عرض مشاركة واحدة
  #542  
قديم 10-10-2024, 05:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,030
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء التاسع

سُورَةُ الِانْشِرَاحِ
الحلقة (542)
صــ 149 إلى صــ 163






[ ص: 149 ] والثاني: أعطى الله الصدق من قلبه، قاله الحسن .

والثالث: أعطى حق الله عليه، قاله قتادة .

وفي قوله تعالى: واتقى ثلاثة أقوال .

أحدها: اتقى الله، قاله ابن عباس .

والثاني: اتقى البخل، قاله مجاهد .

والثالث: اتقى محارم الله التي نهى عنها، قاله قتادة .

وفي " الحسنى " ستة أقوال .

أحدها: أنه " لا إله إلا الله " ، رواه عطية عن ابن عباس، وبه قال الضحاك .

والثاني: الخلف، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال الحسن .

والثالث: الجنة، قاله مجاهد .

والرابع: نعم الله عليه، قاله عطاء .

والخامس: بوعد الله أن يثيبه، قاله قتادة، ومقاتل .

والسادس: الصلاة، والزكاة، والصوم، قاله زيد بن أسلم .

قوله تعالى: فسنيسره لليسرى ضم أبو جعفر سين " اليسرى " وسين " العسرى " وفيه قولان .

أحدهما: للخير، قاله ابن عباس . والمعنى: نيسر ذلك عليه .

[ ص: 150 ] والثاني: للجنة، قاله زيد بن أسلم .

وأما من بخل قال ابن مسعود: يعني ذلك أمية وأبي ابني خلف . وقال عطاء: هو صاحب النخلة .

قال المفسرون: " وأما من بخل " بالنفقة في الخير والصدقة . وقال قتادة: بحق الله عز وجل، واستغنى عن ثواب الله فلم يرغب فيه وكذب بالحسنى وقد سبقت الأقوال فيها .

وفي " العسرى " قولان .

أحدهما: النار، قاله ابن مسعود .

والثاني: الشر، قاله ابن عباس . والمعنى: سنهيؤه للشر فيؤديه إلى الأمر العسير، وهو عذاب النار .

ثم ذكر أن ما أمسكه من ماله لا ينفعه، فقال تعالى: وما يغني عنه ماله الذي بخل به عن الخير إذا تردى وفيه قولان .

أحدهما: إذا تردى في جهنم، قاله ابن عباس، وقتادة . والمعنى: إذا سقط فيها .

[ ص: 151 ] والثاني: إذا مات فتردى في قبره، قاله مجاهد .

إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى .

قوله تعالى: إن علينا للهدى قال الزجاج: المعنى: إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلالة وإن لنا للآخرة والأولى أي: فليطلبا منا فأنذرتكم نارا تلظى أي: توقد وتتوهج لا يصلاها إلا الأشقى يعني: المشرك الذي كذب الرسول وتولى عن الإيمان . قال أبو عبيدة: الأشقى بمعنى الشقي . والعرب تضع " أفعل " في موضع " فاعل " . قال طرفة:


تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد


قال الزجاج: وهذه الآية التي من أجلها زعم أهل الإرجاء أنه لا يدخل [ ص: 152 ] النار إلا كافر، وليس [الأمر] كما ظنوا . هذه نار موصوفة بعينها، ولأهل النار منازل . فلو كان [كل] من لا يشرك لا يعذب لم يكن في قوله تعالى: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [النساء: 48] فائدة [وكان " ويغفر ما دون ذلك " كلاما لا معنى له] .

قوله تعالى: وسيجنبها أي: يبعد عنها، فيجعل منها على جانب الأتقى يعني: أبا بكر الصديق في قول جميع المفسرين الذي يؤتي ماله يتزكى أي: يطلب أن يكون عند الله زاكيا، ولا يطلب الرياء، ولا السمعة وما لأحد عنده من نعمة تجزى أي: لم يفعل ذلك مجازاة ليد أسديت إليه .

وروى عطاء عن ابن عباس أن أبا بكر لما اشترى بلالا بعد أن كان يعذب قال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك إلا ليد كانت لبلال عنده، فأنزل الله تعالى: وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى أي: إلا طلبا لثواب ربه . قال الفراء: و " إلا " بمعنى " لكن " ونصب " ابتغاء " على إضمار إنفاقه . فالمعنى: وما ينفق إلا ابتغاء وجه ربه .

