
05-12-2024, 08:25 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (314)
صــــــــــ 234 الى صـــــــــــ 241
والبغل وإن لم يؤكل لحمهما للمنفعة فيهما ويقولون: لو زعمنا أن ثمنه لا يحل زعمنا أنه لا شيء على من قتله ويقولون أشباها لهذا كثيرة فيزعمون أن ماشية لرجل لو ماتت كان له أن يسلخ جلودها فيدبغها فإذا دبغت حل بيعها ولو استهلكها رجل قبل الدباغ لم يضمن لصاحبها شيئا لأنه لا يحل ثمنها حتى تدبغ ويقولون في المسلم يرث الخمر أو توهب له لا تحل إلا بأن يفسدها فيجعلها خلا فإذا صارت خلا حل ثمنها ولو استهلكها مستهلك وهي خمر أو بعد ما أفسدت وقبل أن تصير خلا لم يضمن ثمنها في تلك الحال لأن أصلها محرم ولم تصر خلا لأنهم يعقلون ما يقولون: وإنما صاروا محجوجين بخلاف الحديث الذي ثبتناه نحن وأنتم من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب وهم لا يثبتونه وأنتم محجوجون بأنكم لم تتبعوه وأنتم تثبتونه ولا تجعلون للكلب ثمنا إذا كان حيا وتجعلون فيه ثمنا إذا كان ميتا أو رأيتم لو قال لكم قائل: لا أجعل له ثمنا إذا قتل لأنه قد ذهبت منفعته وأجيز أن يباع حيا ما كانت المنفعة فيه وكان حلالا أن يتخذ هل الحجة عليه إلا أن يقال ما كان له مالك وكان له ثمن في حياته كان له ثمن وما لم يكن له ثمن في إحدى الحالين لم يكن له ثمن في الأخرى. .
[باب الزكاة]
(قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» قال: وبهذا نقول وتقولون في الجملة ثم خالفتموه في معان وقد زعمتم وزعمنا أن لا يضم صنف طعام إلى غيره لأنا إذا ضممناها فقد أخذنا فيما دون خمسة أوسق فإن في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يبين أنه لا يكون في خمسة أوسق صدقة حتى تكون من صنف واحد ثم زعمتم أنكم تضمون الحنطة والسلت والشعير معا لأن سعدا لم يجز الحنطة بالشعير إلا مثلا بمثل.
(قال الشافعي) : وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «بيعوا الحنطة بالشعير كيف شئتم يدا بيد» ولم يقل في السلت شيئا علمته والسلت غير الحنطة والتمر من الزبيب أقرب من السلت من الحنطة وأنتم لا تضمون أحدهما إلى الآخر وزعمتم أنكم تضمون القطنية كلها بعضها إلى بعض وتزعمون أن حجتكم فيها أن عمر أخذ من القطنية العشر ونحن وأنتم نأخذ من القطنية والحنطة والتمر والعشور أفيضم بعض ذلك إلى بعض وأخذ عمر من الحنطة والزبيب نصف العشر أفيضم الزبيب إلى الحنطة؟ إن هذا لإحالة عما جاء عن عمر وخلافه هذا قول متناقض أنتم تحلون التفاضل إذا اختلف الصنفان فكيف حل لكم أن تضموها وهي عندكم مختلفة؟ وكيف جاز لكم أن يحل فيها التفاضل وهي عندكم طعام من صنف واحد؟ ما أعلم قولكم في القطنية والسلت والشعير إلا خلافا للسنة والآثار والقياس. .
[باب النكاح بولي]
سألت الشافعي عن النكاح فقال: كل نكاح بغير ولي فهو باطل فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أحاديث ثابتة فأما من حديث مالك فإن مالكا أخبرنا عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها
وإذنها صماتها» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك أنه بلغه أن ابن المسيب كان يقول: قال عمر بن الخطاب: لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان.
(قال الشافعي) : وثبتم هذا وقلتم: لا يجوز نكاح إلا بولي ونحن نقول فيه بأحاديث من أحاديث الناس أثبت من أحاديثه وأبين (قال الشافعي) : أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل» ثلاثا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عكرمة قال: جمع الطريق ركبا فيهم امرأة ثيب فجعلت أمرها بيد رجل فزوجها رجلا فجلد عمر الناكح والمنكح وفرق بينهما (قال الشافعي) : أخبرنا مسلم عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل (قال الشافعي) : وهذا قول العامة بالمدينة ومكة.
