انفعالات المراهق(5) متــى يحــدث الصـــدام مـع المـراهـق؟
-------------------------------------------------------
-------------------- ومضة --------------------
أحبــك لأنك ابنــي
وكفــى
تعلمـوا أن تحبـــوا أبناءكم حبا بلا شروط.
-------------------------------------------------------
يشكل الصدام مع المراهق أكبر عقبة ومشكلة تواجه الأهل والمربين.
والصدام يعني مواجهة ومعارضة احتياجاته.
والمراهق قد ينظر إلى تلك المواجهة على أنها معركة وأنانية من الكبار، تمنعه من حقوقه واستقلاليته، ومن هنا كان لزاما عليه أن يدافع عن ذاته واستقلاليته.
ويلجأ المراهق إلى استعمال كافة الأساليب للدفاع عن نفسه، وإثبات وجوده، ونيل حقوقه، وإقناع الآخرين بما يريد، ولذلك كانت أضرار الصدام كبيرة، ونتائجه سلبية، وعلى عكس توقعات الكبار، ويمكن إجمال هذه النتائج فيما يلي:
1 - التمرد والعدوانية: نتيجة الضغط الممارس عليه ورفضه لوسائله واستعماله لقوة شخصيته، التي نشأت منذ الطفولة.
2 - المقاومة الخفية: التي تنتهي بشحنات هائلة من التوتر لدى المراهق تتحول إلى عادات سلبية تبدأ بقضم الأظافر، والتبول اللاإرادي، والتأتأة، وسحب الشعر، ومص الأصابع، وهي مقاومة خطيرة قد يصعب علاجها مثل فقدان الشهية الذي قد يتحول إلى فقدان شهية عصبي، ولاسيما لدى البنات المراهقات.
3 - الانطوائية والاستسلام والضعف والطاعة غير المحدودة: وهذه أسوأ النتائج التي قد يصل إليها المراهق؛ لأنها تعني تدميرا لشخصية نامية، وضعفا في المستقبل، وانقيادا، وتعني موت الحوافز والدوافع، وقد تصل عند بعض المراهقين، -وراجعني العديد من هذه الفئة ذكورا وإناثا-، أن فقدوا حب الحياة وزهدوا فيها، وفقدوا الشعور بأي متعة لهم، وكم يحتاج هؤلاء إلى جهد كبير لعلاجهم وإعادة تأهيلهم، بينما الفئة الأولى المتمردة هي الأسهل في قاموس علاجنا النفسي والأسهل في التأهيل والنجاح في الحياة.
أضرار الصدام مع المراهق
- انطواء المراهق على نفسه وإيثاره العزلة على الخلطة، وهذا مؤشر لبداية الإحباط.
- كره المراهق للشخص الذي تسبب في الصدام؛ مما يجعله ألما في حياة المراهق، وبالتالي فقدان التواصل بينهما.
- فقدان الشهية وترك الأكل؛ مما يتسبب - بداية - في سوء التغذية، وقد ينتهي بمرض فقدان الشهية العصبي.
- التفكير في الهروب من المنزل، والنوم خارجه، واللجوء إلى شلة الأصدقاء.
- اللجوء إلى العنف والعدوانية، كردة فعل على الصدام معه.
- محاولة إيذاء نفسه، أو إلحاق الأذى بغيره، كطريقة للفت الأنظار، وإثبات الوجود أو بدوافع انتقامية.
- الصراخ المتبادل، الذي قد يفضي إلى الاشتباك بالأيدي مع الأهل أو المعلم.
- الهروب من المدرسة، أو اختلاق الأعذار للتغيب عنها.
مشكلة هروب المراهقين
لعل هروب المراهق من المنزل، يعد من بين أسوأ ما قد ينتج عن صدام المراهق مع الأهل، أو البيئة المحيطة، والهروب ليس النهاية، بل هو البداية في تسلسل المشكلات، ولو رجعنا إلى السبب الرئيس للهروب، لوجدنا أنه يرجع في الغالب إلى التوتر الحاصل في جو الأسرة، ومنشأ هذا التوتر هو:
- عدم إلمام الأهل بالأساليب الإيجابية الفعالة في التعامل مع المراهقين.
- الجهل بالتطورات والتغيرات التي تظهر على المراهق وتطورها.
- عدم تفهم الأهل للمراهق من جهة، وانقياد المراهقين من جهة أخرى نتيجة الضغط الذي مورس عليه أثناء طفولته، التي نعدها سن التأسيس الحقيقي للشخصية.
