عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 03-11-2024, 03:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,352
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء التاسع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ
الحلقة (499)
صــ 66 إلى صــ 80






10194 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور قال : حدثني سعيد بن جبير أو : حدثت عن سعيد بن جبير : أن عبد الرحمن بن أبزى أمره أن يسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين التي في "النساء" : [ ص: 66 ] " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " إلى آخر الآية والتي في "الفرقان" : ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) إلى ( ويخلد فيه مهانا ) ، قال ابن عباس : إذا دخل الرجل في الإسلام وعلم شرائعه وأمره ، ثم قتل مؤمنا متعمدا ، فلا توبة له . وأما التي في "الفرقان" ، فإنها لما أنزلت قال المشركون من أهل مكة : فقد عدلنا بالله ، وقتلنا النفس التي حرم الله بغير الحق ، وأتينا الفواحش ، فما ينفعنا الإسلام! قال فنزلت : ( إلا من تاب ) الآية 75

10195 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : ما نسخها شيء .

10196 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا شعبة ، عن المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : هي من آخر ما نزلت ، ما نسخها شيء .

10197 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير قال : اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن ، فدخلت إلى ابن عباس فسألته فقال : لقد نزلت في آخر ما أنزل من القرآن ، وما نسخها شيء .

10198 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم العسقلاني قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا أبو إياس معاوية بن قرة قال : أخبرني شهر بن حوشب قال : [ ص: 67 ] سمعت ابن عباس يقول : نزلت هذه الآية : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " بعد قوله : ( إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ) ، بسنة .

10199 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا سلم بن قتيبة قال : حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة ، عن ابن عباس قال : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : نزلت بعد ( إلا من تاب ) ، بسنة .

10200 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا أبو إياس قال : حدثني من سمع ابن عباس يقول في قاتل المؤمن : نزلت بعد ذلك بسنة . فقلت لأبي إياس : من أخبرك؟ فقال : شهر بن حوشب .

10201 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن أبي حصين ، عن سعيد ، عن ابن عباس في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " ، قال : ليس لقاتل توبة ، إلا أن يستغفر الله .

10202 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " الآية ، قال عطية : وسئل عنها ابن عباس ، فزعم أنها نزلت بعد الآية التي في "سورة الفرقان" بثماني سنين ، وهو قوله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) إلى قوله : ( غفورا رحيما ) .

10203 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن مطرف عن أبي السفر ، عن ناجية ، عن ابن عباس قال : هما المبهمتان : الشرك والقتل .

10204 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك [ ص: 68 ] بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، لأن الله سبحانه يقول : " فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " .

10205 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن بعض أشياخه الكوفيين ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن ابن مسعود في قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " ، قال : إنها لمحكمة ، وما تزداد إلا شدة .

10206 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عثمان بن سعيد قال : حدثني هياج بن بسطام ، عن محمد بن عمرو ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن زيد بن ثابت قال : نزلت "سورة النساء" بعد "سورة الفرقان" بستة أشهر .

10207 - حدثنا ابن البرقي قال : حدثنا ابن أبي مريم قال : أخبرنا نافع بن يزيد قال : حدثني أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس : يأتي المقتول يوم القيامة آخذا رأسه بيمينه وأوداجه تشخب دما ، يقول : يا رب ، دمي عند فلان! فيؤخذان فيسندان إلى العرش ، فما أدري ما يقضى بينهما . ثم نزع بهذه الآية : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " الآية ، 75 قال ابن عباس : والذي نفسي بيده ، ما نسخها الله جل وعز منذ أنزلها على نبيكم عليه السلام .

10208 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يحيى بن آدم ، عن ابن عيينة ، [ ص: 69 ] عن أبي الزناد قال : سمعت رجلا يحدث خارجة بن زيد بن ثابت ، عن زيد بن ثابت قال : سمعت أباك يقول : نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر ، قوله : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " ، إلى آخر الآية ، بعد قوله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) إلى آخر الآية ، [ سورة الفرقان ، 68 ] .

