عرض مشاركة واحدة
  #545  
قديم 10-10-2024, 06:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,703
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء التاسع

سُورَةُ الْعَادِيَاتِ
الحلقة (545)
صــ 194 إلى صــ 208







والثاني: أن تكون " من " بمعنى " على " تقديره: على كل امرئ من المسلمين سلام من الملائكة، كقوله تعالى: ونصرناه من القوم الذين كذبوا [الأنبياء: 77] . والقراءة الموافقة لخط المصحف هي الصواب . ويكون تمام الكلام عند قوله تعالى: [ ص: 194 ] من كل أمر ثم ابتدأ فقال تعالى: سلام هي أي: ليلة القدر سلام . وفي معنى السلام قولان .

أحدهما: أنه لا يحدث فيها داء ولا يرسل فيها شيطان، قاله مجاهد .

والثاني: أن معنى السلام: الخير والبركة، قاله قتادة . وكان بعض العلماء يقول: الوقف على " سلام " على معنى تنزل الملائكة بالسلام .

قوله تعالى: حتى مطلع الفجر قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو ، وابن عامر، وحمزة: " مطلع " بفتح اللام . وقرأ الكسائي بكسرها . قال الفراء: والفتح أقوى في قياس العربية، لأن المطلع بالفتح: الطلوع، وبالكسر: الموضع الذي يطلع منه، إلا أن العرب تقول: طلعت الشمس مطلعا، بالكسر، وهم يريدون المصدر، كما تقول: أكرمتك كرامة، فتجتزئ بالاسم عن المصدر . وقد شرحنا هذا المعنى في " الكهف " عند قوله تعالى: مطلع الشمس [آية: 9] شرحا كافيا، ولله الحمد .

سُورَةُ الْبَيِّنَةِ

وفيها قولان

أحدهما: مدنية، قاله الجمهور .

والثاني: مكية، قاله أبو صالح عن ابن عباس، واختاره يحيى بن سلام .

بسم الله الرحمن الرحيم

لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه .

[ ص: 196 ] قوله تعالى: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب يعني اليهود والنصارى والمشركين أي: ومن المشركين، وهم عبدة الأوثان منفكين أي: منفصلين وزائلين يقال: فككت الشيء، فانفك، أي: انفصل- والمعنى: لم يكونوا زائلين عن كفرهم وشركهم حتى تأتيهم أي: حتى أتتهم، فلفظه لفظ المستقبل، ومعناه الماضي . و البينة الرسول، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه بين لهم ضلالهم وجهلهم . وهذا بيان عن نعمة الله على من آمن من الفريقين إذ أنقذهم . وذهب بعض المفسرين إلى أن معنى الآية: لم يختلفوا أن الله يبعث إليهم نبيا حتى بعث فافترقوا . وقال بعضهم: لم يكونوا ليتركوا منفكين عن حجج الله حتى أقيمت عليهم البينة . والوجه هو الأول . والرسول هاهنا محمد صلى الله عليه وسلم . ومعنى يتلو صحفا أي: ما تضمنته الصحف من المكتوب فيها، وهو القرآن . ويدل على ذلك أنه كان يتلو القرآن عن ظهر قلبه لا من كتاب . ومعنى " مطهرة " أي: من الشرك والباطل . فيها أي: في الصحف كتب قيمة أي: عادلة مستقيمة تبين الحق من الباطل، وهي الآيات . قال مقاتل: وإنما قيل لها: كتب لما جمعت من أمور شتى .

[ ص: 197 ] قوله تعالى: وما تفرق الذين أوتوا الكتاب يعني: من لم يؤمن منهم إلا من بعد ما جاءتهم البينة وفيها ثلاثة أقوال .

أحدها: أنها محمد صلى الله عليه وسلم . والمعنى: لم يزالوا مجتمعين على الإيمان به حتى بعث، قاله الأكثرون .

والثاني: القرآن، قاله أبو العالية .

والثالث: ما في كتبهم من بيان نبوته، ذكره الماوردي . وقال الزجاج: وما تفرقوا في كفرهم بالنبي إلا من بعد أن تبينوا أنه الذي وعدوا به في كتبهم .

[ ص: 198 ] قوله تعالى: وما أمروا أي: في كتبهم إلا ليعبدوا الله أي: إلا أن يعبدوا الله . قال الفراء: والعرب تجعل اللام في موضع " أن " في الأمر والإرادة كثيرا، كقوله تعالى: يريد الله ليبين لكم [النساء: 26]، و يريدون ليطفئوا نور الله [الصف: 8] . وقال في الأمر وأمرنا لنسلم [الأنعام: 71] .

