسي بعد فأخذت من شعر رأسها بأسناني ثم وقعت بها قال: فضحك القاسم ثم قال: فمرها فلتأخذ من رأسها بالجلمين (قال الشافعي) : وهذا كما قال القاسم: إذا قصر من رأسها بأسنانه أجزأ عنها من الجلمين قال مالك: يهريق دما وخالف القاسم لقول نفسه.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه سأل عبد الرحمن بن القاسم من أين القاسم يرمي جمرة العقبة؟ قال: من حيث تيسر قال مالك: لا أحب أن يرميها إلا من بطن المسيل ولم يرو فيها خلافا عن أحد. .
[باب خلاف عمر بن عبد العزيز في عشور أهل الذمة]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن زريق بن حيان وكان زريق على جواز مصر في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون للتجارات من كل أربعين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرين دينارا فإن نقص من عشرين دينارا ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون من التجارات من أموالهم من كل عشرين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا واكتب لهم بما تأخذ منهم كتابا إلى مثله من الحول (قال الشافعي) : وبقول عمر نأخذ لا يؤخذ منهم إلا مرة في الحول وخالفتموه إن اختلفوا في السنة مرارا وخالفتم عمر بن عبد العزيز في عشرين دينارا إن نقص ثلث دينار فأخبرت عنه أنه قال: إن جازت جواز الوازنة أخذت منه الزكاة ولو نقصت أكثر وإن لم تجز جواز الوازنة وهي تنقص ثلث دينار أو أكثر أو أقل لم يؤخذ منها زكاة وزعمتم أن الدراهم إن نقصت عن مائتي درهم وهي تجوز جواز الوازنة أخذت منها الزكاة.
(قال الشافعي) : لسنا نقول بهذا إذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» فهو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلو نقصت حبة لم يكن فيها صدقة لأن ذلك دون خمس أواق وأنتم لم تقولوا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي روي ليس فيما دون خمس أواق صدقة وهو سنة ولا بقول عمر بن عبد العزيز.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه سأل ابن شهاب عن الزيتون فقال: فيه العشر وخالفه مالك فقال: لا يؤخذ العشر إلا من زيته وجواب ابن شهاب على حبه.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك أن عمر بن عبد العزيز كتب إنما الصدقة في العين والحرث والماشية قال: مالك: لا صدقة إلا في عين أو حرث أو ماشية وقال مالك في العرض الذي يدار صدقة.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه بلغه أن سعيدا يعني ابن المسيب وسليمان بن يسار سئلا هل في الشفعة سنة؟ فقالا جميعا نعم: الشفعة في الدور والأرضين ولا تكون الشفعة إلا بين القوم الشركاء (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ وتأخذون في الجملة وفي هذا يعني أن تكون الشفعة إلا فيما كانت له أرض فإنه يقسم وقد روى مالك عن عثمان أنه قال: لا شفعة في بئر ولا فحل نخل وقال مالك: لا شفعة في طريق ولا عرصة دار، وإن صلح فيها القسم وقال فيمن اشترى شقصا من دار أو حيوان، أو عرض: الشفعة في الشقص بقدر ما يصيبه من الثمن، ثم خالفتم معنى هذا في المكاتب، فجعلتم نجومه تباع وجعلتموه أحق بما يباع منه بالشفعة.
[باب خلاف سعيد وأبي بكر في الإيلاء]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد يعني ابن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن أنهما كانا يقولان في الرجل يولي من امرأته إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة ولزوجها عليها الرجعة ما كانت في العدة وقال مالك: إن مروان كان يقضي في الرجل إذا آلى من امرأته أنها إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة وله عليها الرجعة ما كانت في العدة قال مالك وعلى ذلك رأي ابن شهاب.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن المرأة
يطلقها زوجها في بيت بكراء على من الكراء؟ فقال: سعيد على زوجها قال: فإن لم يكن عند زوجها؟ قال: فعلى الأمير.
