عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 10-10-2024, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,657
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء التاسع

سُورَةُ اللَّيْلِ
الحلقة (541)
صــ 134 إلى صــ 148






والثاني: عقبة دون الجسر، قاله الحسن .

والثالث: سبعون دركة في جهنم، قاله كعب .

والرابع: الصراط، قاله مجاهد، والضحاك .

والخامس: نار دون الجسر، قاله قتادة .

والسادس: طريق النجاة، قاله ابن زيد .

والسابع: أن ذكر العقبة هاهنا مثل ضربه الله تعالى لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في أعمال البر، فجعله كالذي يتكلف صعود العقبة . يقول: لم يحمل على نفسه المشقة بعتق الرقبة والإطعام، ذكره علي بن أحمد النيسابوري في آخرين .

قوله تعالى: وما أدراك ما العقبة قال سفيان بن عيينة: كل ما فيه " وما أدراك " فقد أخبره به، وكل ما فيه " وما يدريك " فإنه لم يخبره به . قال المفسرون: المعنى: وما أدراك ما اقتحام العقبة؟ . ثم بينه فقال تعالى: [ ص: 135 ] فك رقبة قرأ ابن كثير، وأبو عمرو ، إلا عبد الوارث، والكسائي، والداجوني عن ابن ذكوان: " فك " بفتح الكاف " رقبة " بالنصب " أوأطعم " بفتح الهمزة والميم وسكون الطاء من غير ألف . وقرأ عاصم، وابن عامر، ونافع، وحمزة: " فك " بالرفع " رقبة " بالخفض " أو إطعام " بالألف . ومعنى فك الرقبة: تخليصها من أسر الرق، وكل شيء أطلقته فقد فككته . ومن قرأ " فك رقبة " على الفعل، فهو تفسير اقتحام العقبة بالفعل، واختاره الفراء، لقوله تعالى: ثم كان من الذين آمنوا قال ابن قتيبة: والمسغبة: المجاعة . يقال: سغب يسغب سغوبا: إذا جاع يتيما ذا مقربة أي: ذا قرابة أو مسكينا ذا متربة أي: ذا فقر كأنه لصق بالتراب . وقال ابن عباس: هو المطروح في التراب لا يقيه شيء . ثم بين أن هذه القرب إنما تنفع مع الإيمان بقوله تعالى: ثم كان من الذين آمنوا و " ثم " هاهنا بمعنى الواو، كقوله تعالى: ثم الله شهيد [يونس: 46] .

[ ص: 136 ] قوله تعالى: وتواصوا بالصبر على فرائض الله وأمره وتواصوا بالمرحمة أي: بالتراحم بينهم . وقد ذكرنا أصحاب الميمنة والمشأمة في [الواقعة: 7، 8] قال الفراء: و " المؤصدة " المطبقة . قال مقاتل: يعني أبوابها عليهم مطبقة فلا يفتح لها باب، ولا يخرج منها غم، ولا يدخل فيها روح آخر الأبد . وقال ابن قتيبة: يقال: أوصدت الباب وآصدته: إذا أطبقته . وقال الزجاج: المعنى: أن العذاب مطبق عليهم . وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: " موصدة " بغير همز هاهنا وفي [الهمزة: 8] وقرأ أبو عمرو، وحمزة، وحفص عن عاصم بالهمز في الموضعين .

سُورَةُ الشَّمْسِ

وهي مكيه كلها بإجماعهم

بسم الله الرحمن الرحيم

والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها .

قوله تعالى: والشمس وضحاها في المراد " بضحاها " ثلاثة أقوال

أحدها: ضوؤها، قاله مجاهد، والزجاج . والضحى: حين يصفو ضوء الشمس بعد طلوعها .

والثاني: النهار كله، قاله قتادة، وابن قتيبة .

والثالث: حرها، قاله السدي، ومقاتل .

والقمر إذا تلاها فيه قولان .

[ ص: 138 ] أحدهما: إذا تبعها، قاله ابن عباس في آخرين . ثم في وقت اتباعه لها ثلاثة أقوال . أحدها: أنه في أول ليلة من الشهر يرى القمر إذا سقطت الشمس، قال قتادة . والثاني: أنه في الخامس عشر يطلع القمر مع غروب الشمس، حكاه الماوردي . والثالث: أنه في النصف الأول من الشهر إذا غربت تلاها القمر في الإضاءة، وخلفها في النور، حكاه علي بن أحمد النيسابوري .

والقول الثاني: إذا ساواها، قاله مجاهد . وقال غيره: إذا استدار، فتلا الشمس في الضياء والنور، وذلك في الليالي البيض .

قوله تعالى: والنهار إذا جلاها في المكني عنها قولان .

أحدهما: أنها الشمس، قاله مجاهد، فيكون المعنى: والنهار إذا بين الشمس، لأنها تتبين إذا انبسط النهار .