قلت للشافعي: نحن نقول في الدنية لا بأس بأن تنكح بغير ولي، ونفسخه في الشريفة فقال: الشافعي عدتم لما سددتم من أمر الأولياء فنقضتموه قلتم لا بأس أن تنكح الدنية بغير ولي فأما الشريفة فلا (قال الشافعي) : السنة والآثار على كل امرأة فمن أمركم أن تخصوا الشريفة بالحياطة لها واتباع الحديث فيها، وتخالفون الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمن بعده في الدنية؟ أرأيتم لو قال لكم قائل: بل لا أجيز نكاح الدنية إلا بولي لأنها أقرب من أن تدلس بالنكاح وتصير إلى المكروه من الشريفة التي تستحيي على شرفها وتخاف من يمنعها أما كان أقرب إلى أن يكون أصاب منكم؟ فإن الخطأ في هذا القول لأبين من أن يحتاج إلى تبينه بأكثر من حكايته (قال الشافعي) : النساء محرمات الفروج إلا بما أبيحت به الفروج من النكاح بالأولياء والشهود والرضا ولا فرق بين ما يحرم منهن وعليهن في شريفة ولا وضيعة، وحق الله عليهن، وفيهن كلهن واحد لا يحل لواحد منهن ولا يحرم منها إلا بما حل للأخرى وحرم منها.
[باب ما جاء في الصداق]
سألت الشافعي عن أقل ما يجوز من الصداق فقال: الصداق ثمن من الأثمان فما تراضى به الأهلون في الصداق مما له قيمة فهو جائز كما ما تراضى به المتبايعان مما له قيمة جاز قلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: السنة الثابتة والقياس والمعقول والآثار فأما من حديث مالك فأخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد «أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يزوجه امرأة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - التمس ولو خاتما من حديد فقال لا أجد فزوجه إياها بما معه من القرآن» قلت للشافعي: فإنا نقول لا يكون صداق أقل من ربع دينار ونحتج فيه أن الله تبارك وتعالى يقول {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} [البقرة: 237] وقال {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} [النساء: 4] فأي شيء يعطيها لو أصدقها درهما؟ قلنا: نصف درهم وكذلك لو أصدقها أقل من درهم كان لها نصفه قلت: فهذا قليل.
(قال الشافعي) : هذا شيء خالفتم به السنة والعمل والآثار بالمدينة، ولم يقله أحد قبلكم بالمدينة علمناه وعمر بن الخطاب يقول: ثلاث قبضات زبيب مهر وسعيد بن المسيب يقول: لو أصدقها سوطا فما فوقه جاز وربيعة بن أبي عبد الرحمن يجيز النكاح على نصف درهم وأقل وإنما تعلمتم هذا فيما نرى من أبي حنيفة ثم أخطأتم قوله لأن أبا حنيفة قال: لا يكون الصداق أقل مما نقطع فيه اليد، وذلك عشرة دراهم فقيل لبعض من يذهب مذهب أبي حنيفة: أو خالفتم ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده
فإلى قول من ذهبتم؟ فروى عن علي فيه شيئا لا يثبت مثله لو لم يخالفه غيره لا يكون مهر أقل من عشرة دراهم فأنتم خالفتموه فقلتم: يكون الصداق ربع دينار قال: وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: إنا استقبحنا أن يباح الفرج بشيء يسير قلنا: أفرأيت إن اشترى رجل جارية بدرهم يحل له فرجها؟ قالوا: نعم قلنا: فقد أبحتم فرجا وزيادة رقبة بشيء يسير فجعلتموها تملك رقبتها ويباح فرجها بدرهم وأقل وزعمتم أنه لا يباح فرجها منكوحة إلا بعشرة دراهم أو رأيت عشرة دراهم لسوداء فقيرة ينكحها شريف أليست بأكثر لقدرها من عشرة دراهم لشريفة غنية نكحها دنيء فقير؟ أو رأيتم وحين ذهبتم إلى ما تقطع فيه اليد فجعلتم الصداق قياسا عليه أليس الصداق بالصداق أشبه منه بالقطع؟ فقالوا: الصداق خبر والقطع خبر لا أن أحدهما قياس على الآخر ولكنهما اتفقا على العدد هذا تقطع فيه اليد وهذا يجوز مهرا فلو قال رجل: لا يجوز صداق أقل من خمسمائة درهم؛ لأن ذلك صداق النبي - صلى الله عليه وسلم - وصداق بناته ألا يكون أقرب منكم؟ أو قال رجل: لا يحل أن يكون الصداق أقل من مائتي درهم؛ لأن الزكاة لا تجب في أقل من مائتي درهم ألا يكون أقرب إلى الصواب منكم وإن كان كل واحد منكما غير مصيب وإذا كان لا ينبغي هذا وما قلتم فلا ينبغي فيه إلا اتباع السنة والقياس أرأيتم إن كان الرجل يصدق المرأة صداق مثلها عشرة دراهم ألف درهم فيجوز ولا يكون له رده.