[باب في سجود القرآن]

سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال:
فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين (قال الشافعي) : أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية بسورة الحج فسجد فيها سجدتين، فقلت للشافعي: فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة.
(قال الشافعي) : فقد خالفتم ما رويتم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف تتخذون قول عمر وحده حجة وابن عمر وحده حجة حتى تردوا بكل واحد منهما السنة وتبنون عليهما عددا من الفقه ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمون يستدرك على أحد قول العورة فيه أبين منها فيما وصفت من أقاويلكم، وسألت الشافعي عما روى صاحبنا وحده في المحصب فقال: أخبرنا مالك عن ابن عمر قال: كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمحصب ثم يدخل مكة من الليل فيطوف بالبيت، قلت للشافعي: نحن نقول لا ينبغي لعالم أن يفعله (قال الشافعي) : ما على العالم من النسك ما ليس على غيره قلت: هو العالم والجاهل (قال الشافعي) : فإن تركاه؟ قلت: لا فدية على واحد منهما، قال: ولكنكم من أصل مذهبكم أن من ترك من نسكه شيئا أهراق دما فإن كان نسكا فقد تركتم أصل قولكم وإن كان منزل سفر لا منزل نسك فلا تأمر عالما ولا جاهلا أن ينزله. .
[باب غسل الجنابة]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا اغتسل من الجنابة نضح في عينيه الماء قال مالك: ليس عليه العمل (قال الشافعي) : هذا ما تركتم على ابن عمر ولم ترووا عن أحد خلافه فإذا وسعكم الترك على ابن عمر لغير قول مثله لم يجز لكم أن تقولوا قوله حجة على مثله وأنتم تدعون عليه لأنفسكم وإن جاز لكم أن تحتجوا به على مثله لم يجز تركه لأنفسكم.
[باب في الرعاف]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع ولم يتكلم (قال الشافعي) فمالك روى عن ابن المسيب وابن عباس مثله (قال الشافعي) : أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه كان يقول من أصابه رعاف أو من وجد رعافا أو مذيا أو قيئا انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى وقال المسور بن مخرمة يستأنف ثم زعمتم أنه إنما يغسل الدم وعبيد الله بن عمر يروي عن نافع أنه كان ينصرف فيغسل الدم ويتوضأ للصلاة والوضوء في الظاهر في روايتكم إنما هو وضوء الصلاة وهذا يشبه الترك، لما رويتم عن ابن عمر وابن عباس وابن المسيب في رواية غيركم أنه يبني في المذي وزعمتم أنكم لا تبنون في المذي. .
[باب الغسل بفضل الجنب والحائض]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: لا بأس بفضل المرأة ما لم تكن حائضا أو جنبا قال مالك: لا بأس أن يغتسل بفضل الجنب والحائض، قلت للشافعي أنت تقول بقول مالك؟ قال: نعم ولست أرى قول أحد مع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة إنما تركته لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل وعائشة فإذا اغتسلا معا كان كل واحد منهما يغتسل بفضل صاحبه» وأنتم تجعلون قول ابن عمر حجة على السنة وتجعلون سنة أخرى حجة عليه إن كنتم تركتموه على ابن عمر فلعلكم لا تكونون تركتموه عليه إلا بشيء عرفتموه.