- الخلل في أساليب توجيه السلوك من قبل الآباء لأبنائهم أثناء تعرضهم لضغوط أو رفض؛ فيؤدي إلى التصاعد بدائرة الفعل (المثير الخارجي) وردة الفعل (الاستجابة)؛ مما يؤثر بالنهاية على العلاقة بين الوالدين والمراهق.
- المشاعر السلبية للمراهق، فقد يخفي المراهق خلف تلك المشاعر: الخوف، وعدم الثقة بالنفس؛ لأنه مقتنع تماما بأنه على حق، فهو ينظر للحياة من خلال مفهومه لذاته، وبأنه على حق وصواب دائمين؛ لذلك تظهر مشاعره السلبية.
- تمسك المراهق بمواقفه وسلوكه، وعدم التنازل عنها بعدها جزء لا يتجزأ من شخصيته؛ ولأن الكبار لم يتعلموا مهارات فصل الفعل عن الفاعل، فكان انتقادهم للمراهق بدل سلوكه.
تفهم أي مشكلة في العلاقات أو السلوك بمعنى فهم الدوافع الداخلية يشكل 50٪ من الحل (مهارات التشخيص).
للأسف 70٪ من العلاقة بين المراهق والأسرة علاقة يغلب عليها التوتر والصدام، نتيجة لاتباع الأساليب السلبية في التنشئة الاجتماعية؛ مما يترتب عليه لجوء المراهق للسلوكيات المزعجة، وبحثه عن بيئة جديدة تحتضنه بالحب والحنان والتفهم والإنصات، تتفهمه وتفهم حاجاته، ولاسيما النفسية، وغالباً ما يجد هذا في الأصدقاء، وهذه استجابة نفسية طبيعية لمختلف الظروف التي تحيط بالمراهق، ومن هنا قد تبدأ المشكلات ومعاناة الأهل، ولاسيما إذا كان الأصدقاء أصدقاء سوء في الخلق، وسوء في الدين.
متى يحدث الصدام؟
هناك أسباب أخرى قد تدفع الآباء والأمهات للصدام مع أبنائهم وبناتهم، فمتى يحدث الصدام الذي يقطع التواصل الإيجابي مع المراهق؟
- أولاً: طبيعة المتغيرات التي تعرفها مرحلة المراهق:
أحد الأسباب الرئيسة للصدام مع المراهق تتمثل في طبيعة مرحلة المراهقة نفسها؛ لأنها مرحلة تفجر الصراعات بسبب التغيرات السريعة والكبيرة، التي تنقل الطفل إلى مرحلة جديدة، فالمراهق يبدأ في عيش صراعات داخلية بين تقبل المرحلة أو البقاء في الطفولة، ولكل مرحلة متعتها وواجباتها، فيضيع الأولاد بين هذا الاختيار الذي عادة ما يكون صراعا داخليا في المراهقة المبكرة، هذا الصراع يعكس آثاره على حياته الخارجية، والصدام مع الأهل والمجتمع أحد نتائجه وآثاره.
ومن أبرز الصراعات التي يعيشها المراهق:
- الصراعات بين مغريات الطفولة والرجولة.
- الصراع بين شعوره الشديد بذاته والشعور الشديد بالجماعة.
- الصراع القيمي بين ما يتعلمه من أخلاق وبين المغريات المعروضة أمامه.
- الصراع العائلي بين ميله إلى التحلل من قيود الأسرة، وبين سلطة الأسرة الضابطة والحاجة إليها.
- الصراع بين مثالية المراهق وأحلامه، وبين الواقع الذي يعيشه.
- صراع الأجيال الذي عادة ما يكون واضحا حين يصر جيل الوالدين على تنشئة أبنائهم بالطرائق والأساليب التي تربوا عليها.
وقديما نبه الإمام علي] لهذا النوع من الصراع، حين أوصى الآباء بتربية أولادهم لزمان غير زمان آبائهم.
ومن الأسباب التي تسهم في نشوء الصدام مع المراهق، توزع شخصيته (المراهق) بين مجتمعات ثلاث، يحاول التكيف معها باحثا عن قدرات لإحدات هذا التوازن.
- مجتمع الأسرة: الذي يمثل الاتكالية الاقتصادية والخضوع والولاء.
- مجتمع الأصدقاء: الذي يمثل الاستقلالية والزعامة، وتحقيق الذات.
- المجتمع الكبير: الذي يمثل الواقعية والنظام الصارم، والقانون الضابط.
اعداد: د. مصطفى أبو سعد