عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 14-11-2024, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثالث
الحلقة (202)
صـ 241 إلى صـ 248





لا فعل له إذا فعله ما قام به والفعل عندهم غير المفعول، فيقولون إنها مفعولة للرب لا فعل له (1) وإنها فعل للعبد.
كما يقولون في قدرة العبد: إنها قدرة للعبد مقدورة للرب لا إنها نفس قدرة الرب.
وكذلك إرادة العبد هي إرادة للعبد مرادة للرب.
وكذلك سائر صفات العبد هي صفات له وهي (2) مفعولة للرب مخلوقة له ليست بصفات له.
ومما يبين ذلك أن الله تعالى قد أضاف كثيرا من الحوادث إليه وأضافه إلى بعض مخلوقاته، إما أن يضيف عينه أو نظيره.
كقوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} [سورة الزمر 42]] .
وقال تعالى: {هو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار} [سورة الأنعام 60] .
مع قوله تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} [سورة السجدة 11] .
وقوله: {توفته رسلنا وهم لا يفرطون} [سورة الأنعام 61] .
وكذلك قوله تعالى في الريح: {تدمر كل شيء بأمر ربها} [سورة الأحقاف: 25] .

‌‌_________
(1) عبارة " لا فعل له "، ساقطة من (ع) .
(2) ع: هي صفات العبد وهي
=================================
وقال: {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون} [سورة الأعراف 137] .
وقال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} [سورة الإسراء 9] .
وقال: {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام} [سورة المائدة 16] .
وقال: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [سورة يوسف 3] .
وقال: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} [سورة النمل 76] .
وقال: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} [سورة النساء 127] .
أي: ما يتلى عليكم في الكتاب يفتيكم فيهن.
وقال: {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} [سورة الحج: 5] ، فأضاف الإنبات (1) إليها.
وقال تعالى: {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج} [سورة الحجر 19] .
وقال تعالى: {هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون - ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات} [سورة النحل 10، 11] .
وقال تعالى: {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا} [سورة يونس 24] .

‌‌_________
(1) أ: النبات، وهو تحريف
==============================
وقال تعالى: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} [سورة الكهف 7] .
وقال تعالى: {إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} [سورة الصافات 6] .
وقال تعالى: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها} [سورة الحديد: 4] .
وقال تعالى: {ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء} [سورة النحل: 2] .
وقال: {نزل به الروح الأمين} [سورة الشعراء: 193] .
وقال: {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} [سورة الإسراء: 105] .
وقال: {وأنزلنا من السماء ماء} [سورة المؤمنون: 18] .
وقال تعالى: {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] ، وقال سليمان عليه الصلاة والسلام: {ياأيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء} [سورة النمل: 16] .
وقال تعالى: {فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} [سورة الذاريات: 23] ، فهم نطقوا وهو أنطقهم، وهو الذي أنطق كل شيء.
فإذا كان [تبارك وتعالى] (1) قد جعل في الجمادات قوى تفعل، وقد أضاف الفعل إليها ولم يمنع ذلك أن يكون خالقا لأفعالها، فلأن لا

‌‌_________
(1) تبارك وتعالى ليست في (ع)
===========================
يمنع إضافة الفعل إلى الحيوان وإن كان الله خالقه - بطريق الأولى.
فإن القدرية لا تنازع في أن الله خالق ما في الجمادات من القوى والحركات وقد أخبر الله (1) أن الأرض تنبت، وأن السحاب يحمل الماء كما قال تعالى: {فالحاملات وقرا} [سورة الذاريات: 2] .
والريح تنقل السحاب كما قال تعالى: {وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت} [سورة الأعراف: 57] ، وأخبر أن الريح تدمر كل شيء، وأخبر أن الماء طغى بقوله تعالى: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} [سورة الحاقة: 11] .
بل قد أخبر بما هو أبلغ من ذلك من سجود هذه الأشياء وتسبيحها كما في قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب} [سورة الحج: 18] .
وهذا التفصيل يمنع حمل ذلك على أن المراد كونها مخلوقة دالة على الخالق وأن المراد شهادتها بلسان الحال فإن هذا عام لجميع الناس.
وقد قال تعالى: {ياجبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد} [سورة سبأ: 10] .
وقال: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق - والطير محشورة كل له أواب} [سورة ص: 18، 19] .

‌‌_________
(1) ع: والله قد أخبر
============================
فأخبر أن الجبال تئوب معه والطير، وأخبر أنه سخرها تسبح.
وقال: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه} [سورة النور: 41] .
وقال تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [سورة الإسراء: 44] .
وقال: {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها} [سورة الرعد: 15] .
وقال: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله} [سورة البقرة: 74] .
وبسط الكلام على سجود هذه الأشياء وتسبيحها مذكور في غير هذا الموضع (1) .
والمقصود هنا أن هذا كله مخلوق لله بالاتفاق مع جعل ذلك فعلا لهذه الأعيان في القرآن، فعلم أن ذلك لا ينافي كون الرب تعالى خالقا لكل شيء.

فإن قيل: قولكم إذا جعلنا الله فاعلا وجب وجود ذلك الفعل (2) وخلق الفعل يستلزم وجوده، ونحو ذلك من الأقوال يقتضي الجبر، وهو قول باطل.

