
09-09-2024, 02:24 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (302)
صــــــــــ 150 الى صـــــــــــ 156
رحمه الله تعالى - كان يقول: قد أساء وصلاته تامة وكان ابن أبي ليلى يقول: يعيد بهم الصلاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا جهر الإمام في الظهر أو العصر أو خافت في المغرب أو العشاء فليس عليه إعادة وقد أساء إن كان عمدا.
وإذا صلى الرجل أربع ركعات بالليل ولم يسلم فيها فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا بأس بذلك وكان ابن أبي ليلى يقول: أكره ذلك له حتى يسلم في كل ركعتين وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : صلاة الليل والنهار من النافلة سواء يسلم في كل ركعتين، وهكذا جاء الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل وقد يروى عنه خبر يثبت أهل الحديث مثله في صلاة النهار ولو لم يثبت كان إذ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل أن يسلم من كل ركعتين كان معقولا في الخبر عنه أنه أراد والله تعالى أعلم الفرق بين الفريضة والنافلة ولا تختلف النافلة في الليل والنهار كما لا تختلف المكتوبة في الليل والنهار لأنها موصولة كلها (قال) : وهكذا ينبغي أن تكون النافلة في الليل والنهار.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : والتكبير على الجنائز أربع وما علمت أحدا حفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه يثبت مثله أنه كبر إلا أربعا وكان أبو حنيفة يكبر على الجنائز أربعا وكان ابن أبي ليلى يكبر خمسا على الجنائز.
(قال الشافعي) : ويجهر في الصلاة ب بسم الله الرحمن الرحيم قبل أم القرآن وقبل السورة التي بعدها فإن جمع في ركعة سورا جهر ب "بسم الله الرحمن الرحيم" قبل كل سورة وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يكره أن يجهر ب "بسم الله الرحمن الرحيم" وكان ابن أبي ليلى يقول: إذا جهرت فحسن وإذا أخفيت فحسن.
(قال) : وذكر عن ابن أبي ليلى عن رجل توضأ ومسح على خفيه من حدث ثم نزع الخفين قال: يصلي كما هو وحدث بذلك عن الحكم عن إبراهيم وذكر أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا يصلي حتى يغسل رجليه وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا صلى الرجل وقد مسح على خفيه ثم نزعهما أحببت له أن لا يصلي حتى يستأنف الوضوء لأن الطهارة إذا انتقضت عن عضو احتملت أن تكون على الأعضاء كلها فإذا لم يزد على غسل رجليه أجزأه وقد روي عن ابن عمر أنه توضأ وخرج إلى السوق ثم دعي لجنازة فمسح على خفيه وصلى.
وذكر عن الحكم أيضا عن إبراهيم أنه قال لا بأس بعد الآي في الصلاة (قال) : ولو ترك عد الآي في الصلاة كان أحب إلي وإن كان إنما يعدها عقدا ولا يلفظ بعددها لفظا لم يكن عليه شيء وإن لفظ بشيء من ذلك لفظا فقال: واحدة وثنتان وهو ذاكر لصلاته انتقضت صلاته وكان عليه الاستئناف.
قال وإذا توضأ الرجل بعض وضوئه ثم لم يتمه حتى جف ما قد غسل فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: يتم ما قد بقي ولا يعيد على ما مضى وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: إن كان في طلب الماء أو في الوضوء فإنه يتم ما بقي وإن كان قد أخذ في عمل غير ذلك أعاده على ما جف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ورأيت المسلمين جاءوا بالوضوء متتابعا نسقا على مثل ما توضأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن جاء به كذلك ولم يقطعه لغير عذر من انقطاع الماء وطلبه بنى على وضوئه ومن قطعه بغير عذر حتى يتطاول ذلك فيكون معروفا أنه أخذ في عمل غيره فأحب إلي أن يستأنف وإن أتم ما بقي أجزأه.
أخبرنا ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: لا يمسح وجهه من التراب في الصلاة حتى يتشهد ويسلم وبه يأخذ أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يمسح التراب عن وجهه في الصلاة قبل أن يسلم وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: لا يرى بذلك بأسا وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو ترك المصلي مسح وجهه من التراب حتى يسلم كان أحب إلي فإن فعل فلا شيء عليه.
