عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 21-11-2024, 10:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,205
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله

تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ الشُّعَرَاءِ
المجلد الثالث عشر
صـ 4621 الى صـ 4635
الحلقة (479)





القول في تأويل قوله تعالى:

[69 - 74] واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون .

واتل عليهم أي: على مشركي العرب: نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون أي: ما الذي تدعونه وتلجئون إليه. وكان عليه السلام يعلم أنهم عبدة أصنام، ولكنه سألهم ليريهم، أن ما يعبدونه ليس من استحقاق العبادة في شيء: قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين أي: مقيمين على عبادتها لا نتخطاها إلى غيرها قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون أي: مثل عبادتنا، فقلدناهم.

قال أبو السعود: اعترفوا بأنها بمعزل مما ذكر من السمع والمنفعة والمضرة بالمرة. واضطروا إلى إظهار أن لا سند لهم سوى التقليد.
القول في تأويل قوله تعالى:

[75 - 81] قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين .

[ ص: 4622 ] قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي أي: أفأبصرتم، أو أتأملتم فعلمتم ما كنتم تعبدونه وسلفكم. فإنهم بغضائي: إلا رب العالمين أي: لكن رب العالمين ليس كذلك، فإنه ولي في الدنيا والآخرة، لا أعبد غيره ثم برهن على موجب قصر عبادته عليه تعالى بقوله: الذي خلقني فهو يهدين أي: إلى كل ما يهمني من أمور الدين والدنيا، فإنه تعالى وحده يهدي كلا لم خلق له. والموصول صفة لـ(رب) وجعله مبتدأ وما بعده خبرا - غير حقيق بجزالة التنزيل. قاله أبو السعود.

والذي هو يطعمني ويسقين أي: يرزقني بما سخر ويسر من الأسباب السماوية والأرضية، فساق المزن، وأنزل الماء وأحيى به الأرض وأخرج به من كل الثمرات رزقا للعباد، وأنزل الماء عذبا زلالا يسقيه مما خلق أنعاما وأناسي كثيرا.

وإذا مرضت فهو يشفين أي: إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما قدره من الأسباب الموصلة إليه. وإنما نسب المرض إلى نفسه والشفاء إلى الله تعالى، مع أنهما منه، لمراعاة حسن الأدب معه تعالى. بتخصيصه بنسبة الشفاء الذي هو نعمة ظاهرة إليه تعالى كما قال الخضر: فأردت أن أعيبها وقال: فأراد ربك أن يبلغا أشدهما وكقول الجن في آية: أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ولأن كثيرا من أسباب المرض يحدث بتفريط من الإنسان في مطاعمه ومشاربه وغير ذلك. ومن ثم قالت الحكماء: لو قيل لأكثر الموتى: ما سبب آجالكم؟ لقالوا: التخم.

والذي يميتني ثم يحيين فإنه هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، لا يقدر على ذلك أحد سواه. فإن قيل إن الموت قد يكون بتفريط الإنسان، وقد أضافه تعالى إلى نفسه، فما الفرق بين نسبة الموت ونسبة المرض في مقتضى الأدب؟ أجيب كما في (الانتصاف): بأن الموت قد علم به بأنه قضاء محتوم من الله تعالى على سائر البشر، وحكم عام لا يخص، ولا كذلك المرض فكم من معافى منه قد بغته الموت; فالتأسي بعموم الموت لعله يسقط أثر كونه بلاء، فيسوغ في الأدب نسبته إلى الله تعالى. وأما المرض، فلما كان مما يخص به بعض البشر دون بعض، كان بلاء محققا. فاقتضى العلو في الأدب مع الله تعالى، أن ينسبه الإنسان إلى نفسه، باعتبار ذلك السبب الذي لا يخلو منه. ويؤيد ذلك أن كل ما ذكره مع المرض، أخبر عن وقوعه بتا وجزما، لأنه أمر لا بد منه. وأما المرض، فلما يتفق وقد لا، أورده مقرونا بشرط إذا فقال: وإذا مرضت وكان ممكنا أن يقول والذي يمرضني فيشفيني، كما في غيره فما عدل عن المطابقة المجانسة المأثورة، إلا لذلك. انتهى.