10209 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن أبي الزناد قال : سمعت رجلا يحدث خارجة بن زيد قال : سمعت أباك في هذا المكان بمنى يقول : نزلت الشديدة بعد الهينة - قال : أراه - بستة أشهر ، يعني : ومن يقتل مؤمنا متعمدا بعد : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) [ سورة النساء : 48 ، 116 ] .

10210 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سلمة بن نبيط ، عن الضحاك بن مزاحم قال : ما نسخها شيء منذ نزلت ، وليس له توبة .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : معناه : ومن يقتل مؤمنا متعمدا ، فجزاؤه إن جزاه جهنم خالدا فيها ، ولكنه يعفو ويتفضل على أهل الإيمان به وبرسوله ، فلا يجازيهم بالخلود فيها ، ولكنه عز ذكره إما أن يعفو بفضله فلا يدخله النار ، وإما أن يدخله إياها ثم يخرجه منها بفضل رحمته ، لما سلف من وعده عباده المؤمنين بقوله : ( يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) [ سورة الزمر : 53 ] .

فإن ظن ظان أن القاتل إن وجب أن يكون داخلا في هذه الآية ، فقد يجب أن يكون المشرك داخلا فيه ، لأن الشرك من الذنوب ، فإن الله عز ذكره قد أخبر [ ص: 70 ] أنه غير غافر الشرك لأحد بقوله : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ سورة النساء : 48 ، 116 ] ، والقتل دون الشرك .
القول في تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا ( 94 ) )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : يا أيها الذين آمنوا يا أيها الذين صدقوا الله وصدقوا رسوله فيما جاءهم به من عند ربهم إذا ضربتم في سبيل الله يقول : إذا سرتم مسيرا لله في جهاد أعدائكم فتبينوا يقول : فتأنوا في قتل من أشكل عليكم أمره ، فلم تعلموا حقيقة إسلامه ولا كفره ، ولا تعجلوا فتقتلوا من التبس عليكم أمره ، ولا تتقدموا على قتل أحد إلا على قتل من علمتموه يقينا حربا لكم ولله ولرسوله ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم يقول : ولا تقولوا لمن استسلم لكم فلم يقاتلكم ، مظهرا لكم أنه من أهل ملتكم ودعوتكم لست مؤمنا [ ص: 71 ] فتقتلوه ابتغاء عرض الحياة الدنيا يقول : طلب متاع الحياة الدنيا ، فإن عند الله مغانم كثيرة من رزقه وفواضل نعمه ، فهي خير لكم إن أطعتم الله فيما أمركم به ونهاكم عنه ، فأثابكم بها على طاعتكم إياه ، فالتمسوا ذلك من عنده كذلك كنتم من قبل يقول : كما كان هذا الذي ألقى إليكم السلم فقلتم له : "لست مؤمنا" فقتلتموه ، كذلك كنتم أنتم من قبل ، يعني : من قبل إعزاز الله دينه بتباعه وأنصاره ، تستخفون بدينكم ، كما استخفى هذا الذي قتلتموه وأخذتم ماله بدينه من قومه أن يظهره لهم ، حذرا على نفسه منهم . وقد قيل إن معنى قوله : كذلك كنتم من قبل كنتم كفارا مثلهم فمن الله عليكم يقول : فتفضل الله عليكم بإعزاز دينه بأنصاره وكثرة تباعه . وقد قيل ، فمن الله عليكم بالتوبة من قتلكم هذا الذي قتلتموه وأخذتم ماله بعد ما ألقى إليكم السلم فتبينوا يقول : فلا تعجلوا بقتل من أردتم قتله ممن التبس عليكم أمر إسلامه ، فلعل الله أن يكون قد من عليه من الإسلام بمثل الذي من به عليكم ، وهداه لمثل الذي هداكم له من الإيمان . إن الله كان بما تعملون خبيرا يقول : إن الله كان بقتلكم من تقتلون ، وكفكم عمن تكفون عن قتله من أعداء الله وأعدائكم ، وغير ذلك من أموركم وأمور غيركم خبيرا يعني : ذا خبرة وعلم به ، يحفظه عليكم وعليهم ، حتى يجازي جميعكم به يوم القيامة جزاءه ، المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته . [ ص: 72 ]

وذكر أن هذه الآية نزلت في سبب قتيل قتلته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما قال : "إني مسلم" أو بعد ما شهد شهادة الحق أو بعد ما سلم عليهم لغنيمة كانت معه ، أو غير ذلك من ملكه ، فأخذوه منه .