ويصدق المرأة عشرة وصداق مثلها آلاف فيجوز ولا يكون لها رد ذلك كما تكون البيوع يجوز فيها التغابن برضا المتبايعين فلم يكون هكذا فيما فوق عشرة دراهم ولا يكون هكذا فيما دون عشرة دراهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة يتزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن زيد بن ثابت قال: إذا دخل الرجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق.
(قال الشافعي) : ليس إرخاء الستور يوجب الصداق عندي لقول الله جل ثناؤه {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [الأحزاب: 49] ولا نوجب الصداق إلا بالمسيس قال: وكذا روي عن ابن عباس وشريح وهو معنى القرآن. .
[باب في الرضاع]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر سهلة ابنة سهيل أن ترضع سالما خمس رضعات فيحرم بهن» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة أنها: قالت كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن "ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن مما يقرأ من القرآن (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن سالم بن عبد الله أخبره أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أم كلثوم فأرضعته ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعه غير ثلاث رضعات فلم يكن يدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تكمل له عشر رضعات."
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته أن حفصة أم المؤمنين أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها فاطمة بنت عمر ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها وهو صغير يرضع ففعلت فكان يدخل عليها.
(قال الشافعي) : فرويتم عن عائشة أن
الله أنزل كتابا أن "يحرم من الرضاع بعشر رضعات ثم نسخن بخمس رضعات، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي وهي مما يقرأ من القرآن، وروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بأن يرضع سالم خمس رضعات يحرم بهن» ورويتم عن عائشة وحفصة أمي المؤمنين مثل ما روت عائشة وخالفتموه ورويتم عن ابن المسيب أن المصة الواحدة تحرم فتركتم رواية عائشة ورأيها ورأي حفصة بقول ابن المسيب وأنتم تتركون على سعيد بن المسيب رأيه برأي أنفسكم مع أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما روت عائشة وابن الزبير ووافق ذلك رأي أبي هريرة وهكذا ينبغي لكم أن يكون عندكم العمل (قال الشافعي) : أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحرم المصة ولا المصتان» فقلت للشافعي: أسمع ابن الزبير من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: نعم وحفظه عنه وكان يوم توفي النبي ابن تسع سنين. ."
[باب ما جاء في الولاء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الولاء لمن أعتق» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء وعن هبته» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وبهذا أقول فقلت للشافعي: إنا نقول في السائبة ولاؤه للمسلمين، وفي النصراني يعتق المسلم ولاؤه للمسلمين (قال الشافعي) : وتقولون في الرجل يسلم على يدي الرجل أو يلتقطه أو يواليه لا يكون لواحد من هؤلاء ولاء؛ لأن واحدا من هؤلاء لم يعتق، والعتق يقوم مقام النسب ثم تعودون فتخرجون من الحديثين وأصل قولكم فتقولون إذا أعتق الرجل عبده سائبة لم يكن له ولاؤه، وإذا أعتق الذمي عبده المسلم لم يكن له ولاؤه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا يعدو المعتق عبده سائبة، والنصراني يعتق عبده مسلما أن يكونا مالكين يجوز عتقهما فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الولاء لمن أعتق» فمن قال: لا ولاء لهذين فقد خالف ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخرج الولاء من المعتق الذي جعله له رسول الله أو يكون كل واحد منهما في حكم من لا يجوز له العتق إذا كانا لا يثبت لهما الولاء فإذا أعتق الرجل عبده سائبة أو النصراني عبده مسلما لم يكن واحد منهما حرا لأنه لا يثبت لهما الولاء وأنتم والله يعافينا وإياكم لا تعرفون ما تتركون، ولا ما تأخذون فقد تركتم على عمر أنه قال للذي التقط المنبوذ: ولاؤه لك وتركتم على ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عباس أنها وهبته ولاء سليمان بن يسار وتركتم حديث عبد العزيز بن عمر «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل يسلم على يدي الرجل له ولاؤه» وقلتم: الولاء لا يكون إلا لمعتق ولا يزول بهبة ولا شرط عن معتق ثم زعمتم في السائبة وله معتق وفي النصراني يعتق المسلم وهو معتق أن لا ولاء لهما فلو أخذتم ما أصبتم فيه بتبصر كان السائبة والنصراني أولى أن تقولوا: ولاء السائبة لمن أعتقه، والمسلم للنصراني إذا أعتقه وقد فرقتم بينهما كان ما خالفتموه لما خالف حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «الولاء لمن أعتق» أولى أن تتبعوه؛ لأن فيه آثارا مما لا أثر فيه. .