‌‌_________
(1) وهو في " رسالة في قنوت الأشياء كلها لله تعالى " وهي التي حققتها ونشرتها في المجموعة الأولى من " جامع الرسائل " ص [0 - 9]- 45 ط المدني القاهرة، 1389 1969.
(2) الفعل: زيادة في (ب) فقط
=========================

قيل: لفظ الجبر لم يرد في كتاب ولا سنة لا بنفي ولا إثبات، واللفظ إنما يكون له حرمة إذا ثبت عن المعصوم، وهي ألفاظ النصوص، فتلك علينا أن نتبع معانيها، وأما الألفاظ المحدثة مثل لفظ الجبر فهو مثل لفظ الجهة والحيز ونحو ذلك.
ولهذا كان المنصوص عن أئمة الإسلام مثل الأوزاعي والثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم أن هذا اللفظ لا يثبت ولا ينفى مطلقا، فلا يقال مطلقا: جبر، ولا يقال: لم يجبر، فإنه لفظ مجمل.
ومن علماء السلف (1) من أطلق نفيه، كالزبيدي صاحب الزهري، وهذا نظر إلى المعنى المشهور من معناه في اللغة، فإن المشهور إطلاق لفظ الجبر والإجبار على ما يفعل بدون إرادة المجبور بل مع كراهته كما يجبر الأب ابنته على النكاح.
وهذا المعنى منتف في حق الله تعالى فإنه سبحانه لا يخلق فعل العبد الاختياري بدون اختياره، بل هو الذي جعله مريدا مختارا، وهذا لا يقدر عليه أحد إلا الله.
ولهذا قال من قال من السلف: الله أعظم وأجل (2) من أن يجبر، إنما يجبر غيره من لا (3) يقدر على جعله مختارا، والله تعالى يجعل العبد مختارا فلا يحتاج إلى إجباره.

‌‌_________
(1) ع: السنة.
(2) وأجل: ساقطة من (ع) .
(3) لا: ساقطة من (أ)
=========================

ولهذا قال الأوزاعي والزبيدي وغيرهما: نقول جبل ولا نقول جبر، لأن الجبل جاءت به السنة كما في الحديث الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: إن فيك خلقين يحبهما الله الحلم والأناة. فقال: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟ فقال: بل خلقين جبلت عليهما. فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله» (1) .
فقد يراد بلفظ الجبر (2) نفس فعل ما يشاؤه، وإن خلق اختيار العبد؛ كما قال محمد بن كعب القرظي: الجبار هو الذي جبر العباد على ما أراده (3) .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في الدعاء المأثور عنه: اللهم داحي المدحوات، وسامك المسموكات، جبار (4) القلوب على فطرتها (5) شقيها وسعيدها.
فإذا أريد بالجبر هذا فهذا حق (6) وإن أريد به الأول فهو باطل، ولكن الإطلاق يفهم منه الأول، فلا يجوز إطلاقه، فإذا قال السائل: أنا أريد بالجبر المعنى الثاني، وهو أن نفس جعل الله للعبد (7) فاعلا قادرا

‌‌_________
(1) مضى هذا الحديث من قبل في هذا الجزء، ص [0 - 9] 6
(2) ع: فقد يراد بالجبر.
(3) أ، ب: على ما أراد.
(4) ع: جابر.
(5) ع: فطراتها.
(6) أ، ب: فالجبر حق.
(7) أ، ب: العبد
===========================
يستلزم الجبر، ونفس كون الداعي والقدرة يستلزم وجود الفعل " جبر ".
قيل: هذا المعنى حق، ولا دليل لك على إبطاله، وحذاق المعتزلة كأبي الحسين البصري وأمثاله يسلمون هذا فيسلمون أن مع وجود الداعي والقدرة يجب وجود الفعل.
وصاحب هذا الكتاب قد سلك هذه الطريقة فلا يمكنه مع هذا إنكار الجبر بهذا التفسير، ولهذا (1) نسب أبو الحسين إلى التناقض في هذه المسألة، فإنه وأمثاله من حذاق المعتزلة إذا سلموا أنه مع الداعي والقدرة، يجب وجود الفعل، وسلموا أن الله خلق الداعي والقدرة لزم أن يكون (2) الله خالق أفعال العباد.
فحذاق المعتزلة سلموا المقدمتين ومنعوا النتيجة، والطوسي الذي قد عظمه هذا الإمامي ذكر في تلخيص المحصل لما ذكر احتجاج الرازي: بأن الفعل يجب عند وجود المرجح التام ويمتنع عند عدمه، فبطل (3) قول المعتزلة بالكلية (4) يعني الذين يقولون إنه يفعل على وجه

‌‌_________
(1) أ، ب: وبهذا.
(2) يكون ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ب فقط: فقد بطل.
(4) يقول الرازي في " المحصل " ص 141: وزعم الجمهور من المعتزلة أن العبد موجد لأفعاله لا على نعت الإيجاب بل على صفة الاختيار. لنا وجوه: الأول: أن العبد حال الفعل إما أن يمكنه الترك أو لا يمكنه، فإن لم يمكنه الترك فقد بطل قول المعتزلة، وإن أمكنه، فإما أن لا يفتقر ترجيح الفعل على الترك إلى مرجح، وهو باطل، لأنه تجويز لأحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح، أو يفتقر ذلك المرجح، إن كان من فعله عاد التقسيم، وإلا يتسلسل، بل ينتهي لا محالة إلى مرجح لا يكون من فعله، ثم عند حصول ذلك المرجح إن أمكن أن لا يتحصل ذلك الفعل فلنفرض ذلك، وحينئذ يحصل الفعل تارة، ولا يحصل أخرى، مع أن نسبة ذلك المرجح إلى الوقتين على السواء، فاختصاص أحد الوقتين بالحصول، ووقت الآخر بعدم الحصول، يكون ترجيحا لأحد طرفي الممكن المتساوي على الآخر من غير مرجح، وهو محال، وإن امتنع أن لا يحصل فقد بطل قول المعتزلة بالكلية، لأنه متى حصل المرجح وجب الفعل، ومتى لم يحصل امتنع، فلم يكن العبد مستقلا بالاختيار، فهذا كلام قاطع
======================


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]