[باب الزكاة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان على رجل دين ألف درهم وله على الناس دين ألف درهم وفي يده ألف درهم فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: ليس عليه زكاة فيما في يديه حتى يخرج دينه فيزكيه وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه فيما في يديه الزكاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت في يدي رجل ألف درهم وعليه مثلها فلا زكاة عليه وإن كانت المسألة بحالها وله دين ألف درهم فلو عجل الزكاة كان أحب إلي وله أن يؤخرها حتى يقبض ماله فإن قبضه زكى مما في يديه وإن تلف لم يكن عليه فيه زكاة (قال الربيع) : آخر قول الشافعي إذا كانت في يديه ألف وعليه ألف فعليه الزكاة (قال الربيع) : من قبل أن الذي في يديه إن تلف كان منه وإن شاء وهبها وإن شاء تصدق بها فلما كانت في جميع أحكامها مالا من ماله وقد قال الله عز وجل {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: ١٠٣] كانت عليه فيها الزكاة، قال: وكان ابن أبي ليلى يقول: زكاة الدين على الذي هو عليه فقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: بل هي على صاحبه الذي هو له إذا خرج كذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبهذا يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان للرجل دين على الناس فإن كان حالا وقد حال عليه الحول في يدي الذي هو عليه أو أكثر من حول فإن كان يقدر على أخذه منه فتركه فعليه فيه الزكاة وهو كمال له وديعة في يدي رجل عليه أن يزكيه إذا كان قادرا عليه وإن كان لا يدري لعله سيفلس له به أو كان متغيبا عنه فعليه إذا كان حاضرا طلبه منه بألح ما يقدر عليه فإذا نض في يديه فعليه الزكاة لما مضى في يديه من السنين فإن تلف قبل أن يقبضه فلا زكاة عليه فيه وهكذا إذا كان صاحب الدين متغيبا عنه.
قال: وإذا كانت أرض من أرض الخراج فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ليس فيها عشر لا يجتمع عشر وخراج وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه فيها العشر مع الخراج (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا زرع الرجل أرضا من أرض الخراج فعليه في زرعها العشر كما يكون عليه في زرع أرض لرجل تكاراها منه، وهي لذلك الرجل أو هي صدقة موقوفة،.
قال: وإذا كانت الأرض من أرض العشر فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: في كل قليل وكثير أخرجت من الحنطة والشعير والزبيب والتمر والذرة وغير ذلك من أصناف الغلة العشر ونصف العشر والقليل والكثير في ذلك سواء وإن كانت حزمة من بقل وكذلك حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم وكان ابن أبي ليلى يقول: ليس في شيء من ذلك عشر إلا في الحنطة والشعير والثمر والزبيب ولا يكون فيه العشر حتى يبلغ خمسة أوسق فصاعدا والوسق عندنا ستون صاعا والصاع مختوم بالحجاجي وهو ربع بالهاشمي الكبير وهو ثمانية أرطال والمد رطلان وبه يأخذ وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: ليس في البقول والخضراوات عشر ولا أرى في شيء من ذلك عشرا إلا الحنطة والشعير والحبوب وليس فيه شيء حتى يبلغ خمسة أوسق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا زرع الرجل أرضا من أرض العشر فلا زكاة عليه حتى يخرج منها خمسة أوسق من كل صنف مما أخرجت مما فيه الزكاة وذلك ثلثمائة صاع بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وليس في الخضر زكاة والزكاة فيما اقتيت ويبس وادخر مثل الحنطة والذرة والشعير والزبيب والحبوب التي في هذا المعنى التي ينبت الناس.
