
05-12-2024, 08:17 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (313)
صــــــــــ 227 الى صـــــــــــ 233
[باب الطيب للمحرم]
سألت الشافعي عن الطيب قبل الإحرام بما يبقى ريحه بعد الإحرام وبعد رمي الجمرة والحلاق قبل الإفاضة فقال: جائز وأحبه ولا أكرهه لثبوت السنة فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأخبار عن غير واحد من أصحابه فقلت: وما الحجة فيه؟ فقال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت: «كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت» فقلت للشافعي: فإنا نكره الطيب للمحرم ونكره الطيب قبل الإحرام وبعد الإحلال قبل أن يطوف بالبيت ونروي ذلك عن عمر بن الخطاب فقال: الشافعي: إني أراكم لا تدرون ما تقولون فقلت: ومن أين؟ فقال: أرأيتم نحن وأنتم بأي شيء عرفنا أن عمر قاله أليس إنما عرفنا بأن ابن عمر رواه عن عمر فقلت: بلى فقال: وعرفنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب بخبر عائشة؟ فقلت: بلى قال: وكلاهما صادق؟ فقلت: نعم فإذا علمنا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب وأن عمر نهى عن الطيب علما واحدا هو خبر الصادقين عنهما معا فلا أحسب أحدا من أهل العلم يقدر أن يترك ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لغيره فإن جاز أن يتهم الغلط على بعض من بيننا وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن حدثنا جاز مثل ذلك على من بيننا وبين عمر ممن حدثنا بل من روى عن عائشة تطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر ممن روى عن ابن عمر نهي عمر عن الطيب روى عن عائشة سالم والقاسم وعروة والأسود بن يزيد وغيرهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأراكم إذا أصبتم لم تعقلوا من أين أصبتم وإذا أخطأتم لم تعرفوا سنة تذهبون إليها فتعذروا بأن تكونوا ذهبتم إلى مذهب بل أراكم إنما ترسلون ما جاء على ألسنتكم عن غير معرفة إنما كان ينبغي أن تقولوا من كره الطيب للمحرم إنما نهى عن الطيب أنه «حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة حين سأله أعرابي أحرم وعليه جبة وخلوق فأمره بنزع الجبة وغسل الصفرة» .
فقلت للشافعي: أفترى لنا بهذا حجة أو إنما هذا شبهة وما الحجة على من قال هذا قال: إن كان قاله بهذا فقد ذهب عليه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب» فقال: بما حضر «وتطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الإسلام سنة عشر وأمر الأعرابي قبل ذلك بسنتين في سنة ثمان» فلو كانا مختلفين كان إباحته التطيب ناسخا لمنعه وليسا بمختلفين إنما «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزعفر الرجل» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتزعفر الرجل» (قال الشافعي) : وأمر الرجل أن يغسل الزعفران عنه وقد تطيب سعد بن أبي وقاص وابن عباس للإحرام وكانت الغالية ترى في مفارق ابن عباس مثل الرب.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا ابن عيينة عن عمر بن دينار عن سالم بن عبد الله قال: قال عمر من رمى الجمرة فقد حل ما حرم عليه إلا النساء والطيب وقال سالم: «قالت عائشة طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي» وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وهكذا ينبغي أن يكون الصالحون من أهل العلم فأما ما تذهبون إليه من ترك السنة لغيرها وترك ذلك الغير لرأي أنفسكم فالعلم إذا إليكم تأتون منه ما شئتم وتدعون منه ما شئتم تأخذون بلا تبصر لما تقولون ولا حسن روية فيه أرأيتم إذا خالفتم السنة هل عرفتم ما قلتم كرهتم الطيب قبل الإحرام لأنه يبقى بعد الإحرام وقد كان الطيب حلالا فإذا كرهتموه إذا كان يبقى بعد الإحرام فلا وجه لقولكم إلا أن تقولوا وجدناه إذا كان محرما ممنوعا أن يبتدئ طيبا فإذا تطيب قبل أن يحرم فما يبقى كان كابتداء الطيب في
الإحرام قلت: فأنتم تجيزون بأن يدهن المحرم بما يبقي لينه، وذهابه الشعث ويرجل الشعر قال: وما هو؟ قلت: ما لا طيب فيه مثل الزيت والشيرق وغيره قال: هذا لا يصلح للمحرم أن يبتدئ الادهان به ولو فعل وجبت عليه كفارة المتطيب عندنا وعندكم وإنما كان ينبغي أن تقولوا: لا يدهن بشيء يبقي في رأسه لينة ساعة أو تجيزوا الطيب إذا كان قبل الإحرام ولو لم يكن في هذا سنة تتبع انبغى أن لا يقال إلا واحد من هذين القولين. .