قال أبو السعود: وأما الإماتة، فحيث كانت من معظم خصائصه تعالى كالإحياء، بدءا وإعادة، وقد نيطت أمور الآخرة جميعا بها وبما بعدها من البعث نظمها في سمط واحد في قوله تعالى: والذي يميتني ثم يحيين على أن الموت، لكونه ذريعة إلى نيله عليه الصلاة والسلام للحياة الأبدية، بمعزل من أن يكون غير مطموع عنده عليه الصلاة والسلام.
القول في تأويل قوله تعالى:

[82] والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين .

والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين أي: الجزاء. وخطيئته ما كان يراها هو صلوات الله عليه ويعدها بالنسبة لمقامه الكريم.

قال أبو السعود: ذكره عليه الصلاة والسلام هضما لنفسه وتعليما للأمة أن يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر وطلب مغفرة لما يفرط منهم وتلافيا لما عسى يندر منه عليه السلام من الصغائر، وتنبيها لأبيه وقومه على أن يتأملوا في أمرهم فيقفوا على أنهم من سوء الحال في درجة لا يقادر قدرها، فإن حاله عليه السلام، مع كونه في طاعة الله تعالى وعبادته، في الغاية القاصية، حيث كانت بتلك المثابة. فما ظنك بحال أولئك المغمورين في الكفر، وفنون المعاصي والخطايا؟.

وتعليق مغفرة الخطيئة بيوم الدين، مع أنها إنما تغفر في الدنيا، لأن أثرها يومئذ يتبين، ولأن في ذلك تهويلا له وإشارة إلى وقوع الجزاء فيه، إن لم تغفر، وبعد أن ذكر عنايته تعالى به من مبدأ خلقه إلى بعثه، حمله ذلك على مناجاته، فقال:
القول في تأويل قوله تعالى:

[83 - 84] رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين .

رب هب لي حكما أي: حكمة، أو حكما بين الناس بالحق، أو نبوة، لأن النبي ذو حكم وحكمة وألحقني بالصالحين أي: وفقني لأنتظم في سلكهم، لأكون من الذين جعلتهم سببا لصلاح العالم وكمال الخلق واجعل لي لسان صدق في الآخرين أي ذكرا جميلا بعدي، أذكر به ويقتدى بي في الخير كما قال تعالى: وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين

قال القتيبي: وضع اللسان موضع القول على الاستعارة، لأن القول يكون به، وقد تكني العرب به عن الكلمة. وعليها حمل قول الأعشى:


إني أتتني لسان لا أسر بــهـــا من علو، لا عجب منها ولا سخر


وجوز أن يكون المعنى: واجعل لي صادقا من ذريتي، يجدد أصل ديني ويدعو الناس إلى ما كنت أدعوهم إليه من التوحيد. وهو النبي صلى الله عليه وسلم. ولذا قال صلى الله عليه وسلم: « أنا دعوة [ ص: 4625 ] أبي إبراهيم » ، فالكلام بتقدير مضاف. أي: صاحب لسان صدق. أو مجاز بإطلاق الجزء على الكل، لأن الدعوة باللسان.
القول في تأويل قوله تعالى:

[85 - 86] واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لأبي إنه كان من الضالين

واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لأبي أي: بهدايته وتوفيقه للإيمان. كما يلوح به تعليله بقوله: إنه كان من الضالين أي: طريق الحق.