[ ص: 199 ] قوله تعالى: مخلصين له الدين أي: موحدين لا يعبدون سواه حنفاء على دين إبراهيم ويقيموا الصلاة المكتوبة في أوقاتها ويؤتوا الزكاة عند وجوبها وذلك الذي أمروا به هو دين القيمة قال الزجاج: أي دين الأمة القيمة بالحق . ويكون المعنى: ذلك الدين دين الملة المستقيمة .

قوله تعالى: أولئك هم خير البرية قرأ نافع، وابن ذكوان عن ابن عامر بالهمز بالكلمتين . وقرأ الباقون بغير همز فيهما . قال ابن قتيبة: البرية: الخلق . وأكثر العرب والقراء على ترك همزها لكثرة ما جرت على الألسنة، وهي فعيلة بمعنى مفعولة . ومن الناس من يزعم أنها مأخوذة من بريت العود، ومنهم من يزعم أنها من البرى وهو التراب [أي: خلق من التراب، وقالوا: لذلك لا يهمز، وقال الزجاج: لو كان من البرى وهو التراب] لما قرنت بالهمز، وإنما اشتقاقها من برأ الله الخلق . وقال الخطابي: أصل البرية الهمز، إلا أنهم اصطلحوا على ترك الهمز فيها . وما بعده ظاهر إلى قوله تعالى: رضي الله عنهم قال مقاتل: رضي الله عنهم بطاعتهم ورضوا عنه بثوابه . وكان بعض السلف يقول: إذا كنت لا ترضى عن الله، فكيف تسأله الرضى عنك؟!

[ ص: 200 ] قوله تعالى: ذلك لمن خشي ربه أي: خافه في الدنيا، وتناهى عن معاصيه .

سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ

وفيها قولان:

أحدهما: أنها مدنية، قاله ابن عباس، وقتادة، ومقاتل، والجمهور .

والثاني: مكية، قاله ابن مسعود، وجابر، وعطاء .

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره .

قوله تعالى: إذا زلزلت الأرض زلزالها أي: حركت حركة شديدة، وذلك عند قيام الساعة . وقال مقاتل: تتزلزل من شدة صوت إسرافيل حتى ينكسر كل ما عليها من شدة الزلزلة ولا تسكن حتى تلقي ما على ظهرها من جبل، أو بناء، أو شجر، ثم تتحرك وتضطرب، فتخرج ما في جوفها .

[ ص: 202 ] وفي وقت هذه الزلزلة قولان .

أحدهما: تكون في الدنيا، وهي من أشراط الساعة، قاله الأكثرون .

والثاني: أنها زلزلة يوم القيامة، قاله خارجة بن زيد في آخرين . قال الفراء: حدثني محمد بن مروان، قال: قلت للكلبي: أرأيت قول الله تعالى: إذا زلزلت الأرض زلزالها ؟ فقال: هذه بمنزلة قوله تعالى: ويخرجكم إخراجا [نوح: 18] فأضيف المصدر إلى صاحبه، وأنت قائل في الكلام: لأعطينك عطيتك، تريد عطية . والزلزال بالكسر: المصدر، وبالفتح: الاسم . وقد قرأ أبو العالية، وأبو عمران، وأبو حيوة الجحدري: " زلزالها " بفتح الزاي .

قوله تعالى: وأخرجت الأرض أثقالها فيه قولان .

أحدهما: ما فيها من الموتى، قاله ابن عباس .

والثاني: كنوزها، قاله عطية . وجمع الفراء بين القولين، فقال: لفظت ما فيها من ذهب، أو فضة، أو ميت .

[ ص: 203 ] قوله تعالى: وقال الإنسان ما لها فيه قولان .

أحدهما: أنه اسم جنس يعم الكافر والمؤمن، وهذا قول من جعلها من أشراط الساعة، لأنها حين ابتدأت لم يعلم الكل أنها من أشراط الساعة، فسأل بعضهم بعضا حتى أيقنوا .

والثاني: أنه الكافر خاصة، وهذا قول من جعلها زلزلة القيامة، لأن المؤمن عارف فلا يسأل عنها، والكافر جاحد لها لأنه لا يؤمن بالبعث، فلذلك يسأل .

قوله تعالى: يومئذ تحدث أخبارها قال الزجاج: " يومئذ " منصوب بقوله تعالى: إذا زلزلت وأخرجت ففي ذلك اليوم تحدث بأخبارها، أي: تخبر بما عمل عليها . وفي حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم . قال: أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا .

قوله تعالى: بأن ربك أوحى لها قال الفراء: تحدث أخبارها بوحي الله وإذنه لها . قال ابن عباس: أوحى لها، أي: أوحى إليها، وأذن لها أن [ ص: 204 ] تخبر بما عمل عليها . وقال أبو عبيدة: " لها " بمعنى " إليها " . قال العجاج:

وحى لها القرار فاستقرت

قوله تعالى: يومئذ يصدر الناس أي: يرجعون عن موقف الحساب أشتاتا أي: فرقا . فأهل الإيمان على حدة وأهل الكفر على حدة ليروا أعمالهم وقرأ أبو بكر الصديق، وعائشة، والجحدري: " ليروا " بفتح الياء . قال ابن عباس: أي: ليروا جزاء أعمالهم . فالمعنى: أنهم يرجعون عن الموقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنة والنار . وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، تقديره: تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ليروا أعمالهم يومئذ يصدر الناس أشتاتا . فعلى هذا: يرون ما عملوا من خير أو شر في موقف العرض فمن يعمل مثقال ذرة قال المفسرون: من يعمل في الدنيا مثقال ذرة من الخير أو الشر يره وقرأ أبان [ ص: 205 ] عن عاصم " يره " بضم الياء في الحرفين . وقد بينا معنى " الذرة " في سورة [النساء: 40] وفي معنى هذه الرؤية قولان .

أحدهما: أنه يراه في كتابه .

والثاني: يرى جزاءه . وذكر مقاتل: أنها نزلت في رجلين كانا بالمدينة، كان أحدهما يستقل أن يعطي السائل الكسرة، أو التمرة . وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير، فأنزل الله عز وجل هذا يرغبهم في القليل من الخير، ويحذرهم اليسير من الشر .

سُورَةُ الْعَادِيَاتِ

وفيها قولان:

أحدهما: أنها مكية، قاله ابن مسعود، وعطاء، وعكرمة، وجابر .

والثاني: مدنية، قاله ابن عباس، وقتادة، ومقاتل .

بسم الله الرحمن الرحيم

والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير .

قوله تعالى: والعاديات فيه قولان:

أحدهما: أنها الإبل في الحج، قاله علي، وابن مسعود، وعبيد بن عمير، والقرظي، والسدي . وروي عن علي أنه قال: " والعاديات ضبحا " من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة، إلى منى . وروي عن علي أنه قال هذا في صفة وقعة بدر . قال: وما كان معنا يومئذ إلا فرس . وفي بعض الحديث أنه كان معهم فرسان .

[ ص: 207 ] والثاني: أنها الخيل في سبيل الله، قاله ابن عباس، والحسن، وعطاء، ومجاهد، وأبو العالية، وعكرمة، وقتادة، وعطية، والربيع، واللغويون . وكان ابن عباس يذهب إلى أن هذا كان في سرية، فروى عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خيلا، فلم يأته خبرها شهرا، فنزلت والعاديات ضبحا ضبحت بمناخرها فالموريات قدحا قدحت بحوافرها الحجارة فأورت نارا فالمغيرات صبحا صبحت القوم بغارة فأثرن به نقعا أثارت بحوافرها التراب فوسطن به جمعا قال: صبحت الحي جميعا . وقال مقاتل: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى حيين من كنانة واستعمل عليها المنذر بن عمرو الأنصاري، فأبطأ عنه خبرها، فجعل اليهود والمنافقون إذا رأوا رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تناجوا، فيظن الرجل أنه قد قتل أخوه أو أبوه، أو عمه، فيجد من ذلك حزنا، فنزلت: " والعاديات ضبحا " فأخبر الله كيف [ ص: 208 ] فعل بهم . قال الفراء: الضبح: أصوات أنفاس الخيل إذا عدون . وقال ابن قتيبة: الضبح: صوت حلوقها إذا عدت . وقال الزجاج: ضبحها: صوت أجوافها إذا عدت .

قوله تعالى: فالموريات قدحا فيه خمسة أقوال .

أحدها: أنها الخيل توري النار بحوافرها إذا جرت، وهذا قول الجمهور .

قال الزجاج: إذا عدت الخيل بالليل، فأصابت بحوافرها الحجارة، انقدحت منها النيران .

والثاني: أنها نيران المجاهدين إذا أوقدت، روي عن ابن عباس .

والثالث: مكر الرجال في الحرب، قاله مجاهد، وزيد بن أسلم .

والرابع: نيران الحجيج بالمزدلفة، قاله القرظي .

والخامس: أنها الألسنة إذا ظهرت بها الحجج وأقيمت بها الدلائل على الحق وفضح بها الباطل، قاله عكرمة .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]