[باب في العمرى]
قال: سألت الشافعي عمن أعمر عمرى له ولعقبه فقال: هي للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها فقلت: وما الحجة؟ فقال: السنة الثابتة من حديث الناس وحديث مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنما هي للذي يعطاها» لا ترجع إلى الذي أعطى عطاء وقعت فيه المواريث قال: وبها نأخذ ويأخذ عامة أهل العلم في جميع الأمصار بغير المدينة وأكابر أهل العلم وقد روى هذا مع جابر بن عبد الله زيد بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت للشافعي فإنا نخالف هذا فقال: أتخافونه وأنتم تروونه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن حجتنا فيه أن مالكا قال: أخبرنا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولا الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن العمرى وما يقول الناس فيها فقال له القاسم: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ما أجابه القاسم عن العمرى بشيء وما أخبره إلا أن الناس على شروطهم فإن ذهب إلى أن يقول: العمرى من المال والشرط فيها جائز فقد شرط الناس في أموالهم شروطا لا تجوز لهم فإن قال قائل: وما هي؟ قيل: الرجل يشتري العبد على أن يعتقه والولاء للبائع فيعتقه فهو حر والولاء للمعتق والشرط باطل فإن قال: السنة تدل على إبطال هذا الشرط قلنا: والسنة تدل على إبطال الشرط في العمرى فلم أخذت بالسنة مرة وتركتها مرة؟ قول القاسم لو كان قصد به قصد العمرى فقال: إنهم على شروطهم فيها لم يكن في هذا ما يرد به الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن قال قائل ولم؟ قيل: نحن لا نعلم أن القاسم قال هذا إلا بخبر يحيى عن عبد الرحمن عنه وكذلك علمنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرى بخبر ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره فإذا قبلنا خبر الصادقين فمن روى هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرجح ممن روى هذا عن القاسم لا يشك عالم أن ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يقال به مما قاله أناس بعده قد يمكن أن لا يكونوا سمعوا من رسول الله ولا بلغهم عنه شيء وأنهم لناس لا نعرفهم فإن قال قائل: لا يقول القاسم قال الناس إلا لجماعة من أصحاب رسول الله أو من أهل العلم لا يجهلون للنبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ولا يجمعون أبدا من جهة الرأي ولا يجمعون إلا من جهة السنة قيل له أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلا كانت عنده وليدة لقوم فقال لأهلها: شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة وأنتم تزعمون أنها ثلاثة فإذا قيل لكم تتركون قول القاسم والناس إنها تطليقة قلتم: لا ندري من الناس الذين يروي هذا عنهم القاسم فإن لم يكن قول القاسم والناس حجة عليكم في رأي أنفسكم لهو عن أن يكون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة أبعد ولئن كان حجة لعله
أخطأتم بخلافكم إياه برأيكم وإنا لنحفظ عن ابن عمر في العمرى مثل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار وحميد الأعرج عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنت عند ابن عمر فجاءه رجل من أهل البادية فقال: إني وهبت لابني ناقة حياته وإنها تناتجت إبلا فقال ابن عمر: هي له حياته وموته فقال: إني تصدقت عليه بها قال: ذلك أبعد لك منها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن حبيب بن أبي ثابت مثله إلا أنه قال: أضنت واضطربت يعني كبرت واضطربت (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرو عن سليمان بن يسار أن طارقا قضى بالمدينة بالعمرى عن قول جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرة عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرى للوارث» (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا أو أرقبه فسبيله سبيل الميراث» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين قال: حضرت شريحا قضى لأعمى بالعمرى فقال له الأعمى: يا أبا أمية بما قضيت لي؟ فقال له شريح: لست أنا قضيت لك ولكن محمد - صلى الله عليه وسلم - قضى لك منذ أربعين سنة قال: ومن أعمر شيئا حياته فهو لورثته إذا مات (قال الشافعي) : فتتركون ما وصفت من العمرى مع ثبوته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقول زيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وابن عمر وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وهذا عندكم عمل بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لتوهم في قول القاسم وأنتم تجدون في قول القاسم أفتى في رجل قال لأمة قوم شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة ثم تخالفونه برأيكم وما روى القاسم عن الناس. والله أعلم. .