[باب الإفطار في شهر رمضان]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة «أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينا فقال: إني لا أجد فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فقال: له خذ هذا فتصدق به فقال يا رسول الله ما أجد أحوج مني فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه ثم قال: كله» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب «أن أعرابيا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصبت أهلي في رمضان وأنا صائم فقال رسول الله هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ قال: لا قال: فهل تستطيع أن تهدي بدنة قال: لا قال فاجلس فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فأعطاه إياه» (قال الشافعي) : - رحمه الله - بهذا نقول يعتق رقبة لا يجزيه غيرها إذا وجدها وكفارته كفارة الظهار وزعمتم أن أحب إليكم أن لا تكفروا إلا بإطعام يا سبحان الله العظيم كيف تروون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا تخالفونه، ولا تخالفون إلى قول أحد من خلق الله ما رأينا أحدا قط في شرق ولا غرب قبلكم ولا بلغنا عنه أنه قال مثل هذا، وما لأحد خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. .
[باب في اللقطة]
سألت الشافعي عمن وجد لقطة فقال: يعرفها سنة ثم يأكلها إن شاء موسرا كان أو معسرا فإذا جاء صاحبها ضمنها له فقلت له وما الحجة في ذلك؟ قال: السنة الثابتة وروى هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي بن كعب وأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكلها، وأبي من مياسير الناس يومئذ وقبل وبعد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: «جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن اللقطة فقال: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون دينارا فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت السنة فشأنك بها.
(قال الشافعي) : فرويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم عن عمر أنه أباح بعد سنة أكل اللقطة ثم خالفتم ذلك، وقلتم نكره أكل اللقطة للغني والمسكين (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا وجد لقطة فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال: إني وجدت لقطة فماذا ترى؟ فقال له ابن عمر: عرفها قال: قد فعلت قال زد قال: قد فعلت قال: لا آمرك أن تأكلها ولو شئت لم تأخذها.
(قال الشافعي) : فابن عمر لم يوقت في التعريف وقتا وأنتم توقتون في التعريف سنة وابن عمر كره للذي وجد اللقطة أكلها غنيا كان أو فقيرا، وأنتم ليس هكذا تقولون وابن عمر كره له أخذها وابن عمر كره له أن يتصدق بها وأنتم لا تكرهون له أخذها بل تستحبونه وتقولون: لو تركها ضاعت.
[باب المسح على الخفين]
سألت الشافعي عن المسح على الخفين فقال: يمسح المسافر والمقيم إذا لبسا على كمال الطهارة فقلت: وما الحجة؟ قال: السنة الثابتة وقد أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب لحاجته في غزوة تبوك ثم توضأ ومسح على الخفين وصلى» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها فرآه يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه عبد الله بن عمر فقال له سعد: خل أباك فسأله فقال له عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما قال ابن عمر: وإن جاء أحدنا من الغائط؟ قال: وإن جاء أحدكم من الغائط، أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر بال في السوق ثم توضأ ومسح على خفيه ثم صلى.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال: رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال وتوضأ ومسح على الخفين ثم صلى.
(قال الشافعي) : فخالفتم ما روى صاحبكم عن عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وعروة بن الزبير وابن شهاب فقلتم لا يمسح المقيم وقد أخبرنا مالك عن هشام أنه رأى أباه يمسح على الخفين (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال: يضع الذي يمسح على الخفين يدا من فوق الخفين ويدا من تحت الخفين ثم يمسح، فقلت للشافعي: فإنا نكره المسح في الحضر والسفر قال: هذا خلاف ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلاف العمل من أصحابه والتابعين بعدهم فكيف تزعمون أنكم تذهبون إلى العمل والسنة جميعا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لليهود حين افتتح خيبر: أقركم ما أقركم الله على أن الثمر بيننا وبينكم فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث ابن رواحة فيخرص بينه وبينهم ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي» . .