ذكر الرواية والآثار في ذلك :

10211 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة مبعثا ، فلقيهم عامر بن الأضبط ، فحياهم بتحية الإسلام ، وكانت بينهم حنة في الجاهلية ، فرماه محلم بسهم ، فقتله . فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فيه عيينة والأقرع ، فقال الأقرع : يا رسول الله ، سن اليوم وغير غدا! فقال عيينة : لا والله ، حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي ، فجاء محلم في بردين ، فجلس بين يدي رسول الله ليستغفر له ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لا غفر الله لك! فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه ، فما مضت به سابعة حتى مات ، ودفنوه فلفظته الأرض . فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 73 ] فذكروا ذلك له ، فقال : إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم! ولكن الله جل وعز أراد أن يعظكم . ثم طرحوه بين صدفي جبل ، وألقوا عليه من الحجارة ، ونزلت : " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا " الآية ، 75

10212 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبي القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي ، عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم ، فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي ، ومحلم بن جثامة بن قيس الليثي . فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم ، مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له ، معه متيع له ، ووطب من لبن . فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام ، فأمسكنا عنه ، وحمل عليه محلم بن جثامة الليثي لشيء كان بينه وبينه فقتله ، وأخذ بعيره ومتيعه . فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرناه الخبر ، نزل فينا القرآن : " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا " الآية ، 75 [ ص: 74 ]

10213 - حدثني هارون بن إدريس الأصم قال : حدثنا المحاربي عبد الرحمن [ ص: 75 ] بن محمد ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن ابن أبي حدرد الأسلمي ، عن أبيه بنحوه .

10214 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : لحق ناس من المسلمين رجلا في غنيمة له ، فقال : السلام عليكم! فقتلوه وأخذوا تلك الغنيمة ، فنزلت هذه الآية : " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا " ، تلك الغنيمة .

10215 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عطاء ، عن ابن عباس بنحوه .

10216 - حدثني سعيد بن الربيع قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن [ ص: 76 ] عطاء ، عن ابن عباس قال : لحق المسلمون رجلا ثم ذكر مثله .

10217 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : مر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في غنم له ، فسلم عليهم ، فقالوا : ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم! فعمدوا إليه فقتلوه وأخذوا غنمه ، فأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا " إلى آخر الآية 75

10218 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .

10219 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : كان الرجل يتكلم بالإسلام ، ويؤمن بالله والرسول ، ويكون في قومه ، فإذا جاءت سرية محمد صلى الله عليه [ ص: 77 ] وسلم أخبر بها حيه يعني قومه ففروا ، وأقام الرجل لا يخاف المؤمنين من أجل أنه على دينهم ، حتى يلقاهم فيلقي إليهم السلام ، فيقول المؤمنون : "لست مؤمنا" ، وقد ألقى السلام فيقتلونه ، فقال الله تبارك وتعالى : " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا " ، إلى تبتغون عرض الحياة الدنيا يعني : تقتلونه إرادة أن يحل لكم ماله الذي وجدتم معه - وذلك عرض الحياة الدنيا - فإن عندي مغانم كثيرة ، فالتمسوا من فضل الله . وهو رجل اسمه " مرداس " ، جلا قومه هاربين من خيل بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عليها رجل من بني ليث اسمه " قليب " ، ولم يجل معهم ، وإذ لقيهم مرداس فسلم عليهم قتلوه ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهله بديته ، ورد إليهم ماله ، ونهى المؤمنين عن مثل ذلك .