[باب ما جاء في العقيقة]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال: تستحب العقيقة ولو بعصفور قلت للشافعي: فإنا نقول ليس عليه العمل ولا نلتفت إلى قول تستحب قال: قد يمكن أن لا يكون استحبها إلا أهل العلم بالمدينة (قال الشافعي) : أخبرنا الثقفي عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن الناس كانوا يقضون في المجوس بثمانمائة درهم وأن اليهود والنصارى إذا أصيبوا يقضى لهم بقدر ما يعقلهم قومهم فيما بينهم قلت: فإنا نقول في اليهودي والنصراني نصف دية المسلم ولا نلتفت إلى رواية سليمان بن يسار إن الناس (قال الشافعي) : سليمان مثل القاسم في السن أو أسن منه فإن كانت لكم حجة بقول القاسم "الناس" فهي عليكم بقول سليمان بن يسار ألزم لأنه لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليهودي والنصراني قول. .
[باب في الحربي يسلم]
. باب في الحربي يسلم سألت الشافعي عن المشركين الوثنيين الحربيين يسلم الزوج قبل المرأة أو المرأة قبل الزوج أقام المسلم منهما في دار الإسلام أو خرج فقال: ذلك كله سواء ولا يحل للزوج إصابتها ولا له أن يصيبها إذا
كان واحد منهما مسلما، ونظرتهما انقضاء العدة، فإن انقضت عدة المرأة قبل أن يسلم الزوج انقطعت العصمة بينهما وكذلك ولو كان الزوج المسلم فانقضت عدة المرأة قبل أن تسلم هي انقطعت العصمة بينهما لا اختلاف بين الزوج والمرأة في ذلك. فقلت له: علام اعتمدت في هذا؟ فقال: على ما لا أعلم من أهل العلم بالمغازي في هذا اختلافا من أن أبا سفيان أسلم قبل امرأته وأن امرأة صفوان وعكرمة أسلمتا قبلهما ثم استقروا على النكاح وذلك أن آخرهم إسلاما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة وفيه أحاديث لا يحضرني ذكرها وقد حضرني منها حديث مرسل وذلك أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب أن صفوان بن أمية هرب من الإسلام ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد حنينا والطائف مشركا وامرأته مسلمة واستقرا على النكاح قال ابن شهاب: فكان بين إسلام صفوان وامرأته نحو من شهر فقلت له: أرأيت إن قلت مثل إذا أسلمت قبل زوجها خرجت من الدار أو لم تخرج ثم أسلم الزوج فهما على النكاح ما لم تنقض العدة وإذا أسلم الزوج قبل المرأة وقعت الفرقة بينهما إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم لأن الله تبارك وتعالى يقول {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] (قال الشافعي) : إذا يدخل عليكم والله أعلم خلاف التأويل والأحاديث والقياس وما القول في رجل يسلم قبل امرأته والمرأة قبل زوجها إلا واحد من قولين أنتم قوم لم تعرفوا فيه الأحاديث أو عرفتموها فرددتموها بتأويل القرآن فإذا تأولتم قول الله {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] لم تعدوا أن تكونوا أردتم بقوله تبارك وتعالى أنه إذا أسلم الزوج انقطعت العصمة بينهما مكانه وأنتم لم تقولوا بهذا وزعمتم أن العصمة إنما تقطع بينهما إذا عرض على الزوجة الإسلام فأبت وقد يعرض عليها الإسلام من ساعتها ويعرض عليها بعد سنة وأكثر فليس هذا بظاهر الآية ولم تقولوا في هذا بخبر ولا يجوز أن يقال بغير ظاهر الآية إلا بخبر لازم فقلت: فإن قلت يعرض عليها الإسلام من ساعتها (قال الشافعي) : أفليس يقيم بعد إسلامه قبل يفرق بينهما؟ أو رأيتم إن كانت غائبة عن موضع إسلامه أو بكماء لا تكلم أو مغمى عليها فإن قلتم: تطلق فقد تركتم العرض وإن قلتم: ينتظر بها فقد أقامت في حباله وهي كافرة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : والآية في الممتحنة مثلها قال الله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} [الممتحنة: 10] فسوى بينهما وكيف فرقتم بينهما؟ (قال الشافعي) : هذه الآية في معنى تلك لا تعدو هاتان الآيتان أن تكونا تدلان على أنه إذا اختلف دينا الزوجين فكان لا يحل للزوج جماع زوجته لاختلاف الدينين فقد انقطعت العصمة بينهما أو يكون لا يحل له في تلك الحال ويتم انقطاع العصمة إن جاءت عليها مدة ولم يسلم المتخلف عن الإسلام منهما فإن كان هذا المعنى لم يصلح أن تكون المدة إلا بخبر يلزم لأن رجلا لو قال: مدتهما ستة أشهر أو يوم لم يجز هذا من قبل الرأي إنما يجوز من جهة الأخبار اللازمة فلما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة أبي سفيان وكان أبو سفيان قد أسلم هو وامرأته هند مقيمة بمكة وهي دار حرب لم تسلم وأمرت بقتله ثم أسلمت بعد أيام فاستقرا على النكاح وهرب عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية من الإسلام وأسلمت زوجتاهما ثم أسلما فاستقرا على النكاح وكان ابن شهاب حمل أحد الحديثين أو هما معا فذكر فيه توقيت العدة دل ذلك على انقطاع العصمة بين الزوجين إن انقضت العدة قبل أن يسلم المتخلف عن الإسلام منهما لا أن انقطاع العصمة هو أن يكون أحدهما مسلما ويكون الفرج ممنوعا حين يسلم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقيل لبعض من يذهب إلى التفريق بين الزوج يسلم قبل المرأة والمرأة تسلم قبل الزوج أتجهلون امرأة أبي سفيان؟ قالوا: لا ولكن كان الذي بين إسلامهما يسيرا قيل: أما علمتم أن أبا سفيان قد أسلم وقد أقامت هند على الكفر ثم أسلمت فاستقر على النكاح؟ قال: بلى قيل: أو ليس بقيت
عقدته عليها وقد أسلم قبلها قال: بلى قيل: فلو كان معنى الآية {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] على أنه متى أسلم حرمت كنتم قد خالفتم الآية وقولكم: وعلمتم أن السنة في هند على غير ما قلتم وإذا كان {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] جاءت عليهم مدة لم تسلم فيها فالمدة لا تجوز إلا بخبر يلزم مثله (قال الشافعي) : وأنتم إذا قلتم لا يفسخ بينهما حتى يعرض عليها الإسلام فتأباه فإذا عرض عليها الإسلام فأبته انفسخ النكاح قيل: فإذا كانت ببلاد نائية فإذا انقضت عدتها انفسخ النكاح وإن لم يعرض عليها الإسلام وهذا خارج من الوجهين والمعقول إن كان يقطع العصمة أن يسلم الزوج قبلها انبغى أن نخرجها من يده قبل عرض الإسلام وإن كان ذلك بمدة فالمدة التي نذهب إليها نحن وأنتم العدة. .
[باب في أهل دار الحرب]
. باب في أهل دار الحرب سألت الشافعي عن أهل الدار من أهل الحرب يقتسمون الدور ويملك بعضهم على بعض على ذلك القسم ويسلمون ثم يريد بعضهم أن ينقض ذلك القسم ويقسمه على قسم الإسلام فقال: ليس ذلك له قلت: ما الحجة في ذلك؟ : قال: الاستدلال بمعنى الإجماع والسنة قلت: وأين ذلك؟ قال: أرأيت أهل دار الحرب إذا سبى بعضهم بعضا وغصب بعضهم بعضا وقتل بعضهم بعضا ثم أسلموا أهدرت الدماء وأقررت الأرقاء في يدي من أسلموا وهم رقيق لهم والأموال لأنهم ملكوها عليهم قبل الإسلام فإذا ملكوا بقسم الجاهلية فما ذلك الملك بأحق وأولى أن يثبت لمن ملكه من ملك الغصب والاسترقاق لمن كان جرا مع أنه أخبرنا مالك عن ثور بن يزيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام لم تقسم فهي على قسم الإسلام» (قال الشافعي) : نحن نروي فيه حديثا أثبت من هذا بمثل معناه. .