والثاني: أنها الظلمة، فيكون كناية عن غير مذكور، لأن المعنى معروف، كما تقول: أصبحت باردة، وهبت شمالا، وهذا قول الفراء، واللغويين .

والليل إذا يغشاها أي: يغشى الشمس حين تغيب فتظلم الآفاق .

قوله تعالى: والسماء وما بناها في " ما " قولان .

[ ص: 139 ] أحدهما: بمعنى " من " تقديره " ومن بناها " ، قاله الحسن، ومجاهد، وأبو عبيدة . وبعضهم يجعلها بمعنى الذي .

والثاني: أنها بمعنى المصدر، تقديره: وبنائها، وهذا مذهب قتادة، والزجاج . وكذلك القول في " وما طحاها " " وما سواها " وقد قرأ أبو عمران الجوني في آخرين " ومن بناها " " ومن طحاها " " ومن سواها " كله بالنون . قال أبو عبيدة: ومعنى " طحاها " : بسطها يمينا وشمالا، ومن كل جانب . قال ابن قتيبة: يقال: خير طاح، أي: كثير متسع .

وفي المراد " بالنفس " ها هنا قولان .

أحدهما: آدم، قاله الحسن .

والثاني: جميع النفوس، قاله عطاء . وقد ذكرنا معنى " سواها " في [ ص: 140 ] قوله تعالى: فسواك فعدلك [الانفطار: 7] فألهمها فجورها وتقواها الإلهام: إيقاع الشيء في النفس . قال سعيد بن جبير: ألزمها فجورها وتقواها . وقال ابن زيد: جعل ذلك فيها بتوفيقه إياها للتقوى، وخذلانه إياها للفجور .

[ ص: 141 ] قوله تعالى: قد أفلح من زكاها قال الزجاج: هذا جواب القسم . والمعنى: لقد أفلح، ولكن اللام حذفت لأن الكلام طال، فصار طوله عوضا منها . قال ابن الأنباري: جوابه محذوف . وفي معنى الكلام قولان .

أحدهما: قد أفلحت نفس زكاها الله عز وجل، قاله ابن عباس، ومقاتل، والفراء، والزجاج .

والثاني: قد أفلح من زكى نفسه بطاعة الله وصالح الأعمال، قاله قتادة، وابن قتيبة . ومعنى " زكاها " : أصلحها وطهرها من الذنوب وقد خاب من دساها فيه قولان كالذي قبله .

فإن قلنا: إن الفعل لله، فمعنى " دساها " : خذلها، وأخملها، وأخفى محلها، [بالكفر والمعصية] ولم يشهرها بالطاعة والعمل الصالح .

وإن قلنا: الفعل للإنسان، فمعنى " دساها " : أخفاها بالفجور . قال الفراء: ويروى أن " دساها " دسسها لأن البخيل يخفي منزله وماله . وقال ابن قتيبة: المعنى: دسى نفسه، أي: أخفاها بالفجور والمعصية . والأصل من دسست، [ ص: 142 ] فقلبت السين ياء، كما قالوا: قصيت أظفاري، أي: قصصتها . فكأن النطف بارتكاب الفواحش دس نفسه، وقمعها، ومصطنع المعروف شهر نفسه ورفعها، وكانت أجواد العرب تنزل الربا للشهرة . واللئام تنزل الأطراف لتخفي أماكنها . وقال الزجاج: معنى " دساها " : جعلها قليلة خسيسة .

كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها .

قوله تعالى: كذبت ثمود بطغواها أي: كذبت رسولها بطغيانها .

والمعنى: أن الطغيان حملهم على التكذيب . قال الفراء: أراد بطغواها: طغيانها، وهما مصدران، إلا أن الطغوى أشكل برؤوس الآيات، فاختير لذلك . وقيل: كذبوا العذاب إذ انبعث أي: انتدب أشقاها وهو: عاقر الناقة لعقرها فقال لهم رسول الله وهو صالح ناقة الله قال الفراء: نصب [ ص: 143 ] الناقة على التحذير، وكل تحذير فهو نصب . قال ابن قتيبة: المعنى: احذروا ناقة الله وشربها . وقال الزجاج: المعنى: ذروا ناقة الله " و " ذروا " سقياها " . قال المفسرون: سقياها: شربها من الماء . والمعنى: لا تتعرضوا ليوم شربها فكذبوه في تحذيره إياهم العذاب بعقرها فعقروها وقد بينا معنى " العقر " في [الأعراف: 77] فدمدم عليهم ربهم قال الزجاج: أي: أطبق عليهم العذاب . يقال: دمدمت على الشيء: إذا أطبقت فكررت الإطباق . وقال المؤرج: الدمدمة: إهلاك باستئصال .

وفي قوله تعالى: فسواها قولان .