[ ص: 153 ] قوله تعالى: ولسوف يرضى أي: بما يعطى في الجنة من الثواب .

سُورَةُ الضُّحَى

وهي مكية كلها بإجماعهم

اتفق المفسرون: على أن هذه [السورة] نزلت بعد انقطاع الوحي مدة .

ثم اختلفوا في سبب انقطاعه على ثلاثة أقوال .

أحدها: أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين، وعن أصحاب الكهف، وعن الروح، فقال: سأخبركم غدا، ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي .

والثاني: لقلة النظافة في بعض أصحابه . وقد ذكرنا هذين القولين في سورة [مريم: 65] .

والثالث: لأجل جرو كان في بيته، قاله زيد بن أسلم .

[ ص: 155 ] وفي مدة احتباسه عنه أقوال قد ذكرناها في [مريم: 66] .

وروى البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث جندب قال: قالت امرأة من قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أرى شيطانك إلا قد ودعك، فنزلت والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى جندب: هو ابن سفيان . والمرأة: يقال لها: أم جميل امرأة أبي لهب .

[ ص: 156 ] بسم الله الرحمن الرحيم

والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث .

وفي المراد " بالضحى " أربعة أقوال .

أحدها: ضوء النهار، قاله مجاهد .

والثاني: صدر النهار، قاله قتادة .

والثالث: أول ساعة من النهار إذا ترحلت الشمس، قاله السدي، ومقاتل .

والرابع: النهار كله، قاله الفراء .

وفي معنى " سجى " خمسة أقوال .

أحدها: أظلم .

والثاني: ذهب، رويا عن ابن عباس .

والثالث: أقبل، قاله سعيد بن جبير .

والرابع: سكن، قاله عطاء، وعكرمة، وابن زيد . فعلى هذا: في معنى " سكن " قولان .

أحدهما: استقر ظلامه . قال الفراء: " سجى " بمعنى أظلم وركد في [ ص: 157 ] طوله . كما يقال: بحر ساج، وليل ساج: إذا ركد وأظلم . ومعنى ركد: سكن . قال أبو عبيدة، يقال: ليلة ساجية، وساكنة، وشاكرة . قال الحادي:


يا حبذا القمراء والليل الساج وطرق مثل ملاء النساج


قال ابن قتيبة: " سجى " بمعنى سكن، وذلك عند تناهي ظلامه وركوده .

والثاني: سكن الخلق فيه، ذكره الماوردي .

والخامس: امتد ظلامه، قاله ابن الأعرابي .

قوله تعالى " : ما ودعك ربك وقرأ عمر بن الخطاب، وأنس، وعروة، وأبو العالية، وابن يعمر، وابن أبي عبلة، وأبو حاتم عن يعقوب " ما ودعك " بتخفيف الدال . وهذا جواب القسم . قال أبو عبيدة: " ما ودعك " من التوديع كما يودع المفارق، و " ما ودعك " مخففة من ودعه يدعه وما قلى أي: أبغض .

قوله تعالى: وللآخرة خير لك من الأولى قال عطاء: خير لك من الدنيا . وقال غيره: الذي لك في الآخرة أعظم مما أعطاك من كرامة الدنيا .

قوله تعالى: ولسوف يعطيك ربك في الآخرة من الخير فترضى بما تعطى . قال علي والحسن: هو الشفاعة في أمته حتى يرضى . قال ابن عباس: [ ص: 158 ] عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يفتح على أمته من بعده كفرا كفرا، فسر بذلك، فأنزل الله عز وجل: " وللآخرة خير لك من الأولى . ولسوف يعطيك ربك فترضى " .

قوله تعالى: ألم يجدك يتيما فآوى فيه قولان .

أحدهما: جعل لك مأوى إذ ضمك إلى عمك أبي طالب، فكفاك المؤونة، قاله مقاتل .

والثاني: جعل لك مأوى لنفسك أغناك عن كفالة أبي طالب، قاله ابن السائب .

قوله تعالى: ووجدك ضالا فهدى فيه ستة أقوال .

أحدها: ضالا عن معالم النبوة، وأحكام الشريعة، فهداك إليها، قاله الجمهور، منهم الحسن، والضحاك .

والثاني: أنه ضل وهو صبي صغير في شعاب مكة، فرده الله إلى جده عبد المطلب، رواه أبو الضحى عن ابن عباس .

[ ص: 159 ] والثالث: أنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة، ورده إلى القافلة، فمن الله عليه بذلك، قاله سعيد بن المسيب .