قال: وإذا كان لرجل إحدى وأربعون بقرة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا حال عليها الحول ففيها مسنة وربع عشر مسنة وما زاد فبحساب ذلك إلى أن تبلغ ستين بقرة وأظنه حدثه أبو حنيفة
عن حماد عن إبراهيم وكان ابن أبي ليلى يقول: لا شيء في الزيادة على الأربعين حتى تبلغ ستين بقرة وبه يأخذ وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا شيء في الأوقاص» والأوقاص عندنا ما بين الفريضتين وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وليس في البقر صدقة حتى تبلغ ثلاثين فإذا بلغت ثلاثين ففيها تبيع ثم ليس في الزيادة على الثلاثين صدقة حتى تبلغ أربعين فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة ثم ليس في زيادتها شيء حتى تبلغ ستين فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان ثم ليس في الفضل على الستين صدقة حتى تبلغ سبعين فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة ثم ليس في الفضل على السبعين صدقة حتى تبلغ ثمانين فإذا بلغت الثمانين ففيها مسنتان ثم هكذا صدقتها وكل صدقة من الماشية فلا شيء فيها فيما بين الفريضتين وكل ما كان فوق الفرض الأسفل لم يبلغ الفرض الأعلى فالفضل فيه عفو صدقته صدقة الأسفل.
قال وإذا كان للرجل عشرة مثاقيل ذهب ومائة درهم فحال عليها الحول فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: في الزكاة يضيف أقل الصنفين إلى أكثرهما ثم يزكيه إن كانت الدنانير أقل من عشرة دراهم بدينار تقوم الدراهم دنانير ثم يجمعها جميعا فتكون أكثر من عشرين مثقالا من الذهب فيزكيها في كل عشرين مثقالا نصف مثقال فما زاد فليس فيه شيء من الزكاة حتى يبلغ أربعة مثاقيل فيكون فيها عشر مثقال.
وإذا كانت الدنانير أكثر من عشرة دراهم بدينار قوم الدنانير دراهم وأضافها إلى الدراهم فتكون أكثر من مائتي درهم ففي كل مائتين خمسة دراهم ولا شيء فيما زاد على المائتين حتى يبلغ أربعين درهما فإذا بلغت ففي كل أربعين زادت بعد المائتين درهم وكان ابن أبي ليلى يقول: لا زكاة في شيء من ذلك حتى يبلغ الذهب عشرين مثقالا وتبلغ الفضة مائتي درهم ولا يضيف بعضها إلى بعض ويقول: هذا مال مختلف بمنزلة رجل له ثلاثون شاة وعشرون بقرة وأربعة أبعرة فلا يضاف بعضها إلى بعض وقال ابن أبي ليلى: ما زاد على المائتي الدرهم والعشرين المثقال من شيء فبحساب ذلك ما كان من قليل أو كثير وبهذا يأخذ في الزيادة.
وقال أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه: ليس فيما زاد على المائتين شيء حتى يبلغ أربعين درهما وكذلك بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: لا يقوم الذهب ولا الفضة إنما الزكاة على وزنه جاءت بذلك السنة إن كان له منها خمسة عشر مثقالا ذهبا لم يكن عليه فيها زكاة ولو كان قيمتها ألف درهم لأن الحديث إنما جاء في عشرين مثقالا ولو كان له مع ذلك أربعون درهما لم يزكه حتى يكون خمسين درهما فإذا كمل من الأخرى أوجبت فيه الزكاة وكذلك لو كان نصف من هذا ونصف من هذا ففيه الزكاة فيضيف بعضه إلى بعض ويخرجه دراهم أو دنانير وإن شاء زكى الذهب والفضة بحصتهما أي ذلك فعل أجزأه ولو كان له مائتا درهم وعشرة مثاقيل زكى المائتي الدرهم بخمسة دراهم وزكى العشرة مثاقيل بربع مثقال (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت لرجل عشرة مثاقيل ذهب ومائة درهم فحال عليها الحول فلا زكاة فيها ولا يضم الذهب إلى الورق وهو صنف غيرها يحل الفضل في بعضها على بعض يدا بيد كما لا يضم التمر إلى الزبيب وللتمر بالزبيب أشبه من الفضة بالذهب وأقرب ثمنا بعضه من بعض وكما لا تضم الإبل إلى البقر ولا البقر إلى الغنم، قال: ولو أن رجلا له مائتا درهم وعشرة مثاقيل ذهبا فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: إذا حال عليها الحول يضيف بعضه إلى بعض ويزكيه كله وقال ابن أبي ليلى هذان مالان مختلفان تجب الزكاة على الدراهم ولا تجب على الذهب وقال أبو يوسف: فيه الزكاة كله ألا ترى أن التاجر يكون له المتاع للتجارة وهو مختلف فيقومه ويضيف بعضه إلى بعض ويزكيه وكذلك الذهب والفضة وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أمر
رجلا تاجرا أن يقوم تجارته عند الحول فيزكيها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كان له مائتا درهم وتسعة عشر مثقالا زكى المائتين ولم يزك عشر مثقالا كما يكون له خمسة أوسق تمرا وخمسة أوسق زبيبا إلا صاعا فيزكي التمر ولا يزكي الزبيب.