[باب البيوع]
سألت الشافعي عن الرجل يأتي بذهب إلى دار الضرب فيعطيها الضراب بدنانير مضروبة ويزيده على وزنها، قال: هذا الربا بعينه المعجل قلت وما الحجة؟ قال: أخبرنا مالك عن موسى بن أبي تميم عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، فقلت للشافعي: فإنا نزعم أنه لا بأس بهذا قال: فهذا الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينه فكيف أجزتموه؟ قال: هذا من ضرب قولكم في اللحم أنه لا بأس أن يباع بعضه ببعض بغير وزن بالبادية وحيث ليس موازين فإن كان اللحم من الطعام الذي نهى عنه إلا مثلا بمثل فقد أجزتموه وإن لم يكن منه فلم تحرمونه في القرية وتجيزونه في البادية وأنتم لا تجيزون بالبادية تمرا بتمر إلا مثلا بمثل وإن لم يكن في البادية مكيال وأجزتم هذا في الخبز أن يباع بعضه ببعض بغير وزن إذا تحرى في القرية والبادية وفي البيض وما أشبهه.
[باب متى يجب البيع]
سألت الشافعي: متى يجب البيع حتى لا يكون للبائع نقضه ولا للمشتري نقضه إلا من عيب؟ قال: إذا تفرق المتبايعان بعد عقدة البيع من المقام الذي تبايعا فيه فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار» فقلت له: فإنا نقول ليس لذلك عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه (قال الشافعي) : الحديث بين لا يحتاج إلى تأويل ولكني أحسبكم التمستم العذر من الخروج منه بتجاهل كيف وجه الحديث وأي شيء فيه يخفى عليه قد زعمتم أن عمر قال لمالك بن أوس حين اصطرف من طلحة بن عبيد الله بمائة دينار فقال له طلحة أنظرني حتى يأتي خازني من الغابة فقال: لا والله لا تفارقه حتى تقبض منه فزعمتم أن الفراق فراق الأبدان فكيف لم تعلموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا أن الفراق فراق الأبدان» فإن قلتم: ليس هذا أردنا إنما أردنا أن يكون عمل به بعده فابن عمر الذي سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ابتاع الشيء يعجبه أن يجب له فارق صاحبه فمشى قليلا ثم رجع أخبرنا بذلك سفيان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر وقد خالفتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر جميعا. .
[باب بيع البرنامج]
سألت الشافعي عن بيع الساج المدرج والقبطية وبيع الأعدال على البرنامج على أنه واجب بصفة أو غير صفة قال: لا يجوز من هذا شيء إلا لمشتريه الخيار إذا رآه قلت: وما الحجة في ذلك؟ قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان وعن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الملامسة والمنابذة» فقلت للشافعي: فإنا نقول في الساج المدرج والقبطي المدرج لا يجوز بيعهما لأنهما في معنى الملامسة ونزعم أن بيع الأعدال على البرنامج يجوز (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فالأعدال التي لا ترى أدخل في معنى الغرر المحرم من القبطية والساج يرى بعضه دون بعض ولأنه لا يرى من الأعدال شيء وأن الصفقة تقع منها على ثياب مختلفة فقلت للشافعي: إنما نفرق بين ذلك لأن الناس أجازوه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ما علمت أحدا يقتدي به في العلم أجازه فإن قلتم: إنما أجزناه على الصفقة فبيوع الصفقات لا تجوز إلا مضمونة على صاحبها بصفة يكون عليه أن يأتي بها بكل حال وليس هكذا بيع البرنامج أرأيت لو هلك المبيع أيكون على بائعه أن يأتي بصفة مثله فإن قلتم: لا فهذا لا بيع عين ولا بيع صفة. .