[باب التيمم]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أنه أقبل هو وابن عمر من الجرف حتى إذا كانوا بالمربد نزل فتيمم صعيدا فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين ثم صلى (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه تيمم بمربد الغنم وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد العصر، قلت للشافعي: فإنا نقول: إذا كان المسافر يطمع بالماء فلا يتيمم إلا في آخر الوقت فإن تيمم قبل آخر الوقت وصلى ثم وجد الماء قبل ذهاب الوقت توضأ وأعاد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : هذا خلاف قول ابن عمر المربد بطرف المدينة وقد تيمم به ابن عمر ودخل وعليه من الوقت شيء صالح فلم يعد الصلاة فكيف خالفتموه في الأمرين معا ولا أعلم أحدا مثله قال بخلافه فلو قلتم بقوله ثم خالفه غيركم كنتم شبيها أن تقولوا: تخالف ابن عمر لغير قول مثله ثم تخالفه أيضا في الصلاة وابن عمر إلى أن يصلي ما ليس عليه أقرب منه إلى أن يدع صلاة عليه
[باب الوتر]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع قال: كنت مع ابن عمر بمكة والسماء متغيمة فخشي ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة ثم انكشف الغيم فرأى عليه ليلا فشفع بواحدة (قال الشافعي) : وأنتم تخالفون ابن عمر من هذا في موضعين فتقولون: لا يوتر بواحدة ومن أوتر لا يشفع وتره ولا أعلمكم تحفظون عن أحد أنه قال: لا يشفع وتره فقلت للشافعي: ما تقول أنت في هذا؟ قال: بقول ابن عمر أنه يوتر بركعة، قلت: أفتقول يشفع وتره؟ فقال: لا فقلت: وما حجتك فيه؟ قال: روينا عن ابن عباس أنه كره لابن عمر أن يشفع وتره وقال: إذا أوترت فاشفع من آخره ولا تعد وترا ولا تشفعه وأنتم زعمتم أنكم لا تقبلون إلا حديث صاحبكم وليس من حديث صاحبكم خلاف ابن عمر. .
[باب الصلاة بمنى والنافلة في السفر]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعا فإذا
صلى لنفسه صلى ركعتين (قال الشافعي) : هذا يدل على أن الإمام إذ كان من أهل مكة صلى بمنى أربعا لأنه لا يحتمل إلا هذا أو يكون الإمام من غير أهل مكة يتم بمنى لأن الإمام في زمان ابن عمر من بني أمية وقد أتموا بإتمام عثمان قال: وهذا يدل على أن المسافر لو أتم بقوم لم تفسد صلاتهم عند ابن عمر لأن صلاته لو كانت تفسد لم يصل معه (قال الشافعي) : وبهذا نقول وأنتم تخالفون ما رويتم عن ابن عمر لغير رأي أحد رويتموه يخالف ابن عمر بل مع ابن عمر فيه غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوافقه وتخالفونه ابن مسعود عاب إتمام الصلاة بمنى ثم قام فأتمها فقيل له في ذلك فقال: الخلاف شر ولو كان ذلك يفسد صلاته لم يتم وخالف فيه ولكنه رآه واسعا فأتم، وإن كان الفضل عنده في القصر (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه لم يكن يصلي مع الفريضة في السفر شيئا قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل (قال الشافعي) : ومعروف عن ابن عمر عيب النافلة في النهار في السفر قال مالك لا بأس بالنافلة في السفر نهارا، قال: فقلت للشافعي فإنا نقول بقول صاحبنا فقال الشافعي: كيف خالفتم ابن عمر واستحببتم ما كره ولم أعلمكم تحفظون فيه شيئا يخالف هذا يدل على أن احتجاجكم بقول ابن عمر استتار من الناس لأنه لا ينبغي لأحد أن يخالف الحجة عنده.