[باب الصيام]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اكتحل الرجل في شهر رمضان أو غير رمضان وهو صائم فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا بأس بذلك وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يكره ذلك ويكره أن يدهن شاربه بدهن يجد طعمه وهو صائم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا بأس أن يكتحل الصائم ويدهن شاربه ورأسه ووجهه وقدميه وجميع بدنه بأي دهن شاء غالية أو غير غالية.
وإذا صام الرجل يوما من شهر رمضان فشك أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك أنه من رمضان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - قال: يجزيه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجزيه ذلك وعليه قضاء يوم مكانه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصبح الرجل يوم الشك من رمضان وقد بيت الصوم من الليل على أنه من رمضان فهذه نية كاملة تؤدي عنه ذلك اليوم إن كان من شهر رمضان وإن لم يكن من شهر رمضان أفطر (قال الربيع) : قال الشافعي في موضح آخر لا يجزيه لأنه صام على الشك.
، وإذا أفطرت المرأة يوما من رمضان متعمدة ثم حاضت من آخر النهار فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ليس عليها كفارة وعليها القضاء وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليها الكفارة وعليها القضاء.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل امرأته في شهر رمضان ثم مرض الرجل في آخر يومه فذهب عقله أو حاضت المرأة فقد قيل: على الرجل عتق رقبة وقيل: لا شيء عليه فأما إذا سافر فإن عليه عتق رقبة وذلك أن السفر شيء يحدثه فلا يسقط عنه ما وجب عليه بشيء يحدثه.
(قال) : وإذا وجب على الرجل صوم شهرين من كفارة إفطار من رمضان فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: ذانك الشهران متتابعان ليس له أن يصومهما إلا متتابعين وذكر أبو حنيفة نحوا من ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: ليسا بمتتابعين.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا لم يجد المجامع في شهر رمضان عتقا فصام لم يجز عنه إلا شهران متتابعان وكفارته كفارة الظهار ولا يجزي عنه الصوم ولا الصدقة وهو يجد عتقا.
(قال) : وإذا توضأ الرجل للصلاة المكتوبة فدخل الماء حلقه وهو صائم في رمضان ذاكرا لصومه فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إن كان ذاكرا لصومه حين توضأ فدخل الماء حلقه فعليه القضاء وإن كان ناسيا لصومه فلا قضاء عليه وذكر أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم وكان ابن أبي ليلى يقول: لا قضاء عليه إذا توضأ لصلاة مكتوبة وإن كان ذاكرا لصومه وقد ذكر عن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: إذا توضأ لصلاة مكتوبة وهو صائم فدخل الماء حلقه فلا شيء عليه وإن كان توضأ لصلاة تطوع فعليه القضاء.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا توضأ الرجل للصلاة وهو صائم فتمضمض ودخل الماء جوفه وهو ناس لصومه فلا شيء عليه. ولو شرب وهو ناس لم ينقض ذلك صومه وإذا كان ذاكرا لصومه فدخل الماء جوفه فأحب إلي أن يعيد الصوم احتياطا وأما الذي يلزمه فلا يلزمه أن يعيد حتى يكون أحدث شيئا من ازدراد أو فعل فعلا ليس له دخل به الماء جوفه فأما إذا كان إنما أراد المضمضة فسبقه شيء في حلقه بلا إحداث ازدراد
تعمد به الماء إلا إدخال النفس وإخراجه فلا يجب عليه أن يعيد الصوم وهذا خطأ في معنى النسيان أو أخف منه.