أحدهما: سوى بينهم في الإهلاك، قاله السدي، ويحيى بن سلام . وقيل: سوى الدمدمة عليهم . والمعنى: أنه أهلك صغيرهم، وكبيرهم .

والثاني: سوى الأرض عليهم . قال مقاتل: سوى بيوتهم على قبورهم . وكانوا قد حفروا قبورا فاضطجعوا فيها، فلما صيح بهم فهلكوا زلزلت بيوتهم فوقعت على قبورهم .

قوله تعالى: ولا يخاف عقباها قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن عامر، " فلا يخاف " بالفاء، وكذلك هو في مصاحف أهل المدينة والشام . وقرأ الباقون [ ص: 144 ] بالواو، وكذلك هي في مصاحف مكة، والكوفة، والبصرة .

وفي المشار إليه ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه الله عز وجل، فالمعنى: لا يخاف الله من أحد تبعة في إهلاكهم، ولا يخشى عقبى ما صنع، قاله ابن عباس، والحسن .

والثاني: أنه الذي عقرها، فالمعنى: أنه لم يخف عقبى ما صنع، وهذا مذهب الضحاك والسدي، وابن السائب . فعلى هذا الكلام تقديم وتأخير، تقديره: إذ انبعث أشقاها وهو لا يخاف عقباها .

والثالث: أنه نبي الله صالح لم يخف عقباها، حكاه الزجاج .

[ ص: 145 ]سُورَةُ اللَّيْلِ

وهي مكية كلها بإجماعهم

بسم الله الرحمن الرحيم

والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى .

قوله تعالى: والليل إذا يغشى قال ابن عباس: يغشى بظلمته النهار . وقال الزجاج: يغشى الأفق، ويغشى جميع ما بين السماء والأرض، والنهار إذا تجلى أي: بان وظهر من بين الظلمة، وما خلق الذكر والأنثى في " ما " قولان . وقد ذكرناهما عند قوله تعالى: وما بناها [الشمس: 5] . وفي الذكر والأنثى قولان .

أحدهما: آدم وحواء، قاله ابن السائب، ومقاتل .

[ ص: 146 ] والثاني: أنه عام، ذكره الماوردي .

قوله تعالى: إن سعيكم لشتى هذا جواب القسم . قال ابن عباس: إن أعمالكم لمختلفة، عمل للجنة، وعمل للنار . وقال الزجاج: سعي المؤمن والكافر مختلف، بينهما بعد .

وفي سبب نزول هذه السورة قولان .

أحدهما: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه اشترى بلالا من أمية وأبي ابني خلف ببردة وعشرة أواق، فأعتقه، فأنزل الله عز وجل " والليل " إلى قوله تعالى: " إن سعيكم لشتى " يعني: سعي أبي بكر، وأمية وأبي، قاله عبد الله بن مسعود .

والثاني: أن رجلا كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال، وكان الرجل إذا صعد النخلة ليأخذ منها الثمر، فربما سقطت الثمرة، فيأخذها صبيان الفقير، فينزل الرجل من نخلته حتى يأخذ الثمرة من أيديهم، فإن وجدها في فم [ ص: 147 ] أحدهم أدخل أصبعه حتى يخرجها، فشكا ذلك الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم صاحب النخلة، فقال: " تعطيني نخلتك التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة؟ " فقال الرجل: إن لي نخلا وما فيه نخلة أعجب إلي منها، ثم ذهب الرجل، فقال رجل ممن سمع ذلك الكلام: يا رسول الله أتعطيني نخلة في الجنة إن أنا أخذتها؟ قال: نعم، فذهب الرجل، فلقي صاحب النخلة، فساومها منه، فقال له: أما شعرت أن محمدا أعطاني بها نخلة في الجنة؟ فقلت: ما لي نخلة أعجب إلي منها، فقال له: أتريد بيعها؟ قال: لا، إلا أن أعطى بها مالا أظنني أعطى، قال: ما مناك؟ قال: أربعون نخلة . فقال: أنا أعطيك أربعين نخلة، فأشهد له ناسا، ثم ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن النخلة قد صارت في ملكي، وهي لك، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الدار، فقال: النخلة لك ولعيالك، فأنزل الله عز وجل والليل إذا يغشى إلى قوله تعالى: إن سعيكم لشتى رواه عكرمة عن ابن عباس . وقال عطاء: الذي اشتراها من الرجل أبو الدحداح، [ ص: 148 ] أخذها بحائط له، فأنزل الله تعالى هذه الآيات إلى قوله تعالى: " إن سعيكم لشتى " أبو الدحداح، وصاحب النخلة .

قوله تعالى: فأما من أعطى واتقى قال ابن مسعود: يعني: أبا بكر الصديق، هذا قول الجمهور . وقال عطاء: هو أبو الدحداح .

وفي المراد بهذا العطاء ثلاثة أقوال .

أحدها: أعطى من فضل ماله، قاله ابن عباس .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]