[مسائل في أبواب متفرقة]
[باب ما جاء في الجهاد]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة الأنصاري «عن أبي قتادة الأنصاري قال خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين قال فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ضربة فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب فقلت له: ما بال الناس؟ فقال: أمر الله ثم إن الناس رجعوا فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من قتل قتيلا له عليه بينة في الثالثة فقمت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لك يا أبا قتادة؟ فاقتصصت عليه القصة فقال رجل: صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه منه فقال أبو بكر لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد يقاتل عن الله فيعطيك سلبه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدق فأعطه إياه قال أبو قتادة: فأعطانيه فبعت الدرع فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام قال مالك
المخرف النخيل»
(قال الشافعي) : وبهذا نقول السلب للقاتل في الإقبال وليس للإمام أن يمنعه بحال؛ لأن إعطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - السلب حكم منه وقد أعطى رسول الله السلب يوم حنين وأعطاه ببدر وأعطاه في غير موطن.
فقلت للشافعي: فإنا نقول: إنما ذلك على الاجتهاد من الإمام فقال: تدعون ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يدل على أن هذا حكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - للقاتل فكيف ذهبتم إلى أنه ليس بحكم؟ أو رأيتم ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنه أعطى من حضر أربعة أخماس الغنيمة فلو قال قائل: هذا من الإمام على الاجتهاد هل كانت الحجة عليه إلا أن يقال: إعطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على العام والحكم حتى تأتي دلالة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن قوله خاص فيتبع قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما أن يتحكم متحكم فيدعي أن قولي النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهما حكم، والآخر اجتهاد بلا دلالة فإن جاز هذا خرجت السنن من أيدي الناس، فإن قلتم: لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا إلا يوم حنين (قال الشافعي) : ولو لم يقله إلا يوم حنين أو آخر غزوة غزاها أو أولى لكان أولى ما آخذ به، والقول الواحد منه يلزم لزوم الأقاويل مع أنه قد قال وأعطاه ببدر وحنين وغيرهما، وقولكم ذلك من الإمام على الاجتهاد فإن لم يكن للقاتل وكان لمن حضر فكيف كان له أن يجتهد مرة فيعطيه ويجتهد أخرى فيعطيه غيره؟ وأي شيء يجتهد إذا ترك السنة إنما الاجتهاد قياس على السنة فإذا لزم الاجتهاد له صار تبعا للسنة وكانت السنة ألزم له أو كان يجوز له في هذا شيء إلا ما سن رسول الله أو أجمع المسلمون عليه أو كان قياسا عليه فقلت: فهل خالفك في هذا غيرنا؟ فقال: نعم بعض الناس قلت: فما احتج به (قال الشافعي) : قال إذا قال الإمام - قبل لقاء العدو: من قتل قتيلا فله سلبه فهو له وإن لم يقله فالسلب من الغنيمة بين من حضر الوقعة إذا أخذ خمسة فقلت للشافعي: فما كانت حجتك؟ قال: الحديث الذي روينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله بعد تقضي حرب حنين لا قبل الوقعة فقلت: قد خالف الحديث (قال الشافعي) : وأنتم قد خالفتموه فإن كان له عذر بخلافه فهو أقرب للعذر منكم فإن قلتم تأوله فكيف جاز له أن يتأول فيقول فلعل النبي إنما أعطاه إياه من قبل أنه قال ذلك قبل الوقعة فإن قلت: هذا تأويل قيل: والذي قلت تأويل أبعد منه وقلت للشافعي: ما رأيت ما وصفت لك أنا أخذنا به من الحديث المروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهو أصح رجالا وأثبت عند أهل الحديث أو ما سألناك عنه مما كنا نتركه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نلقاك (قال الشافعي) : عقل فيما زعمتم أنكم تتركون من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو أثبت من الأكثر مما كنتم تأخذون به وأولى ففي ما تركتم مثل ما أخذتم به والذي أخذتم به ما لا يثبته أهل الحديث فقلت: مثل ماذا؟ فقال: مثل أحاديث أرسلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عمرو بن شعيب وغيره ومثل أحاديث منقطعة فقلت: فكيف أخذت بها؟ قال: ما أخذت بها إلا لثبوتها من غير وجه من روايتكم ورواية أهل الصدق فقلت للشافعي: أرجو أن أكون قد فهمت ما ذكرت من الحديث وصرت إلى ما أمرت به، ورأيت الرشد فيما دعيت إليه وعلمت أن بالعباد - كما قلت - الحاجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت في مذاهبنا ما وصفت من تناقضها، والله أسأله التوفيق، وأنا أسألك عما روينا في كتابنا الذي قدمنا على الكتب عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : فسل منه عما حضرك وفقنا الله وإياك لما يرضى وعصمنا وإياك بالتقوى وجعلنا نريده بما نقول ونصمت عنه إنه على ذلك قادر.