[باب في الحج]
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - وكان أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - يقول لا تشعر البدن ويقول: الإشعار مثلة وكان ابن أبي ليلى يقول: الإشعار في السنام من الجانب الأيسر وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وتشعر البدن في أسنمتها والبقر في أسنمتها أو مواضع الأسنمة ولا تشعر الغنم والإشعار في الصفحة اليمنى وكذلك «أشعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وروي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أشعر في الشق الأيمن» وبذلك تركنا قول من قال: لا يشعر إلا في الشق الأيسر وقد روي أن ابن عمر أشعر في الشق الأيسر أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع أن عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما - كان لا يبالي في أي الشقين أشعر في الأيمن أو الأيسر.
قال: وإذا أهل الرجل بعمرة فأفسدها فقدم مكة وقضاها فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: يجزيه أن يقضيها من التنعيم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يجزيه أن يقضيها إلا من ميقات بلاده (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أهل الرجل بعمرة من ميقات فأفسدها فلا يجزيه أن يقضيها إلا من الميقات الذي أبتدأ منه العمرة التي أفسدها ولا نعلم القضاء في شيء من الأعمال إلا بعمل مثله فأما عمل أقل منه فهذا قضاء لبعض دون الكل وإنما يجزي قضاء الكل لا البعض ومن قال له أن يقضيها خارجا من الحرم دخل عليه خلاف ما وصفنا من القياس وخلاف الآثار وقد ظننت أنه إنما ذهب إلى أن «عائشة - رضي الله تعالى عنها - إنما كانت مهلة بعمرة وأنها رفضت العمرة وأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن تقضيها من التنعيم» وهذا ليس كما روي إنما أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تدخل الحج على العمرة فكانت قارنة وإنما كانت عمرتها شيئا استحبته فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بها فاعتمرت لا أن عمرتها كانت قضاء.
وإذا أصاب الرجل من صيد البحر شيئا سوى السمك فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: لا خير في شيء من صيد البحر سوى السمك وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا بأس بصيد البحر كله (قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - ولا بأس بأن يصيد المحرم جميع ما كان معاشه في الماء من السمك وغيره قال الله عز وجل {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} [المائدة: ٩٦] فقال بعض أهل العلم بالتفسير: طعامه كل ما كان فيه وهو شبه ما قال والله تعالى أعلم.
وقال أبو يوسف - رحمه الله - سألت أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - عن حشيش الحرم فقال أكره أن يرعى من حشيش الحرم شيئا أو يحتش منه.
قال وسألت ابن أبي ليلى عن ذلك فقال: لا بأس أن يحتش من الحرم ويرعى منه قال وسألت الحجاج بن أرطاة فأخبرني أنه سأل عطاء بن أبي رباح فقال: لا بأس أن يرعى وكره أن يحتش وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا بأس أن يرعى نبات الحرم شجره ومرعاه ولا خير في أن يحتش منه شيء لأن الذي «حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة أن يختلى خلاها إلا الإذخر» والاختلاء الاحتشاش نتفا وقطعا وحرم أن يعضد شجرها ولم يحرم أن يرعى.
قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: سألت أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: لا بأس أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل وبه يأخذ قال وسمعت ابن أبي ليلى يحدث عن
عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم - أنهما كرها أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل شيئا وحدثنا شيخ عن رزين مولى علي بن عبد الله بن عباس أن علي بن عبد الله كتب إليه أن يبعث إليه بقطعة من المروة يتخذها مصلى يسجد عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا خير في أن يخرج من حجارة الحرم ولا ترابه شيء إلى الحل لأن له حرمة ثبتت باين بها ما سواها من البلدان ولا أرى والله تعالى أعلم أن جائزا لأحد أن يزيله من الموضع الذي باين به البلدان إلى أن يصير كغيره (قال الشافعي) : وقد أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرق عن أبيه عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال: قدمت مع أمي أو قال جدتي مكة فأتتها صفية بنت شيبة فأكرمتها وفعلت بها فقالت صفية: ما أدرى ما أكافئها به فأرسلت إليها بقطعة من الركن فخرجت بها فنزلنا أول منزل فذكر من مرضهم وعلتهم جميعا قال: فقالت أمي أو جدتي ما أرانا أتينا إلا أنا أخرجنا هذه القطعة من الحرم فقالت لي: وكنت أمثلهم انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها وقل لها إن الله جل وعلا وضع في حرمه شيئا فلا ينبغي أن يخرج منه قال عبد الأعلى فقالوا لي: فما هو إلا أن تجينا دخولك الحرم فكأنما أنشطنا من عقل.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقال غير واحد من أهل العلم: لا ينبغي أن يخرج من الحرم شيء إلى غيره.
وإذا أصاب الرجل حماما من حمام الحرم فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: عليه قيمته وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه شاة وسمعت ابن أبي ليلى يقول: في حمام الحرم عن عطاء بن أبي رباح شاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل بمكة حماما من حمامها فعليه شاة اتباعا لعمر وعثمان وابن عباس وابن عمر ونافع بن عبد الحارث وعاصم بن عمر وعطاء وابن المسيب وغيرهم - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - وقد زعم الذي قال فيه قيمة أنه لا يخالف واحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خالف أربعة في حمام مكة.
وسئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن المحرم يصيب الصيد فيحكم عليه فيه عناق أو جفرة أو شبه ذلك فقال: لا يجزي في هدي الصيد إلا ما يجزي في هدي المتعة الجذع بن الضأن إذا كان عظيما أو الثني من المعز والبقر والإبل فما فوق ذلك لا يجزي ما دون ذلك ألا ترى إلى قول الله عز وجل في كتابه في جزاء الصيد {هديا بالغ الكعبة} [المائدة: ٩٥] وسألت ابن أبي ليلى عن ذلك فقال يبعث به وإن كان عناقا أو حملا قال أبو يوسف - رحمه الله: أخذ بالأثر في العناق والجفرة وقال أبو حنيفة - رحمه الله - في ذلك كله قيمته وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل صيدا صغيرا فداه بشاة صغيرة لأن الله عز وجل يقول: {مثل} [المائدة: ٩٥] والمثل مثل الذي يفدى فإذا كان كبيرا كان كبيرا وإذا كان الذي يفدى صغيرا كان صغيرا ولا أعلم لا يجوز أن يفدى الصيد الصغير بصغير مثله من الغنم إلا خالف القرآن والآثار والقياس والمعقول وإذا كان يزعم أن الصيد محرم كله فزعم أنه تفدى الجرادة بتمرة أو أقل من تمرة لصغرها وقلة قيمتها وتفدى بقرة الوحش ببقرة لكبرها فكيف لم يزعم أنه يفدى الصغير بالصغير وقد فدى الصغير بصغير والكبير بكبير وقد قال الله عز وجل {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: ٩٥] وإنما رفع وخفض بالمثل عنده فكيف يفدي بتمرة ولا يفدي بعناق وما للضحايا وهدي المتعة وجزاء الصيد هل رآه قياس جزاء الصيد حين أصاب المحرم البقرة بأن قال: يكفيه شاة كما يكفي المتمتع أو المضحي أو قاسه حين أصاب المحرم جرادة بأن قال: لا يجزي المحرم إلا شاة كما لا يجزي المضحي والمتمتع إلا شاة فإن قال: لا قيل ألأن جزاء الصيد كما قال الله تبارك وتعالى مثل وإنما المثل صغيرا أو كبيرا على قدر المصاب فإن قال: نعم قيل: فما أضلك عن الجفرة إذا كانت مثل ما أصيب وإن كنت تقلد عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وحده في أقضية لا
حجة لك في شيء منها إلا تقليده فكيف خالفته ومعه القرآن والقياس والمعقول وغيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وقد قضى عمر - رضي الله عنه - في الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة وقضى في الضب بجدي قد جمع الماء والشجر وقضى ابن مسعود - رضي الله عنه - في اليربوع بجفرة أو جفر وقضى عثمان - رضي الله عنه - في أم حبين بحلان من الغنم يعني حملا.