قال الحافظ ابن كثير . قوله: واغفر لأبي إلخ.. كقوله: ربنا اغفر لي ولوالدي وهذا مما رجع عنه إبراهيم عليه السلام كما قال تعالى: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه إلى قوله: إن إبراهيم لأواه حليم وقد قطع تعالى الإلحاق في استغفاره لأبيه، فقال تعالى: قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إلى قوله: وما أملك لك من الله من شيء
القول في تأويل قوله تعالى:

[87 - 89] ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم

ولا تخزني يوم يبعثون أي: لا تلحق بي ذلا وهوانا يومئذ: يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم أي لا يقي المرء من عذاب الله ماله ولو افتدى بملء الأرض ذهبا. ولا بنوه، وإن كانوا غاية في القوة. فإن الأمر ثمة ليس كما يعهدون [ ص: 4626 ] في الدنيا، بل لا ينفع إلا الموافاة بقلب سليم من مرض الكفر والنفاق والخصال المذمومة والملكات المشؤومة.

قال الزمخشري : وما أحسن ما رتب إبراهيم عليه السلام كلامه مع المشركين حين سألهم أولا عما يعبدون سؤال مقرر لا مستفهم. ثم أنحى على آلهتهم فأبطل أمرها بأنها لا تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع. وعلى تقليدهم آباءهم الأقدمين، فكسره وأخرجه من أن يكون شبهة، فضلا أن يكون حجة. ثم صور المسألة في نفسه دونهم حتى تخلص منها إلى ذكر الله عز وعلا، فعظم شأنه وعدد نعمته من لدن خلقه وإنشائه، إلى حين وفاته، مع ما يرجى في الآخرة من رحمته. ثم أتبع ذلك أن دعاه بدعوات المخلصين، وابتهل إليه ابتهال الأوابين. ثم وصله بذكر يوم القيامة، وثواب الله وعقابه، وما يدفع إليه المشركون يومئذ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال، وتمني الكرة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا.

ثم بين سبحانه أن الجنة تكون قريبة من موقف السعداء، ينظرون إليها ويغتبطون [ ص: 4627 ] بأنهم المحشورون إليها. والنار تكون بارزة مكشوفة للأشقياء بمرأى منهم، يتحسرون على أنهم المسوقون إليها.
القول في تأويل قوله تعالى:

[90 - 94] وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون فكبكبوا فيها هم والغاوون .

وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين أي: الضالين عن طريق الحق الذي هو الإيمان والتقوى. وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع وتقرره وقيل لهم توبيخا على شركهم: أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون أي: يدفعون العذاب عنكم، أو يدفعونه عن أنفسهم، لأنهم وآلهتهم وقود النار. وهو قوله تعالى: فكبكبوا فيها هم أي: الآلهة: والغاوون أي: وعبدتهم الذين برزت لهم الجحيم.

قال الزمخشري : والكبكبة تكرير الكب -وهو الإلقاء على الوجه- جعل التكرير في اللفظ على التكرير في المعنى، كأنه إذا ألقي في جهنم ينكب مرة بعد مرة حتى يستقر في قعرها.
القول في تأويل قوله تعالى:

[95 - 98] وجنود إبليس أجمعون [ ص: 4628 ] قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين .

وجنود إبليس أي: متبعوه من العصاة: أجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين أي: في العبادة، مع أنكم أعجز مخلوقاته.
القول في تأويل قوله تعالى:

[99] وما أضلنا إلا المجرمون

وما أضلنا إلا المجرمون أي: رؤساؤهم، كما في آية: ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا
القول في تأويل قوله تعالى:

[100 - 101] فما لنا من شافعين ولا صديق حميم

فما لنا من شافعين ولا صديق حميم أي: من الذين كنا نعدهم شفعاء وأصدقاء لأنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم أنهم شفعاؤهم عند الله. وكان لهم الأصدقاء من شياطين الإنس. فما أغنوا عنهم شيئا. كما قال تعالى: الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين قال الزمخشري : و(الحميم) من الاحتمام وهو الاهتمام، وهو الذي يهمه ما يهمك. أو من (الحامة): بمعنى الخاصة. وهو الصديق الخاص. وفيه معنى الحدة والسخونة. كأنه يحتد [ ص: 4629 ] ويحمى، لحماية خليله ورعايته، والقيام بمهماته. وهذا هو الذي قيل: إنه أعز من بيض الأنوق وإنه اسم بلا مسمى.
القول في تأويل قوله تعالى:

[102 - 104] فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم .

فلو أن لنا كرة أي: رجعة إلى رجعة إلى الدنيا: فنكون من المؤمنين إن في ذلك أي فيما ذكر من نبأ إبراهيم: لآية أي: لحجة وعظة أراد أن يستبصر بها ويعتبر. وتقدم ما قاله الزمخشري في بديع سياقها: وما كان أكثرهم أي: أكثر قوم إبراهيم: مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم أي: بإنزال الكتب وإرسال الرسل، لدعوة خلقه إلى ما فيه صلاحهم وفلاحهم.
القول في تأويل قوله تعالى:

[105 - 111] كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون [ ص: 4630 ] قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون

كذبت قوم نوح المرسلين لأن تكذيب واحد كتكذيب الكل، لاتفاقهم في أصول الشرائع. وهو نفي الشريك وإثبات البارئ وتوحيده. أو لأن المراد بالجمع الواحد: إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون يعنون من كان وضيع النسب قليل النصيب من الدنيا. فإن الشرف لديهم بالمال والنشب، والحسب والنسب، لا بالأخلاق الفاضلة. والملكات الكاملة. التي تحمل على تعرف الحق والتوجه إليه. ثم اعتناقه والمحافظة عليه. وأكثر ما تكون الأخلاق في مثل المستضعفين. إذا قام عليهم ناصح أمين. إذ لا مال يطغيهم. ولا جاه يلهيهم. وذلك من العناية الربانية فيهم.

قال الزمخشري : وهكذا كانت قريش تقول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما زالت أتباع الأنبياء كذلك، حتى صارت من سماتهم وأماراتهم. ألا ترى إلى هرقل حين سأل أبا سفيان عن أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قال: (ضعفاء الناس)، قال: (ما زالت أتباع الأنبياء كذلك). وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى:

[112] قال وما علمي بما كانوا يعملون

قال وما علمي بما كانوا يعملون جواب عما أشير إليه من قولهم إنهم لم يؤمنوا عن نظر وبصيرة. أي: وما علي إلا الظاهر والله يتولى السرائر.
القول في تأويل قوله تعالى:

[113 - 118] إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون [ ص: 4631 ] وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين .

إن حسابهم إلا على ربي أي: ما حسابهم على أعمالهم، إلا على ربي المطلع على ضمائرهم: لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين أي: المشتومين أو المرميين بالحجارة: قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا أي: احكم بيننا بما يستحقه كل واحد منا.

قال الزمخشري : الفتاحة: الحكومة. والفتاح: الحاكم . لأنه يفتح المستغلق. كما سمي فيصلا لأنه يفصل بين الخصومات. وفي (التهذيب): الفتح أن تحكم بين قوم يختصمون إليك. قال الأشعر الجعفي :


ألا من مبلغ عمرا رسولا فإني عن فتاحتكم غني


ونجني ومن معي من المؤمنين
القول في تأويل قوله تعالى:

[119 - 128] فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين [ ص: 4632 ] وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتبنون بكل ريع آية تعبثون .

فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية أي: فيما فعلنا بهم لعبرة وعظة لمن بعدهم: وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذبت عاد وهم قوم هود عليه السلام: المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتبنون بكل ريع أي: مكان مرتفع، بكسر الراء وفتحها: آية أي: علامة: تعبثون أي: ببنائها لا للحاجة إليها. بل لمجرد اللعب واللهو وإظهار القوة. ولهذا أنكر عليهم ذلك. لأنه تضييع للزمان وإتعاب للأبدان في غير فائدة. واشتغال بما هم في غنى عنه. وبما في الشغف به انصراف عن الجد في العمل، وصرف للأموال في غير ما خلقت له، من النظر للنفس والأهل والدين.
القول في تأويل قوله تعالى:


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 53.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.05 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.17%)]