[باب القنوت]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان لا يقنت في شيء من الصلوات (قال الشافعي) : وأنتم ترون القنوت في الصبح (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة أظنه عن أبيه (الشك من الربيع) أنه كان لا يقنت في شيء من الصلاة ولا في الوتر إلا أنه كان يقنت في صلاة الفجر قبل أن يركع الركعة الآخرة إذا قضى قراءته (قال الشافعي) : وأنتم تخالفون عروة فتقولون: يقنت بعد الركوع فقلت: للشافعي فأنت تيقنت في الصبح بعد الركوع؟ فقال: نعم: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان قلت: فقد وافقناك قال: أجل من حيث لا تعلمون وموافقتكم في هذا حجة عليكم في غيره فقلت من أين؟ قال: أنتم تتركون الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج عن الرجل بقياس على قول ابن عمر وتقولون: لا يجهل ابن عمر قول النبي - صلى الله عليه وسلم
- فقلت: للشافعي: قد يذهب على ابن عمر بعض السنن ويذهب عليه حفظ ما شاهد منها فقال الشافعي: أويخفى عليه القنوت والنبي - صلى الله عليه وسلم - وسلم يقنت عمره وأبو بكر أو يذهب عليه حفظه؟ فقلت: نعم (قال الشافعي) : أقاويلكم مختلفة كيف نجدكم تروون عنه إنكار القنوت ويروي غيركم من المدنيين القنوت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه فهذا يبطل أن العمل كما تقول في كل أمر ويبطل قولكم لا يخفى على ابن عمر سنة وإذا جاز عليه أن ينسى أو يذهب عليه ما شاهد كان «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة أن تحج عن أبيها» من العلم من هذا أولى أن يذهب عليه ولا يجعل قوله حجة على السنة وأنها عليك في رد الحديث زعمت أن يكون لا يذهب على ابن عمر.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر في التشهد (قال الشافعي) : وخالفته إلى قول عمر فإذا كان التشهد وهو من الصلاة وعلم العامة مختلف فيه بالمدينة تخالف فيه ابن عمر وعمر وعائشة فأين الاجتماع والعمل ما كان ينبغي لشيء أن يكون أولى أن يكون مجتمعا عليه من التشهد وما روى فيه مالك صاحبك إلا ثلاثة أحاديث مختلفة كلها حديثان منها يخالفان (3) : فيها عمر وعمر يعلمهم التشهد على المنبر ثم تخالف فيها ابنه وعائشة
فكيف إذا ادعى أن يكون الحاكم إذا حكم ثم قال: أو عمل أجمع عليه بالمدينة وما يجوز ادعاء الإجماع إلا بخبر ولو ذهب ذاهب يجيزه كانت الأحاديث ردا لإجازته.
[باب الصلاة قبل الفطر وبعده]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يصلي يوم الفطر قبل الصلاة وبعدها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أن أباه كان يصلي قبل أن يغدو إلى المصلى أربع ركعات (قال الشافعي) : والذي يروى الاختلاف فأين الإجماع إذا كانوا يختلفون في مثل هذا من الصلاة وما تقولون أنتم، قالوا: لا نرى بأسا أن يصلي قبل الصلاة وبعدها (قال الشافعي) : فإذا خالفتم ابن عمر وإذا جاز خلاف ابن عمر في هذا لقول الرجل من التابعين: أيجوز لغيركم خلافه لقول رجل من التابعين أو تضيقون على غيركم ما توسعون على أنفسكم فتكونون غير منصفين ويكون هذا غير مقبول من أحد ويجوز أن تدع على ابن عمر لرجل من التابعين ولرأي صاحبك وتجعل قول ابن عمر حجة على السنة في موضع آخر.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر في صلاة الخوف بشيء خالفتموه فيه ومالك يقول: لا أراه حكى إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن أبي ذئب يرويه عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشك فيه (قال الشافعي) : فإذا تركتم على ابن عمر رأيه وروايته في صلاة الخوف بحديث يزيد بن رومان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف تتركون حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثبت من حديث يزيد بن رومان لرأي ابن عمر ثم تدعون حديث يزيد بن رومان لقول سهل بن أبي حثمة فتدعون السنة لقول سهل فما أعرف لكم في العلم مذهبا يصح والله المستعان.