[باب بيع الثمر]
. باب بيع الثمر سألت الشافعي عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه نهى البائع والمشتري» (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ وفيه دلائل بينة منها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه قال
وصلاحه أن ترى فيه الحمرة أو الصفرة لأن الآفة قد تأتي عليه أو على بعضه قبل بلوغه أو يجد بسرا وهو في الحال التي نهى عنها ظاهر يراه البائع والمشتري كما كانا يريانه إذا رئيت فيه الحمرة بما وصفنا من معنى أن الآفة ربما كانت فقطعته أو نقصته كانت كل ثمرة مثله لا يحل أن تباع أبدا حتى تزهى وتنضج منها ذلك وبهذا قلنا وقد قلتم بالجملة وقلنا: لا يحل بيع القثاء ولا الخربز وإن ظهر وعظم حتى يرى فيه النضج (قال الشافعي) : وقلنا: فإذا لم يحل بيع القثاء والخربز حتى يرى فيه النضج كان بيع ما لم يخرج من القثاء والخربز أحرم لأنه لم يبد صلاحه ولم يخلق ولا يدرى لعله لا يكون فقلت للشافعي: فإنا نقول إذا ظهر شيء من القثاء حل أن تباع ثمرته تلك وما خلق من القثاء ما نبت أصله.
(قال الشافعي) : وقد «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه» فلم أجزتم بيع شيء لم يخلق بعد؟ «ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السنين» وبيع السنين بيع الثمر سنين فإن زعمتم أنه يجوز في النخل إذا طابت العام أن ثمرته قابلا فقد خالفتم ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوجهين وإن زعمتم أن بيع ثمرة لم تأت لا يحل فكذلك كان ينبغي أن تقولوا في القثاء والخربز سألت الشافعي عن القثاء والخربز والفجل يشترى أيكون لمشتريه أن يبيعه قبل أن يقبضه فقال: لا ولا يباع شيء منه بشيء منه متفاضلا يدا بيد قلت للشافعي: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر فقلت للشافعي: فإنا نقول كما قلت: لا يباع حتى يقبض ولا بأس بالفضل في بعضها على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : هذا خلاف السنة في بعض القول قلت ومن أين؟ قال: زعمتم أنه لا يباع حتى يقبض وزعمتم أنه لا يباع بعضها ببعض نسيئة وهذا في حكم الطعام من التمر والحنطة ثم زعمتم أنه لا بأس بالفضل في بعضها على بعض يدا بيد وهذا خلاف حكم الطعام وهذا قول لا يقبل من أحد من الناس إما أن تكون خارجة من الطعام فلا بأس عندكم أن تباع قبل أن تقبض ويباع منها واحد بعشرة من صنفه نسيئة أو تكون طعاما فلا يجوز الفضل في الصنف منها على الآخر من صنفه يدا بيد. .
[باب ما جاء في ثمن الكلب]
سألت الشافعي عن الرجل يقتل الكلب للرجل فقال: ليس عليه غرم فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن» قال مالك: وإنما أكره بيع الكلاب الضواري وغير الضواري لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب.
(قال الشافعي) : نحن نجيز للرجل أن يتخذ الكلاب الضواري ولا نجيز له أن يبيعها لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا حرمنا ثمنها في الحال التي يحل اتخاذها فيه اتباعا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحل أن يكون لها ثمن بحال قلت للشافعي: فإنا نقول لو قتل رجل لرجل كلبا غرم له ثمنه فقال الشافعي: هذا خلاف حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقياس عليه وخلاف أصل قولكم كيف يجوز أن تغرموه ثمنه في الحال التي تفوت فيها نفسه وأنتم لا تجعلون له ثمنا في الحال التي يحل أن ينتفع به فيها فإن قال قائل: فإن من المشرقيين من زعم أنه إذا قتل ففيه ثمنه ويروى فيه أثر فأولئك يجيزون بيعه حيا ويردون الحديث الذي في النهي عن ثمنه ويزعمون أن الكلب سلعة من السلع يحل ثمنه كما يحل ثمن الحمار

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|