والرابع: أن المعنى: ووجدك في قوم ضلال، فهداك للتوحيد والنبوة، قاله ابن السائب .

والخامس: ووجدك نسيا، فهداك إلى الذكر . ومثله: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى [البقرة: 282]، قاله ثعلب .

والسادس: ووجدك خاملا لاتذكر ولا تعرف، فهدى الناس إليك حتى عرفوك، قاله عبد العزيز بن يحيى، ومحمد بن علي الترمذي .

قوله تعالى: ووجدك عائلا قال أبو عبيدة: أي: ذا فقر . وأنشد:


وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل


أي: يفتقر . قال ابن قتيبة: العائل: الفقير، كان له عيال، أو لم يكن . يقال: عال الرجل: إذا افتقر . وأعال: إذا كثر عياله .

قوله تعالى: فأغنى قولان .

أحدهما: رضاك بما أعطاك من الرزق، قاله ابن السائب، واختاره الفراء .

وقال: لم يكن غناه عن كثرة المال، ولكن الله رضاه بما آتاه .

[ ص: 160 ] والثاني: فأغناك بمال خديجة عن أبي طالب، قاله جماعة من المفسرين .

قوله تعالى: فأما اليتيم فلا تقهر فيه قولان .

أحدهما: تحقر، قاله مجاهد .

والثاني: تقهره على ماله، قاله الزجاج وأما السائل ففيه قولان .

أحدهما: سائل البر، قاله الجمهور . والمعنى: إذا جاءك السائل، فإما أن تعطيه، وإما أن ترده ردا لينا . ومعنى فلا تنهر لا تنهره، يقال: نهره وانتهره: إذا استقبله بكلام يزجره .

والثاني: أنه طالب العلم، قاله يحيى بن آدم في آخرين .

قوله تعالى: وأما بنعمة ربك فحدث في النعمة ثلاثة أقوال .

أحدها: النبوة .

والثاني: القرآن، رويا عن مجاهد .

والثالث: أنها عامة في جميع الخيرات، وهذا قول مقاتل، وقد روي عن مجاهد قال: قرأت على ابن عباس . فلما بلغت " والضحى " قال: كبر إذا [ ص: 161 ] ختمت كل سورة حتى تختم . وقد قرأت على أبي بن كعب فأمرني بذلك . قال علي بن أحمد النيسابوري: ويقال: إن الأصل في ذلك أن الوحي لما فتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال المشركون: قد هجره شيطانه وودعه، اغتم لذلك، فلما نزل " والضحى " كبر عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحي، فاتخذه الناس سنة .

سُورَةُ الِانْشِرَاحِ

مكية كلها بإجماعهم

بسم الله الرحمن الرحيم

ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب .

قوله تعالى: ألم نشرح لك صدرك الشرح: الفتح بإذهاب ما يصد عن الإدراك . والله تعالى فتح صدر نبيه للهدى والمعرفة بإذهاب الشواغل التي تصدر عن إدراك الحق . ومعنى هذا الاستفهام: التقرير، أي: قد فعلنا ذلك ووضعنا عنك وزرك أي: حططنا عنك إثمك الذي سلف في الجاهلية، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة، والضحاك، والفراء، وابن قتيبة في آخرين . وقال الزجاج: المعنى: أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . قال ابن قتيبة: وأصل [ ص: 163 ] الوزر: ما حمله الإنسان على ظهره، فشبه بالحمل فجعل مكانه . ومعنى أنقض ظهرك أثقله حتى سمع نقيضه، أي: صوته . وهذا مثل، يعني: أنه لو كان حملا يحمل لسمع نقيض الظهر منه . وذهب قوم إلى أن المراد بهذا تخفيف أعباء النبوة التي يثقل القيام بها الظهر، فسهل الله له ذلك حتى تيسر عليه الأمر . وممن ذهب إلى هذا عبد العزيز بن يحيى .

قوله تعالى: ورفعنا لك ذكرك فيه خمسة أقوال .

أحدها: ما روى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عن هذه الآية، فقال: قال الله عز وجل: إذا ذكرت [ذكرت] معي . قال قتادة: فليس خطيب، ولا متشهد، ولا صاحب صلاة إلا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وهذا قول الجمهور .

والثاني: رفعنا لك ذكرك بالنبوة، قاله يحيى بن سلام .

والثالث: رفعنا لك ذكرك في الآخرة كما رفعناه في الدنيا، حكاه الماوردي .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.42%)]