وذكر عن خصيف الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال في بيض النعامة يصيبه المحرم ثمنه وأخبرنا داود بن أبي هند عن عامر مثله وسمعت ابن أبي ليلى يقول: عن عطاء بن أبي رباح في البيضة درهم وقال أبو حنيفة - رحمه الله: قيمتها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب المحرم بيض نعام أو بيض حمام أو بيضا من الصيد ففيه قيمته قياسا على الجرادة وعلى ما لم يكن له مثل من النعم.
[باب الديات]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قتل الرجل الرجل عمدا وللمقتول ورثة صغار وكبار فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: للكبار أن يقتلوا صاحبهم إن شاءوا وكان ابن أبي ليلى يقول: ليس لهم أن يقتلوا حتى يكبر الأصاغر وبه يأخذ حدثنا أبو يوسف عن رجل عن أبي جعفر أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - قتل ابن ملجم بعلي وقال أبو يوسف وكان لعلي - رضي الله عنه - أولاد صغار.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قتل الرجل الرجل عمدا وله ورثة صغار وكبار أو كبار غيب فليس لأحد منهم أن يقتل حتى تبلغ الصغار وتحضر الغيب ويجتمع من له سهم في ميراثه من زوجة أو أم أو جدة على القتل فإذا اجتمعوا كان لهم أن يقتلوا فإذا لم يجتمعوا لم يكن لهم أن يقتلوا وإذا كان هذا هكذا فلأيهم شاء من البالغين الحضور أن يأخذ حصته من الدية من مال الجاني بقدر ميراثه من المقتول وإذا فعل كان لأولياء الغيب وعلى أولياء الصغار أن يأخذوا لهم حصصهم من الدية لأن القتل قد حال وصار مالا فلا يكون لولي الصغير أن يدعه وقد أمكنه أخذه فإن قال قائل: كيف ذهبت إلى هذا دون غيره من الأقاويل وقد قال بعض أهل العلم: أي ولاة الدم قام به قتل وإن عفا الآخرون فأنزله بمنزلة الحد وقال غيره من أهل العلم: يقتل البالغون ولا ينتظرون الصغار وقال غيره: يقتل الولد ولا ينتظرون الزوجة؟ قيل: ذهبنا إليه أنه السنة التي لا ينبغي أن تخالف أو في مثل معنى السنة والقياس على الإجماع.
فإن قال: فأين السنة فيه؟ قيل: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبوا أخذوا القصاص وإن أحبوا فالدية» فلما كان من حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لولاة الدم أن يقتلوا ولهم أن يأخذوا المال وكان إجماع المسلمين أن الدية موروثة لم يحل لوارث أن يمنع الميراث من ورث معه حتى يكون الوارث يمنع نفسه من الميراث وهذا معنى القرآن في قول الله عز وجل {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} [البقرة: ١٧٨] وهذا مكتوب في كتاب الديات ووجدنا ما خالفه من الأقاويل لا حجة فيه لما وصفت من السنة بخلافهم ووجدت مع ذلك قولهم متناقضا إذ زعموا أنهم امتنعوا من أن يأخذوا الدية من القاتل لأنه إنما عليه دم لا مال فلو زعموا أن واحدا من الورثة لو عفا حال الدم مالا ما لزموا قولهم ولقد نقضوه فأما الذين قالوا هو كالحد يقوم به أي الورثة شاء وإن عفا غيره فقد خالفوا بينه وبين الحد من أجل أنهم يزعمون أن للورثة العفو عن القتل ويزعمون أنه لا عفو لهم عن الحد ويزعمون أنهم لو اصطلحوا في القتل على الدية جاز ذلك ويزعمون أنهم لو

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|