(قال الشافعي) : - رحمه الله: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر صلى الصبح فقرأ فيها بسورة البقرة في الركعتين كلتاهما.
فقلت للشافعي: فإنا نكره للإمام أن يقرأ بقريب من هذا لأن هذا يثقل قال: أفرأيت إن قال لكم قائل: أبو بكر يقرأ بسورة البقرة في الصبح في روايتكم في الركعتين معا وأقل أمره أنه قسمها في الركعتين وأنك تكره هذا فكيف رغبت عن قراءة أبي بكر، وأصحابه متوافرون - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر من الإسلام وأهله بالوضع الذي هو به وقد أخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن أنس أن أبا بكر صلى بالناس الصبح فقرأ بسورة البقرة فقال له عمر: كربت الشمس أن تطلع فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين ورويت عن عمر وعثمان تطويل القراءة وكرهتها كلها (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك أن عبادة بن نسي أخبره أنه سمع قيسا يقول: أخبرني أبو عبد الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر فصلى وراء أبي بكر المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة، سورة من قصار المفصل ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وهذه الآية {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا} [آل عمران: 8] الآية قلت للشافعي: فإنا نكره القراءة في الركعتين الأخيرتين والركعة الأخرى بشيء غير أم القرآن فهل تستحبه أنت؟ فقال: نعم وقال لي الشافعي: فكيف تكرهونه وقد رويتموه عن أبي بكر وروى ابن عيينة عن عمر بن عبد العزيز أنه حين بلغه عن أبي بكر أخذ به (قال الشافعي) : - رحمه الله: وقد أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الركعتين الأخيرتين بأم القرآن وسورة ويجمع الأحيان السور في الركعة الواحدة فقلت للشافعي: فهذا أيضا مما نكرهه فقال: أرويتم عن ابن عمر عن عمر أنه قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ سورة أخرى فكيف كرهتم هذا وخالفتموهما معا؟ فقلت للشافعي: أتستحب أنت هذا؟ قال: نعم وأفعله.
[باب ما جاء في الرقية]
سألت الشافعي عن الرقية فقال: لا بأس أن يرقي الرجل بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله قلت: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟ فقال: نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله أو ذكر الله فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: غير حجة، فأما رواية صاحبنا وصاحبك فإن مالكا أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال أبو بكر: ارقيها بكتاب الله فقلت للشافعي: فإنا نكره رقية أهل الكتاب فقال: ولم وأنتم تروون هذا عن أبي بكر ولا أعلمكم تروون عن غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه وقد أحل الله جل ذكره طعام أهل الكتاب ونساءهم وأحسب الرقية إذا رقوا بكتاب الله مثل هذا أو أخف.
[باب في الجهاد]
سألت الشافعي عن القوم يدخلون بلاد الحرب أيخربون العامر ويقطعون الشجر المثمر؟ ويحرقونه والنخل والبهائم أو يكره ذلك كله؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أما كل ما لا روح فيه من شجر مثمر وبناء عامر وغيره فيخربونه ويهدمونه ويقطعونه وأما ذوات الأرواح فلا يقتل منها شيء إلا ما كان يحل بالذبح ليؤكل فقلت: له وما الحجة في ذلك وقد كره أبو بكر الصديق أن يخرب عامرا أو يقطع مثمرا أو يحرق نخلا أو يعقر شاة أو بعيرا إلا لمأكلة وأنت أخبرتنا بذلك عن مالك عن يحيى بن سعيد أن

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|