[باب نوم الجالس والمضطجع]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان ينام وهو قاعد ثم يصلي ولا يتوضأ (قال الشافعي) : وهكذا نقول وإن طال ذلك لا فرق بين طويله وقصيره إذا كان جالسا مستويا على الأرض ونقول: إذا كان مضطجعا أعاد الوضوء (قال الشافعي) : أخبرنا الثقة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال: من نام مضطجعا وجب عليه الوضوء ومن نام جالسا فلا وضوء عليه. فقلت للشافعي: فإنا نقول إن نام قليلا قاعدا لم ينتقض وضوءه وإن تطاول ذلك توضأ (قال الشافعي) : ولا يجوز في النوم قاعدا إلا أن يكون حكمه حكم المضطجع قليله وكثيره سواء أو خارجا من ذلك الحكم فلا ينقض الوضوء قليله ولا كثيره. فقلت للشافعي: فإنا نقول إن نام قليلا قاعدا لم ينتقض وضوءه وإن تطاول ذلك توضأ (قال الشافعي) : فهذا خلاف ابن عمر وخلاف غيره والخروج من أقاويل الناس قول ابن عمر كما حكى مالك وهو لا يرى في النوم قاعدا وضوءا وقول الحسن من خالط النوم قلبه جالسا وغير جالس فعليه الوضوء وقولكم خارج منهما (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه بال في السوق فتوضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دخل المسجد فدعا للجنازة فمسح على خفيه ثم صلى
قلت للشافعي فإنا نقول لا يجوز هذا إنما يسمح بحضرة ذلك ومن صنع مثل هذا استأنف فقال الشافعي: إني لأرى خلاف ابن عمر عليكم خفيفا لرأي أنفسكم لا بل لا نعلمكم تروون في هذا عن أحد شيئا يخالف قول ابن عمر وإن جاز زلل ابن عمر عندكم وإنما زعمتم أن الحجة في قول أنفسكم فلم تكلفتم الرواية عن غيركم وقد جعلتم أنفسكم بالخيار تقبلون ما شئتم بلا حجة.
[باب إسراع المشي إلى الصلاة]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي إلى المسجد (قال الشافعي) : وكرهتم زعمتم إسراع المشي إلى المسجد فقلت للشافعي: نحن نكره الإسراع إلى المسجد إذا أقيمت الصلاة (قال الشافعي) : فإن كنتم كرهتموه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وائتوها تمشون وعليكم السكينة» فقد أصبتم وهكذا ينبغي لكم في كل أمر لرسول الله فيه سنة فأما أن قياس قول ابن عمر ويخطئ القياس عليه حجة على «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر امرأة تحج عن أبيها ورجلا يحج عن أبيه» فقال: لا يحج أحد عن أحد لأن ابن عمر قال: لا يصلي أحد عن أحد "فكيف يجوز لمسلم أن يدع ما يروى عن رسول الله إلى ما يروى عن غيره ثم يدعه لقياس يخطئ فيه وهو هنا يصيب في ترك ما روي عن ابن عمر إذ روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه ثم يزيد فيخرج إلى خلاف ابن عمر معه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غير هذا الموضع."
[باب رفع الأيدي في التكبير]

سألت الشافعي عن رفع الأيدي في الصلاة فقال:
يرفع المصلي يديه إذا افتتح الصلاة حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ولا يفعل ذلك في السجود فقلت للشافعي فما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا هذا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قولنا فقلت: فإنا نقول يرفع في الابتداء ثم لا يعود (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع عن الركوع رفعهما كذلك وهو يرى «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك» ثم خالفتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر فقلتم: لا يرفع يديه إلا في ابتداء الصلاة وقد رويتم عنهما أنهما رفعا في الابتداء وعند الرفع من الركوع (قال الشافعي) : أفيجوز لعالم أن يترك على النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر لرأي نفسه أو على النبي - صلى الله عليه وسلم - لرأي ابن عمر ثم القياس على قول ابن عمر ثم يأتي موضع آخر ويصيب فيه يترك على ابن عمر لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف لم ينهه بعض هذا عن بعض؟ أرأيت إن جاز له أن يروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رفع يديه في الصلاة مرتين أو ثلاثا» وعن ابن عمر فيه اثنتين ويأخذ بواحدة ويترك واحدة أيجوز لغيره ترك الذي أخذ به وأخذ الذي ترك أو يجوز لغيره تركه عليه؟ (قال الشافعي) : لا يجوز له ولا لغيره ترك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت للشافعي فإن صاحبنا قال: ما معنى رفع الأيدي (قال
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.36%)]