10220 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا " ، الآية ، قال : وهذا الحديث في شأن مرداس ، رجل من غطفان ، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا عليهم غالب الليثي إلى أهل فدك ، وبه ناس من غطفان ، وكان مرداس منهم ، ففر أصحابه ، فقال مرداس : "إني مؤمن وإني غير متبعكم ، فصبحته الخيل غدوة ، فلما لقوه سلم عليهم مرداس ، فرماه [ ص: 78 ] أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلوه ، وأخذوا ما كان معه من متاع ، فأنزل الله جل وعز في شأنه : " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا " ، لأن تحية المسلمين السلام ، بها يتعارفون ، وبها يحيي بعضهم بعضا .

10221 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا " ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها أسامة بن زيد إلى بني ضمرة ، فلقوا رجلا منهم يدعى مرداس بن نهيك ، معه غنيمة له وجمل أحمر . فلما رآهم أوى إلى كهف جبل ، واتبعه أسامة . فلما بلغ مرداس الكهف ، وضع فيه غنمه ، ثم أقبل إليهم فقال : "السلام عليكم ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله" . فشد عليه أسامة فقتله ، من أجل جمله وغنيمته . وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أسامة أحب أن يثنى عليه خير ، ويسأل عنه أصحابه . فلما رجعوا لم يسألهم عنه ، فجعل القوم يحدثون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون : يا رسول الله ، لو رأيت أسامة ولقيه رجل ، فقال الرجل : "لا إله إلا الله ، محمد رسول الله" ، فشد عليه فقتله! وهو معرض عنهم . فلما أكثروا عليه ، رفع رأسه إلى أسامة فقال : كيف أنت ولا إله إلا الله؟ قال : يا رسول الله ، إنما قالها متعوذا ، تعوذ بها! . فقال [ ص: 79 ] له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلا شققت عن قلبه فنظرت إليه؟ قال : يا رسول الله ، إنما قلبه بضعة من جسده! فأنزل الله عز وجل خبر هذا ، وأخبره أنما قتله من أجل جمله وغنمه ، فذلك حين يقول : " تبتغون عرض الحياة الدنيا " ، فلما بلغ : " فمن الله عليكم " ، يقول : فتاب الله عليكم ، فحلف أسامة أن لا يقاتل رجلا يقول : "لا إله إلا الله" ، بعد ذلك الرجل ، وما لقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه .

10222 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا " ، قال : بلغني أن رجلا من المسلمين أغار على رجل من المشركين فحمل عليه ، فقال له المشرك : "إني مسلم أشهد أن لا إله إلا الله" ، فقتله المسلم بعد أن قالها . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال للذي قتله : أقتلته ، وقد قال لا إله إلا الله؟ فقال ، وهو يعتذر : يا نبي الله ، إنما قالها متعوذا ، وليس كذلك! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فهلا شققت عن قلبه؟ ثم مات قاتل الرجل فقبر ، فلفظته الأرض . فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم أن يقبروه ، ثم لفظته الأرض ، حتى فعل به ذلك ثلاث مرات . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الأرض أبت أن تقبله ، فألقوه في غار من الغيران . قال معمر : وقال بعضهم : إن الأرض تقبل من هو شر منه ، ولكن الله جعله لكم عبرة .

10223 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق : أن قوما من المسلمين لقوا رجلا من المشركين في غنيمة له ، فقال : "السلام عليكم ، إني مؤمن" ، فظنوا أنه يتعوذ بذلك ، فقتلوه وأخذوا غنيمته . قال : فأنزل الله جل وعز : [ ص: 80 ] " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا " تلك الغنيمة " كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا " .

10224 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد بن جبير قوله : " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا " ، قال : خرج المقداد بن الأسود في سرية ، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فمروا برجل في غنيمة له ، فقال : "إني مسلم" ، فقتله المقداد . فلما قدموا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية : " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا " ، قال : الغنيمة .

10225 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : نزل ذلك في رجل قتله أبو الدرداء

فذكر من قصة أبي الدرداء ، نحو القصة التي ذكرت عن أسامة بن زيد ، وقد ذكرت في تأويل قوله : " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ " ، ثم قال في الخبر :

ونزل الفرقان : " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ " ، فقرأ حتى بلغ : " لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا " ، غنمه التي كانت ، عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة خير من تلك الغنم ، إلى قوله : " إن الله كان بما تعملون خبيرا " . [ ص: 81 ]

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.70%)]